الجهة السابعة
إذا تعقب العام بضمير يرجع إلى بعض افراده فهل يوجب ذلك تخصيصه به أم لا ؟ فيه خلاف بين الاعلام. وليكن الكلام فيما لو كان العام مستقلا فيما حكم عليه في الكلام كقوله سبحانه : ( والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء إلى قوله : وبعولتهن أحق بردهن ) والا فإذا لم يكن كك بان كان العام قد ذكر توطئة لحكم الضمير كقوله : والمطلقات أزواجهن أحق بردهن ، فلا شبهة في تخصيصه به ، كما أنه لابد وأن يكون محل
(545)
الكلام فيما لو كان العام والكلام الذي يتصل به الضمير في كلام واحد ، على نحو كان الكلام المشتمل على الضمير من توابع ما اشتمل على العام ، من جهة عدم تصور فرض استقلال كل من العام والضمير الراجع إليه في الكلام ، على معنى كونهما في كلامين مستقلين ، نعم لا بأس بذلك في مثل أسماء الإشارة حيث أمكن فرض كونهما في كلامين مستقلين كامكان فرضهما في كلام واحد وقع به التخاطب. وعلى أي حال فحيثما لايمكن ابقاء العام على ظهوره في العموم مع حفظ ظهور الضمير في المطابقة مع المرجع من جهة العلم بمخالفة أحد الظهورين للواقع يدور الامر بين التصرف في العام وتخصيصه بما أريد من الضمير الراجع إليه ، بحمله على خصوص الرجعيات لا الأعم منها ومن الباينات ، وبين التصرف في الضمير : اما بنحو الاستخدام بارجاعه إلى بعض ما هو المراد من المرجع ، واما بنحو المجاز في الاسناد بارجاعه إلى تمام المرجع توسعا. وفي مثله قد يقال كما في الكفاية وغيرها بتقديم أصالة الظهور في العام على أصالة الظهور في الضمير في التطابق مع لمرجع ، لكونه أي العام مما شك فيه في المراد مع العلم بأصل الوضع ، حيث يحتمل فيه كون المراد منه هو خصوص الرجعيات أو الأعم منها ومن الباينات ، فيجرى فيه أصالة الظهور ، بخلافه في الضمير ، فإنه لاشك فيه في المراد من جهة العلم بإرادة خصوص الرجعيات ، وانما الشك في كيفية الاستعمال ، وفي مثله لا مجرى فيه لأصالة الظهور والحقيقة ، فان القدر المتيقن من السيرة وبناء العقلاء على الحجية انما هو في صورة الشك في المراد لا في صورة الشك في كيفية الاستعمال مع القطع بالمراد ، ومن ذلك أيضا قلنا بعدم جريان أصالة الظهور والعموم لاخراج ما يقطع بخروجه عن حكم العام عن موضوعه ، اقتصارا على المتيقن من السيرة وبناء العقلاء على الحجية ، وحينئذ فإذا لا يجري أصالة الظهور في طرف الضمير ، بملاحظة معلومية المراد منه بالإرادة الجدية من كونه خصوص الرجعيات ، فلا دوران في البين بين أصالة الظهورين ، فتجري أصالة الظهور حينئذ في طرف العام ، ويتصرف في الضمير اما بنحو الاستخدام أو بنحو المجاز في الاسناد. ولئن شئت قلت : ان عدم جريان أصالة الظهور في طرف الضمير انما هو من جهة انتفاء الأثر عليه بخلافه في طرف العام فإنه مما يترتب عليه الأثر فتجري أصالة الظهور فيه دون الضمير. ولكن يدفع ذلك بأنه وان كان لا مجرى لأصالة الظهور في طرف الضمير ، فلا دوران
(546)
بين أصالة الظهور في الضمير في التطابق وبين أصالة الظهور في العام ، الا ان مجرد ذلك لايقتضي جريانها في طرف العام ، فإنه لا أقل من صلاحية الضمير باعتبار اتصاله بالكلام للقرينية على العام ، من جهة احتمال كون استعماله على طبق وضعه ، وفي مثله من المعلوم انه لايبقى مجال ظهور للعام في العموم ، حتى يجري فيه دليل التعبد بالظهور ، نعم لو كان العام والضمير في كلامين مستقلين كما قلنا بتصويره في مثل أسماء الإشارة ، أو قلنا بحجية أصالة العموم من باب التعبد المحض لكان للقول بجريان أصالة الظهور في العام كمال مجال ، ولكنك عرفت عدم تصور فرض استقلال العام والضمير في الكلام ، وعدم كون مدار الحجية في أصالة الحقيقة على التعبد ، بل على الظهور التصديقي النوعي ، وعليه فالضمير حسب اقترانه بالعام يكون مما يصلح للقرينية على العام ، ومعه فلايكون له ظهور في العموم حتى يشمله دليل التعبد الآمر بالغاء احتمال الخلاف ، كما لايخفى.
|