علم الفقه
وليس من نافلة القول ، ولا من الغلو في شئ القول بأن فقه أهل البيت ( عليهم السلام ) هو من أفضل ما قنن في عالم التشريع ، فهو يساير الفطرة ، ويساير العقل ولا يشذ عن سنن الكون ، وليس في بنوده عسر ولا حرج ، ولا جمود ، وانما هو متوازن ، ومتطور ، ومتكامل ، قد عالج قضايا الانسان ووضع لها الحلول الحاسمة على ضوء الفكر والمنطق. وثمة ميزة أخرى بالغة الأهمية لهذا الفقه ، وهو انه قد أخذ عن أئمة الهدى الذين هم من ركائز الوعي والهدى في دنيا الاسلام ، وقد أعلن كل واحد منهم أنه لم يفت في واقعة أو نازلة عن رأيه واجتهاده الخاص ، وانما هو مستمد ومأخوذ عن جدهم النبي ( صلى الله عليه وآله ) فقد آثرهم بعلمه ، وخصهم بحكمته ، وجعلهم سفن النجاة وأمن العباد ، والزم الأمة باتباع منهجهم ، والاقتداء بسلوكهم ، كما دلت على ذلك أحاديث كثيرة أثرت عنه رواها ثقات الرواة في صحاحهم. ومن الجدير بالذكر أن جميع ما أثر عن أئمة أهل البيت ( عليهم السلام ) من الاحكام يعتبر ـ عند الشيعة ـ من السنة التي هي من مصادر الفتوى ، ومن مدارك التشريع ، والتي يجب فيها العمل على طبقها ، والتعبد بها إن صح طريق السند إليهم ، وكان صدوره منهم لبيان الحكم الواقعي لا للتقية ، ونحو ذلك من الشروط التي نص عليها علماء الأصول في اعتبار الحديث ، وكسبه درجة الصحة. وعلى أي حال فان الإمام الرضا ( عليه السلام ) من أعلام أئمة الهدى ( عليهم السلام ) فقوله وفعله من السنة ، وقد أثرت عنه كوكبة من احكام التشريع نعرض لنماذج منها في بعض بحوث هذا الكتاب ، ونتحدث الآن عن فقهه.
(328)
نماذج من فقهه : عرضنا في البحوث السابقة لإحدى رسائل الإمام ( عليه السلام ) وقد دون فيها غرر الأحكام الشرعية ، وقد أثرت عنه كوكبة أخرى من المسائل الفقهية. وهذه بعضها.
1 ـ طهارة ماء البئر : كتب محمد بن إسماعيل إلى رجل يسأله أن يسأل الإمام الرضا ( عليه السلام ) عن ماء البئر ، فقال ( عليه السلام ) : ماء البئر واسع لا يفسده شئ إلا أن يتغير ريحه ، أو طعمه ، فينزح منه حتى يذهب الريح ، ويطيب طعمه لان له مادة (1). أما ماء البئر فهو بمنزلة الماء الجاري لا ينجس إلا إذا تغير ، وقد أفتى فقهاء الامامية بذلك استنادا إلى هذه الرواية وغيرها.
2 ـ نواقض الوضوء : اما نواقض الوضوء فقد ذكر الامام ما يخرج من السبيلين البول والغائط والريح ، والنوم قال ( عليه السلام ) : انما وجب الوضوء مما خرج من الطرفين خاصة ، ومن النوم دون سائر الأشياء ، لان الطرفين هما طريق النجاسة ، وليس للانسان طريق تصيبه النجاسة إلا منهما فأمروا بالطهارة عندما تصيبهم تلك النجاسة (2). كما أعلن الإمام ( عليه السلام ) أنه ليس من نواقض القئ والرعاف والمدة (3). وأفتى بعض أئمة المذاهب الاسلامية إلى أن هذه الأمور من نواقض الوضوء. كما أعلن الإمام ( عليه السلام ) أنه ليس من نواقض الوضوء القئ والرعاف والمدة (4). وأفتى بعض أئمة المذاهب الاسلامية إلى أن هذه الأمور من نواقض الوضوء.
3 ـ حد الوجه في الوضوء : روى إسماعيل بن مهران قال : كتبت إلى الرضا ( عليه السلام ) أسأله عن حد الوجه ـ وهو الذي يغسل في الوضوء ـ فكتب ( عليه السلام ) من أول الشعر إلى آخر الوجه وكذلك الجبينان (3). وقد حده الفقهاء بأنه من قصاص الشعر إلى الذقن طويلا ، وما اشتمل عليه الابهام والوسطى عرضا.
1 ـ وسائل الشيعة 1 / 127. 2 ـ التهذيب 1 / 5. 3 ـ وسائل الشيعة : أبواب الوضوء. 4 ـ وسائل الشيعة. 5 ـ العروة الوثقى كتاب الوضوء.
(329)
4 ـ وضوء الجبيرة : روى عبد الرحمن بن الحجاج قال : سألت أبا الحسن الرضا ( عليه السلام ) عن الكسير تكون عليه الجبائر أو تكون به الجراحة كيف يصنع بالوضوء ، وعند غسل الجنابة ، وغسل الجمعة ؟ فقال ( عليه السلام ) : يغسل ما وصل إليه الغسل مما ظهر مما ليس عليه الجبائر ، ويدع ما سوى ذلك مما لا يستطيع غسله ولا ينزع الجبائر ويعبث بجراحته (1). الجبائر هي اللفافات ـ في اصطلاح العصر ـ أو غيرها مما يوضع على الكسور والجروح والقروح والدماميل ، وهي إما أن تكون على موضع يجب غسله في الوضوء أو الغسل أو في موضع يجب فيه المسح ، فإذا أمكن غسل المحل فيما يغسل أو مسحه فيما يمسح ، بلا مشقة وجب ذلك وإن لم يكن ذلك لضرر الماء ونحوه فيغسل إلى الموضع الذي فيه الجبيرة ، ثم يمسح عليها ، وان كانت الجبيرة في موضع المسح ، ولم يمكن رفعها ، والمسح على البشرة ، فيمسح على الجبيرة. وذكر فقهاء الامامية في هذه المواضع بحوثا مهمة.
5 ـ وضوء الرجل والمرأة : روى محمد بن إسماعيل بن بزيع عن أبي الحسن الإمام الرضا ( عليه السلام ) قال : فرض الله على النساء في الوضوء للصلاة أن يبتدئن بباطن أذرعهن ، وفي الرجل بظاهر الذراع (2). وروى محمد بن علي بن الحسين ، قال : قال الرضا ( عليه السلام ) : فرض الله عزوجل على الناس في الوضوء أن تبدأ المرأة بباطن ذراعيها والرجل بظاهر الذراع (3). من مستحبات الوضوء أن يبدأ الرجل بغسل ظاهر ذراعيه ، واما المرأة فيستحب لها أن تغسل باطن ذراعيها ، ومعنى الفرض في الحديثين بمعنى قدر وبين لا
1 ـ فروع الكافي 1 / 11. 2 ـ فروع الكافي 1 / 10. 3 ـ من لا يحضر الفقيه 1 / 16.
(330)
بمعنى أوجب والزم (1).
6 ـ كراهة الاستعانة في الوضوء : روى الحسن بن علي الوشا قال : دخلت على الرضا ( عليه السلام ) وبين يديه إبريق يريد أن يتهيأ منه للصلاة فدنوت منه لأصب عليه فأبى ذلك ، فقال : مه يا حسن ، فقلت له : لم تنهاني أن أصب على يديك ؟ تكره أن أوجر ، قال : توجر أنت وأوزر أنا ، فقلت : وكيف ذلك ؟ فقال : أما سمعت الله عزوجل يقول : ( فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا ) وها أنا ذا أتوضأ للصلاة وهي العبادة ، فأكره ان يشركني فيها أحد (2). وعلى ضوء هذه الرواية وغيرها مما أثر عن أئمة الهدى فقد أفتى فقهاء الامامية بكراهة الاستعانة في مقدمات الوضوء (3).
7 ـ كيفية التيمم : روى إسماعيل بن همام الكندي عن الإمام الرضا ( عليه السلام ) قال : التيمم ضربة للوجه ، وضربة للكفين (4). ذهب مشهور الفقهاء إلى أن التيمم إذا كان بدلا عن الوضوء يكفي فيه ضربة واحدة للوجه واليدين ، وإذا كان بدلا عن الغسل فيجب فيه التعدد (5) والرواية دلت على اعتبار التعدد مطلقا ولعلها حملت على الاستحباب.
8 ـ التيمم بالطين : روى علي بن مطر عن بعض أصحابنا قال : سألت الرضا ( عليه السلام ) عن الرجل لا يصيب الماء ولا التراب أيتيمم بالطين ؟ قال : نعم صعيد طيب ، وماء طهور. والرواية صريحة في جواز التيمم بالطين ، بعد فقد الماء والتراب.
1 ـ وسائل الشيعة 1 / 328. 2 ـ فروع الكافي 1 / 21. 3 ـ العروة الوثقى مكروهات الوضوء. 4 ـ وسائل الشيعة 2 / 978 التهذيب 1 / 59. 5 ـ التهذيب 1 / 59 وسائل الشيعة 2 / 973.
(331)
9 ـ عدم التمكن من غسل الجنابة : روى أحمد بن محمد بن أبي نصر عن الإمام الرضا ( عليه السلام ) في الرجل تصيبه الجنابة ، وبه قروح أو جروح أو يكون يخاف على نفسه من البرد ، فقال : لا يغتسل ويتيمم (1). والرواية صريحة في جواز التيمم بعد تعذر الغسل لان في الغسل حرجا وهو منفي ، ( وما جعل عليكم في الدين من حرج ).
10 ـ الجلود غير المذكاة : روى قاسم الصيقل ، قال : كتبت إلى الرضا ( عليه السلام ) إني اعمل أغماد السيوف من جلود الحمر الميتة فتصيب ثيابي ، فأصلي فيها فكتب ( عليه السلام ) إلي : اتخذ ثوبا لصلاتك (2). أما جلود الميتة فهي نجسة ، فإذا أصابت الثوب وكانت فيه رطوبة فإنه ينتقل بالنجاسة ، ولا يجوز الصلاة إلا في الثياب الطاهرة.
11 ـ أواني الذهب والفضة : روى محمد بن إسماعيل بن بزيع قال : سألت أبا الحسن الرضا ( عليه السلام ) عن آنية الذهب والفضة فكرههما ، فقلت : روى بعض أصحابنا أنه كان لأبي الحسن ( عليه السلام ) ـ وهو الإمام الكاظم ( عليه السلام ) ـ مرآة ملبسة فضة ، فقال ( عليه السلام ) : لا والحمد لله انما كانت لها حلقة فضة وهي عندي ، ثم قال ، إن العباس حين عذر عمل له قضيب ملبس من فضة من نحو ما يعمله للصبيان تكون فضة نحوا من عشرة دراهم فأمر به أبو الحسن فكسر (3). أما آواني الذهب والفضة فقد ذهب معظم الفقهاء إلى حرمة استعمالها ، وتحمل الكراهة في الرواية اما على الحرمة أو على التقية لان جماعة من العامة بنوا على عدم التحريم.
1 ـ التهذيب 1 / 55 وسائل الشيعة 2 / 968. 2 ـ فروع الكافي 1 / 113 وسائل الشيعة 2 / 1070. 3 ـ فروع الكافي 2 / 156 وسائل الشيعة 2 / 1083.
(332)
12 ـ الغسل يوم الجمعة : روى عبد الله بن المغيرة عن أبي الحسن الرضا ( عليه السلام ) قال : سألته عن الغسل يوم الجمعة ؟ فقال : واجب على كل ذكر أو أنثى عبد أو حر (1). أما الغسل يوم الجمعة فهو من المستحبات المؤكدة ، وحمل الوجوب في الرواية على تأكد الاستحباب.
13 ـ مس ميتة غير الآدمي : أما مس ميتة غير الآدمي فلا غسل فيه ، فقد روى الفضل بن شاذان عن الإمام الرضا ( عليه السلام ) قال : إنما لم يجب الغسل على من مس شيئا من الأموات غير الانسان كالطيور والبهائم والسباع وغير ذلك لان هذه الأشياء كلها ملبسة ريشا وصوفا وشعرا ووبرا ، وهذا كله ذكي لا يموت ، وانما يماس منه الشئ الذي هو ذكي من الحي والميت (2). قال الشيخ الحر العاملي : التعليل غير حقيقي ، ومثله كثير جدا ويحتمل كونه تعليلا للفرد الأغلب خاصة (3).
14 ـ الصلاة على الميت بلا وضوء : روى الفضل بن شاذان عن الإمام الرضا ( عليه السلام ) قال : إنما جوزنا الصلاة على الميت بغير وضوء لأنه ليس فيها ركوع ولا سجود ، وانما هي دعاء ومسألة ، وقد يجوز أن تدعو الله وتسأله على أي حال كنت ، وانما يجب الوضوء في الصلاة التي فيها ركوع وسجود (4). لقد ذهب معظم فقهاء الامامية إلى أن الصلاة على الميت انما هي دعاء وليست صلاة حقيقية ، ولذا لا يشترط فيها الطهارة ، ولا إباحة اللباس ولا غير ذلك من شروط الصلاة.
15 ـ رفع اليدين في التكبير لصلاة الميت : روى يونس قال : سألت الرضا ( عليه السلام ) ، قلت : جعلت فداك ان
1 ـ وسائل الشيعة 2 / 946 ، فروع الكافي 1 / 14. 2 ـ وسائل الشيعة 2 / 935 ، العلل ( ص 36 ). 3 ـ وسائل الشيعة 2 / 936. 4 ـ وسائل الشيعة 2 / 799.
(333)
الناس يرفعون أيديهم في التكبير على الميت في التكبيرة الأولى ، ولا يرفعون فيما بعد ذلك ، فاقتصر على التكبيرة الأولى كما يفعلون ، أو ارفع يدي في كل تكبيرة ؟ فقال : ارفع يدك في كل تكبيرة (1).
16 ـ الصلاة أفضل عبادة : روى يحيى بن حبيب قال : سألت الرضا ( عليه السلام ) عن أفضل ما يتقرب به العباد إلى الله من الصلاة ؟ قال : ستة وأربعون ركعة فرائضه ونوافله ، قلت : هذه رواية زرارة ، قال : أو ترى أحدا كان أصدع بالحق منه (2).
17 ـ الصلاة قربان كل تقي : روى محمد بن الفضل عن أبي الحسن الرضا ( عليه السلام ) أنه قال : الصلاة قربان كل تقي (3).
18 ـ الصلاة في وقتها : روى سعد بن سعد عن الإمام الرضا ( عليه السلام ) أنه قال : إذا دخل الوقت عليك فصل ، فإنك لا تدري ما يكون (4) ان الصلاة في أول وقتها قد تواترت الاخبار باستحبابها وكراهة تأخيرها ، وقال الإمام الرضا ( عليه السلام ) في حديث آخر له : الصلاة في أول وقتها أفضل (5).
19 ـ وقت صلاة المغرب : روى إسماعيل بن مهران قال : كتبت إلى الرضا ـ أسأله عن أوقات الصلاة خصوصا صلاة المغرب ـ فكتب ( عليه السلام ) : غير أن وقت المغرب ضيق ، وآخر وقتها ذهاب الحمرة ومصيرها إلى البياض في أفق المغرب (6). وقد نظر الإمام ( عليه السلام ) إلى وقت الأفضلية ، لا وقت الوجوب فإنه يمتد
1 ـ فروع الكافي 1 / 50 وسائل الشيعة 2 / 786. 2 ـ التهذيب 1 / 135 وسائل الشيعة 3 / 43. 3 ـ فروع الكافي 1 / 73 وسائل الشيعة 3 / 30. 4 ـ التهذيب 1 / 213. 5 ـ وسائل الشيعة 3 / 90. 6 ـ فروع الكافي 1 / 77
(334)
وقتها ووقت صلاة العشاء إلى نصف الليل (1).
20 ـ وقت صلاة الظهرين : روى إسماعيل بن مهران قال : كتبت إلى الرضا ( عليه السلام ) : ذكر أصحابنا أنه إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الظهر والعصر وإذا غربت دخل وقت المغرب والعشاء إلا ان هذه قبل هذه في السر والحضر ، وان وقت المغرب إلى ربع الليل ، فكتب : كذلك الوقت غير أن وقت المغرب ضيق (2).
21 ـ قضاء النوافل : روى محمد بن يحيى قال : كتبت إلى أبي الحسن الرضا ( عليه السلام ) : تكون علي الصلوات النافلة متى أقضيها ؟ فكتب ( عليه السلام ) في أي ساعة شئت من ليل أو نهار (3). وأفتى فقهاء الامامية على ضوء هذه الرواية وغيرها مما أثر عن أئمة الهدى ( عليهم السلام ) في استحباب قضاء الرواتب ، وإذا عجز عن القضاء استحب له الصدقة عن كل ركعتين بمد (4).
22 ـ صلاة الليل لذوي الاعذار : يجوز تقديم صلاة الليل في أول الليل لذوي الاعذار ، فقد روى الفضل بن شاذان عن الإمام الرضا ( عليه السلام ) أنه قال : انما جاز للمسافر والمريض أن يصليا صلاة الليل في أول الليل لاشتغاله وضعفه. وليحرز صلاته فيستريح المريض في وقت راحته ، وليشتغل المسافر بأشغاله وارتحاله وسفره (5).
23 ـ عدم جواز الصلاة في جلود السباع : ولا تجوز الصلاة في جلود السباع ، فقد روى إسماعيل بن سعد الأحوص قال : سألت أبا الحسن الرضا ( عليه السلام ) عن الصلاة في جلود السباع ، فقال : لا تصل فيها (6).
1 ـ منهاج الصالحين. 2 ـ وسائل الشيعة. 3 ـ وسائل الشيعة 3 / 68. 4 ـ منهاج الصالحين. 5 ـ من لا يحضره الفقيه 1 / 147. 6 ـ فروع الكافي 1 / 111 وسائل الشيعة 3 / 257.
(335)
24 ـ الصلاة في الخز : وجوز الإمام ( عليه السلام ) الصلاة في الخز ، فقد روى معمر بن خلاد قال : سألت أبا الحسن الرضا ( عليه السلام ) عن الصلاة في الخز ؟ فقال : صل فيه (1). وروى سعد بن سعد عن الرضا ( عليه السلام ) قال : سألته عن جلود الخز ، فقال : هوذا نحن نلبس ، فقلت : ذاك الوبر جعلت فداك قال : إذا حل وبره حل جلده (2).
25 ـ كراهة الصلاة في الطرق : وأفتى فقهاء الامامية بكراهة الصلاة في الطرق ، ومن أدلتهم على ذلك ما رواه الحسن بن الجهم عن أبي الحسن الرضا ( عليه السلام ). قال : كل طريق يوطأ فلا تصل عليه ، قلت له : انه قد روي عن جدك ان الصلاة في الظواهر لا بأس بها ، قال : ذاك ربما سايرني عليه الرجل ، قال : قلت : فإن خاف الرجل على متاعه ؟ قال : فان خاف فليصل (3).
26 ـ الصلاة إلى جانب قبر النبي : وتجوز الصلاة إلى خلف قبر المعصوم ، أو إلى أحد جانبيه ، فقد روى الحسن بن علي بن فضال ، قال : رأيت أبا الحسن الرضا ( عليه السلام ) وهو يريد أن يودع للخروج إلى العمرة فأتى القبر من موضع رأس النبي (ص) ولزق بالقبر ثم انصرف حتى أتى القبر فقام إلى جانبه يصلي فألزق منكبه الأيسر بالقبر قريبا من الأسطوانة المخلقة التي عند رأس النبي ( صلى الله عليه وآله ) فصلى ست ركعات أو ثمان ركعات (4).
27 ـ الصلاة في المسجد الحرام : وحث الامام على الصلاة في المسجد الحرام فقد روى موسى بن سلام قال : اعتمر أبو الحسن الرضا ( عليه السلام ) ، فلما ودع البيت وصار إلى باب الحناطين
1 ـ التهذيب 1 / 96 وسائل الشيعة 3 / 261. 2 ـ التهذيب 1 / 242 وسائل الشيعة 3 / 266. 3 ـ وسائل الشيعة 3 / 445. 4 ـ وسائل الشيعة 3 / 455.
(336)
ليخرج منه وقف في صحن المسجد في ظهر الكعبة ، ثم رفع يديه فدعا. ثم التفت إلينا فقال : نعم المطلوب به الحاجة إليه الصلاة فيه أفضل من الصلاة في غيره بستين سنة وأشهرا ، فلما صار عند الباب قال : اللهم إني خرجت على أن لا إله إلا أنت (1).
28 ـ الصلاة في الحطيم : روى الحسن بن الجهم قال : سألت أبا الحسن الرضا ( عليه السلام ) عن أفضل موضع في المسجد يصلي فيه ؟ قال : الحطيم ما بين الحجر وباب البيت ، قلت : والذي يلي ذلك في الفضل ؟ فذكر أنه عند مقام إبراهيم ، قلت : ثم الذي يليه في الفضل قال : في الحجر ، قلت ثم الذي يلي ذلك ، قال : كل ما دنا من البيت (2).
29 ـ الصلاة في المسجدين : روى الحسن بن علي الوشا عن الرضا ( عليه السلام ) قال : سألته عن الصلاة في المسجد الحرام والصلاة في مسجد الرسول في الفضل سواء ؟ فقال : نعم والصلاة فيما بينهما تعدل الف صلاة (3).
30 ـ استحباب الدعاء عند الخروج من المنزل : وحث الإمام الرضا ( عليه السلام ) على الدعاء عند الخروج من المنزل فقال : كان أبي إذا خرج من منزله قال : بسم الله الرحمن الرحيم خرجت بحول الله وقوته لا حول مني ، ولا قوة لي ، بل بحولك وقوتك ، يا رب متعرضا لرزقك فأتني به في عافية (4).
31 ـ الجلوس بين الأذان والإقامة : روى محمد بن أبي نصر البزنطي عن الرضا ( عليه السلام ) ، قال : سألته عن القعدة بين الأذان والإقامة ؟ فقال : القعدة بينهما إذا لم يكن بينهما نافلة (5). 32 ـ الاذان : روى أحمد بن محمد بن أبي نصر عن الرضا ( عليه السلام ) أنه قال : يؤذن
1 ـ وسائل الشيعة 3 / 53. 2 ـ فروع الكافي 1 / 308 الوسائل 3 / 538. 3 ـ التهذيب 1 / 324 الوسائل 3 / 550. 4 ـ وسائل الشيعة 3 / 579. 5 ـ وسائل الشيعة 3 / 633.
(337)
الرجل وهو جالس ، ويؤذن وهو راكب (1).
33 ـ الإقامة : روى أحمد بن محمد بن أبي نصر عن الرضا ( عليه السلام ) قال : تؤذن وأنت جالس ، ولا تقيم إلا وأنت على الأرض وأنت قائم (2).
34 ـ الجهر والاخفات في الصلاة : كان الإمام الرضا ( عليه السلام ) يجهر بالقراءة في صلاة المغرب والعشاء وصلاة الليل والشفع والوتر والغداة ـ أي صلاة الصبح ـ ويخفي القراءة في الظهر والعصر (3). يجب الجهر بالقراءة على الرجال في صلاة الصبح ، والركعتين الأوليتين من المغرب والعشاء ، ويجب الاخفات في صلاة الظهر والعصر في غير يوم الجمعة ، وأما فيه فيستحب الجهر في صلاة الجمعة ، وإذا أخل بذلك عمدا بطلت صلاته ، وان كان ناسيا أو جاهلا صحت صلاته (4).
35 ـ تأخير بعض القراءة في النافلة : روى أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي صاحب الإمام الرضا ( عليه السلام ) قال : سألته عن رجل أراد أن يقرأ مائة آية أو أكثر في نافلة فتخوف أن يضعف ويكسل هل يصلح أن يقرأها وهو جالس ؟ قال : ليصل ركعتين بما أحب ، ثم لينصرف فليقرأ مما بقي عليه مما أراد قراءته فان ذلك يجزيه مكان قراءته وهو قائم ، فان بدا له أن يتكلم بعد التسليم من الركعتين فليقرأ فلا بأس (5). إن الرجل الذي أحب أن يقرأ مائة آية أو أكثر في نافلة ولم يكن ملزما بذلك بنذر وشبهه ، فهو بالخيار إن شاء ان يصلي ركعتين جالسا ويقرأ بما أحب أن يقرأه من الآيات ، وان شاء ان يصلي ركعتين ويسلم ، ويقرأ ما أحبه من الآيات بعد الصلاة.
36 ـ الالتفات في الصلاة : روى البزنطي قال : سألته ـ اي الرضا ـ عن الرجل يلتفت في صلاته ، هل
1 ـ من لا يحضره الفقيه 1 / 91. 2 ـ قرب الاسناد ( ص 159 ) وسائل الشيعة 4 / 630. 3 ـ وسائل الشيعة 4 / 765. 4 ـ وسائل الشيعة. 5 ـ السرائر ( ص 469 ).
(338)
يقطع ذلك صلاته ؟ قال : إذا كانت الفريضة والتفت إلى خلفه فقد قطع صلاته ، فيعيد ما صلى ولا يعتد به (1). ان الالتفات إلى الخلف يمحو صورة الصلاة ، وكل ما يمحو صورتها فهو مبطل لها.
37 ـ زكاة الفطرة : روى محمد بن القاسم بن الفضل قال : كتبت إلى أبي الحسن الرضا ( عليه السلام ) أسأله عن الوصي أيزكي زكاة الفطرة عن اليتامى إذا كان لهم مال ؟ قال ، فكتب : لا زكاة على يتيم (2). أما زكاة الفطرة فلا تجب على اليتيم ، ولا على وليه ، وليس له أن يخرجها من مال اليتيم كما دلت على ذلك الرواية ، وأفتى بمضمونها الفقهاء ، وذلك لعدم تكليف اليتيم حتى يبلغ.
38 ـ زكاة الوديعة والقرض : روى إبراهيم بن أبي محمود قال : قلت : لأبي الحسن الرضا ( عليه السلام ) الرجل يكون له الوديعة والدين فلا يصل إليهما ثم يأخذهما متى يجب عليه الزكاة ؟ قال : إذا أخذهما ثم يحول عليه يزكي (3). من شروط الزكاة التمكن من التصرف ، فلا تجب في المال الذي لا يتمكن مالكه من التصرف فيه بأن كان غائبا عنه ، فمال الوديعة إذا كان بامكانه استرجاعه فتجب على زكاته ، وكذلك الدين ؟؟ انما تجب الزكاة فيه بعد قبضه ، ومضي حول عليه.
39 ـ زكاة الغلات : روى سعد بن سعد الأشعري عن أبي الحسن الرضا ( عليه السلام ) قال : سألته عن الزكاة في الحنطة والشعير والتمر والزبيب متى تجب على صاحبها ؟ قال : إذا ما صرم ، وإذا خرص (4). ذهب المشهور من الفقهاء إلى أن وقت تعلق الزكاة بالغلات ففي الحنطة
1 ـ السرائر ( ص 469 ). 2 ـ وسائل الشيعة 6 / 455 فروع الكافي 1 / 153. 3 ـ التهذيب 1 / 358. 4 ـ فروع الكافي 1 / 147.
(339)
والشعير عند انعقاد حبهما ، وفي ثمر النخل حين اصفراره أو احمراره ، وفي ثمرة الكرم عند انعقادها حصرما وقيل غير ذلك (1).
40 ـ زكاة العلوي للعلوي : روى أحمد بن محمد بن أبي نصر عن الرضا ( عليه السلام ) قال : سألته عن الصدقة تحل لبني هاشم ؟ فقال : لا ولكن صدقات بعضهم على بعض تحل لهم (2). 41 ـ اخراج الزكاة عند حلولها : روى سعد بن سعد الأشعري عن أبي الحسن الرضا ( عليه السلام ) قال : سألته عن الرجل تحل عليه الزكاة في السنة في ثلاث أوقات : أيؤخرها حتى يدفعها في وقت واحد ؟ فقال : متى حلت أخرجها (3). ان الشخص إذا كان مالكا لعدة أعيان زكوية بان كان مالكا للغلات والانعام والنقدين ، فيخرج زكاة كل نوع عند استحقاق دفعها. 42 ـ فطرة من خرج عن العيال : روى عبد الرحمن بن الحجاج قال : سألت أبا الحسن الرضا ( عليه السلام ) عن رجل ينفق على رجل ليس من عياله إلا أنه يتكلف له نفقته وكسوته أتكون عليه فطرته ؟ فقال : لا إنما تكون فطرته على عياله صدقة دونه ، وقال : العيال الولد والمملوك والزوجة أم الولد (4). تجب زكاة الفطرة على كل مكلف ، وعلى من يعول به حين دخول ليلة الفطر من غير فرق بين واجب النفقة عليه وغيره ، ولا بين الصغير والكبير ولا تجب على من يتكلف نفقته وكسوته ، وهو خارج عن العيال ، والمدار هو صدق العيلولة حسبما ذكر الفقهاء. 43 ـ الخمس : روى علي بن الحسن بن علي بن فضال عن أبيه عن أبي الحسن الرضا ( عليه السلام ) ( في حديث ) قال : كان لعبد المطلب خمس من السنن : أجراها الله له في الاسلام ، حرم نساء الآباء على الأبناء ، ومن الدية في القتل ماءة من الإبل ، وكان
1 ـ العروة الوثقى. 2 ـ قرب الاسناد ( ص 163 ) وسائل الشيعة 6 / 190. 3 ـ فروع الكافي 1 / 147 الوسائل 6 / 213. 4 ـ من لا يحضره الفقيه 1 / 64.
(340)
يطوف بالبيت سبعة أشواط ووجد كنزا فأخرج منه الخمس ، وسمى زمزم حين حفرها سقاية الحاج (1). 44 ـ وجوب الخمس في الكنز : روى الشيخ المفيد بسنده قال : سئل الإمام الرضا ( عليه السلام ) عن مقدار الكنز الذي يجب فيه الخمس ، فقال : ما يجب فيه الزكاة من ذلك بعينه ففيه الخمس ، وما لم يبلغ حد ما تجب فيه الزكاة فلا خمس فيه (2). الكنز هو المال المذخور في الأرض ، سواء أكان من الذهب أم الفضة المسكوكين أم غير المسكوكين ، أم من غيرهما ويشترط فيه بلوغ النصاب وهو عشرون دينارا ، فإذا لم يبلغ هذا المقدار فلا خمس فيه. 45 ـ ايصال الخمس إلى الامام : روى محمد بن زيد الطبري قال : كتب رجل من تجار فارس من بعض موالي أبي الحسن الرضا ( عليه السلام ) يسأله الاذن في الخمس فكتب إليه بعد البسملة : إن الله واسع كريم ، ضمن على العمل الثواب ، وعلى الضيق الهم ، لا يحل مال إلا من وجه أحله الله ، إن الخمس عوننا على ديننا وعلى عيالنا ، وعلى موالينا ، وما نبذله ونشتري من أعراضنا ممن نخاف سطوته ، فلا تزووه عنا ، ولا تحرموا أنفسكم دعاءنا ، ما قدرتم عليه ، فان اخراجه مفتاح رزقكم ، وتمحيص ذنوبكم ، وما تمهدون لأنفسكم ليوم فاقتكم ، والمسلم من يفي لله بما عهد إليه ، وليس المسلم من أجاب باللسان ، وخالف بالقلب والسلام (3). 46 ـ دفع الخمس للامام : روى محمد بن زيد قال : قدم قوم من خراسان على أبي الحسن الرضا ( عليه السلام ) فسألوه أن يجعلهم في حل من الخمس فقال : ما أحل هذا تمحضونا المودة بألسنتكم ، وتزوون عنا حقا جعله الله لنا ، وجعلنا له وهو الخمس ، لا نجعل ، لا نجعل ، لا نجعل ، لاحد منكم في حل (4).
1 ـ وسائل الشيعة 6 / 345. 2 ـ المقنعة ( ص 46 ). 3 ـ المقنعة ( ص 46 ) الوسائل 6 / 375. 4 ـ المقنعة ( ص 46 ) الوسائل 6 / 375.
(341)
ودل هذا الحديث وما قبله على لزوم ايصال الخمس إلى الإمام ( عليه السلام ) ، هذا في حضور الامام اما في حال غيبته فيدفع إلى نائبه وهو المرجع العالم للعالم الاسلامي. 47 ـ كفارة الافطار على المحلل والمحرم : روى عبد السلام بن صالح الهروي قال : قلت للرضا ( عليه السلام ) : يا بن رسول الله قد روى عن آبائك ( عليهم السلام ) فيمن جامع في شهر رمضان ، أو أفطر فيه ، ثلاث كفارات ، وروي عنهم أيضا كفارة واحدة ، فبأي الحديثين نأخذ ؟ قال : بهما جميعا ، متى جامع الرجل حراما ، أو أفطر على حرام في شهر رمضان فعليه ثلاث كفارات : عتق رقبة ، وصيام شهرين متتابعين ، وإطعام ستين مسكينا ، وقضاء ذلك اليوم ، وان كان نكح حلالا أو أفطر على حلال فعليه كفارة واحدة ، وان كان ناسيا فلا شئ عليه (1). على ضوء هذه الرواية وغيرها مما أثر عن أئمة الهدى ( عليهم السلام ) فقد أفتى فقهاء الامامية بأن الصائم إذا أفطر على محرم في أثناء النهار كما إذا شرب خمرا أو أكل مغصوبا ، ونحو ذلك فإنه تجب عليه كفارة الجمع وهي عتق رقبة ، وصيام شهرين متتابعين ، واطعام ستين مسكينا وإذا أفطر على مباح بأن شرب ماء مثلا فتجب عليه خصلة واحدة من هذه الخصال الثلاث مخيرا بينها. 48 ـ الاحتقان بالمائع : روى أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي انه سأل الإمام الرضا ( عليه السلام ) عن الرجل يحتقن في شهر رمضان ؟ فقال ( عليه السلام ) : لا يجوز له أن يحتقن (2). واستند فقهاء الامامية إلى هذه الرواية ونظرائها مما أثر عن أئمة أهل البيت. ( عليهم السلام ) فأفتوا بأن الاحتقان بالمائع من المفطرات. 49 ـ السواك في رمضان : روى موسى بن أبي الحسن الرازي عن أبي الحسن الرضا ( عليه السلام ) قال : سأله بعض جلسائه عن السواك في شهر رمضان ؟ قال : جائز ، فقال بعضهم : إن السواك تدخل رطوبته في الجوف ، فقال : ما تقول في السواك الرطب تدخل رطوبته.
1 ـ التهذيب 1 / 411 من لا يحضره الفقيه 2 / 121. 2 ـ وسائل الشيعة 8 / 39.
(342)
في الحلق ؟ فقال : الماء للمضمضة أرطب ، فان قال قائل : لا بد من الماء للمضمضة من أجل السنة ، فلا بد من السواك من أجل السنة التي جاء بها جبرئيل على النبي ( صلى الله عليه وآله ) (1). وأفتى الفقهاء بعدم فساد الصوم في السواك ، وانه لا يضر بصحته. 50 ـ نية السفر في الليل : روى صفوان عن الرضا ( عليه السلام ) في حديث قال : لو أنه يريد النهروان ذاهبا وجائيا لكان عليه أن ينوي من الليل سفرا والافطار ، فان هو أصبح ولم ينو السفر فبدا له من بعد أن أصبح في السفر قصر ، ولم يفطر يومه ذلك (2). وعلى ضوء هذه الرواية فقد أفتى الامام الخوئي بأن المسافر لا بد أن ينوي السفر من الليل ، فإذا لم ينو وسافر قبل الزوال وجب عليه اتمام الصيام والقضاء. 51 ـ لا قضاء للصوم المندوب. روى المرزبان بن عمران قال : قلت للرضا ( عليه السلام ) : أريد السفر فأصوم لشهري الذي أسافر فيه ؟ قال : لا. قلت : فإذا قدمت أقضيه ؟ قال : لا كما لا تصوم كذلك لا تقضي (3). ومثل هذه الرواية ما رواه سعد بن سعد الأشعري عن أبي الحسن الرضا ( عليه السلام ) قال : سألته عن صوم ثلاثة أيام الشهر هل فيه قضاء على المسافر ؟ قال : لا (4). 52 ـ صوم يوم الشك : روى محمد بن سنان قال : سألت الرضا ( عليه السلام ) عن يوم الشك ، فقال : إن أبي كان يصومه ، فصمه (5) ، إذا شك في هلال شهر رمضان أنه هل أم لا ، فقد أمر الإمام ( عليه السلام ) بصيامه ، ونية الصوم حسبما ذكر الفقهاء أنه ينويه من شعبان ندبا ، أو قضاء عما في ذمته ، فإذا تبين أنه من رمضان ، فإنه يجزيه ، وأما إذا صامه بنية رمضان بطل
1 ـ التهذيب 1 / 416 الوسائل 8 / 133. 2 ـ التهذيب 1 / 416 الوسائل 7 / 133. 3 ـ فروع الكافي 1 / 168 الوسائل 7 / 198 4 ـ فروع الكافي 1 / 198. 5 ـ المقنعة ( ص 48 ).
(343)
صومه (1). 53 ـ من كان عليه قضاء رمضان : روى الفضل بن شاذان عن الرضا ( عليه السلام ) ( في حديث ) قال : إن قال : فلم إذا مرض الرجل أو سافر في شهر رمضان فلم يخرج من سفره أو لم يقو من مرضه حتى يدخل عليه شهر رمضان آخر وجب عليه الفداء للأول وسقط القضاء ، وإذا أفاق بينهما أو أقام ولم يقضه وجب عليه القضاء والفداء ؟ قيل لان ذلك الصوم إنما وجب عليه في تلك السنة في هذا الشهر ، فأما الذي لم يفق فإنه لما مر عليه السنة كلها ، وقد غلب الله عليه ، فلم يجعل له السبيل إلى أدائها سقط عنها ، وكذلك كل ما غلب الله عليه. مثل المغمى الذي يغمى عليه يوم وليلة فلا يجب عليه قضاء الصلوات كما قال الصادق ( عليه السلام ) : كل ما غلب الله عليه فهو اعذر له لأنه دخل الشهر وهو مريض فلم يجب عليه الصوم في شهره ولا في سنته للمرض الذي كان فيه ، ووجب عليه الفداء لأنه بمنزلة من وجب عليه الصوم فلم يستطع أداءه فوجب عليه الفداء. كما قال الله تعالى : ( فصيام شهرين متتابعين فمن لم يستطع فاطعام ستين مسكينا ) وكما قال : ( ففدية من صيام أو صدقة أو نسك ) فأقام الصدقة مقام الصيام إذا عسر عليه. فان قال : فان لم يستطع إذ ذاك والآن يستطع ، قيل : لأنه لما دخل عليه شهر رمضان آخر وجب عليه الفداء وإذا وجب عليه الفداء سقط الصوم ، والصوم ساقط والفداء لازم ، فان أفاق فيما بينهما ولم يصمه وجب عليه الفداء لتضييعه والصوم لاستطاعته (2). إذا فات المكلف شهر رمضان أو بعضه لمرض واستمر به العذر إلى رمضان الثاني سقط عنه القضاء وتصدق عن يوم بمد من طعام. أما إذا فاته لعذر غير المرض وجب القضاء وتجب الفدية أيضا (3). 54 ـ الصوم المندوب : روى إسماعيل بن داود قال : سألت الرضا ( عليه السلام ) عن الصيام ـ أي
1 ـ منهاج الصالحين كتاب الصوم. 2 ـ وسائل الشيعة 7 / 246 ـ 247. 3 ـ منهاج الصالحين 1 / 287 للامام الخوئي ، وأفتى الإمام الحكيم بوجوب القضاء دون الفدية ، وقال : وان كان الحاق السفر بالمرض محتملا فالأحوط الجمع بين القضاء والفدية.
(344)
الصيام المندوب ـ فقال : ثلاثة أيام في الشهر ، الأربعاء والخميس والجمعة (1). 55 ـ صوم يوم عيد الغدير : روى الفياض بن محمد بن عمر الطوسي انه شهد أبا الحسن علي بن موسى الرضا ( عليه السلام ) في يوم الغدير ، وبحضرته جماعة من خاصته ، قد احتبسهم للافطار ، وقد قدم إلى منازلهم الطعام والبر والصلات والكسوة حتى الخواتيم ، والنعال ، وقد غير من أحوالهم وأحوال حاشيته ، وجددت له آلة غير الآلة التي جرى الرسم بابتذالها قبل يومه ، وهو يذكر فضل اليوم وقدمه فكان من قوله : حدثني الهادي أبي عن آبائه عن أمير المؤمنين ( عليهم السلام ) أنه اتفق في زمانه الجمعة والغدير ، فصعد المنبر على خمس ساعات من نهار ذلك اليوم. ثم ذكر خطبته ( عليه السلام ) بطولها ( إلى أن قال ) : ثم إن الله تعالى جمع لكم معشر المؤمنين في هذا اليوم عيدين عظيمين كبيرين لا يقوم أحدهما إلا بصاحبه ليكمل عندكم جميل صنيعه ، ثم ذكر من فضل يوم الغدير شيئا كثيرا جدا إلى أن قال : فالدرهم فيه بمائة ألف درهم ، والمزيد من الله عزوجل ، وصوم هذا اليوم مما ندب الله تعالى إليه ، وجعل الجزاء العظيم كفاء له عنه ، حتى لو تعبد عبد من العبيد في الشبيبة من ابتداء الدنيا إلى تقضيها صائما نهارها ، قائما ليلها إذا أخلص المخلص في صومه لقصرت إليه أيام الدنيا عن كفائه ، ومن أسعف أخاه مبتدئا ، وبره راغبا فله كأجر من صام هذا اليوم ، وقام ليلته. ومن أفطر مؤمنا في ليلته فكأنما فطر فياما وفياما يعدها بيده عشرة فنهض ناهض ، فقال : يا أمير المؤمنين ، وما الفيام ؟ قال : مأة الف نبي وصديق ، وشهيد فكيف بمن تكفل عددا من المؤمنين والمؤمنات ، وأنا ضمينه على الله تعالى الأمان من الكفر والفقر ، وإن مات في ليلته أو يومه أو بعده إلى مثله من غير ارتكاب كبيرة فأجره على الله ومن استدان لاخوانه وأعانهم فأنا الضامن على الله إن بقاه قضاه ، وإن قبضه حمله عنه. وإذا تلاقيتم فتصافحوا بالتسليم ، وتهابوا النعمة في هذا اليوم ، وليبلغ الحاضر الغائب ، والشاهد الباين ، وليعد الغني الفقير والقوي على الضعيف ، أمرني رسول الله بذلك ثم أخذ ( عليه السلام ) في خطبته ، وجعل صلاة جمعته صلاة عيد ، وانصرف بولده وشيعته إلى منزل الحسن بن
1 ـ التهذيب 1 / 438.
(345)
علي ( عليه السلام ) بما أعد له من طعام ، وانصرف غنيهم وفقيرهم برفده إلى عياله (1). ان عيد الغدير من أهم الأعياد الاسلامية ، ففي هذا اليوم الخالد أقام الرسول ( صلى الله عليه وآله ) الامام أمير المؤمنين خليفة من بعده. ومرجعا لامته ، وقد أثرت الاخبار عن أئمة الهدى ( عليهم السلام ) باستحباب صومه ، وترتيب آثار العيد عليه وقد وفقت الطائفة الإمامية لاحيائه ، وإقامة المهرجانات الأدبية التي تتلى فيها آيات الشعر وروائع الكلمات التي تشيد بفضل أبي الحسين ( عليه السلام ) كما تؤم مرقده الشريف آلاف الزائرين في هذا اليوم احياء لذكراه. 56 ـ استحباب الحج بالمؤمنين : روى الحسن بن علي الديلمي مولى الإمام الرضا ( عليه السلام ) قال : سمعت الرضا يقول : من حج بثلاثة من المؤمنين فقد اشترى نفسه من الله عزوجل بالثمن (2). ودل هذا الحديث على استحباب دعوة المؤمنين للحج والقيام بنفقاتهم ، فان هذا من أفضل الأعمال التي تقرب الانسان إلى الله. 57 ـ الحج عن الميت : روى محمد بن عبد الله قال : سألت أبا الحسن الرضا ( عليه السلام ) عن الرجل يموت ، فيوصي بالحج من أين يحج عنه ؟ قال : على قدر ماله ، إن وسعه ماله فمن منزله ، وأن لم يسعه ماله فمن الكوفة ، فان لم يسعه من الكوفة فمن المدينة (3). 58 ـ النيابة عن الحي : روى محمد بن عيسى اليقطين قال : بعث إلى أبو الحسن الرضا ( عليه السلام ) رزم ثياب وغلمانا ، وحجة لي وحجة لأخي موسى بن عبيد ، وحجة ليونس بن عبد الرحمن ، وأمرنا أن نحج عنه فكانت بيننا مأة دينار أثلاثا فيما بيننا (4). واستند الفقهاء لهذه الرواية وغيرها في جواز الاستنابة عن الحي في الحج
1 ـ مصباح المتهجدين ( ص 524 ) الوسائل 7 / 326. 2 ـ من لا يحضره الفقيه 1 / 77 وسائل الشيعة. 3 ـ فروع الكافي 1 / 250 الوسائل 8 / 117. 4 ـ التهذيب 2 / 261 الوسائل 8 / 147.
(346)
المندوب ، كما أفتوا بجواز الاستنابة عن الحج الواجب كحجة الاسلام عن الحي فيما إذا كان المكلف عاجزا عن الحج. 59 ـ الاحرام قبل الميقات : قال ( عليه السلام ) : لا يجوز الاحرام دون الميقات (1). 60 ـ المرور على الميقات : روى صفوان بن يحيى عن أبي الحسن الرضا ( عليه السلام ) قال : كتبت إليه ان بعض مواليك بالبصرة يحرمون ببطن العقيق وليس بذلك الموضع ماء ولا منزل ، وعليهم في ذلك مؤنة شديدة ويعجلهم أصحابهم وجمالهم من وراء بطن عقيق بخمسة عشر ميلا منزل فيه ماء وهو منزلهم الذي ينزلون فيه ، فترى أن يحرموا من موضع الماء لرفقة بهم ، وخفته عليهم ؟. فكتب : إن رسول لله ( صلى الله عليه وآله ) وقت المواقيت لأهلها ومن أتى عليها من غير أهلها وفيها رخصة لمن كانت به علة ، فلا تجاوز الميقات إلا من علة (2). ان كل من اجتاز على ميقات وهو يريد مكة المكرمة وجب عليه الاحرام كما دلت على ذلك الرواية وغيرها. 61 ـ العدول من الحج إلى عمرة التمتع : روى أحمد بن محمد قال : قلت لأبي الحسن علي بن موسى الرضا ( عليه السلام ) : كيف أصنع إذا أردت أن أتمتع ؟ فقال : لب بالحج ، وانو المتعة ، فإذا دخلت مكة طفت بالبيت ، وصليت الركعتين خلف المقام ، وسعيت بين الصفا والمروة وقصرت ، فنسختها وجعلتها متعة (3). ودلت هذه الرواية على جواز نية الحج والتلبية له الذي ينعقد بها الاحرام ، ثم يأتي ببقية الأعمال من الطواف بالبيت الحرام والصلاة خلف مقام إبراهيم ، ثم السعي سبعة أشواط بين الصفا والمروة ، ثم يقصر ، ويجعلها عمرة تمتع. 62 ـ قطع التلبية : روى أحمد بن محمد بن أبي نصر عن الإمام الرضا ( عليه السلام ) أنه سئل عن
1 ـ وسائل 8 / 232. 2 ـ فروع الكافي 1 / 324. 3 ـ التهذيب 1 / 471 الوسائل 9 / 31.
(347)
المتمتع متى يقطع التلبية ؟ قال : إذا نظر إلى عراش مكة عقبة ذي طوى ، قلت : بيوت مكة ؟ قال : نعم (1). ان الحاج إذا أحرم ؟؟ من إحدى المواقيت استحب له التلبية طيلة الوقت حتى ينتهي إلى مكة ، فإذا شاهد بيوتها قطع التلبية. 63 ـ شراء المحرم للجواري : روى سعد بن سعد الأشعري القمي عن أبي الحسن الرضا ( عليه السلام ) قال : سألته عن المحرم يشتري الجواري ، ويبيعها ؟ قال : نعم (2). ويحرم على المحرم أن يعقد على امرأة ويتزوج بها ، وكذلك يحرم عليه ان يجري عقد النكاح للغير ، أما شراء الجواري وبيعها فلا حرمة فيه حسبما دلت عليه هذه الرواية. 64 ـ جواز لبس الخاتم للمحرم : روى محمد بن إسماعيل بن بزيع قال : رأيت على أبي الحسن الرضا ( عليه السلام ) وهو محرم خاتما (3). 65 ـ مشي المحرم تحت الظل : روى محمد بن إسماعيل بن بزيع قال : كتبت إلى الرضا ( عليه السلام ) هل يجوز للمحرم أن يمشي تحت ظل المحمل ؟ فكتب ( عليه السلام ) : نعم (4). من جملة التروك للمحرم ترك التظليل ، أما المشي تحت الظلال فلا مانع منه ، وقد أثارت هذه المسألة كثيرا من التساؤلات فقد روى الطبرسي قال : سأل محمد بن الحسن أبا الحسن موسى بن جعفر ( عليه السلام ) بمحضر من الرشيد ، وهم بمكة ، فقال له : أيجوز للمحرم أن يظلل عليه محمله ؟ فقال له الامام : لا يجوز له ذلك مع الاختيار ، فقال له محمد بن الحسن : أفيجوز أن يمشي تحت الظلال مختارا ؟ فقال له : نعم ، فتضاحك محمد بن الحسن من ذلك. فقال له الامام : أتعجب من سنة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ؟ وتستهزئ بها ، ان رسول الله ( صلى الله عليه وآله )
1 ـ وسائل 9 / 57. 2 ـ فروع الكافي 1 / 267 وسائل 9 / 92. 3 ـ وسائل 9 / 127. 4 ـ فروع الكافي 1 / 262.
(348)
كشف ظلاله في احرامه ، ومشى تحت الظلال وهو محرم ان احكام الله يا محمد لا تقاس ، فمن قاس بعضها على بعض فقد ضل سواء السبيل (1). 66 ـ كفارة قتل الحمامة في الحرم : روى صفوان بن يحيى عن أبي الحسن الرضا ( عليه السلام ) قال : من أصاب طيرا في الحرم وهو محل فعليه القيمة ، والقيمة درهم يشتري علفا لحمام الحرم (2). 67 ـ فدية التظليل : روى سعد بن سعد الأشعري عن أبي الحسن الرضا ( عليه السلام ) قال : سألته عن المحرم يظل على نفسه ؟ فقال : أمن علة ؟ فقلت : يؤذيه حر الشمس وهو محرم ، فقال : هي علة يظلل ويفدي (3). وروى إبراهيم بن أبي محمود قال : قلت للرضا ( عليه السلام ) : المحرم يظلل على محمله ويفدي إذا كانت الشمس والمطر يضران به ؟ قال : نعم ، قلت : كم الفداء قال : شاة (4). 68 ـ الدعاء عند الركن اليماني : روى سعد بن سعد عن الإمام الرضا ( عليه السلام ) قال : كنت معه في الطواف فلما صرنا بحذاء الركن اليماني قام ( عليه السلام ) فرفع يده إلى السماء ثم قال : يا الله يا ولي العافية ، وخالق العافية ، ورازق العافية ، والمنعم بالعافية ، والمنان بالعافية ، والمتفضل بالعافية علي وعلى جميع خلقك ، يا رحمن الدنيا والآخرة ورحيمها ، صل على محمد وآل محمد ، وارزقنا العافية ، وتمام العافية ، وشكر العافية في الدنيا والآخرة يا أرحم الراحمين ... (5). 69 ـ طواف الفريضة : قال ( عليه السلام ) : طواف الفريضة لا ينبغي أن يتكلم فيه إلا بالدعاء ، وذكر
1 ـ وسائل 9 / 51. 2 ـ تهذيب 1 / 536. 3 ـ تهذيب 1 / 536. 4 ـ وسائل 9 / 287. 5 ـ وسائل 9 / 417.
(349)
الله وتلاوة القرآن ، والنافلة ـ أي الطواف المستحب ـ يلقى الرجل أخاه ؟؟ ويحدثه بالشئ من أمر الآخرة والدنيا لا بأس به (1). وليس هذا الحكم الزاميا وإنما هو مندوب ، ويستحب أن لا يتكلم المحرم إلا بذكر الله تعالى في طوافه. 70 ـ رمي الجمرة : روى إسماعيل بن همام قال : سمعت أبا الحسن الرضا ( عليه السلام ) يقول : لا ترم الجمرة يوم النحر ـ أي يوم العيد ـ حتى تطلع الشمس (2). والنهي ظاهره المنع عن الرمي قبل طلوع الشمس. 71 ـ اجزاء الهدي عن جماعة : روى سوادة وعلي بن أسباط عن أبي الحسن الرضا ( عليه السلام ) قالا : قلنا له : جعلنا فداك عزت الأضاحي علينا بمكة أفيجزي اثنين أن يشتركا في شاة ؟ فقال : نعم وعن سبعين (3). هذا في الحج المندوب ، وأما في الحج الواجب فلا يجزي الهدي الواحد إلا عن واحد ولا يجزى عن اثنين. 72 ـ عدم بيع الثياب لشراء الهدي : روى علي بن أسباط عن بعض أصحابنا عن أبي الحسن الرضا ( عليه السلام ) قال : قلت له : رجل تمتع بالعمرة إلى الحج وفي عيبته ثياب له ، أيبيع من ثيابه شيئا ويشتري هديه ؟ قال : لا ، هذا يتزين به المؤمن ، يصوم ولا يأخذ من ثيابه شيئا (4) إذا عجز المكلف عن الهدي كما في هذه الصورة فينتقل إلى الصوم فيصوم ثلاثة أيام في الحج ، وسبعة أيام إذا رجع إلى أهله. 73 ـ استحباب زيارة النبي : روى الحسن بن الجهم قال : قلت لأبي الحسن الرضا ( عليه السلام ) أيهما أفضل رجل يأتي مكة ، ولا يأتي المدينة ، أو رجل يأتي النبي ، ولا يأتي مكة ؟ قال : فقال لي : أي شئ تقولون أنتم ؟ فقلت : نحن نقول في الحسين ( عليه السلام ) فكيف بالنبي ؟ فقال : أما لئن قلت ذلك ، لقد شهد أبو عبد الله ( عليه السلام ) عيدا بالمدينة
1 ـ وسائل 9 / 465. 2 ـ وسائل الشيعة. 3 ـ وسائل الشيعة 10 / 114. 4 ـ الوسائل 10 / 171 فروع الكافي 1 / 348.
(350)
فدخل على النبي ( صلى الله عليه وآله ) فسلم عليه ، ثم قال لمن حضرة : لقد فضلنا أهل البلدان كلهم مكة فما دونها لسلامنا على رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) (1). 74 ـ حرمة الفرار من الزحف : روى محمد بن سنان ان أبا الحسن الرضا ( عليه السلام ) كتب إليه فيما كتب من جواب مسائله : حرم الله الفرار من الزحف لما فيه من الوهن في الدين ، والاستخفاف بالرسل والأئمة العادلة ، وترك نصرتهم على الأعداء ، والعقوبة لهم على ترك ما دعوا إليه من الاقرار بالربوبية ، واظهار العدل ، وترك الجور ، وإماتة الفساد ، لما في ذلك من جراءة العدو على المسلمين ، وما يكون في ذلك من السبي والقتل ، وابطال دين الله عزوجل ، وغيره من الفساد (2). وحرم الاسلام الفرار من الزحف ، وذلك لما فيه من الاضرار البالغة التي يمنى بها المسلمون ، والتي منها تسلط القوى الكافرة على الاسلام ، وقيامها بمحق الاسلام ، والتنكيل بالمؤمنين. 75 ـ حرمة التعرب بعد الهجرة : روى محمد بن سنان ان أبا الحسن الرضا ( عليه السلام ) كتب إليه فيما كتب من جواب مسائله : وحرم الله التعرب بعد الهجرة للرجوع عن الدين ، وترك الموازرة للأنبياء والحجج عليهم السلام ، وما في ذلك من الفساد وابطال حق كل ذي حق لعله سكنى البدو ، ولذلك لو عرف الرجل الدين كاملا لم يجزله مساكنة أهل الجهل والخوف عليه لأنه لا يؤمن ان يقع منه ترك العلم والدخول مع أهل الجهل والتمادي في ذلك ... (3). وحرم الاسلام التعرب بعد الهجرة ، وذلك لأنه يوجب الرجوع عن الدين ، والتخلق بأخلاق الجهلة فان الحياة الاجتماعية حياة تأثير وتأثر فكل انسان يتأثر فيمن حوله كما هو يؤثر فيمن حوله ، ولهذه العلة فقد حرم الاسلام ذلك ، وهذه الحرمة إنما تخص الجهال من المسلمين أما من تسلح بالعلم والفضل فلا حرمة عليه لأنه لا يخاف عليه من الانجراف بأخلاق الجهال. 76 ـ جواز شراء سبايا الكفار : روى محمد بن عبد الله قال : سألت أبا الحسن الرضا ( عليه السلام ) عن قوم
1 ـ كامل الزيارات ( ص 331 ) الوسائل 10 / 273. 2 ـ وسائل 11 / 65. 3 ـ من لا يحضره الفقيه 2 / 188 وسائل 11 / 75.
(351)
خرجوا ، وقتلوا أناسا من المسلمين ، وهدموا المساجد وان المتولي هارون بعث إليهم فأخذوا ، وقتلوا ، وسبي النساء والصبيان ، هل يستقيم شراء شئ منهم ، ويطأهن أم لا ؟. قال ( عليه السلام ) : لا بأس بشراء متاعهن ، وسبيهن (1) وروى زكريا بن آدم قال : سألت الرضا ( عليه السلام ) عن قوم من العدو صالحوا ثم خفروا ، ولعلهم انما خفروا لأنه لم يعدل عليهم ، أيصلح أن يشترى من سبيهم ؟ قال ( عليه السلام ) : إن كان من عدو قد استبان عداوتهم فاشتر منه ، وإن كان قد نفروا وظلموا ، فلا يباع من سبيهم (2). وفصل الإمام ( عليه السلام ) في الحديث الثاني بين الخارجين على الحكومة الاسلامية فان كان خروجهم عن ظلم عانوه لان الحكومة لم تف بمعاهداتها ، وخاست بوعودها لهم فلا سبيل لشراء شئ من سباياهم ، وإن كان خروجهم عداء للاسلام ، وحقدا على المسلمين ، فيباح للمسلمين شراء سباياهم. 77 ـ حكم الخراج : وفصل الإمام الرضا ( عليه السلام ) حكم الخراج في الأراضي ، وفي حديثه مع أحمد بن محمد بن أبي نصر قال : ذكرت لأبي الحسن الرضا ( عليه السلام ) الخراج ، وما سار به أهل بيته فقال : العشر ونصف العشر على من أسلم طوعا ، تركت أرضه في يده ، وأخذ منه العشر ونصف العشر فيما عمر منها. وما لم يعمر منها أخذه الوالي فقبله ممن يعمره ، وكان للمسلمين ، وليس فيما كان أقل من خمسة أوساق شئ ، وما اخذ بالسيف فذلك إلى الامام يقبله بالذي يرى. كما صنع رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بخيبر قبل أرضها ونخلها ، والناس يقولون : لا تصلح قبالة الأرض والنخل إذا كان البياض أكثر من السواد ، وقد قبل رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) خيبر ، وعليهم في حصصهم العشر ونصف العشر (3).
1 ـ وسائل الشيعة 11 / 99. 2 ـ التهذيب 2 / 53. 3 ـ الوسائل 11 / 120 التهذيب 1 / 383.
(352)
78 ـ الامر بالمعروف والنهي عن المنكر : قال ( عليه السلام ) : لتأمرن بالمعروف ، ولتنهين عن المنكر أو ليستعملن عليكم شراركم فيدعو خياركم فلا يستجاب لهم (1). وقال ( عليه السلام ) : كان رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يقول : إذا أمتي تواكلت الامر بالمعروف ، والنهي عن المنكر فليأذنوا بوقاع من الله .. (2). ان الامر بالمعروف والنهي عن المنكر قاعدتان أساسيتان في الاسلام يبتنى عليهما تطور الأمة وأمنها وسلامتها من الفتن والزيغ ، وقال ( عليه السلام ) : والامر بالمعروف ، والنهي عن المنكر واجبان إذا أمكن ، ولم يكن خيفة على النفس .... (3). ان للامر بالمعروف والنهي عن المنكر شروطا كان منها عدم الخوف على النفس والأهل والمال أما إذا ما خرمت هذه الشروط فان الوجوب يسقط. 79 ـ الانتفاع بألية الغنم المبانة من حي : روى البزنطي صاحب الإمام الرضا ( عليه السلام ) قال : سألته ـ أي الإمام الرضا ـ عن الرجل تكون له الغنم يقطع من اليائها وهي احياء أيصلح له أن ينتفع بما قطع ؟ قال : نعم يذيبها ، ويسرج بها ، ولا يأكلها ولا يبيعها (4). ودلت هذه الرواية على جواز الانتفاع بإلية الغنم المبانة من الحي ، ولكن الانتفاع بها محدود في الاستصباح لا غير. 80 ـ الأجرة على كتابة المصحف : سئل الإمام الرضا ( عليه السلام ) عن الأجرة على كتابة المصحف فقال ( عليه السلام ) : لا بأس (5). 81 ـ الميسر هو القمار : وحرم الاسلام الميسر ، وقرنه بالخمر ، وقد فسر الإمام الرضا ( عليه السلام )
1 ـ فروع الكافي 1 / 343. 2 ـ فروع الكافي 1 / 344 الوسائل 11 / 364. 3 ـ الوسائل 11 / 402. 4 ـ قرب الاسناد ( ص 115 ) السرائر ( ص 469 ). 5 ـ الوسائل 11 / 117.
(353)
الميسر بالقمار (1). وقال ( عليه السلام ) : ان الشطرنج والنرد ، وأربعة عشر ، وكل ما قومر عليه منها فهو ميسر (2). 82 ـ العمل للسلطان الجائر : روى سليمان الجعفري قال : قلت لأبي الحسن الرضا ( عليه السلام ) : ما تقول في أعمال السلطان ؟ فقال : يا سليمان الدخول في أعمالهم ، والعون لهم ، والسعي في حوائجهم عديل الكفر ، والنظر إليهم على العمد من الكبائر التي يستحق بها النار (3). وقد سوغ الإمام الرضا ( عليه السلام ) الولاية من قبل الجائر ولكن بشرط نفع المؤمنين ودفع الأذى عنهم قال ( عليه السلام ) : ان لله مع السلطان أولياء يدفع بهم عن أوليائه (4). وروى الحسن بن الحسين الأنباري عن أبي الحسن الرضا ( عليه السلام ) قال : كتبت إليه أربع عشرة سنة استأذنه في عمل السلطان ، فلما كان في آخر كتاب كتبته إليه أذكر أني أخاف على خيط عنقي ، وان السلطان يقول لي انك رافضي ، ولسنا نشك في أنك تركت العمل للسلطان للرفض. فكتب إلى أبو الحسن ( عليه السلام ). فهمت كتابك ، وما ذكرت من الخوف على نفسك ، فان كنت تعلم أنك إذا وليت عملت في عملك بما أمر به رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، ثم تصير أعوانك وكتابك أهل ملتك ، وإذا صار إليك شئ واسيت به فقراء المؤمنين حتى تكون واحدا منهم ، كان ذا بذا وإلا فلا (5). 83 ـ خيار الحيوان : روى علي بن أسباط عن الحسن الرضا ( عليه السلام ) قال : سمعته يقول : الخيار في الحيوان ثلاثة أيام للمشتري وفي غير الحيوان أن يفترقا (6). وعلى ضوء هذه الرواية وغيرها فقد أفتى الفقهاء بأن للمشتري حق الخيار في الحيوان إلى ثلاثة أيام وفي غيره ما لم يفترقا وسمي ذلك بخيار المجلس.
1 ـ تفسير العياشي 1 / 336. 2 ـ تفسير العياشي 1 / 339. 3 ـ تفسير العياشي 1 / 238 الوسائل 12 / 138. 4 ـ المقنع ( ص 31 ). 5 ـ فروع الكافي 1 / 359 الوسائل 12 / 145. 6 ـ فروع الكافي 1 / 390.
(354)
84 ـ تبديل السكة : روى يونس قال : كتبت إلى الرضا ( عليه السلام ) أن لي على رجل ثلاثة آلاف درهم ، وكانت تلك الدراهم تنفق بين الناس تلك الأيام ، وليست تنفق اليوم ، فلي عليه تلك الدراهم بأعيانها أو ما ينفق اليوم يبن الناس ؟ قال : فكتب لي : لك أن تأخذ منه ما ينفق بين الناس ، كما أعطيته ما ينفق بين الناس (1). 85 ـ بيع الثمر قبل بدء صلاحه : روى الحسن بن علي الوشاء قال : سألت أبا الحسن الرضا ( عليه السلام ) هل يجوز بيع النخل إذا حمل ـ أراد بيع الثمر ـ قال لا يجوز بيعه حتى يزهو ، قلت : وما الزهو ؟ جعلت فداك ، قال : يحمر ويصفر ، وشبه ذلك (2). 86 ـ حرمة شراء أبناء أهل الذمة : روى زكريا بن آدم قال : سألت الرضا ( عليه السلام ) عن أهل الذمة أصابهم جوع فأتاه رجل بولده ، فقال ، هذا لك أطعمه وهو لك عبد ، فقال : لا تبتع حرا فإنه لا يصلح لك ، ولا من أهل الذمة (3). ان أهل الذمة أحرار ، ولا يجوز بيعهم. 87 ـ الامام يقضي ديون الغارمين : روى محمد بن سليمان عن رجل من أهل الجزيرة يكنى أبا محمد. قال : سأل الرضا ( عليه السلام ) رجل ، وأنا أسمع فقال له : جعلت فداك ان الله عزوجل يقول : ( وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة ) اخبرني عن هذه النظرة التي ذكر الله عزوجل في كتابه لها حد يعرف إذا صار هذا المعسر إليه لا بد له أن ينتظر وقد أخذ مال هذا الرجل ، وانفقه على عياله ، وليس له غلة ينتظر ادراكها ، ولا دين ينتظر محله ، ولا مال غائب ينتظر قدومه. قال ( عليه السلام ) : نعم ينتظر بقدر ما ينتهي خبره إلى الامام فيقضي ما عليه من الدين من سهم الغارمين ، إذا كان أنفقه في طاعة الله عزوجل فان كان أنفقه في.
1 ـ فروع الكافي 1 / 401 وسائل 12 / 481. 2 ـ فروع الكافي 1 / 378. 3 ـ فروع الكافي 1 / 388 وسائل 13 / 28.
(355)
معصية الله عزوجل فلا شئ له على الامام ، قلت فما لهذا الرجل الذي ائتمنه وهو لا يعلم فيما أنفقه في طاعة الله أم في معصيته ؟ قال : يسعى له في ماله فيرده عليه وهو صاغر (1). 88 ـ شراء الدين : روى محمد بن الفضيل قال : قلت للرضا ( عليه السلام ) : رجل اشتري دينا على رجل ، ثم ذهب إلى صاحب الدين ، فقال له : ادفع إلي ما لفلان عليك. فقد اشتريته منه ، قال : يدفع إليه قيمة ما دفع إلى صاحب الدين ، وبرئ الذي عليه المال من جميع ما بقي عليه (2). 89 ـ عدم التضييق على المستدين : روى على بن إسماعيل عن رجل من أهل الشام أنه سأل الرضا ( عليه السلام ) عن رجل عليه دين قد فدحه ، وهو يخالط الناس وهو يؤتمن بسعة شراء الفضول من الطعام والشراب ، فهل يحل له أم لا ؟ وهل يحل أن يتطلع من الطعام أم لا يحل له إلا قدر ما يمسك به نفسه ويبلغه ؟ قال ( عليه السلام ) : لا بأس بما أكل (3). وظاهر الحديث انه لا يضيق على المستدين ، وانه في سعة من أمره في شراء ما يحتاجه من الطعام. 90 ـ كراهة استعمال الأجير قبل تعيين أجرته. روى سليمان بن جعفر الجعفري قال : كنت مع الرضا ( عليه السلام ) في بعض الحاجة فأردت أن انصرف إلى منزلي ، فقال لي : انصرف معي فبت عندي الليلة ، فانطلقت معه فدخل إلى داره مع المغيب فنظر إلى غلمانه يعملون في الطين أو أري الدواب وغير ذلك وإذا معهم اسود ليس منهم فقال : ما هذا الرجل معكم ؟ قالوا : يعاوننا ونعطيه شيئا ، قال : قاطعتموه على أجرته ، قالوا : لا هو يرضى بما تعطيه ... وغضب لذلك غضبا شديدا ، فقلت : جعلت فداك لم تدخل على نفسك ؟ فقال : اني قد نهيتهم عن مثل هذا غير مرة أن يعمل معهم أحد ، حتى يقاطعوه على أجرته ، واعلم أنه ما من أحد يعمل لك شيئا بغير مقاطعة ثم زدته لذلك الشئ ثلاثة اضعاف
1 ـ تفسير العياشي 1 / 155 وسائل 13 / 91. 2 ـ فروع الكافي 1 / 355. 3 ـ التهذيب 2 / 61 وسائل 13 / 115.
(356)
على اجرته الا ظن أنك قد نقصته أجرته ، وإذا قاطعته ثم أعطيته أجرته حمدك على الوفاء ، فان زدته حبة عرف ذلك لك ، ورأى أنك قد زدته (1). ان من محاسن التشريع الاسلامي معاملة الأجير وقطع أجرته قبل عمله ، فإذا لم تعين أجرته ، فمهما أعطي فإنه لا يرضى ، ويكون ذلك مدعاة للنزاع والخصومة. 91 ـ الإجارة لا تبطل بيع العين : روى يونس قال : كتبت إلى الرضا ( عليه السلام ) أسأله عن رجل تقبل من رجل أرضا أو غير ذلك سنين مسماة ، ثم إن المقبل أراد بيع أرضه التي قبلها قبل انقضاء السنين المسماة ، هل للمتقبل أن يمنعه من البيع قبل انقضاء أجله الذي تقبلها منه إليه ، وما يلزم المتقبل له ؟ قال ( عليه السلام ) : له أن يبيع إذا اشترط على المشتري ان المتقبل من السنين ما له (2). لا مانع من بيع العين المستأجرة ولكن يشترط اعلام المشتري بالامر ، فيبيعه عليه مسلوبة المنفعة إلى مدة انقضاء الإجارة وإذا لم يعلمه بذلك فله خيار الفسخ. 92 ـ الرجوع في الهبة قبل القبض : روى صفوان بن يحيى قال : سألت الرضا ( عليه السلام ) عن رجل كان له مال فوهبه لولده الأكبر ، فذكر له الرجل المال الذي له عليه. فقال : إنه ليس عليك منه شئ في الدنيا والآخرة ـ ومعنى ذلك أنه وهبه له ـ يطيب له ذلك ، وقد كان وهبه لولده ؟ قال ( عليه السلام ) : نعم يكون وهبه له ثم نزعه فجعله لهذا (3). ان الهبة قبل القبض يجوز ارتجاعها ، وهي من العقود الجائزة التي يجوز الرجوع فيها نعم الهبة لذوي الأرحام أو المعوضة تكون لازمة بعد القبض لا قبله. 93 ـ مجوسي أوصي بمال للفقراء : روى أبو طالب عبد الله بن الصلت قال : كتب الخليل بن هاشم إلى ذي الرياستين ، وهو والي نيسابور إن رجلا من المجوس مات وأوصي للفقراء بشئ من ماله فأخذه قاضي نيسابور فجعله في فقراء المسلمين فكتب الخليل إلى ذي الرياستين بذلك فسأل المأمون عن ذلك ، فقال : ليس عندي في هذا شئ فسأل أبا الحسن
1 ـ فروع الكافي 1 / 414 وسائل 13 / 245. 2 ـ وسائل 13 / 267. 3 ـ التهذيب 2 / 378.
(357)
( عليه السلام ) ، فقال أبو الحسن : إن المجوسي لم يوص لفقراء المسلمين ، ولكن ينبغي أن يؤخذ مقدار ذلك المال من مال الصدقة فيرد على فقراء المجوس (1). وروى مثل ذلك علي بن إبراهيم عن ياسر الخادم قال : كتب من نيسابور إلى المأمون ان رجلا من المجوس أوصى عند موته بمال جليل يفرق في المساكين والفقراء ، ففرقه قاضي نيسابور في فقراء المسلمين ، فقال المأمون للرضا : ما تقول في ذلك ؟ فقال الرضا ( عليه السلام ) : إن المجوس يتصدقون على فقراء المسلمين ، فاكتب إليه أن يخرج بقدر ذلك من صدقات المسلمين فيتصدق به على فقراء المجوس (2). 94 ـ مسلمة أوصت للنصارى : روى الريان بن شبيب ( بن الصلت ) قال : أوصت ماردة لقوم نصارى فراشين بوصية ، فقال أصحابنا : أقسم هذا في فقراء المؤمنين من أصحابك ، فسألت الرضا ( عليه السلام ) فقلت : إن أختي أوصت بوصية لقوم نصارى ، وأردت أن اصرف ذلك إلى قوم من أصحابنا ، مسلمين ، فقال ( عليه السلام ) : امض الوصية على ما أوصت به ، قال الله تعالى : فإنما إثمه على الذين يبدلونه (3). 95 ـ دفع مال اليتيم إذا بلغ : روى سعد بن إسماعيل عن أبيه قال : سألت الرضا ( عليه السلام ) عن وصي أيتام ، يدرك أيتامه فيعرض عليهم أن يأخذوا الذي لهم فيأبون عليه ، كيف يصنع ؟ قال : يرد عليهم ، ويكرههم عليه (4). ان اليتيم إذا بلغ وكان رشيدا فإنه لا سلطان للوصي من قبل أبيه عليه ، ويجب عليه ارجاع المال إليه ، وإذا امتنع فيجبره الحاكم الشرعي على قبوله. 96 ـ رجل أوصى بسهم من ماله للامام : روى صفوان وأحمد بن محمد بن أبي نصر قالا : سألنا الرضا ( عليه السلام ) عن رجل أوصى لك بسهم من ماله ، ولا ندري السهم أي شئ هو ؟ فقال ( عليه السلام ) : ليس عندكم فيما بلغكم عن جعفر ولا عن أبي جعفر فيها شئ ؟
1 ـ فروع الكافي 2 / 238 وسائل الشيعة 13 / 415. 2 ـ وسائل الشيعة 13 / 415. 3 ـ فروع الكافي 2 / 238. 4 ـ وسائل الشيعة 13 / 436.
(358)
فقلنا له : ما سمعنا أصحابنا يذكرون شيئا من هذا عن آبائك ( عليهم السلام ) ، فقال : السهم واحد من ثمانية ـ إلى أن قال ـ قول الله عزوجل : ( انما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل ) ثم عقد بيده ثمانية ، قال : وكذلك قسمها رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) على ثمانية أسهم ، فالسهم واحد من ثمانية (1). 97 ـ الوصية بالسيف : روى أحمد بن محمد بن أبي نصر عن أبي جميلة عن الرضا ( عليه السلام ) قال : سألته عن رجل أوصى لرجل بسيف وكان في جفن وعليه حلية فقال له الورثة : انما لك النصل ، وليس لك السيف ، فقال ( عليه السلام ) : لا بل السيف بما فيه (2). 98 ـ حكم الوصية في نفي الولد : روى سعد بن سعد قال : سألته ـ يعني أبا الحسن الرضا ـ عن رجل كان له ابن يدعيه ، فنفاه وأخرجه من الميراث ، وأنا وصيه فكيف اصنع ؟ فقال ( عليه السلام ) : لزمه الولد لاقراره بالمشهد لا يدفعه الوصي عن شئ قد علمه (3). ان اقرار الرجل بان الولد ابنه ، يلزمه ذلك ، ولا ينفيه عنه إذا نفاه. 99 ـ الزوجة الصالحة : روى صفوان بن يحيى عن أبي الحسن الرضا ( عليه السلام ) قال : ما أفاد عبد فائدة خيرا من زوجة صالحة إذا رآها سرته ، وإذا غاب عنها حفظته في نفسها وماله (4). 100 ـ جواز الزواج بامرأة مع الزواج بأم ولد أبيها : روى أحمد بن محمد بن أبي نصر عن أبي الحسن الرضا ( عليه السلام ) قال : سألته عن الرجل يتزوج المرأة ويتزوج أم ولد أبيها ، قال ( عليه السلام ) : لا بأس بذلك ، قلت : بلغنا عن أبيك ان علي بن الحسين ( عليه السلام ) تزوج ابنة الحسن بن علي ( عليه السلام ) وأم ولد الحسن فقال : ليس هكذا انما تزوج علي بن
1 ـ وسائل الشيعة 13 / 438. 2 ـ من لا يحضره الفقيه 2 / 282. 3 ـ وسائل الشيعة 13 / 476 من لا يحضره الفقيه 2 / 282. 4 ـ وسائل الشيعة 14 / 22.
(359)
الحسين ابنة الحسن وأم ولد لعلي بن الحسين المقتول عندكم (1). 101 ـ كراهة زواج المرأة بسئ الخلق : روى الحسين بن بشار الواسطي قال : كتبت إلى أبي الحسن الرضا ( عليه السلام ) : ان لي قرابة قد خطب إلي وفي خلقه سوء ، قال : لا تزوجه إن كان سئ الخلق (2). وحمل هذا النهي على الكراهة لا على التحريم. 102 ـ الزواج في الليل : روى الحسن بن علي الوشاء عن أبي الحسن الرضا ( عليه السلام ) قال : سمعته يقول : في التزويج ، قال : من السنة التزويج بالليل لان الله جعل الليل سكنا والنساء انما هن سكن (3). 103 ـ الاطعام عند الزواج : روى الحسن بن علي الوشاء عن أبي الحسن الرضا ( عليه السلام ) قال : سمعته يقول : لما خطب رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) آمنة بنت أبي سفيان فزوجه دعا بطعام ثم قال : ان من سنن المرسلين الاطعام عند التزويج (4). 104 ـ حرمة النظر إلى شعر المرأة الأجنبية : قال ( عليه السلام ) فيما كتبه إلى محمد بن سنان عن جواب مسائله وحرم النظر إلى شعور النساء المحجوبات بالأزواج ، والى غيرهن من النساء لما فيه من تهيج الرجال ، وما يدعو إليه التهييج من الفساد والدخول فيما لا يحل ، ولا يحمل ، وكذلك ما أشبه الشعور إلا الذي قال الله تعالى : ( والقواعد من النساء التي لا يرجون نكاحا فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة ) أي غير الجلباب فلا بأس بالنظر إلى شعور مثلهن (5). 105 ـ عدم جواز النظر إلى شعر أخت الزوجة : روى أحمد بن محمد بن أبي نصر عن الرضا ( عليه السلام ) قال : سألته عن
1 ـ فروع الكافي 2 / 15. 2 ـ من لا يحضره الفقيه 2 / 131. 3 ـ وسائل الشيعة 14 / 62. 4 ـ فروع الكافي 2 / 26. 5 ـ الوسائل.
(360)
الرجل يحل له أن ينظر إلى شعر أخت امرأته ؟ فقال : لا إلا أن تكون من القواعد ، قلت له : أخت امرأته والغريبة سواء ؟ قال : نعم ... الحديث (1). 106 ـ الزواج بامرأة ادعى شخص أنها زوجته : روى عبد العزيز بن المهتدي قال : سألت الرضا ( عليه السلام ) ، قلت : جعلت فداك إن أخي مات وتزوجت امرأته ، فجاء عمي ، فادعى أنه كان تزوجها سرا فسألتها عن ذلك فأنكرت أشد الانكار ، وقالت : ما كان بيني وبينه شئ قط ، فقال ( عليه السلام ) : يلزمك اقرارها ، ويلزمه انكارها (2). ومعنى ذلك أن القول قول المرأة ، وينفذ انكارها في حق عم الزوج. 107 ـ بطلان العقد مع قصد المزاح : روى ابن أبي نصر عن المشرقي عن الإمام الرضا ( عليه السلام ) قال : قلت له : ما تقول في رجل ادعى أنه خطب امرأة إلى نفسها وهي مازحة ، فسألت عن ذلك ، فقالت نعم : فقال : ليس بشئ ، قلت : فيحل للرجل أن يتزوجها ؟ قال : نعم (3). 108 ـ زواج الولد بابنة جارية أبيه : روى علي بن إدريس قال : سألت الرضا ( عليه السلام ) عن جارية كانت في ملكي فوطئتها ثم خرجت من ملكي فولدت جارية يحل لابني أن يتزوجها ؟ قال : نعم لا بأس به قبل الوطئ وبعده (4). 109 ـ حرمة ا لجمع بين الأختين : روى أحمد بن محمد بن أبي نصر عن الرضا ( عليه السلام ) قال : سألته عن رجل تكون عنده امرأة يحل أن يتزوج أختها متعة ؟ قال ( عليه السلام ) : لا (5). لا يجوز الجمع بين الأختين سواء أكان العقدين دواما أم متعة نعم إذا توفيت زوجته الأولى أو طلقها طلاقا بائنا ، وانتهت العدة جاز له ان يتزوج بأختها.
1 ـ الوسائل. 2 ـ قرب الاسناد ( ص 160 ). 3 ـ فروع الكافي 2 / 77. 4 ـ التهذيب 2 / 240. 5 ـ وسائل الشيعة 14 / 367.
(361)
110 ـ عدم حرمة الزواج بالقابلة : روى أحمد بن محمد بن أبي نصر عن الإمام الرضا ( عليه السلام ) قال : سألته عن المرأة تقبلها القابلة فتلد الغلام يحل للغلام أن يتزوج قابلة أمه ؟ قال : سبحان الله وما يحرم عليه من ذلك !! (1). 111 ـ التمتع بالذمية : روى الحسن التفليسي أنه سأل أبا الحسن الرضا ( عليه السلام ) يتمتع الرجل اليهودية والنصرانية ، فقال الرضا ( عليه السلام ) : يتمتع من الحرة المؤمنة ، وهي أعظم حرمة منها (2). 112 ـ اسلام الزوجة : روى أحمد بن محمد بن أبي نصر قال : سألت الرضا ( عليه السلام ) عن الرجل تكون له الزوجة النصرانية فتسلم هل يحل لها أن تقيم معه ؟ قال : إذا أسلمت لم تحل له ..... الحديث (3). 113 ـ اختيار الزوجة المأمونة : روى محمد بن إسماعيل عن الرضا ( عليه السلام ) في حديث قال : لا ينبغي لك أن تتزوج إلا بمأمونة ان الله عزوجل يقول : ( الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين ) (4). 114 ـ تصديق المرأة في نفي الزوج : روى محمد بن عبد الله الأشعري قال : قلت للرضا ( عليه السلام ) : الرجل يتزوج بالمرأة فيقع في قلبه أن لها زوجا ، فقال : وما عليه ؟ أرأيت لو سألها البينة كان يجد من يشهد أن ليس لها زوج (5). 115 ـ التمتع بالأمة : روى أحمد بن محمد بن أبي نصر عن الرضا ( عليه السلام ) قال : سألته يتمتع
1 ـ قرب الاسناد ( ص 17 ). 2 ـ وسائل الشيعة 14 / 415. 3 ـ التهذيب 2 ؟ / 200. 4 ـ فروع الكافي 2 / 44. 5 ـ التهذيب 2 / 187.
(362)
بالأمة باذن أهلها ؟ قال : نعم ، ان الله عزوجل يقول : فانكحوهن بإذن أهلهن ) (1). 16 ـ عدة المتعة : روى أحمد بن محمد بن أبي نصر عن أبي الحسن الرضا ( عليه السلام ) قال : قال أبو جعفر : عدة المتعة خمسة وأربعون يوما ، والاحتياط خمسة وأربعون ليلة (2). 117 ـ الاجل في المتعة : روى أحمد بن محمد بن أبي نصر عن أبي الحسن الرضا ( عليه السلام ) قال : قلت له : الرجل يتزوج المرأة متعة سنة أو أقل أو أكثر ، قال : إذا كان شيئا معلوما إلى أجل معلوم ، قال : قلت : وتبين بغير طلاق ؟ قال : نعم (3). 118 ـ عدم الميراث في المتعة : روى محمد بن أحمد بن أبي نصر عن أبي الحسن الرضا ( عليه السلام ) قال : تزويج المتعة نكاح بميراث ، ونكاح بغير ميراث ، ان اشترطت كان ، وان لم تشترط لم يكن (4). 119 ـ نقل المتمتع بها من بلد إلى بلد : روى معمر بن خلاد قال : سألت أبا الحسن الرضا ( عليه السلام ) عن الرجل يتزوج المرأة متعة فيحملها من بلد إلى بلد ، فقال : يجوز النكاح الآخر ولا يجوز هذا ؟ (5). ودل الحديث على جواز نقلها من بلد إلى آخر ولا مانع من ذلك. 120 ـ تحليل الزوجة جاريتها لزوجها : روى إسماعيل بن بزيع انه سأل الرضا ( عليه السلام ) عن امرأة أحلت لزوجها
1 ـ تفسير العياشي 1 / 134. 2 ـ فروع الكافي 2 / 45. 3 ـ فروع الكافي 2 / 45. 4 ـ فروع الكافي 2 / 47. 5 ـ وسائل الشيعة 14 / 494.
(363)
جاريتها ، فقال : ذلك له ، قال : فان خاف أن تكون تمزح قال : فان علم أنها تمزح فلا (1). 121 ـ جواز أخذ الهبة من أم ولده : روى إسماعيل بن بزيع قال : سألت الرضا ( عليه السلام ) عن الرجل يأخذ من أم ولده ما وهبه لها من خدم أو متاع أيجوز ذلك له ؟ قال : نعم إذا كانت أم ولده (2). 122 ـ زيادة المهر عن مهر السنة : روى الوشاء عن الرضا ( عليه السلام ) قال : سمعته يقول : لو أن رجلا تزوج المرأة وجعل مهرها عشرين ألفا ، وجعل لأبيها عشرة آلاف كان المهر جائزا والذي جعله لأبيها فاسدا (3). أما الذي جعله لأبيها فقد كان جزءا من المهر ، وهو لا يستحقه فلذلك كان فاسدا. 123 ـ حكم ما لو شرط لزوجته عدم التوارث : روى سعد بن إسماعيل عن أبيه قال : سألت الرضا ( عليه السلام ) رجل تزوج امرأة بشرط أن لا يتوارثا ، وان لا يطلب منها ولدا قال ( عليه السلام ) : لا أحب (4). ودلت الرواية على عدم لزوم هذا الشرط ، وعدم لزوم الوفاء به. 124 ـ التهنئة بالطفل يوم السابع : روى الحسين بن خالد قال : سألت أبا الحسن الرضا ( عليه السلام ) عن التهنئة بالولد متى هي ؟ قال : أنه لما ولد الحسن بن علي ( عليه السلام ) هبط جبرئيل على رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بالتهنئة في اليوم السابع ، وأمره أن يسميه ويكنيه ، ويحلق رأسه ، ويعق عنه ، ويثقب أذنه وكذلك حين ولد الحسين ( عليه السلام ) أتاه في اليوم السابع فأمره بمثل ذلك. الحديث (5). 125 ـ مدة رضاع الطفل : روى سعد بن سعد الأشعري عن أبي الحسن الرضا ( عليه السلام ) قال :
1 ـ من لا يحضره الفقيه 2 / 147. 2 ـ التهذيب 2 / 309. 3 ـ فروع الكافي 2 / 23. 4 ـ وسائل الشيعة 15 / 51. 5 ـ فروع الكافي 2 / 90.
(364)
سألته عن الصبي هل يرضع أكثر من سنتين ؟ فقال : عامين فقلت : فان زاد على سنتين هل على أبويه من ذلك شئ ؟ قال : لا (1). 126 ـ تفضيل بعض الأبناء على بعض : روى سعد بن سعد الأشعري قال : سألت أبا الحسن الرضا ( عليه السلام ) عن الرجل يكون بعض ولده أحب إليه من بعض ، ويقدم بعض ، ويقدم بعض ولده على بعض ، فقال : نعم قد فعل ذلك أبو عبد الله ( عليه السلام ) نحل محمدا ، وفعل ذلك أبو الحسن ، نحل أحمد شيئا ، فقمت أنا به حتى حزته له ، فقلت : الرجل تكون بناته أحب إليه من بنيه ، فقال : البنات والبنون في ذلك سواء ، انما هو بقدر ما ينزلهم الله عزوجل (2). 127 ـ امساك المرأة بمعروف : روى أبو القاسم الفارسي ، قال : قلت للرضا ( عليه السلام ) : جعلت فداك ان الله يقول في كتابه : ( فامساك بمعروف أو تسريح باحسان ) وما يعني بذلك ؟ فقال : اما الامساك بالمعروف فكف الأذى ، وأحباء النفقة ، واما التسريح باحسان فالطلاق على ما نزل به الكتاب (3). 128 ـ التوسعة على العيال : روى محمد بن علي بن الحسين قال : قال أبو الحسن الرضا ( عليه السلام ) ينبغي للرجل أن يوسع على عياله لئلا يتمنوا موته (4). 129 ـ بطلان الطلاق الفاقد للشروط : روى أحمد بن محمد بن أبي نصر عن الرضا ( عليه السلام ) قال : سألته عن رجل طلق امرأته بعدما غشيها بشاهدين عدلين ، قال : ليس هذا طلاقا ، فقلت له : فكيف طلاق السنة ؟ فقال : يطلقها إذا طهرت من حيضها قبل أن يغشاها بشاهدين عدلين فان خالف ذلك رد إلى كتاب الله عزوجل ، قلت : فإنه طلق من غير جماع بشهادة رجل وامرأتين ، قال : لا تجوز شهادة النساء في الطلاق (5).
1 ـ فروع الكافي 2 / 63. 2 ـ فروع الكافي 2 / 95. 3 ـ تفسير القمي ( ص 686 ). 4 ـ وسائل الشيعة 15 / 249. 5 ـ وسائل الشيعة 15 / 276.
(365)
130 ـ طلاق السكران : روى زكريا بن آدم قال : سألت الرضا ( عليه السلام ) عن طلاق السكران ، والصبي ، والمعتوه ، والمغلوب على عقله ، ومن لم يتزوج بعد ، فقال : لا يجوز (1). إن طلاق هؤلاء لا يصح ، فالسكران لا يحفل بطلاقه ، لأنه لا وعي له ، وأما الصبي فقد رفع القلم عنه ، فلا يصح طلاقه ، وكذلك المعتوه ، ولا يصح طلاق من لم يتزوج ، أي لم يعقد على امرأة ، فأن طلاقه لاغ. 131 ـ طلاق الأخرس : روى أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي أنه سأل أبا الحسن الرضا ( عليه السلام ) عن الرجل تكون عنده المرأة يصمت ولا يتكلم ، قال : أخرس هو ؟ قلت : نعم ، ويعلم منه بغضه لامرأته ، وكراهته لها ، أيجوز أن يطلق عنه وليه ؟ قال : لا ولكن يكتب ويشهد على ذلك ، قلت : فإنه لا يكتب ولا يسمع كيف يطلقها ؟ قال : بالذي يعرف من أفعاله مثل ما ذكرت من كراهته وبغضه (1). 132 ـ صحة الطلاق امام الحاضرين : روى أحمد محمد بن بن أبي نصر عن صفوان عن أبي الحسن الرضا ( عليه السلام ) قال سئل عن رجل طهرت امرأته من حيضها فقال : فلانة طالق ، وقوم يسمعون كلامه ، ولم يقل لهم : اشهدوا أيقع الطلاق عليها ؟ قال : نعم هذه شهادة (3). 133 ـ الطلاق الثلاث بعد العدة : قال ( عليه السلام ) في كتابه إلى المأمون : وإذا طلقت المرأة بعد العدة ثلاث مرات لم تحل لزوجها حتى تنكح زوجا غيره (4). 134 ـ يشترط في المحلل البلوغ : روى علي بن الفضل الواسطي قال : كتبت إلى الرضا ( عليه السلام ) : رجل طلق امرأته الطلاق الذي لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره فتزوجها غلام لم يحتلم ،
1 ـ التهذيب 2 / 270. 2 ـ من لا يحضره الفقيه 2 / 168. 3 ـ فروع الكافي 2 / 101 وسائل 15 / 302. 4 ـ وسائل الشيعة 15 / 317.
(366)
قال : لا حتى يبلغ ، فكتبت إليه : ما حد البلوغ ؟ فقال : ما أوجب الله على المؤمنين الحدود. 135 ـ الخصي لا يحلل المطلقة ثلاثا : روى محمد بن مضارب قال : سألت الرضا ( عليه السلام ) عن الخصي يحلل ؟ قال : لا يحلل (2). 136 ـ الشهود على رجعة الزوج : روى سعد بن سعد عن المرزبان قال : سألت أبا الحسن الرضا ( عليه السلام ) عن رجل قال لامرأته : اعتدي فقد خليت سبيلك ـ وذلك بأن طلقها طلاقا جامعا للشرائط ـ ثم أشهد على رجعتها بعد ذلك بأيام ، ثم غاب عنها قبل أن يجامعها حتى مضت لذلك أشهر بعد العدة أو أكثر فكيف تأمره ؟ فقال : إذا أشهد على رجعته فهي زوجته (3). 137 ـ الطلاق الثاني من دون جماع : روى أحمد بن محمد بن أبي نصر قال : سألت الرضا ( عليه السلام ) عن رجل طلق امرأته بشاهدين ثم راجعها ولم يجامعها بعد الرجعة حتى طهرت من حيضها ، ثم طلقها على طهر بشاهدين أيقع عليها التطليقة الثانية وقد راجعها ولم يجامعها ؟ قال : نعم (4). 138 ـ اخراج ذات العدة الرجعية من منزلها : سأل المأمون الإمام الرضا ( عليه السلام ) عن قول الله عزوجل ( ولا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة ) قال : يعني بالفاحشة المبينة أن تؤذي أهل زوجها فإذا فعلت فان شاء ان يخرجها من قبل أن تنقضي عدتها فعل (5). 139 ـ الفرق بين عدة الطلاق وعدة الوفاة : روى أحمد بن محمد بن أبي نصر عن الرضا ( عليه السلام ) قال : سأله
1 ـ فروع الكافي 2 / 103. 2 ـ وسائل الشيعة 15 / 369. 3 ـ فروع الكافي 2 / 102. 4 ـ وسائل الشيعة 15 / 378. 5 ـ فروع الكافي 2 / 110.
(367)
صفوان ، وأنا حاضر عن رجل طلق امرأته وهو غائب فمضت أشهر ، فقال : إذا قامت البينة انه طلقها منذ كذا وكذا وكانت عدتها قد انقضت فقد حلت للأزواج ، قال : فالمتوفي عنها زوجها ، فقال : هذه ليست مثل تلك هذه تعتد من يوم يبلغها الخبر لان عليها أن تحد (1). 140 ـ المختلعة إذا رجعت في البذل : روى إسماعيل بن بزيع عن الرضا ( عليه السلام ) في حديث الخلع قال : وإن شاءت ان يرد إليها ما أخذ منها ، وتكون امرأته فعلت (2). ان المختلعة إذا رجعت فيما بذلت صار الطلاق رجعيا وللزوج ان يرجع بها. 141 ـ الظهار لا يقع من الغضب : روى أحمد بن محمد بن أبي نصر عن الرضا ( عليه السلام ) قال : الظهار لا يقع على الغضب (3). يشترط في صحة الظهار ان يقع عن اختيار ورضى فإذا كان غضبانا أو مكرها فلا أثر له. 142 ـ الظهار يقع على الأمة : روى أحمد بن محمد بن أبي نصر عن الرضا ( عليه السلام ) قال : سألته عن الرجل يظاهر من أمته ؟ فقال : كان جعفر ( عليه السلام ) يقول : يقع على الحرة والأمة الظهار (4). 143 ـ حكم من ظاهر من نسائه : سأل الحسين بن مهران الرضا ( عليه السلام ) عن رجل ظاهر من أربع نسوة ، قال : يكفر لكل واحدة كفارة ، وسأله عن رجل ظاهر من امرأته وجاريته ما عليه ؟ قال : عليه لكل واحدة منهما كفارة ، عتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين أو إطعام ستين مسكينا (5).
1 ـ قرب الاسناد ( ص 159 ) وسائل 15 / 445. 2 ـ وسائل الشيعة 15 / 499. 3 ـ فروع الكافي 2 / 128. 4 ـ وسائل الشيعة 15 / 527. 5 ـ وسائل الشيعة.
(368)
144 ـ الايلاء من الأمة : روى أحمد بن محمد بن أبي نصر عن الرضا ( عليه السلام ) قال : سألته عن الرجل يؤلي من أمته ؟ فقال : لا كيف يؤلي وليس لها طلاق (1). 145 ـ عتق العبد القديم : دخل ابن أبي سعيد المكاري على أبي الحسن الرضا ( عليه السلام ) فقال له : رجل قال عند موته : كل مملوك لي قديم فهو حر لوجه الله قال : نعم ان الله يقول في كتابه : ( حتى عاد كالعرجون القديم .. ) فما كان من مماليكه أتى ستة أشهر فهو قديم حر (2). 146 ـ رجل دبر جاريته الحبلى : روى الحسن بن علي الوشا عن أبي الحسن الرضا ( عليه السلام ) قال : سألته عن رجل دبر جاريته وهي حبلى ؟ فقال : إن كان علم بحبل الجارية فما في بطنها بمنزلتها ، وان كان لم يعلم فما في بطنها رق (3). لا بد أن يكون مفروض المسألة في الجارية التي دبرها الرجل وقال لها : أنت حرة بعد وفاتي أن تكون حبلى من غيره وإلا فان كانت منه فهي أم ولد ، وتعتق من نصيب ولدها بعد وفاته. 147 ـ حكم اليمين فاسدة : روى إسماعيل بن سعد الأشعري عن أبي الحسن الرضا ( عليه السلام ) قال : سألته عن رجل حلف في قطيعة رحم ، فقال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : لا نذر في معصية ، ولا يمين في قطيعة رحم (4) اليمين والنذر انما ينعقدان في الشئ الراجح اما المرجوح فلا ينعقدان به. 148 ـ الحلف باليمين الكاذبة : روى إسماعيل بن سعد الأشعري عن أبي الحسن الرضا ( عليه السلام ) في حديث قال : سألته عن رجل أحلفه السلطان بالطلاق أو غير ذلك فحلف قال : لا
1 ـ قرب الاسناد ( ص 160 ). 2 ـ وسائل الشيعة 16 / 40. 3 ـ فروع الكافي 6 / 184. 4 ـ فروع الكافي 7 / 440 وسائل الشيعة 16 / 157.
(369)
جناح عليه ، وعن رجل يخاف على ماله من السلطان فيحلف لينجو به منه قال : لا جناح عليه ، وسألته هل يخلف الرجل على مال أخيه كما يحلف على ماله ؟ قال : نعم (1). اليمين إنما ينعقد إذا كان بالله تعالى أما اليمين بالطلاق من دون ذكر لفظ الجلالة فلا أثر له ، وإذا حلف بالله تعالى لدفع الظلم عنه وعن أخوانه أمام السلطان الجائر فيجوز ولا كفارة عليه. 149 الطير في الليل : روى أحمد بن محمد بن أبي نصر عن الرضا ( عليه السلام ) قال : سألته عن طروق الطير بالليل في وكرها ؟ فقال : لا بأس بذلك (2). واكد جواز ذلك في حديثه التالي : روى يونس بن عبد الرحمن عن الرضا ( عليه السلام ) قال : قلت له : جعلت فداك ، ما تقول : في صيد الطير في أوكارها والوحش في أوطانها ليلا فان الناس يكرهون ذلك ؟ فقال : لا بأس بذلك (3). 150 ـ صيد الطير الذي له صاحب : روى أحمد بن محمد بن أبي نصر قال : سألت أبا الحسن الرضا ( عليه السلام ) عن الرجل يصيد الطير يساوي دراهم كثيرة ، وهو مستوي الجناحين فيعرف صاحبه أو يجيئه فيطلبه من لا يتهمه ، فقال : لا يحل له امساكه يرده عليه ، فقلت : فان صاد ما هو مالك لجناحيه لا يعرف له طالبا ؟ قال : هو له (4). 151 ـ حلية السمك الربيثا : روى محمد بن إسماعيل قال : كتبت إلى أبي الحسن الرضا ( عليه السلام ) اختلفت الناس علي في الربيثا ، فما تأمرني به فيها ؟ فكتب ( عليه السلام ) لا بأس.
1 ـ فروع الكافي 7 / 440. 2 ـ فروع الكافي 6 / 215. 3 ـ وسائل الشيعة. 4 ـ فروع الكافي 6 / 222. 5 ـ التهذيب ، وسائل 16 / 407.
(370)
152 ـ تحريم لحم النسر : روى سليمان بن جعفر الهاشمي قال : حدثني أبو الحسن الرضا ( عليه السلام ) قال : طرقنا ابن أبي مريم ليلة وهارون بالمدينة ، فقال : إن هارون وجد في خاصرته وجعا في هذه الليلة ، وقد طلبنا له لحم النسر ، فأرسل إلينا منه شيئا ، فقال : إن هذا شئ لا نأكله ، ولا ندخله في بيوتنا ، ولو كان عندنا ما أعطيناه (1). 153 ـ لحم الضأن : روى سعد بن سعد قال : قلت لأبي الحسن الرضا ( عليه السلام ) إن أهل بيتي يأكلون لحم الماعز ، ولا يأكلون لحم الضأن ، قال : ولم ؟ قلت : يقولون إنه يهيج المرارة ، قال ( عليه السلام ) : لو علم الله خيرا من الضأن لفدى به إسحاق (2). 154 ـ حرمة الخمر : روى محمد بن أحمد عن العمركي قال : قلت للرضا ( عليه السلام ) : ان ابن داود ذكر أنك قلت له : شارب الخمر كافر ، فقال : صدق قد قلت ذلك له (3). 155 ـ الفقاع حرام : روى محمد بن عيسى عن الوشا ، قال كتبت إليه ـ يعني الرضا ( عليه السلام ) ـ أسأله عن الفقاع ، قال : فكتب : حرام وهو خمر (4). 156 ـ بيع المرعى في الملك الخاص : روى أحمد بن محمد بن أبي نصر عن محمد بن عبد الله قال : سألت الرضا ( عليه السلام ) عن الرجل تكون له الضيعة ، وتكون لها حدود تبلغ حدودها عشرين ميلا أو أقل أو أكثر يأتيه الرجل فيقول : اعطني من مراعي ضيعتك وأعطيك كذا وكذا درهما ، فقال : إذا كانت الضيعة له فلا بأس (5). 157 ـ المرأة القريبة ترث المال إذا لم يكن غيرها. روى القاسم بن الفضيل عن الرضا ( عليه السلام ) في رجل مات وترك امرأة
1 ـ التهذيب 9 / 20. 2 ـ فروع الكافي 6 / 310. 3 ـ وسائل الشيعة 17 / 256. 4 ـ وسائل الشيعة 17 / 287. 5 ـ فروع الكافي 5 / 276.
(371)
قريبة ليس له قرابة غيرها ، قال : يدفع المال كله إليها (1). 158 ـ شهادة النساء : روى محمد بن الفضيل قال. سألت أبا الحسن الرضا ( عليه السلام ) قلت له : تجوز شهادة النساء في نكاح أو طلاق أو رجم ؟ قال تجوز شهادة النساء فيما لا يستطيع الرجال أن ينظروا إليه ، وليس معهن رجل ، وتجوز شهادتهن في النكاح إذا كن معهن رجل وتجوز شهادتهن في حد الزنا إذا كان ثلاثة رجال وامرأتان ولا تجوز شهادة رجلين وأربع نسوة في الزنا أو الرجم ، ولا تجوز شهادتهن في الطلاق ولا في الدم (2). 159 ـ حد المحارب لله : روى عبيد الله المدايني عن أبي الحسن الرضا ( عليه السلام ) قال : سئل عن قول الله عزوجل : ( إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا ) الآية. فما الذي إذا فعله استوجب واحدة من هذه الأربع ؟ فقال : إذا حارب الله ورسوله وسعى في الأرض فقتل قتل به ، وان قتل وأخذ المال قتل وصلب ، وإن أخذ المال ولم يقتل قطعت يده ورجله من خلاف ، وإن شهر السيف وحارب الله ورسوله وسعى في الأرض فسادا ولم يقتل ، ولم يأخذ المال نفي من الأرض (3). 160 ـ نفي المحارب : روى عبيد الله المدايني عن أبي الحسن الرضا ( عليه السلام ) في حديث المحارب ، قال : قلت : كيف ينفى ؟ وما حد نفيه ؟ قال ينفى من المصر الذي فعل فيه ما فعل إلى مصر غيره ويكتب إلى أهل ذلك المصر انه منفي فلا تجالسوه ، ولا تبايعوه ، ولا تناكحوه ، ولا تواكلوه ، ولا تشاربوه فيفعل ذلك به سنة ، فان خرج من ذلك المصر إلى غيره كتب إليهم بمثل ذلك حتى تتم السنة ، قلت : فان توجه إلى ارض الشرك ليدخلها ؟ قال : ان توجه إلى ارض الشرك ليدخلها قوتل أهلها (4). 161 ـ دم اللص هدر : روى محمد بن الفضيل ن الرضا ( عليه السلام ) قال : سألته عن لص دخل
1 ـ وسائل الشيعة 17 / 480. 2 ـ وسائل الشيعة 18 / 259. 3 ـ فروع الكافي 7 / 246. 4 ـ وسائل الشيعة 18 / 539.
(372)
على امرأة وهي حبلى ، فقتل ما في بطنها ، فعمدت المرأة إلى سكين فوجأته فقتلته ، فقال : هدر دم اللص (1). 162 ـ حكم من أغاث فقتل شخصا : روى محمد بن سليمان ، ويونس بن عبد الرحمن ، قالا : سألنا أبا الحسن الرضا ( عليه السلام ) عن رجل استغاث به قوم لينقذهم من قوم يغيرون عليهم ليستبيحوا أموالهم ، ويسبوا ذراريهم ، فخرج الرجل يعدو بسلاحه في جوف الليل ليغيث القوم الذين استغاثوا به. فمر برجل قائم على شفير البئر يستقي منها فدفعه ، وهو لا يريد ذلك ، ولا يعلم فسقط في البئر فمات ، ومضى الرجل فاستنقذ أموال أولئك القوم الذين استغاثوا به ، فلما انصرف إلى أهله قالوا له : ما صنعت ؟ قال : قد انصرف القوم عنهم وأمنوا وسلموا ، فقالوا له : أشعرت أن فلان ابن فلان سقط في البئر فمات ؟ فقال : أنا والله طرحته ، قيل : وكيف ذلك ؟ فقال : إني خرجت أعدو بسلاحي في ظلمة الليل ، وأنا أخاف الفوت على القوم الذي استغاثوا بي ، فمررت بفلان وهو قائم يستقي من البئر فزحمته ، ولم أرد ذلك فسقط في البئر فمات ، فعلى من دية هذا ؟ فقال ( عليه السلام ) : ديته على القوم الذين استنجدوا الرجل فأنجدهم وانقذ ؟؟ أموالهم ونساؤهم وذراريهم ، أما انه لو كان بأجرة لكانت الدية عليه وعلى عاقلته دونهم ، وذلك أن سليمان بن داود أتته امرأة عجوز تستعديه على الريح. فقالت : يا نبي الله ، إني كنت نائمة على سطح لي وان الريح طرحتني من السطح فكسرت يدي فأعدني على الريح ، فدعا سليمان بن داود الريح فقال لها : ما دعاك إلى ما صنعت بهذه المرأة ؟ فقالت : صدقت يا نبي الله ان رب العزة عزوجل بعثني إلى سفينة بني فلان لأنقذها من الغرق ، فخرجت في سنن ، وعجلني إلى ما أمرني الله عزوجل به فمررت بهذه المرأة ، وهي على سطحها فعثرت بها ، ولم أردها فسقطت فانكسرت يدها ، فقال سليمان : يا رب بما أحكم على الريح ؟ فأوحى إليه يا سليمان ، احكم بأرش كسر يد هذه المرأة على أرباب السفينة التي أخذتها الريح من الغرق ، فإنه لا يظلم لدي أحد من العالمين.
1 ـ من لا يحضره الفقيه 4 / 122 وسائل الشيعة 19 / 42.
(373)
وبهذا ينتهي بنا الحديث عن بعض الأحكام التي أثرت عن الإمام الرضا ( عليه السلام ) ، وقد شملت معظم أبواب الفقه من العبادات والمعاملات والايقاعات وغيرها ـ من السنة ـ عند الشيعة ـ والتي يفتي على ضوئها الفقيه الامامي. ومن الجدير بالذكر ان للإمام الرضا ( عليه السلام ) جمهرة أخرى من الاخبار المتعلقة بالأحكام الشرعية ذكرت في موسوعات الفقه الاستدلالي ، وهي تحتاج إلى دراسة وتأمل ، عرضت لها بصورة موضوعية كتب الفقه ولم نعرض لها لان هذا الكتاب ليس من كتب الفقه ، وانما ذكرنا هذه النماذج من فقهه للتدليل على ثرواته العلمية ، وانه كان المرجع الاعلى في عصره للفتيا في العالم الاسلامي.
|