القسم الثاني في فضل فاطمة عليها السلام
46 ـ قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : انما سميت فاطمة لان الله تعالى فطمها وفطم من أحبها من النار .. يعرض هذا القسم إلى ما أثر عن النبي ( صلى الله عليه وآله ) في فضل بضعته سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء سلام الله عليها ، والتي منها هذا الحديث الشريف ، وقد أعلن أن الله تعالى قد فطم سيدة نساء العالمين من النار كما فطم شيعتها ومحبيها من النار.
47 ـ وباسناده قال ( عليه السلام ) : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : ان الله يغضب لغضب فاطمة ، ويرضى لرضاها .... وهذا الحديث مجمع عليه ، وهو يدل على سمو منزلة بضعة الرسول وريحانته
(245)
عند الله ، وانها قد احتلت عنده تعالى مكانة متميزة لم يحتاجها غيرها من المؤمنات.
48 ـ وباسناده قال ( عليه السلام ) : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : تحشر ابنتي فاطمة يوم القيامة ، ومعها ثياب مصبوغة بدم الحسين فتعلق بقائمة من قوائم العرش ، فتقول : يا رب احكم بيني وبين قاتل ولدي ، قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : فيحكم لابنتي ورب الكعبة ..... إن فاجعة سيد شباب أهل الجنة وريحانة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قد اهتز لهولها العالم بأسره ، وان من أعظم المصابين بكارثته ورزيته سيدة النساء ، وبضعة الرسول ، وانها سوف ترفع قميصه ملطخا بدمائه الزكية امام الله تعالى شاكية ما جرى على ولدها من عظم الرزايا. يقول الشاعر :
لا بد أن ترد القيامة فاطم |
|
وقميصها بدم الحسين ملطخ |
ويقول أبو العلاء :
ثبتا في قميصه ليجئ الحشر |
|
مستعديا إلى الرحمن |
49 ـ وباسناده قال ( عليه السلام ) : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : تحشر ابنتي فاطمة ، وعليها حلة الكرامة ، وقد عجنت بماء لحياة فينظر إليها الخلائق فيتعجبون ، ثم تكسى أيضا حلتين من حلل الجنة مكتوب على كل حلة بخط أخضر : ادخلوا بنت محمد الجنة ، مكتوبا على أحسن الصورة ، وأحسن الكرامة ، وأحسن المنظر ، فتزف إلى الجنة كما تزف العروس ، ويوكل بها سبعون الف جارية .... ان الله تعالى سيظهر يوم القيامة فضل سيدة النساء التي جاهدت كأعظم ما يكون الجهاد في سبيل الاسلام ، التي أقامت التشيع بخطبها الخالدة ، ومواقفها البطولية التي لم يقفها أحد غيرها.
50 ـ وباسناده قال ( عليه السلام ) : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : إذا كان يوم القيامة نادى مناد من بطنان العرش ، يا معشر الخلايق غضوا أبصاركم حتى تجوز فاطمة بنت محمد ( صلى الله عليه وآله ) ..... وهذا من مواطن التكريم والتعظيم لسيدة النساء سلام الله عليها يوم حشر الناس أمام رب العالمين.
51 ـ وباسناده قال علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) : كنا مع النبي ( صلى الله
(246)
عليه وآله ) في حفر الخندق إذ جاءت فاطمة ( عليها السلام ) ومعها كسيرة من خبز فدفعتها إلى النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، فقال ( صلى الله عليه وآله ) : ما هذه الكسيرة ؟ قالت : قرص خبز شعير خبزته للحسن والحسين جئتك منه بهذه الكسيرة ، فقال ( صلى الله عليه وآله ) : يا فاطمة أما أنه أول طعام دخل في أبيك منذ ثلاثة أيام .... ويكشف هذا الحديث عن مواساة أهل البيت ( عليهم السلام ) بعضهم لبعض ، والايثار فيما بينهم كما يكشف عن زهدهم ، واعراضهم عن زخارف الحياة.
51 ـ وباسناده قال ( عليه السلام ) : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : أتاني ملك فقال : يا محمد إن الله عزوجل يقرؤك السلام ، ويقول : قد زوجت فاطمة من علي ، فزوجها منه ، وأمرت شجرة طوبي أن تحمل الدر والمرجان واليواقيت ، وان أهل السماء قد فرحوا بذلك ، وسيولد لهما ولدان سيدا شباب أهل الجنة ، وبهما تزين أهل الجنة فابشر يا محمد فأنت خير الأولين والآخرين .... وتضافرت الاخبار أن زواج سيدة النساء وبضعة الرسول ( صلى الله عليه وآله ) بالامام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) انما كان بأمر من الله تعالى ليعطي بذلك مثلا أعلى للقران في الاسلام ، وانه مبني على الكرامة والفضيلة ، ولا شأن فيه بأي حال من الأحوال للاعتبارات المادية التي مالها إلى الزوال. فقد زوج الرسول ( صلى الله عليه وآله ) سيدة النساء من الامام أمير المؤمنين في حين أنه كان أفقر المسلمين ، ولم يكن عنده من متع الحياة سوى درعه وسيفه ، فباع درعه ، وجعله صداقا لسيدة النساء ، واشترى بثمنه جهازا أزهد جهاز في ذلك العصر ، ولكنه أنفس وأغلى جهاز في الاسلام لأنه قائم على الفضيلة والشرف ، وسمو الذات ... فسلام الله على أهل البيت الذين مثلوا جوهر الاسلام في جميع شؤونهم وأحوالهم.
52 ـ وباسناده قال ( عليه السلام ) : حدثني أبي علي بن الحسين قال : حدثتني أسماء بنت عميس قالت : كنت عند جدتك فاطمة ( عليها السلام ) إذ دخل رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وفي عنقها قلادة من ذهب كان علي بن أبي طالب اشتراها من فئ له ، فقال لها النبي ( صلى الله عليه وآله ) : لا يغرنك الناس أن يقولوا : بنت محمد ( صلى الله عليه وآله ) وعليك لبس الجبابرة فقطعتها فباعتها ، واشترت رقبة وأعتقتها فسر النبي ( صلى الله عليه وآله ) بذلك .... لقد أراد الرسول ( صلى الله عليه وآله ) أن تكون سيدة النساء قدوة حسنة.
(247)
ومثلا أعلى للفضيلة ، ونكران الذات ، وان تشارك البائسات من النساء المسلمين في فقرهن ، ولا يكون لها أي امتياز عليهن.
|