متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
منهجية التحقيق
الكتاب : مسكن الفؤاد عند فقد الأحبة والأولاد    |    القسم : مكتبة التربية و الأخلاق

منهجية التحقيق :
    اعتمدنا في تحقيق الكتاب على ثلاث نسخ :
    الاولى النسخة المحفوظة في مكتبة آية الله المرعشي العامة ، الكتاب الثالث ضمن المجموعة المرقمة (444) ، من ص186 إلى ص249 ، كتبها صفر الكرماني بخط النسخ الواضح يوم الاثنين 27 ذي القعدة سنة 1087 هـ ، على نسخة اخذت من الشيخ محمد العاملي في الشام ن وفي آخر الكتاب توجد عبارة « بلغ مقابلة بعون الله تعالى وحسن توفيقه » ، كما كتب الشيخ يوسف النجفي تلميذ الشهيد الثاني في آخر صفحة من المجموعة أنه قابل النسخة ، وأنهى مقابلتها يوم الاربعاء 9 ربيع الاول سنة 1088 هـ .
    تقع المجموعة في 320 ورقة ، وكتابنا في 63 ورقة ، في كل ورقة 16 سطراً ، بحجم 5 / 20 × 5 /10 سم ، وقد رمزنا لهذه النسخة في هامش الكتاب ب ـ « ش ».
    الثانية : النسخة المحفوظة في مكتبة جامعة طهران تحت رقم 1017 ، كتبها بخط النسخ حسين بن مسلم بن حسين بن محمد الشهير بابن شعير العاملي ، تلميذ الشهيد الثاني نحو سنة 954 هـ ، تحتوي النسخة على مقدمة الكتاب وبعض من الباب الثاني والثالث والرابع ، توجد في ورقة 73 ب عبارة « تمت 954 » بخطّ آخر ، وفي ورقة 69 ألف توجد عبارة « ثم بلغ قراءة وفقه الله تعالى » بخط الشهيد الثاني.
    تملك النسخة كل من علي بن محمد حسين الموسوي الشوشتري في 15 ج2 سنة 1268 هـ ، وعلي بن حسين بن محمد علي بن زين الدين الموسوي وعلي محمد الموسوي.
    ورق النسخة من النوع السمرقندي بحجم 14 × 5 / 18 و 5 / 8 × 13 س 17. وقد رمزنا لهذه النسخة ب ـ « د ».
    انظر فهرس مكتبة جامعة طهران ، الجزء الثالث ، القسم الاول ، ص 679.
    الثالثة : النسخة المطبوعة على الحجر في ايران ، كتبها ابن علي أكبر الجيلاني في يوم الاثنين 26 صفر سنة 1310 هـ في طهران ، وقد رمزنا لها في هامش الكتاب ب ـ « ح ».


(12)

    واستناداً للمنهجية المتبعة في مؤسسة آل البيت ـ عليهم السلام ـ لإحياء التراث ، مر تحقيق الكتاب بعدة مراحل ، هي كالآتي :
    1 ـ لجنة المقابلة : ومهمتها مقابلة النسخ المخطوطة وإثبات اختلافاتها.
    2 ـ لجنة استخراج الأحاديث : ومهمتها إستخراج النصوص الواردة في الكتاب وإسنادها إلى مصادرها.
    3 ـ لجنة ضبط الإختلافات الرجالية : ومهمتها ضبط ما ينتج من مقابلة النسخ من اختلافات في الأعلام ، وإسناد ذلك إلى المصادر الرجالية.
    4 ـ لجنة تقويم النص : ومهمتها إظهار نص مضبوط وصحيح للكتاب أقرب ما يكون لما تركه المؤلف ، وقد اتبعت طريقة التلفيق بين النسخ بحيث يثبت النص الصحيح في المتن ويشار لما عداه في الهامش.
    5 ـ كتابة الهامش : وذلك بالاستفادة من كل ما تقدم لترتيب وتنسيق الهوامش.
    6 ـ الملاحظة النهائية : ويتم فيها مراجعة الكتاب متناً وهامشاً ، لعل فيه مازاغ عن البصر ، لإصلاحه.
    وختاما ... نتقدم بجزيل الشكر وعظيم التقدير للإخوة الأفاضل الذين ساهموا في اخراج هذا الكتاب بهذه الحلة الجيدة.

مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث
قم ـ 21 شوال 1407 هـ


(13)
صوره الورقة الاولى من مخطوطة آية الله المرعشي العامة ـ قم


(14)
صوره الورقة الاخيرة من مخطوطة مكتبة آية الله المرعشي العامة ـ قم


(15)
صوره الورقة الاولى من مخطوطة جامعة طهران


(16)
صوره الورقة الاخيرة من مخطوطة جامعة طهران


(17)
بِسْمِ اللهِ الرّحْمن الرحيم

    الحمد لله الذي قضى بالفناء والزوال على جميع عباده ، وأنفذ أمره فيهم على وفق حكمته ومراده ، ووعد الصابرين على قضائه جميل ثوابه وإسعاده ، وأوعد الساخطين جزيل نكاله وشديد وباله في معاده ، ولذذ قلوب العارفين بتدبيره ، فبهجة نفوسهم في تسليمها لقياده ، هذا مع عجز كلّ منهم عن دفاع ما أمضاه وإن تمادى الجاهل في عناده. فإياه ـ سبحانه ـ أحمد على كل حال ، وأسأله الإمداد بتوفيقه وإرشاده.
    وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، شهادة أستدفع بها الاهوال في ضيق المحشر ووهاده (1) ، وأشهد أن محمداً صلى الله عليه وآله عبده ورسوله ، أفضل من بشر وحذر ، وأعظم من رضي بالقضاء وصبر ، وخدم به سلطان معاده ، صلى الله عليه وعلى آله الأخيار ، أعظم الخلق بلاءً ، وأشدّهم عناءً ، أسدهم تسليماً ورضاءً ، صلاة دائمة واصلة إلى كل واحد بانفراده.
    وبعد : فلما كان الموت هو الحادث العظيم ، والأمر الذي هو على تفريق الأحبة مقيم ، وكان فراق المحبوب يعد من أعظم المصائب ، حتى يكاد يزيغ له قلب ذي العقل (2) ، والموسوم بالحدس (3) الصائب ، خصوصاً ومن أعظم الأحباب الولد ، الذي هو


1 ـ الوهاد : جمع وهدة وهي الحفرة ، اُنظر « القاموس المحيط ـ وهد ـ 1 : 347 ».
2 ـ في نسخة « د » و « ش » : الغفلة.
3 ـ في نسخة « ش » : بالخدش.


(18)

مهجة الألباب ؛ ولهذا رتب على فراقه جزيل الثواب ، ووعد أبواه شفاعته فيهما يوم المآب .
    فلذلك جمعت في هذه الرسالة جملة من الآثار النبوية ، وأحوال أهل الكمالات العلية ، ونبذة من التنبيهات الجلية ، ما ينجلي به ـ إن شاء الله تعالى ـ الصدأ عن قلوب المحزونين ، وتنكشف به الغمة عن المكروبين ، بل تبتهج به نفوس العارفين ، ويستيقظ من اعتبره من سنة الغافلين ، وسميتها (مسكن الفؤاد عند فقد الأحبة والاولاد) ورتبتها على مقدمة ، وأبواب ، وخاتمة.
    أمّا المقدمة : فاعلم أنه ثبت أن العقل هو الآلة التي بها عرف الله (1) سبحانه ، وحصل به تصديق الرسل والتزام الشرائع ، وأنه المحرض على طلب الفضائل ، والمخوف من الإتصاف بالرذائل ، فهو مدبر أمر الدارين ، وسبب لحصول الرئاستين ، ومثله كالنور في الظلمة ، فقد يقل عند قوم ، فيكون كعين الأعشى (2) ، ويزيد عند آخرين ، فيكون كالنهار في وقت الضحى.
    فينبغي لمن رزق العقل أن لا يخالفه فيما يراه ، ولا يخلد (3) إلى متابعة غفلته وهواه ، بل يجعله حاكماً له وعليه ، ويراجعه فيما يرشده إليه ، فيكشف له حينئذ ما يوجب الرضا بقضاء الله سبحانه وتعالى ، سيما فيما نزل به من هذا الفراق ، من وجوه كثيرة ، نذكر بعضها :

    الاول : إنك نظرت إلى عدل الله وحكمته ، وتمام فضله ورحمته ، وكمال عنايته ببريته ، إذا أخرجهم إد من العدم (4) ، وأسبغ عليهم جلائل النعم ، وأيدهم بالالطاف ، وأمدهم بجزيل المعونة والإسعاف ، كلى الوجول ذلك ليأخذوا حظهم من السعادة الأبدية والكرامة السرمدية ، لا لحاجة منه إليهم ، ولا لاعتماد في شيء من أمره عليهم ؛ لأنه الغني المطلق ، والجواد المحقق.
    وكلفهم بالتكاليف الشاقة ، والاعمال الثقيلة ؛ يأخذوا منه حظاً وأملاً وليبلوهم أيهم أحسن عملاً ، وما فعل ذلك إلا لغاية منفعتهم ، وتمام مصلحتهم ، وأرسل إليهم الرسل مبشرين ومنذرين ، وأنزل عليهم الكتب ، وأودعها ما فيه بلاغ للعالمين.


1 ـ في نسخة « د » : الإله.
2 ـ الإعشى : الذي لا يبصر بالليل ، ويبصر في النهار فقط « الصحاح ـ عشا ـ 6 : 2427 ».
3 ـ في نسخة « ش » : يخلل.
4 ـ في « ح » : من العدم إلى الوجود.


(19)

    وتحقيق هذا المرام مستوفى في باب العدل من علم الكلام.
    وإذا كانت أفعاله ـ تعالى وتقدس ـ كلها لمصلحتهم ، وما فيه تمام شرفهم ، والموت من جملة ذلك كما نطق به الوحي الإلهي في عدة آيات ، كقوله تعالى : ( وما كان لنفس ان تموت إلا بإذن الله كتاباً مؤجلاً ) (1) ، ( قل لو كنتم في بيوتكم لبرز إليكم الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم ) (2) ، ( أين ما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة ) (3) ، ( الله يتوفى الانفس حين موتها ) (4) ، إلى غير ذلك من الآيات.
    فلولا أن في ذلك غاية المصلحة ، ونهاية الفائدة للعبد الضعيف الغافل عن مصلحته ، التائه في حيرته وغفلته ، لما فعله الله تعالى به ؛ لما قد عرفت من أنه أرحم الراحمين ، وأجود الأجودين ، فإن حدثتك نفسك بخلاف ذلك فاعلم أنه الشرك الخفي ، وإن أيقنته ولم تطمئن نفسك وتسكن روعتك فهو الحمق الجلي.
    وإنما نشأ ذلك من الغفلة عن حكمة ( الله تعالى ) (5) في بريته ، وحسن قضائه في خليقته ، حتى أن العبد ليبتهل ويدعو الله تعالى أن يرحمه ، ويجيب دعائه في أمثال ذلك ، فيقول الله تعالى لملائكته : كيف أرحمه من شيء به أرحمه !‍ فتدبر ـ رحمك الله تعالى ـ في هذه الكلمة الإلهية ، تكفيك في هذا الباب إن شاء الله تعالى.

    الثاني : أنه إذا نظرت إلى أحوال الرسل عليهم السلام ، وصدقتهم فيما أخبروا به من الامور الدنيوية والاخروية ، ووعدوا به من السعادة الأبدية ، وعلمت أنهم إنما أتوا أتوا بما أتوا به عن الله جل جلاله ، ( واعتقدت أن قولهم ) (6) معصوم عن الخطأ ، محفوظ من الغلط والهوى ، وسمعت (7) ما وعدوا به من الثواب على أي نوع من أنواع المصاب (8) كما ستراه وتسمعه ، سهل عليك موقعه ، وعلمت أن لك في ذلك غاية الفائدة ، وتمام السعادة الدائمة ، وأنك قد أعددت لنفسك كنزاً من الكنوز مذخوراً (9) ، بل حرزاً ومعقلاً وجنة


1 ـ آل عمران 3 : 145.
2 ـ آل عمران 3 : 154.
3 ـ النساء 4 : 78.
4 ـ الزمر 39 : 42.
5 ـ في نسخة « د » و « ش » : أيضاً.
6 ـ في نسخة « د » و « ش » : وقولهم.
7 ـ في نسخة « د » و « ش » : وسمع.
8 ـ في نسخة « د » و « ح » : المصائب.
9 ـ ليس في نسخة « ش » و « د ».


(20)

( من العذاب الأليم والعقاب العظيم ) (1) ، الذي لا يطيقه بشر ، ولا يقوى به أحد ، مع أن ولدك مشاركك في هذه السعادة ، فقد فزت أنت وهو ، فلا ينبغي أن تجزع.

    ومثل نفسك : أنه لو دهمك أمر عظيم ، أو وثب عليك سبع أو حية ، أو هجمت عليك نار مضرمة ، وكان عندك أعز أولادك ، وأحبهم إلى نفسك ، وبحضرتك نبي من الأنبياء ، لا ترتاب في صدقه ، وأخبرك : أنك إن افتديت بولدك سلمت أنت وولدك ، وإن لم تفعل عطبت ، و ( الحال أنك ) (2) لا تعلم هل يعطب ولدك ، أو يسلم ؟
    أيشك عاقل أن الإفتداء بالولد الذي يتحقق معه سلامة الولد ، ويرجى معه ـ أيضاً ـ سلامة الوالد ، هو عين المصلحة ، وأن عدم ذلك ، والتعرض لعطب الأب والولد هو عين المفسدة ! بل ربٌما قدٌم كثير من النٌاس نفسه على ولده ، وافتدى به وإن تيقٌن عطب الولد ، كما اتفق ذلك في المفاوز (3) والمخمصة (4).
    هذا كله في نار وعطب ينقضي ألمه في ساعة واحدة ، وربما ينتقل بعده إلى الراحة والجنة ، فما ظنك بألم يبقى أبد الآباد ، ويمكث سنين !؟ وإن يوماً عند ربك منها كألف سنة مما تعدون ، ولو وآها أحدنا ، وأشرف عليها ، لود أن يفتدي ببنيه وصاحبته وأخيه وفصيلته التي تؤويه ومن في ألارض جميعاً ثم ينجيه كلا إنها لضى نزاعة للشوى تدعو من أدبر وتولى وجمع فأوعى (5).
    ومن هنا جاء ما ورد عن النبي صلى الله عليه وآله ، أنه قال لعثمان بن مظعون رضي الله عنه ، وقد مات ولده ، فاشتد حزنه عليه : « يا ابن مظعون ، إن للجنة ثمانية أبواب ، وللنار سبعة أبواب ، أفما يسرك أن لا تأتي باباً منها إلا وجدت ابنك الى جنبه (6) ، آخذاً بحجزتك يستشفع لك إلى ربك (7) ، حتى يشفعه الله تعالى ؟ ».
    وسيأتي له نظائر كثيرة إن شاء الله.
    الثالث : إنك تحب بقاء ولدك لينفعك في دنياك ، أو في آخرتك ، ولا تريد


1 ـ في نسخة « ش » و « د » : من العذاب العظيم.
2 ـ ما بين القوسين ليس في « ش » و « د ».
3 ـ المفاوز : البوادي « مجمع البحرين ـ فوز ـ 4 : 30 ».
4 ـ المخمصة : المجاعة « مجمع البحرين ـ خمص ـ 4 : 169 ».
5 ـ إقتباس من سورة المعارج 70 : 11 ـ 18.
6 ـ في نسخة « ح » وأمالي الصدوق : جنبك.
7 ـ رواه الصدوق في الامالي : 63 / 1.


(21)

في الأغلب بقاءه لنفسه ، فإن هذا هو المجبول عليه طبع الخلق ، ومنفعته لك على تقدير بقائه غير معلومة ، بل كثيراً ما يكون المظنون عدمها ، فإن الزمان قد صار في آخره ، والشقوة والغفلة قد شملت أكثر الخلائق ، وقد عز السعيد ، وقل الصالح الحميد ، فنفعه لك ـ بل لنفسه ـ على تقدير بقائه غير معلوم ، وانتفاعه الآن وسلامته من الخطر ونفعه لك قد صار معلوماً ، فلا ينبغي أن تترك الأمر المعلوم لأجل الأمر المظنون بل الموهوم ، وتأمل أكثر الخلف لأكثر السلف ، هل تجد منهم نافعاً لأبويه إلا أقلهم ، أو مستيقظاً إلا أوحديّهم حتى إذا رأيت واحداً كذلك ، فعد ألوفاً بخلافه. وإلحاقك ولدك الواحد بالفرد النادر الفذ (1) دون الأغلب الكثير ، عين الغفلة والغباوة ، فإن الناس بزمانهم أشبه منهم بآئهم. كما ذكره سيد الوصيين ، وترجمان رب العالمين ، صلوات الله عليه وسلامه عليه.
    مع ان ذلك الفرد الذي تريد مثله ، إنما هو صالح نافع بحسب الظاهر ، وما الذي يدريك بباطنه وفساد نيته وظلمه لنفسه ؟ ! فلعلك لو كشفت عن باطنه ، ظهر لك أنه منطو على معاصي وفضائح ، لا ترضاها لنفسك ولا لولدك ، وتتمنى أن ولدك لو كان على مثل حالته يموت فإنه خير له.
    هذا كله إذا كنت تريد أن تجعل ولدك واحداً في العالمين ، وولياً من الصالحين ، فكيف وأنت لا تريده إلا ليرث بيتك ، أو بستانك ، أو دوابك ، وأمثال ذلك من الأمور الخسيسة الزائلة عما قريب ! وتتركه يرث الفردوس الأعلى في جوار اولاد النبيين والمرسلين ، مبعوثاً مع الآمنين الفرحين ، مربىً إن كان صغيراً في حجر سارة اُم النبيين ، كما وردت به الأخبار عن سيد المرسلين (2) ، ما هذا إلا معدود من السفه لو عقلت !.
    ولو كان مرادك أن تجعله من العلماء الراسخين والصلحاء المتقين ، وتورثه علمك وكتبك وغيرها من أسباب الخير ، فاذكر ايضاً أن ذلك كله لو تم معك ، فما وعد الله تعالى من العوض على فقده أعظم من مقصدك ، كما ستسمعه إن شاء الله تعالى.
    مثل ما رواه الصدوق ، عن الصادق عليه السلام : « ولد واحد يقدمه الرجل ،


1 ـ ليس في نسخة « د » و « ش ».
2 ـ روى الصدوق في الفقيه 3 : 316 / 2 ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : إن الله تبارك وتعالى كفل إبراهيم وسارة أطفال المؤمنين يغذونهم بشجرة في الجنة لها أخلاف كأخلاف البقر في قصر من درة فإذا كان يوم القيامة البسوا وطيبوا واهدوا إلى آبائهم فهم ملوك في الجنة مع آبائهم وهو قول الله عز وجل : ( والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بايمان ألحقنا بهم ذريتهم ).


(22)

أفضل من سبعين ولداً يبقون بعده ، يدركون القائم عليه السلام » (1).
    واعتبر أنه لو قيل : إن رجلاً فقيراً معه ولد عليه خلقان (2) الثياب ، قد أسكنه في خربة مقفرة ذات آفات كثيرة ، وفيها بيوت حيات وعقارب وسباع ضارية ، وهو معه على خطر عظيم ، فاطلع عليه رجل حكيم جليل ، ذو ثروة وحشمة (3) وخدم وقصور عالية ورتب سامية ، فرق لهذا الرجل ولولده ، فأرسل إليه بعض غلمانه : إن سيدي يقول لك : إني قد رحمتك مما بك في هذه الخربة ، وهو خائف عليك وعلى ولدك ( من العاهات ) (4) ، وقد تفضلت عليك بهذا القصر ، ينزل به ولدك ، ويوكل به جارية عظيمة من كرائم جواريه تقوم بخدمته إلى ان تقضي أنت أغراضك التي في نفسك ، ثم إذا قدمت ، وأردت الإقامة أنزلتك معه في القصر ، بل في قصر ، بل في قصر أحسن من قصره.
    فقال الرجل الفقير : أنا لا أرضى بذلك ، ولا يفارقني ولدي في هذه الخربة ، لا لعدم وثوقي بالرجل الباذل ، ولا زهداً مني في داره وقصره ، ولا لأماني على ولدي في هذه الخربة ، بل طبعي اقتضى ذلك ، وما أريد أن أخالف طبعي.
    أفما كنت ـ أيها السامع لوصف هذا الرجل ـ تعده من أدنياء السفهاء وأخساء الأغبياء ؟ ! فلا تقع (5) في خلق لا ترضاه لغيرك ، فإن نفسك أعز عليك من غيرك.
    واعلم ان لسع الافاعي ، وأكل السباع ، وغيرهما من آفات الدنيا لا نسبة لها إلى أقل محنة من محن الآخرة المكتسبة في الدنيا ، بل لا نسبة لها إلى إعراض الحق (6) سبحانه ، وتوبيخه ساعة واحدة في عرصة القيامة ، أو عرضة واحدة على النار مع الخروج منها بسرعة.
    فما ظنك بتوبيخ يكون ألف عام ، أو أضعافه ، وبنفحة من عذاب جهنم يبقى ألمها ألف عام ، ولسعة من حياتها وعقاربها يبقى ألمها أربعين خريفاً ! وأي نسبة لأعلى قصر في دار الدنيا ، إلى أدنى مسكن في الجنة ! وأي مناسبة بين خلقان الثياب في الدنيا


1 ـ ثواب الأعمال : 233 / 4.
2 ـ خَلُقَ الثوب بالضم : إذا بلي « مجمع البحرين ـ خلق ـ 5 : 158 ».
3 ـ في هامش : « ح » : وحشم.
4 ـ ليس في نسخة « ش » و « د ».
5 ـ في هامش « ح » : فاياك أن تقع.
6 ـ في « ح » : الخالق.


(23)

إلى فاخرها إلى أعلى ما في الدنيا ، بالإضافة إلى سندس الجنة وإستبرقها ، وهلم جرا إلى ما فيها من النعيم المقيم ؟ !
    بل لو تأملت بعين بصيرتك في هذا المثل ، وأجلت فيه رؤيتك ، علمت أنّ ذلك الكريم الكبير ، بل جميع العقلاء لا يرضون من ذلك الفقير بمجرد تسليم ولده ورضاه بأخذه ، بل لا بدّ في الحكمه من حمده عليه وشكره عليه وشكره ، وإضهار الثناء عليه بما هو أهله ؛ لأن ذلك هو مقتضى حق النعمة.

    الرابع : إن في الجزع بذلك والسخط انحطاطاً عظيماً عن مرتبة الرضى بقضاء الله تعالى ، وفي فوات ذلك خطر وخيم ، وفوات نيل عظيم ، فقد ذم الله تعالى من سخط بقضائه ، وقال : « من لم يرض بقضائي ، ولم يصبر على بلائي ، فليعبد رباً سواي » (1).
    وفي كلامه تعالى لموسى عليه السلام حين قال له : دلني على أمر فيه رضاك ، قال : « إنّ رضاي في رضاك بقضائي » (2).
    وفي القرآن الكريم : ( رَضِىَ الله عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ) (3).
    وأوحى الله تعالى إلى داود : « يا داود ، تريد وأريد ، وإنما يكون ما أريد ، فإن سلمت لما أريد كفيتك ما تريد ، وإن لم تسلم ما أريد أتعبك فيما تريد ، ثم لا يكون إلا ما أريد » (4).
    وقال تعالى : ( لكَيْلا تَأْسَوْا عَلى مَا فَاتَكُمْ وَلاَ تَفْرَحُوا بمَا آتاكُم ) (5).
    واعلم أن الرضى بقضاء الله ـ تعالى ـ ثمرة المحبة لله ، إذ من أحب شيئاً رضي بفعله ، ورضى العبد عن الله دليل على رضى الله تعالى عن العبد ، رضي الله عنهم ورضوا عنه ، وصاحب هذه المرتبة مع رضى الله تعالى عنه ـ الذي هو أكمل السعادات ، وأجل الكمالات ـ لا يزال مستريحاً ؛ لأنه لم يوجد منه أريد ولا أريد ، كلاهما عنده واحد ، ورضوان الله أكبر ، إن ذلك لمن عزم الاُمور.
    وسيأتي لذلك بحث آخر أن شاء الله تعالى في باب الرضا (6).


1 ـ جامع الأخبار : 133 ، دعوات الراوندي : 169 / 471 ، الجامع الصغير 2 : 235 / 6010.
2 ـ رواه الراوندي في دعواته : 164 / 453 ، باختلاف يسير.
3 ـ المائدة 5 : 119.
4 ـ رواه الصدوق في التوحيد : 337 / 4.
5 ـ الحديد 57 : 23.
6 ـ يأتي في ص 79


(24)

    واعلم أن البكاء لا ينافي الرضى ، ولا يوجب السخط ، وإنما مرجع ذلك إلى القلب ، كما ستعرفه ـ إن شاء الله تعالى ـ ومن ثم بكاء الأنبياء والأئمة عليهم السلام على أبنائهم وأحبائهم ، فإن ذلك أمر طبيعي للإنسان ، لا حرج فيه إذا لم يقترن بالسخط ، وسيأتي.

    الخامس : أن ينظر صاحب المصيبة إلى أنه في دار قد طبعت على الكدر والعناء ، وجبلت على المصائب والبلاء ، فما يقع فيها من ذلك هو مقتضى جبلتها وموجب طبيعتها ، وإن وقع خلاف ذلك فهو على خلاف العادة لأمر آخر ، خصوصاً على الأكابر والنبلاء من الأنبياء والأوصياء والأولياء ، فقد نزل بهم من الشدائد والأهوال ما يعجز عن حمله الجبال ، كما هو معلوم في المصنفات ، التي لو ذكر بعضها لبلغ مجلدات.
    وقد قال النبي صلى الله عليه وآله : « أشد الناس بلاءً الأنبياء ، ثم الأولياء ، ثم الأمثل فالامثل » (1).
    وقال النبي صلى الله عليه وآله : « الدنيا سجن المؤمن ، وجنة الكافر » (2).
    وقد قيل : إن الدنيا ليس فيها لذة على الحقيقة ، إنما لذاتها راحة من مؤلم ، هذا وأحسن لذاتها ، وأبهى بهجاتها مباشرة النساء ، المترتب عليه حصول الأبناء ، كم يعقبه من قذى (3) ، أقله ضعف القوى وتعب الكسب والعناء. ومتى حصل محبوب كانت آلامه تربو على لذاته ، والسرور به لا يبلغ معشار حسراته ، وأقل آفاته في الحقيقة الفراق الذي ينكث (4) الفؤاد ، ويذيب (5) الأجساد.
    فكلما تظن في الدنيا أنه شراب سراب ، وعمارتها ـ وإن حسنت ـ إلى


1 ـ رواه الكليني في الكافي 2 : 196 / 2 ، وابن ماجة في سننه 2 : 1334 / 4023 ، والترمذي في سننه 4 : 28 / 2509 ، وأحمد في مسنده 1 : 172 ، 180 ، 185 ، والدارمي في سننه 2 : 320 ، والحاكم النيسابوري في مستدركه 1 : 41 و 4 : 307 ، باختلاف يسير.
2 ـ رواه الصدوق في الفقيه 4 : 262 ، والطوسي في أماليه 2 : 142 ، ومحمد بن همام في التمحيص : 48 : 76 ، ومسلم في صحيحه 4 : 2272 / 2956 ، وأحمد في مسنده 2 : 323 ، وابن ماجة في سننه 2 : 1378 / 4113.
3 ـ القذى : ما يقع في العين والشراب من تراب أو تبن أو وسخ أو غير ذلك « مجمع البحرين ـ قذى ـ 1 : 335 ».
4 ـ ينكث : من النكث وهو النقض والهدم والهزال « القاموس المحيط ـ نكث ـ 1 : 176 ».
5 ـ في « ح » : ويذهب.


(25)

خراب ، ومالها ـ وإن اغتر بها الجاهل ـ إلى ذهاب ، ومن خاض الماء الغمر (1) لا يجزع من بلل ، كما أن من دخل بين الصفين لايخلوه من وجل ، ومن العجب من أدخل يده في فم الأفاعي كيف ينكر اللسع ، وأعجب منه من يطلب من المطبوع على الضر النفع !
    وما أحسن قول بعض الفضلاء (2) في مرثية ابنه :

طبعت على كدر وأنت تريدها ومكلف الأيام ضد طباعها وإذا رجوت المستحيل فإنما صفواً من الأقذاء والأكدار متطلب في الماء جذوة نار تبني البناء على شفيرٍ هار

    وقال بعض العارفين : ينبغي لمن نزلت له مصيبة أن يسهلها على نفسه ، ولا يغفل عن تذكّر ما يعقبه من وجوب الفناء وتقتضي المسار ، وأن الدنيا دار من لا دار له ، ومال من لا مال له ، يجمعها من لا عقل له ، ويسعى لها من لا ثقة له ، وفيها يعادي من لا علم له ، وعليها يحسد من لا فقه له ، من صح فيها سقم ، ومن سقم فيها برم ، ومن افتقر فيها حزن ، ومن استغنى فيها فتن.
    واعلم أنك قد خلقت في هذه الدار لغرض خاص ؛ لأن الله تعالى منزه عن العبث. وقد قال الله تعالى : ( وما خلقت الجن والانس إلا ليعبدون ) (3) وقد جعلها مكتسبا لدار القرار ، وجعل بضاعتها الأعمال الصالحة ، ووقتها العمر ، وهو قصير جداً بالنظر إلى ما يطلب من السعادة الأبدية ، التي لا انقضاء لها.
    فإن اشتغلت بها ، واستيقظت استيقاظ الرجال ، واهتممت بشأنك اهتمام الأبدال ، رجوت أن تنال نصيبك منها ، فلا تضيع عمرك في الإهتمام بغير ما خلقت له ، يضيع وقتك ، ويذهب عمرك بلا فائدة ؛ فان الغائب لا يعود والميت لا يرجع ، وتفوتك


1 ـ الغمر : بفتح الغين وسكون الميم : الكثير.
2 ـ هو علي بن محمد بن نهد التهامي ، أبو الحسن ، شاعر مشهور من أهل تهامة ، زار الشام والعراق ، وولي خطابة الرملة ، ثم رحل إلى مصر ، متخفيا ، فعلمت به حكومة مصر ، فاعتقل وحبس في دار البنود ، ثم قتل سراً في سجنه سنة 416 هـ ، قال ابن خلكان : له مرثية في ولده وكان قد مات صغيراً ، وهي في غاية الحسن. ويقال : إن بعض أصحابه رآه في النوم بعد موته. فقال له : ما فعل الله بك ؟ فقال : غفر لي ، فقال : بأي الاعمال ؟ فقال : بقولي في مرثية ولدي الصغير :

جاورت أعدائي وجاور ربه شتان بين جواره وجواري

اُنظر « وفيات الأعيان 3 : 378 / 471 ، الأعلام للزركلي 4 : 327 ».
3 ـ الذاريات 51 : 56.


(26)

السعادة التي خلقت لها. فيالها حسرة لا تفنى ، وغبن لا يزول ، إذا عاينت درجات السابقين ، وأبصرت منازل المقربين ، وأنت مقصر من الأعمال الصالحة ، خلي من المتاجر الرابحة ! فقس ذلك الالم على هذه الآلام ، وادفع أصعبهما عليك وأضرهما لك ، مع أنك تقدر على دفع سبب هذا ، ولا تقدر على دفع سبب ذاك.
    كما قال علي عليه السلام : « إن صبرت جرى عليك القضاء وأنت مأجور ، وأن جزعت (1) جرى عليك القضاء وأنت مأزور (2) ، فاغتنم شبابك قبل هرمك ، وصحتك قبل سقمك ، واجعل الموت نصب عينك ، واستعد له بصالح العمل ، ودع الإشتغال بغيرك ، فإن الموت يأتي إليك دونه ».
    وتأمل قوله تعالى : ( وان ليس للإنسان إلا ما سعى * وأن سعيه سوف يرى ) (3) فقصر أملك ، وأصلح (4) عملك ، فإن السبب الأكثري الموجب للإهتمام بالاموال والأولاد طول الأمل.
    وقد قال النبي صلى الله عليه وآله لبعض أصحابه : « إذا أصبحت فلا تحدث نفسك بالمساء ، وإذا أمسيت فلا تحدث نفسك بالصباح ، وخذ من حياتك لموتك ، ومن صحتك لسقمك ، فإنك لا تدري ما اسمك غداً » (5).
    وقال علي عليه السلام : « إنّ أشدّ ما أخاف عليكم خصلتان : إتّباع الهوى ، وطول الأمل ؛ فأمّا اتّباع الهوى فإنّه يعدل عن الحق ، وأمّا طول الأمل فإنه يورث الحبّ للدنيا » (6)
    ثم قال : « ألا إن الله يعطي الدنيا لمن يحب ويبغض ، وإذا أحب عبداً أعطاه الإيمان ، ألا إن للدين أبناء ، وللدنيا أبناءً ، فكونوا من أبناء الدين ، ولا تكونوا من أبناء الدنيا ، ألا إن الدنيا قد أرتحلت مولية ، ألا إن الآخرة قد أرتحلت مقبلة ، إلا وإنكم في


1 ـ في « ح » : لم تصبر.
2 ـ ورد في نهج البلاغة 3 : 224 / 291.
3 ـ النجم 53 : 39 و 40.
4 ـ في هامش « ح » : وأحسن.
5 ـ رواه الشيخ ورام في تنبيه الخواطر 1 : 271 ، والشيخ الطوسي في أماليه 2 : 139 ، والديلمي في إرشاد القلوب : 18 ، وزكي الدين في الترغيب والترهيب 4 : 243 / 17. باختلاف يسير.
6 ـ ورد في نهج البلاغة 1 : 88 / 41 ، ورواه الديلمي عن النبي صلى الله عليه وآله في إرشاد القلوب : 21 باختلاف يسير.


(27)

يوم عمل ليس فيه حساب ، ألا وإنكم توشكون في يوم حساب ليس فيه عمل » (1).
    واعلم ان محبوبا يفارقك ، وتبقى على نفسك حسرته وألمه ، وفي حال إصاله (2) كدك وكدحك وجدك واجتهادك ، ومع ذلك لا يخلو زمانك معه من تنغيص (3) به أو عليه ، لأجل أن تتسلى عنه ، وتطلب لنفسك محبوباً غيره ، وتجتهد في أن يكون موصوفاً بحسن الصحة ، ودوام الملازمة ، وزيادة الأنس ، وتمام المنفعة.
    فإن ظفرت به فذلك هو الذي ينبغي أن يكون بغيتك التي تحفظها ، وتهتم بها ، وتنفق وقتك عليها ، وهو غاية كل محبة ، ومنتهى كل مقصد ، وما ذاك إلا الإشتغال بالله ، وصرف الهمة إليه ، وتفويض ما خرج عن ذلك إليه ، فإن ذلك دليل على حب الله تعالى ، يحبهم ويحبونه والذين آمنوا أشد حباً لله.
    وقد جعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم الحب لله من شرط الإيمان ، فقال : « لا يؤمن أحدكم حتى يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما » (4).
    ولا يتحقق الحب في القلب ( أحدكم لأحد) (5) مع كراهته لفعله وسخطه به ، بل مع عدم رضاه على وجه الحقيقة ، لا على وجه التكلّف والتعنت.
    وفي أخبار داود عليه السلام : « يا داود ، أبلغ أهل أرضي : اني حبيب من أحبني ، وجليس من جالسني ، ومؤنس لمن أنس بذكري ، وصاحب لمن صاحبني ، ومختار لمن اختارني ، ومطيع لمن أطاعني. ما أحبني أحد (6) أعلم ذلك يقيناً من قلبه إلا قبلته لنفسي ، ( وأحببته حباً ) (7) لا يتقدمه أحد من خلقي ، من طلبني بالحق وجدني ، ومن طلب غيري لم يجدني. فارفضوا ـ يا أهل الأرض ـ ما أنتم عليه في غرورها ، وهلموا إلى كرامتي ومصاحبتي ومجالستي ومؤانستي ، وأنسوا بي اُؤانسكم ، واُسارع إلى محبتكم » (8).


1 ـ رواه الديلمي عن النبي صلى الله عليه وآله في إرشاد القلوب : 21 باختلاف في ألفاظه.
2 ـ في نسخة « ش » : اتصاله.
3 ـ التنغيض : التكدير ، يقال نغص عليه العيش تنغيصاً. كدره. « مجمع البحرين ـ نغض ـ 4 : 186 ».
4 ـ أخرجه الفيض الكاشاني في المحجة البيضاء 8 : 4 ، ورواه ـ باختلاف يسير ـ أحمد في مسنده 3 : 172 و248 ، النسائي في سننه 8 : 95 ، وابن ماجة في سننه 2 : 1338 / 4033.
5 ـ في نسخة « ش » : أحد.
6 ـ في نسخة « ش » : عبد.
7 ـ في « ح » : وأحييته حياة.
8 ـ أخرجه المجلسي في البحار 70 : 26 / 28 ، والحر العاملي في الجواهر السنية : 94 عن مسكن الفؤاد.


(28)

    وأوحى الله تعالى إلى بعض الصديقين : « إن لي عباداً من عبادي ، يحبوني واُحبهم ، ويشتاقون إلي وأشتاق إليهم ، ويذكروني وأذكرهم ، فإن أخذت طريقتهم وأحببتك ، وإن عدلت عنهم مقتك.
    فقال : يارب وما علامتهم ؟
    قال : يراعون الظلال بالنهار ، كما يراعي [ الراعي ] (1) الشفيق غنمه ، ويحنون إلى غروب الشمس ، كما تحن الطير إلى أوكارها عند الغروب ، فإذا جنهم الليل ، وأختلط الظلام ، وفرشت الفرش ، ونصبت الأسرة ، وخلا كل حبيب بحبيبه ، ونصبوا إلي أقدامهم ، وافترشوا لي وجوههم ، وناجوني بكلامي ، وتملقوني بإنعامي ، ما بين (2) صارخ وباك ، وما بين متأوه وشاك ، وبين قائم وقاعد ، وبين راكع وساجد ، بعيني ما يتحملون من أجلي ، وبسمعي ما يشكون من حبي ، اقل (3) ما أعطيهم ثلاثاً :
    الاول : أقذف من نوري في قلوبهم ، فيخبرون عني ، كما اُخبر عنهم.
    والثاني : لو كانت السماوات والأرضون (4) وما فيهما في موازينهم ، لا ستقللتها لهم.
    والثالث : أقبل بوجهي عليهم ، أفترى من أقبلت بوجهي عليه ، يعلم أحد ما أريد أن أعطيه » (5).
    وها هنا نقطع الكلام في المقدمة ، ونشرع في الأبواب :


1 ـ أثبتناه من المحجة البيضاء.
2 ـ في نسخة « ش » : فبين.
3 ـ في نسخة « ش » أول.
4 ـ في نسخة « ش » : والأرض.
5 ـ أخرجه المجلسي في بحار الأنوار 70 : 26 / 28 ، عن مسكن الفؤاد ، وأخرجه الفيض الكاشاني في المحجة البيضاء 8 : 58.


(29)

 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net