الفصل الثامن ( في نوادر السفر )
قال النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لعلي ( عليه السلام ) : يا علي ، إذا سافرت فلا تنزل الاودية ، فإنها مأوى السباع والحيات. من كتاب المحاسن ذكر عند النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) رجل ، فقيل له : خير ، قالوا : يا رسول الله خرج معنا حاجا ، فإذا نزلنا لم يزل يهلل حتى نرتحل ، فإذا ارتحلنا لم يزل يذكر الله حتى ننزل ، فقال النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : فمن كان يكفيه علف ناقته وصنع طعامه ؟ قالوا : كلنا ، فقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : كلكم خير منه. عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : إن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) كان في سفر يسير على ناقة إذ نزل فسجد خمس سجدات ، فلما ركب قالوا : يا رسول الله رأيناك صنعت شيئا لم تصنعه ؟ فقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : نعم ، استقبلني جبريل ( عليه السلام ) فبشرني ببشارات من الله عزوجل فسجدت لله شكرا ، لكل بشرى سجدة. عن إسحاق بن عمار قال : خرجت مع أبي عبد الله ( عليه السلام ) وهو يحدث نفسه ، ثم إستقبل القبلة فسجد طويلا ، ثم ألزق خده الايمن بالتراب طويلا ، قال : ثم مسح وجهه ثم ركب ، فقلت له : بابي أنت وأمي لقد صنعت شيئا ما رأيته قط ، قال : يا إسحاق إني ذكرت نعمة من نعم الله عزوجل علي فأحببت أن أذلل نفسي ، ثم قال : يا إسحاق ما أنعم الله على عبده بنعمة فشكرها بسجدة يحمد الله فيها ففرغ منها حتى يؤمن له بالمزيد من الدارين.
(266)
قال النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : إذا خرج أحدكم إلى سفر ثم قدم على أهله فليهدهم وليطرفهم ولو حجارة. وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : إذا أعيا أحدكم فليهرول. عن الصادق ( عليه السلام ) قال : قال أبوجعفر ( عليه السلام ) : لا تماكس (1) في أربعة أشياء : في شراء الاضحية وفي الكفن وفي ثمن نسمه وفي الكري إلى مكة. وكان يقول علي بن الحسين عليهما السلام لقهرمانه (2) إذا أراد أن يشري حوائج الحج : اشتر ولا تماكس. عن جابر بن عبد الله قال : نهى رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أن يطرق الرجل أهله ليلا إذا جاء من الغيبة حتى يؤذنهم. وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : السفر قطعة من العذاب ، فإذا قضى أحدكم سفره فليسرع الاياب إله أهله. قال الصادق ( عليه السلام ) : سير المنازل ينفد الزاد ويسئ الاخلاق ويخلق الثياب (3). والسير ثمانية عشر [ فرسخا أقله ]. قال النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : إذا ضللتم الطريق فتيامنوا. وقال الصادق ( عليه السلام ) : إن على ذروة كل جسر شيطانا ، فإذا انتهيت إليه فقل : بسم الله يرحل عنك. عن الرضا ( عليه السلام ) سئل عنه عن السرج واللجام وفيه الفضة ، أيركب به ؟ فقال ( عليه السلام ) : إن كان مموها (4) لا يقدر على نزعه فلا بأس وإلا فلا يركب به. قال النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : من أعان مؤمنا مسافرا نفس الله عنه ثلاثا وسبعين كربة وأجاره من الغم والهم في الدنيا [ والاخرة ] ونفس عنه كربة العظيم يوم يعض الظالم على يديه. عن يعقوب بن سالم قال : قلت لابي عبد الله ( عليه السلام ) : تكون معي الدراهم فيها.
1 ـ المماكسة : استحطاط الثمن ، يقال : تماكس الرجلان في البيع أي تشاحا وأراد كل منهما أن يستأثر به. 2 ـ القهرمان : أمين الدخل والخرج أو الوكيل. 3 ـ اخلق الثوب : صيره باليا. 4 ـ المموه : الممزوج والمخلوط من موه الشيء ، بالتشديد : طلاه بماء الذهب والفضة ونحوهما.
(267)
تماثيل وأنا محرم ، أفأجعلها في همياني وأشده في وسطي ؟ قال : لا بأس ، هي نفقتك وعليها اعتمادك بعد الله عزوجل. وعنه ( عليه السلام ) قال : إذا سافرتم فاتخذوا سفرة وتنوقوا فيها (1). عن نصر الخادم قال : نظر العبد الصالح أبوالحسن موسى بن جعفر عليهما السلام إلى سفرة عليها حلق صفر (2) ، فقال : انزعوا هذه واجعلوا مكانها حديدا فإنه لا يقدم على شيء مما فيها من الهوام. عن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال : زاد المسافر الحداء والشعر ما كان منه ليس فيه خنى (3). من المحاسن ، عن الصادق ( عليه السلام ) قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : إياكم والتعريس (4) على ظهر الطريق وبطون الاودية ، فإنها مدارج السباع ومأوى الحيات. وقال الصادق ( عليه السلام ) : إنك ستصحب أقواما فلا تقل : انزلوا ههنا ولا تنزلوا ههنا ، فإن فيهم من يكفيك.
1 ـ تنوق وتنيق في مطعمه أو ملبسه أو اموره ، من باب تصرف : تجود وبالغ فيها. 2 ـ الحلق ، بفتحتين : جمع حلقة. والصفر ، بالضم : الذهب ، والنحاس الاصفر. 3 ـ الخنى : الفحش من القول. وفي بعض السنخ خنا. 4 ـ التعريس : نزول المسافر في الليل للاستراحة والنوم ، يقال : عرس القوم : نزلوا من السفر في آخر الليل للاستراحة ثم ارتحلوا.
(268)
|