فصل
{ أثر الصلاة في تهوين المصائب }
وعن يوسف بن عبد الله بن سلام : ان النبي صلى الله عليه وآله كان إذا نزل بأهله شدة أمرهم بالصلاة ، ثم قرأ : ( وامر اهلك بالصلاة واصطبر عليها ) (1)(2). وعن ابن عباس أنه نعي إليه أخوه قثم وهو في سفر فاسترجع ، ثم تنحى عن الطريق فأناخ ، فصلى ركعتين أطال فيهما الجلوس ، ثم قام يمشي إلى راحلته وهو يقول : ( واستعينوا بالصبر والصلاة وانها كبيرة إلا على الخاشعين ) 3 ـ (4). وعنه أيضاً أنه كان إذا أُصيب بمصيبة قام وتوضأ وصلى ركعتين ، وقال : اللهم قد فعلت ما أمرتنا ، فأنجز لنا ما وعدتنا. وعن عبادة بن محمد بن عبادة بن الصامت ، قال : لما حضرت عبادة ـ رضي الله عنه ـ الوفاة قال : أخرجوا فراشي إلى الصحن ـ يعني : الدار ـ ففعلوا ، ثم قال : إجمعوا لي موالي وخدمي وجيراني ومن كان يدخل علي ، فجمعوا. فقال : إن يومي هذا لا أراه إلا آخر يوم يأتي علي من الدنيا ، وأول ليلة من ليالي الآخرة ، وإني لا أدري لعله قد فرط مني إليكم بيدي أو بلساني شيء ، وهو ـ والذي ـ نفس عبادة بيده ـ القصاص يوم القيامة ، فاحرج (5) على أحد منكم في نفسه مني شيء من ذلك ، إلا اقتص مني قبل أن تخرج نفسي. قال : فقالوا : بل كنت لنا والداً وكنت مؤدباً ، وما قال لخادم سوءاً قط ، قال : أغفرتم لي ما كان من ذلك ؟ قالوا : نعم ، قالوا : نعم ، قال : اللهم أشهد ، ثم قال : أما فاحفظوا وصيتي : أُحرج على إنسان منكم يبكي ، فإذا خرجت نفسي فتوضؤا وأحسنوا الوضوء ، ثم ليدخل إنسان منكم مسجداً فيصلي ، ثم يستغفر لعبادة ولنفسه ، فإن الله عزوجل قال : ( واستعينوا بالصبر والصلاة ) (6) ثم أسرعوا بي ولا تتبعوني بنار ،
1 ـ طه 20 : 132. 2 ـ الدر المنثور 4 : 313. 3 ـ البقرة 2 : 45. 4 ـ الدر المنثور 1 : 68. 5 ـ أي اُقسم. 6 ـ البقرة 2 : 45.
(57)
ولا تضعوا تحتي أرجواناً 1 ـ (2). وعن جابر ، عن الباقر عليه السلام ، قال : « أشد الجزع الصراخ بالويل والعويل ، ولطم الوجه والصدر ، وجز الشعر ، ومن أقام النواح (3) فقد ترك الصبر ، ومن صبر واسترجع وحمد الله ـ تعالى ـ فقد رضي بما صنع الله ، ووقع أجره على الله ـ عزجل ـ ، ومن لم يفعل ذلك جرى عليه القضاء وهو ذميم ، وأحبط الله ـ عزوجل ـ أجره » (4). وعن ربعي بن عبد الله ، عن الصادق عليه السلام ، قال : « إن الصبر والبلاء يستبقان إلى المؤمن ، يأتيه البلاء وهو صبور ، وإن الجزع والبلاء يستبقان إلى الكافر ، فيأتيه البلاء وهو جزوع » (5). وعنه عليه السلام قال : « قال رسول الله صلى الله عليه وآله : ضرب المسلم يده على فخذه عند المصيبة إحباط لأجره » (6). وعن موسى بن بكر ، عن الكاظم عليه السلام ، قال : « ضرب الرجل على فخذه عند المصيبة ، احباط أجره » (7). وعن إسحاق بن عمار ، عن الصادق عليه السلام : « يا أسحاق ، لا تعدن مصيبة اعطيت عليها الصبر ، واستوجبت عليها من الله عزوجل الثواب ، إنما المصيبة التي يحرم صاحبها أجرها وثوابها ، إذا لم يصبر عند نزولها » (8). وعن أبي ميسرة قال : كنا عند أبي عبد الله عليه السلام ، فجاءه رجل وشكا إليه مصيبة ، فقال : « أما إنك إن تصبر تؤجر ، وإن لم تصبر يمضي عليك قدر الله عزوجل الذي قدر عليك وأنت مذموم » (9).
1 ـ الأرجوان : صبغ أحمر شديد الحمرة. يعني قماشاً مصبوغاً بهذا اللون. اُنظر « الصحاح ـ رجا ـ 6 : 2352 ». 2 ـ أخرجه المجلسي في البحار 82 : 141. 3 ـ النواح : النساء يجتمعن للنياحة على الميت ، بالبكاء وما يتبعه « لسان العرب ـ نوح ـ 2 : 627 ». 4 ـ الكافي 3 : 222 / 1. 5 ـ الكافي 3 : 223 / 3. 6 ـ الكافي 3 : 224 / 4. 7 ـ الكافي 3 : 225 / 9. 8 ـ الكافي 3 : 224 / 7. 9 ـ الكافي 3 : 225 / 10 باختلاف يسير ، وفيه : عن فضيل بن ميسر.
(58)
|