الجهة الثانية
انه بعد الفراغ عن دلالة الصيغة على الطلب إما بدوا أو بالملازمة ، فهل هي حقيقة في خصوص الطلب الإلزامي ؟ أو انها حقيقة في مطلق الجامع بين الإلزامي والاستحبابي ؟ أو انها حقيقة في خصوص الطلب الاستحبابي ومجاز في غيره ؟ فيه وجوه : أضعفها الأخير. فيدور الامر حينئذ بين كونها حقيقة في مطلق الطلب أو في خصوص الطلب الإلزامي. وقد استدل على كونها حقيقة في الطلب الوجوبي بما تقدم سابقا في مادة الامر من نحو آيتي الحذر والنبوي المعروف من قوله صلى الله عليه وآله لولا أن أشق على أمتي لامرتهم بالسواك ونحو هما. ولكن الجواب عنها هو الجواب هناك فلا نعيده. نعم ظهورها في خصوص الوجوب عند اطلاقها لا ينكر ظاهرا حيث لا تأمل لاحد من
(180)
الأصحاب في حملها على الوجوب عند اطلاقها وحينئذ فبعد ثبوت هذا الظهور للصيغة وتسلمه عندهم لا يهمنا البحث عن منشئه وانه هو الوضع أو قضية الاطلاق بأحد التقريبين المتقدمين أو غيرهما من الغلبة وغيرها ، إذ لايترتب عليه فائدة مهمة بوجه أصلا ، وان لم يبعد دعوى استناد الظهور المزبور إلى قضية الاطلاق بما تقدم تقريبه سابقا وذلك من جهة ان دعوى الاستناد إلى قضية الوضع بعيدة جدا خصوصا بعد ما يرى من صحة استعمالها في موارد الاستحباب بلا رعاية عناية تقتضيه. واما التشبث بأصالة عدم القرينة لا ثبات الوضع في خصوص الوجوب فقد عرفت الجواب عنها بأنها انما تكون حجة ومتبعة عند العقلاء في كشف المرادات لا في تعيين الأوضاع ، حيث إنه لا دليل لفظي على حجيتها حتى يؤخذ باطلاقها حتى في تعيين الأوضاع. لكن مع ذلك كله ربما يميل النفس إلى كونها حقيقة في خصوص الوجوب نظرا إلى ما هو المتبادر منها مؤيدا ذلك بأصالة تشابه الأزمان المقتضي لكون وضعها لخصوص الطلب الإلزامي ، فتدبر.
|