الباب الثالث في آداب الحمام وما يتعلق به ، وفيه ستة فصول : الفصل الاول في كيفية دخول الحمام
من كتاب من لا يحضره الفقيه عن محمد بن حمران قال : قال الصادق ( عليه السلام ) : إذا دخلت الحمام فقل في الوقت الذي تنزع فيه ثيابك : اللهم انزع عني ربقة النفاق وثبتني على الايمان. وإذا دخلت البيت الاول فقل : اللهم إني أعوذ بك من شر نفسي وأستعيذ بك من آذاه. وإذا دخلت البيت الثاني فقل : اللهم أذهب عني الرجس النجس وطهر جسدي وقلبي ، وخذ من الماء الحار وضعه على هامتك وصب منه على رجليك وإن أمكن أن تبلغ منه جرعة فافعل ، فإنه ينقي المثانة ، والبث في البيت الثاني ساعة ، وإذا دخلت البيت الثالث فقل : نعوذ بالله من النار ونسأله الجنة ترددها إلى وقت خروجك من البيت الحار. وإياك وشرب الماء البارد والفقاع (1) في الحمام ، فإنه يفسد المعدة. ولا تصبن عليك الماء البارد فإنه يضعف البدن. وصب الماء البارد على قدميك إذا خرجت ، فإنه يسل الداء من جسدك ، فإذا [ خرجت من الحمام ] ولبست ثيابك فقل : اللهم ألبسني التقوى وجنبني الردى ، فإذا فعلت ذلك أمنت من كل داء. ولا بأس بقراءة القرآن في الحمام ما لم ترد به الصوت إذا كان عليك مئزر. وسأل محمد بن مسلم أبا جعفر ( عليه السلام ) فقال : أكان أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ينهى عن قراءة القرآن في الحمام ؟ فقال : لا ، إنما نهى أن يقرأ الرجل وهو عريان ، فإذا كان عليه ازار فلا بأس.
1 ـ إن الفقاع ، وإن كان حراما في كل حال ، إلا أنه ( عليه السلام ) أكد حرمة شربه في الحمام.
(53)
قال علي بن يقطين للكاظم ( عليه السلام ) : أقرأ في الحمام وأنكح ؟ قال : لا بأس. وقال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : نعم البيت الحمام ، تذكر فيه النار ويذهب بالدرن. وقال ( عليه السلام ) : بئس البيت الحمام يهتك الستر ويذهب بالحياء. وقال الصادق ( عليه السلام ) : بئس البيت بيت الحمام يهتك الستر ويبدي العورة. ونعم البيت بيت الحمام يذكر حر جهنم. ومن الادب أن لا يدخل الرجل ولده معه الحمام فينظر إلى عورته وقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : من كان يؤمن بالله واليوم الاخر فلا يبعث بحليلته إلى الحمام. وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : أنهى نساء أمتي عن دخول الحمام. وقال الكاظم ( عليه السلام ) : لا تدخلوا الحمام على الريق ولا تدخلوه حتى تطعموا شيئا. من كتاب المحاسن عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : لا تدخل الحمام إلا وفي جوفك شيء يطفئ عنك وهج المعدة (1) وهو أقوى للبدن ولا تدخله وأنت ممتلئ من الطعام. وعنه ( عليه السلام ) قال : لا بأس للرجل أن يقرأ القرآن في الحمام إذا كان يريد به وجه الله ولا يريد أن ينظر كيف صوته. وعن ابن أبي يعفور قال : سألت أبا عبد الله ( عليه السلام ) فقلت : أيتجرد الرجل عند صب الماء ويرى عورته الناس ، أو يصب عليه الماء ، أو يرى هو عورة الناس ؟ فقال : كان أبي يكره ذلك من كل أحد. وقال الصادق ( عليه السلام ) : لا يستلقين أحد في الحمام فإنه يذيب شحم الكليتين. وقال بعضهم : خرج الصادق ( عليه السلام ) من الحمام فلبس وتعمم ، فقال : فما تركت العمامة عند خروجي من الحمام في الشتاء والصيف. وقال موسى بن جعفر : الحمام يوم ويوم لا ، يكثر اللحم وإدمانه كل يوم يذيب شحم الكليتين. وقال عبد الرحمن بن مسلم : كنت في الحمام في البيت الاوسط ، فدخل أبوالحسن موسى بن جعفر ( عليه السلام ) وعليه إزار فوق النورة فقال : السلام عليكم ، فرددت عليه
1 ـ الوهج أصله اتقاد النار واشتداد حره. والمراد به هنا تسكين اشتداد حرارة المعدة
(54)
ودخلت البيت الذي فيه الحوض فاغتسلت وخرجت. عن الرضا ( عليه السلام ) قال : من غسل رجليه بعد خروجه من الحمام فلا بأس ، وإن لم يغسلهما فلا بأس. وخرج الحسن بن علي ( عليه السلام ) من الحمام فقال له رجل : طاب استحمامك ، فقال : يا لكع (1) وما تصنع بالاست ههنا ؟ قال : فطاب حمامك. قال : إذا طاب الحمام فما راحة البدن ؟ قال : فطاب حميمك. قال : ويحك أما علمت أن الحميم العرق ؟ قال : فكيف أقول ؟ قال : قل : طاب ما طهر منك وطهر ما طاب منك. قال الصادق ( عليه السلام ) : إذا قال لك أخوك وقد خرجت من الحمام : طاب حمامك فقل له : أنعم الله بالك. وقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : الداء ثلاثة والدواء ثلاثة ، فأما الداء فالدم والمرة والبلغم ، فدواء الدم الحجامة ودواء البلغم الحمام ودواء المرة المشي (2). وقال الصادق ( عليه السلام ) : ثلاثة يسمن وثلاثة يهزلن ، فأما التي يسمن فإدمان الحمام وشم الرائحة الطيبة ولبس الثياب اللينة ، وأما التي يهزلن فإدمان أكل البيض والسمك والضلع (3) يعني بإدمان الحمام انه يوم ويوم لا ، فإنه إن دخل كل يوم نقص من لحمه. عن الباقر ( عليه السلام ) قال : ماء الحمام لا بأس به إذا كان له مادة (4). عن داود بن سرحان قال : قلت لابي عبد الله ( عليه السلام ) : ما تقول في ماء الحمام ؟ قال : هو بمنزلة الماء الجاري. عن محمد بن مسلم قال : قلت لابي عبد الله ( عليه السلام ) : الحمام يغتسل فيه الجنب وغيره أفأغتسل من مائه ؟ قال : نعم لا بأس أن يغتسل منه الجنب ، ولقد اغتسلت
1 ـ اللكع كالصرد : اللئيم والعبد والاحمق. والاست : الاساس والاصل والسافلة ، والمراد هنا القبل والدبر. 2 ـ المرة ـ بالكسر فالتشديد ـ : خلط من أخلاط البدن كالصفراء والسوداء. 3 ـ الضلع : امتلاء البطن شبعا أو ريا حتى يضلع أضلاعه. 4 ـ المراد إن ماء الحمام طاهر لا ينجسه شيء إذا كان له منبع.
(55)
فيه ثم جئت فغسلت رجلي وما غسلتهما إلا مما التزق بهما من التراب. عن زرارة قال : رأيت الباقر ( عليه السلام ) يخرج من الحمام ، فيمضي كما هو لا يغسل رجله حتى يصلي. عن الصادق ( عليه السلام ) : اغسلوا أرجلكم بعد خروجكم من الحمام فإنه يذهب بالشقيقة ، فإذا خرجتم فتعمموا. عن محمد بن موسى عن الباقر والصادق عليهما السلام قال : إذا خرجنا من الحمام خرجنا متعممين شتاء [ كان أو ] صيفا ، وكانا يقولان : هو أمان من الصداع. وروي : إذا دخل أحدكم الحمام وهاجت به الحرارة فليصب عليه الماء البارد ليسكن به الحرارة. ومن كتاب طب الائمة عن أبي الحسن ( عليه السلام ) قال : قلموا أظفاركم يوم الثلاثاء واحتجموا يوم الاربعاء وأصيبوا من الحمام حاجتكم يوم الخميس وتطيبوا بأطيب طيبكم يوم الجمعة. من كتاب الخصال عن أبي الحسن ( عليه السلام ) قال : قلموا أظفاركم يوم الثلاثاء ، واستحموا يوم الاربعاء ، وأصيبوا من الحجامة حاجتكم يوم الخميس ، وتطيبوا بأطيب طيبكم يوم الجمعة. ومن كتاب اللباس عن سعدان بن مسلم قال : دخل علينا أبوالحسن الاول ( عليه السلام ) الحمام ونحن فيه ، فسلم ، قال : فقمت أنا فاغتسلت وخرجت. عن حنان بن سدير عن أبيه قال : دخلت أنا وأبي وجدي وعمي حمام المدينة فإذا رجل في المسلخ فقال : ممن القوم ؟ فقلنا : من أهل العراق ، قال : من أي العراق ؟ فقلنا : من أهل الكوفة ، قال : مرحبا [ وسهلا ] وأهلا يا أهل الكوفة أنتم الشعار دون الدثار (1) ، ثم قال : ما يمنعكم من الازار ؟ فإن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال : عورة المسلم على المسلم حرام ، قال : فبعث عمي من أتى له بكرباسة فشقها أربعة ، ثم أخذ كل واحد منا واحدة فاتزر بها ، فلما خرجنا من الحمام سألنا عن الشيخ فإذا هو علي بن الحسين ( عليه السلام ) وابنه محمد الباقر ( عليه السلام ) معه.
1 ـ الشعار ـ بالكسر ـ : ما يلي شعر الجسد من اللباس. والدثار ـ بالكسر ـ : ما يتدثر به الانسان من كساء.
(56)
|