متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
في المبهمات، معنى المبهمات
الكتاب : نهاية الافكار ج1 ـ 2    |    القسم : مكتبة علم الأصول

في المبهمات

    الجهة الثالثة في المبهمات كأسماء الإشارة والضمائر والموصولات ونحوها من


(59)

الأسماء المتضمنة للمعنى الحرفي حيث إنه وقع فيها الخلاف من حيث عمومية الموضوع له فيها وخصوصيته. ولتنقيح المرام في المقام أيضا لا باس بالإشارة الاجمالية إلى شرح ما هو مفاد هذه الأسماء وما هو المعنى والموضوع له فيها.
    فنقول : واجمال القول فيها هو ان المعنى والموضوع له في هذه الأسامي على ما هو المتبادر المنساق منها ويشهد عليه اطباقهم من التعبير عنها بالمبهمات عبارة عن معان ابهامية تكون نسبتها إلى الذوات التفصيلية من قبيل الاجمال والتفصيل لا من قبل الكلى والفرد مع اشتمالها أيضا على خصوصية زائدة كخصوصية الإشارة والغيبة والخطاب والمعهودية ونحوها ، ففي أسماء الإشارة كهذا يكون المعنى والموضوع له عبارة عن معنى ابهامي اجمالي يكون نسبته إلى الخصوصيات والذوات المفصلة من زيد وعمرو نسبة المجمل إلى المفصل المعبر عنه بالفارسية ب‍ ( أين ) ، نظير الشبح الذي تراه في البعيد في كونه مع ابهامه واجماله عين الذوات التفصيلية من زيد أو عمرو أو حيوان أو حجر بعد انكشاف الغطاء ولذلك تحتاج دائما إلى عطف بيان كما في قولك هذا الانسان وهذا الحمار وهذا زيد. لا ان الموضوع له فيها عبارة عن اشخاص الذوات المخصوصة والعناوين التفصيلية كما توهم ، والايلزمه انسباق مفهوم زيد والانسان في مثل قولك هذا زيد وهذا الانسان في الذهن مرتين تارة من لفظ هذا وأخرى من لفظ زيد ولفظ الانسان ، مع أنه كما ترى. ولا ان الموضوع له فيها عبارة عن نفس الإشارة إلى الذوات التفصيلية التي هي معنى حرفي كما يوهمه ظاهر تعبير بعض من علماء الأدب كابن مالك في منظومته بذا المفرد مذكر أشر ، كيف وانه بعد أن لم تكن المقصود من الإشارة مفهومها الذي هو معنى اسمى بل كان المقصود مصداق الإشارة يلزم خروجها عن الاسمية رأسا إلى الحرفية ولازمه هو عدم جواز اجراء احكام الاسم عليها من الاخبار عنها تارة وبها أخرى ووقوعها فاعلا ومفعولا كقولك ضربني هذا وضربت هذا ، مع أن ذلك أيضا كما ترى.
    وحينئذ فلا محيص من القول فيها بما ذكرناه من وضعها لجهة عرضية ابهامية منطبقة على الصور التفصيلية والذوات الخاصة بتمام الانطباق مع اشتمالها أيضا على خصوصية زائدة وهي خصوصية الإشارة الذهنية لا الإشارة الخارجية كما توهم بخيال ان لفظ هذا انما هو بمنزلة الإشارة باليد والعين ، وانه كما أنه بتحريك اليد والعين مشيرا إلى زيد يوجد


(60)

ويتحقق مصداق الإشارة الخارجية كذلك بلفظ هذا يتحقق مصداق الإشارة إلى الذوات المفصلة ، فالتزم لذلك بكونها آلات لايجاد مصداق الإشارة والخطاب وان معانيها معان ايجادية لا اخطارية. ولكنه توهم فاسد كما بيناه سابقا ونقول في المقام أيضا : بان لازم ذلك هو ان يكون استعمال هذا في قولك هذا الانسان الكلى أحسن من الحمار مجرد لقلقة لسان حيث لم يكن هناك إشارة خارجية أصلا ، مع أنه كما ترى. وحينئذ فبعدان لايرى بالوجدان فرق بين هذا الانسان الكلى وهذا زيد من حيث كونهما على حد سواء فلا محيص من دعوى ان الموضوع له فيها هي الجهة العرضية الاجمالية المشتملة لخصوصية الإشارة الذهنية ، ومعه يبطل القول بالايجادية أيضا حيث كان معناها حينئذ معاني اخطارية قد استعمل فيها أسامي الإشارة كما في ساير الأسماء.
    ومن ذلك البيان ظهر حال الضمائر أيضا ، فإنها أيضا موضوعة لجهة عرضية اجمالية متحدة مع ما يماثل مفهوم مراجعها ، مع اشتمالها أيضا على خصوصية الغيبة والحضور.
    وكذا الموصولات فإنها أيضا موضوعة لجهة عرضية قبال خصوصيات الصور المعبر عنها بالفارسية ب‍ ( آن كس ) قبال الموصوفات المعبر عنها بالفارسية ب‍ ( كس ) مع اشتمالها لها أيضا على خصوصية زائدة وهي المعهودية.
    وبعد ما عرفت ذلك نقول بأنه حيثما كان المعنى في تلك الأسامي متخصصا بخصوصيات زائدة من الإشارة والغيبة والخطاب والمعهودية لا بمفهومها بل بمصداقها ولو بنحو خروج القيد ودخول التقيد ، فلا جرم باعتبار خصوصية التقيدات لابد من المصير فيها إلى كونها من باب عام الوضع وخاص الموضوع له ، لولا ما تصورناه من القسم الآخر لعام الوضع والموضوع له ، والا فبناء على ما تصورناه أمكن المصير فيها أيضا إلى عام الوضع والموضوع له بدعوى الوضع فيه للقدر الجامع بين الخصوصيات الذي لايكاد تحققه في الذهن الا توأما مع الخصوصية. بل ولئن ألغيت جهة التقيد بتلك الخصوصيات من الإشارة والغيبة والخطاب والمعهودية عن المعنى والموضوع له فيها وجعلت المعنى والموضوع له فيها عبارة عن ذات ذاك المعنى الابهامي بما انها ملازمة مع خصوصية الإشارة في أسماء الإشارة وخصوصية الغيبة والخطاب في الضمائر وخصوصية المعهودية في الموصولات لا مقيدة بالخصوصيات المزبورة ولا مطلقة أيضا ، كان امر عمومية الموضوع له فيها أوضح ، حيث أمكن تصوير عمومية الموضوع له فيها بالوضع العام المشهوري بلا


(61)

احتياج إلى ما تصورناه من القسم الآخر لعام الوضع والموضوع له. فيقال حينئذ بان الموضوع له في كل من أسماء الإشارة والضمائر والموصولات عبارة عن الذات المبهمة التي هي معنى كلي ، لكنها بما هي ملازمة مع خصوصية الإشارة والغيبة والخطاب والمعهودية ، وعليه أيضا لايكون دلالة تلك الأسامي على الإشارة والغيبة والخطاب الا بالملازمة ، كما هو كذلك أيضا في لام الامر في قولك ليضرب فان دلالته على الطلب انما كان بالملازمة لا بالمطابقة لأنه لا يدل الا على وقوع المبدأ وصدوره من الفاعل متعلقا للطلب فبهذه الجهة دل على الطلب أيضا. وسيأتي لذلك مزيد بيان أيضا إن شاء الله تعالى في مبحث الأوامر.

 


 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net