مسائل ابن السكيت : ووفد أبو يوسف يعقوب بن إسحاق الدورقي المعروف ب ( ابن السكيت ) ، وهو من أجلاء علماء عصره على الإمام الرضا ( عليه السلام ). وقدم له السؤال التالي : لماذا بعث الله موسى بن عمران باليد البيضاء ، وبعث عيسى بآية الطب ، وبعث محمدا بالكلام والخطب ؟. فأجابه الامام بحكمة ذلك قائلا : ان الله لما بعث موسى كان الغالب على أهل عصره السحر فأتاهم من عند الله بما لم يكن في وسع القوم مثله ، وبما أبطل به سحرهم وأثبت به الحجة عليهم. وان الله بعث عيسى في وقت قد ظهرت فيه الزمانات ، واحتاج الناس إلى الطب فأتاهم من عند الله بما لم يكن عندهم مثله. وبما أحيا لهم الموتى ، وأبرأ الأكمه والأبرص بإذن الله ، وأثبت به الحجة عليهم. وان الله بعث محمدا ( صلى الله عليه وآله ) في وقت كان الأغلب على أهل عصره الخطب والكلام (2). فأتاهم من عند الله من مواعظه واحكامه ما أبطل به قولهم ، وأثبت به الحجة عليهم. وبهر ابن السكيت بعلم الامام وراح يقول : والله ما رأيت مثلك قط ، فما الحجة على الخلق اليوم ؟ فأجابه الامام : العقل يعرف به الصادق على الله فيصدقه والكاذب على الله فيكذبه. وطفق ابن السكيت قائلا :
1 ـ عيون أخبار الرضا / 195 ـ 204. 2 ـ قال الراوي لهذا الحديث : وأظنه كان الشعر.
(165)
هذا هو والله الجواب (1). لقد خلق الله العقل فجعله الحجة على الانسان فإذا ما اطاعه جلب الرحمة له ، وإذا عصاه جلب الشقاء له ، وبه يعرف الصادق من الكاذب ، والمحق من المبطل ، فهو الحجة من الله على عباده.
1 ـ الاحتجاج 2 / 224 ـ 225.
|