أدلّة البيعة
أدلّة البيعة على أنواع
أولاً: ما هو واضح في مسألة الشورى والانتخاب والولاية ككتاب الإمام علي (عليه السلام) إلى معاوية بن أبي سفيان: «إنّه بايعني القوم الذين بايعوا أبا بكر وعمر وعثمان على ما بايعوهم عليه، فلم يكن للشاهد أن يختار ولا للغائب أن يَرُدَّ، وإنّما الشورى للمهاجرين والأنصار، فإن اجتمعوا على رجل وسموه إماماً كان ذلك لله رضى، فإن خرج عن أمرهم خارجٌ بطعن أو بدعة ردُّوهُ إلى ما خرج منه، فإن أبى قاتلوه على اتِّباعه غير سبيل المؤمنين وولاه الله ما تولّى»[1].
«ولعمري، لئن كانت الإمامة لا تنعقد حتّى يحضرها عامة الناس، فما إلى ذلك سبيل، ولكن أهلها يحكمون على من غاب عنها، ثم ليس للشاهد أن يرجع ولا للغائب أن يختار...»[2].
ثانياً: آيات البيعة. هناك نمط آخر دلّ على البيعة عبّرت عنه الآيات المباركات ولكنها لم تشر إلى تلك الإشارات التي وردت في كلام أمير المؤمنين (عليه السلام). فهي لم تحدد، في أنّ البيعة، هل كانت لانعقاد الولاية أم لأجل أمر آخر؟ وهل البيعة هي للشورى، أم هي التي تخلق الولاية؟ كل ذلك غير واضح ولا مستفاد من الآيات المباركات، إلاّ أنّ أصل البيعة وارد فيها صريحاً، ومن هذه الآيات قوله تعالى:
1 ــ {يا أيُّها النَبيُّ إذَا جاءَكَ المُؤمِناتُ يُبايعنَكَ على أنْ لا يُشرِكنَ بِاللهِ شَيئاً وَلا يَسرِقنَ وَلا يَزنينَ وَلا يَقتُلنَ أولادَهنَّ وَلا يأتينَ ببُهتان يفتَرينهُ بينَ أيديهنَّ وَأرجلهنَّ وَلا يَعصينَكَ في معروف فبايعهُنَّ وَاستغفرْ لهنَّ اللهَ إنَّ اللهَ غَفورٌ رَحيمٌ}[3]. وقد سمّيت هذه البيعة ببيعة النساء.
2 ــ {إنَّ الذينَ يُبايعُونَكَ إنَّما يُبايعونَ اللهَ، يدُ اللهِ فَوقَ أيديهم، فمن نكث فإنَّما يَنكُثُ عَلى نَفسِهِ وَمَنْ أوفى بِما عاهَدَ عَليهُ اللهَ، فَسيؤتيهِ أجراً عَظيماً}[4].
3 ــ {لَقدْ رَضيَ اللهُ عَنِ المُؤمنينَ إذْ يُبايعُونَكَ تَحتَ الشجرةِ فَعلِمَ مَا في قُلوبِهم فَأنزلَ اللهُ السّكينَةَ عَليهِم وَأثابَهَم فَتحاً قريباً}[5]. وقد سمّيت هذه البيعة ببيعة الرضوان أو الشجرة.
ثالثاً: البيعات الواقعة في التاريخ. فقد حدثت بيعات متعدّدة على طول التاريخ الإسلامي مثل:
1 ــ بيعة الناس للرسول (صلى الله عليه وآله).
2 ــ بيعة الناس لعلي (عليه السلام) في الغدير.
3 ــ بيعة الناس لعلي (عليه السلام) بعد مقتل عثمان.
4 ــ بيعتهم للحسن (عليه السلام).
5 ــ بيعة الناس لمسلم (عليه السلام) نيابة عن الإمام الحسين (عليه السلام).
6 ــ بيعة الناس للإمام الرضا (عليه السلام) بولاية العهد.
7 ــ ما ورد في الروايات من أنّه ستقع بيعة الناس للإمام المهدي (عليه السلام) في زمن الظهور.
8 ــ بيعة الناس لخلفاء بني أمية.
9 ــ بيعة الناس لخلفاء بني العباس. وإن كان مورد التطبيق في بني أمية وبني العباس مورداً خاطئاً. ولكن هذه العملية تبرز أنّ أصل فكرة البيعة فكرة متبلورة في ذهن الأمة منذ زمن الرسول (صلى الله عليه وآله) إلى زمن هؤلاء الخلفاء.
[1] نهج البلاغة، ضبط الدكتور صبحي الصالح، منشورات دار الهجرة، من كتاب لأمير المؤمنين (عليه السلام)إلى معاوية، ص 366 ــ 367.
[2] نهج البلاغة. المصدر السابق، الخطبة 173، ص 248.
[3] سورة الممتحنة، الآية:12.
[4] سورة الفتح، الآية:10.
[5] سورة الفتح، الآية:18.
|