الفصل التاسع في المسكن وما يجوز منه وما لا يجوز وما يتعلق به
( في المسكن الواسع وغيره )
عن هشام بن الحكم ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : من السعادة سعة المنزل. وعنه ( عليه السلام ) قال : للمؤمن راحة في سعة المنزل. وسئل أبوالحسن ( عليه السلام ) عن أفضل عيش في الدنيا ؟ قال : سعة المنزل وكثرة المحبين. وعنه ( عليه السلام ) أيضا قال : العيش بالسعة في المنازل والفضل في الخدم. عن معمر بن خلاد قال : إن أباالحسن اشترى دارا وأمر مولى له أن يتحول إليها وقال له : إنه منزلك ، فقال له المولى : قد أجرت هذه الدار لي ؟ فقال أبوالحسن ( عليه السلام ) : إن كان أبوك أحمق فينبغي أن تكون مثله. عن السكوني ، عن جعفر ، عن أبيه عليهما السلام قال : قال النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : من سعادة المرء المرأة الصالحة والمسكن الواسع والمركب البهي والولد الصالح. عن أبي عبد الله ، عن آبائه ، عن علي عليهم السلام قال : إن للدار شرفا وشرفها
(126)
الساحة الواسعة والخلطاء الصالحون (1) وإن لها بركة وبركتها جودة موضعها وسعة ساحتها وحسن جوار جيرانها. قال الصادق ( عليه السلام ) : من سعادة المرء حسن مجلسه وسعة فنائه ونظافة متوضاه (2). قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : أربع من السعادة وأربع من الشقاوة ، فالاربع التي من السعادة : المرأة الصالحة والمسكن الواسع والجار الصالح والمركب البهي. والاربع التي من الشقاوة : الجار السوء ، والمرأة السوء ، والمسكن الضيق ، والمركب السوء. وقال النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : لا يؤمن عبد حتى يأمن جاره بوائقه. وقال النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : حرمة الجار على الانسان كحرمة أمه.
( في مقدار سمك البيت )
عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) أنه قال : يا محمد ابن بيتك سبعة أذرع فما كان فوق ذلك سكنة الشياطين. إن الشياطين ليست في السماء ولا في الارض ، إنما يسكنون الهواء. عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : سمك البيت سبعة أذرع أو ثمان أذرع فما فوق ذلك فمحضر للشياطين. وعنه ( عليه السلام ) أيضا قال : كل شيء يرفع من سمك البيوت على تسعة أذرع فهو مسكن الشياطين. عن الصادق ( عليه السلام ) قال : إذا كان سمك البيت فوق ثمانية أذرع فاكتب فيه آية الكرسي. عن عبد الله بن سنان قال : سمعت أبا عبد الله ( عليه السلام ) يقول : كل شيء فوق التسع
1 ـ الساحة : الفضاء. والخلطاء ـ جمع ـ خليط ـ : المخالطون الذين أمرهم واحد من الزوج والزوجة والولد والجار والاهل. 2 ـ الفناء ـ بالكسر ـ : الساحة ، أمام البيت ، ما امتد من جوانبه. والمتوضأ : المستراح.
(127)
يعني سمك البيت فما زاد على التسع فهو مسكون ، يعني البيوت ، أو ما كان سمكها فوق التسع فما كان فوق التسع مسكون. وعنه ، عن آبائه عليهم السلام أن رجلا من الانصار شكا إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : أن الدور قد اكتنفته ، فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ارفع ما استطعت واسأل الله أن يوسع عليك. عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) : ما من إنسان يبني فوق ثمانية أذرع إلا ويأوي الشيطان فيما فوق ثمانية أذرع والواجب أن يكتب له فيه آية الكرسي حتى لا يأوي فيه الشيطان. وعنه ( عليه السلام ) قال : كل بناء فوق الكفاية يكون وبالا على صاحبه يوم القيامة. وعنه ( عليه السلام ) أنه قال : ما يبني إنسان فوق ثمانية أذرع إلا وينادي مناد من السماء : إلى أين تريد يا فاسق ؟ من جوامع الجامع ، قال النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : كل بناء يبنى وبال على صاحبه يوم القيامة إلا ما لابد منه.
( فيما يستحب عند البناء )
عن أبي عبد الله ، عن أبيه ، عن آبائه عليهم السلام قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : من بنى منزلا فليذبح كبشا وليطعم لحمه المساكين وليقل : اللهم ادحر عني وعن أهلي وولدي مردة الجن والشياطين وبارك لي فيه بنزولي فإنه يعطي ما سأل إن شاء الله.
( في الاسراف في البناء )
عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : كل بناء ليس بكفاف فهو وبال على صاحبه. وعنه ( عليه السلام ) قال : من كسب مالا من غير حله سلط على الماء والطين.
( في كنس المنازل )
عنه ( عليه السلام ) قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : اكنسوا أفنيتكم ولا تشبهوا باليهود. وقال الصادق ( عليه السلام ) : غسل الاناء وكسح الفناء مجلبة للرزق.
(128)
( في وقت في البيت والخروج عنه )
عنه ( عليه السلام ) قال : كان رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إذا خرج من البيت في الصيف خرج يوم الخميس ، وإذا أراد أن يدخل في الشتاء من البرد دخل يوم الجمعة. وفي رواية ، عن ابن عباس قال : إن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) كان يخرج إذا دخل الصيف ليلة الجمعة ، وإذا دخل الشتاء دخل ليلة الجمعة.
( في اغلاق الابواب وغيرها )
عن سماعة بن مهران ، عن أبي عبد الله أو أبي الحسن عليهما السلام ، سئل عن إغلاق الابواب وإكفاء الاناء (1) وإطفاء السراج ؟ قال : اغلق بابك فإن الشيطان لا يفتح بابا مغلقا. وأطفئ سراجك من الفويسقة وهي الفأرة لا تحرق بيتك. وأكفئ إناءك فإن الشيطان لا يرفع إناء مكفأ. قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : لا تتركوا النار في بيوتكم حين تنامون. عن الرضا ( عليه السلام ) قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : أطفؤا المصابيح ، لا تجرها الفويسقة فتحرق البيت وما فيه.
( فيما يتعلق بالمسكن )
عن أبي جعفر ( عليه السلام ) أنه أتاه رجل [ فشكا إليه ] فقال : أخرجتنا الجن من منازلنا يعني عمار منازلهم ، فقال : إجعلوا سقوف بيوتكم سبعة أذرع واجعلوا الحمام في أكناف الدار. قال الرجل : ففعلنا فما رأينا شيئا نكرهه. عن داود الرقي ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : رأيت حماما خرج من تحت سريرة فقلت له : جعلت فداك أهدي لك طيورا عندنا بلقا تقرقر (2) ؟ فقال أبو عبد الله ( عليه السلام ) : تلك مسوخ من الطير ، إذا كنت متخذا فاتخذ مثل هذه فإنها بقية حمام إسماعيل ( عليه السلام ).
1 ـ إكفاء الاناء : قلبه. ويأتي أيضا بمعني الاستتار ومنه الكفاء ، ككتاب. 2 ـ البلق : الابلق وهو الذي كان في لونه سواد وبياض. وتقرقر الطير : تصوت وتردد صوته.
(129)
من كتاب من لا يحضره الفقيه ، شكا رجل إلى النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) من الوحشة ، فأمره باتخاذ زوج من الحمام. وقال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : إن خفيف أجنحة الحمام ليطرد الشياطين. وقال ( عليه السلام ) أيضا : إتقوا الله فيما خولكم (1) وفي العجم من أموالكم ، فقيل له : ما العجم من أموالنا ؟ قال : الشاة والهر والحمام وأشباه ذلك. من الفردوس ، عن أنس قال : قال النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : الشاة في البيت ترد سبعين بابا من الفقر. وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : الشاة في الدار بركة. والسنور في الدار بركة. والرحا في الدار بركة. والشاة بركة. والشاتان بركتان. والثلاثة بركات كثيرة. وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : الشاة من دواب الجنة. عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : ما من مؤمن يكون في منزله عنز حلوب إلا قدس أهل ذلك المنزل وبورك عليهم ، فإن كانتا اثنتين قدسوا كل يوم مرتين ، فقال رجل كيف يقدسون ؟ قال : يقال لهم : بورك عليكم وطبتم ما طاب إدامكم. وعنه ( عليه السلام ) قال : إن امرأة عذبت في هرة ربطتها حتى ماتت عطشا. وقال النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : لا تمنعوا الخطاطيف أن تسكن في بيوتكم (2). وقال : لا تطرقوا الطير في أوكارها فإن الليل أمان لها وذلك لما جعله الله عليه من الرحمة. من كتاب طب الائمة ، قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : اتخذوا في بيوتكم الدواجن يتشاغل بها الشيطان عن صبيانكم. عن أبي جعفر ( عليه السلام ) : من أحبنا ـ أهل البيت ـ أحب الحمام.
1 ـ فيما خولكم أي ملككم وأعطاكم. والخول : الخدام والحشم وغيرهم من الحاشية. 2 ـ الخطاطيف جمع الخطاف : طائر يشبه السنونو ، طويل الجناحين ، قصير الرجلين ، أسود اللون ، وقيل : هو الخفاش. ( مكارم الاخلاق ـ 9 )
(130)
وقال أبوالحسن ( عليه السلام ) : لا ينبغي أن يخلو بيت أحدكم من ثلاثة وهن عمار البيت : الهرة والحمام والديك ، فإن كان مع الديك أنيسة فلا بأس بذلك لمن لا يقدرها. قال الرضا : في الديك خمس خصال من خصال الانبياء : معرفته بأوقات الصلوات والغيرة والشجاعة والسخاوة وكثرة الطروقة (1). وقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : إذا سمعتم أصوات الديكة فإنها رأت ملكا فاسألوا الله وارغبوا إليه. وإذا سمعتم نهيق الحمير فتعوذوا بالله من الشيطان فإنها رأت شيطانا. عن أنس قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : الديك الابيض صديقي وعدوه عدو الله ، يحرس صاحبه وسبع دور. وكان رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يبيته معه في البيت. وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : الدجاج غنم فقراء أمتي. وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : لا تسبوا الديك فإنه يدل على مواقيت الصلاة. وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : لا تسبوا الديك فإنه صديقي وأنا صديقه وعدوه عدوي والذي بعثني بالحق لو يعلم بنو آدم ما في قترته لاشتروا ريشه ولحمه بالذهب والفضة. وإنه يطرد مذمومة من الجن. وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : من اتخذ ديكا أبيض في منزله يحفظ من شر ثلاثة : من الكافر والكاهن والساحر. من كتاب روضة الواعظين ، عن الباقر ( عليه السلام ) قال : إن الله تعالى خلق ديكا أبيض عنقه تحت العرش ورجلاه في تخوم الارض السابعة ، له جناح بالمشرق وجناح بالمغرب لا يصيح ديك في الارض حتى يصيح ، فإذا صاح خفق بجناحيه ، ثم قال : سبحان الله العظيم الذي ليس كمثله شيء فيجيبه الله فيقول : ما آمن بما تقول من يحلف بي كاذبا (2). روى الجعفري قال : رأيت أبا الحسن ( عليه السلام ) في بيته زوج حمام : أما الذكر فأخضر وأما الانثى فسوداء. ورأيته ( عليه السلام ) يفت لهما الخبز ويقول : يتحركان من الليل فيؤنسان وما من انتفاضة ينتفضانها من الليل إلا اتقى من دخل البيت من عرمة الارض (3).
1 ـ الطروقة : الجماع. 2 ـ تخوم الارض : حدها ومنتهاها. وخفق الطائر أي طار. 3 ـ الفت : الدق والكسر بالاصابع. الانتفاض : مطاوع نفض وهو حركة الشيء ليزول عنه الغبار.
(131)
عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : ليس من بيت نبي إلا وفيه حمام ، لان سفهاء الجن يعبثون بصبيان البيت ، فإذا كانه فيه حمام عبثوا بالحمام وتركوا الناس.
|