متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
الشهيد الشيخ جلال أحمد شلي
الكتاب : قدوة في الهجرة والجهاد    |    القسم : مكتبة القُصص و الروايات

الشهيد الشيخ جلال أحمد شلي

 

«بشرى الميلاد»

ولد الشهيد السعيد الشيخ جلال احمد شلي (أبو رضا الحجازي) رحمه الله تعالى في عام 1386هـ في قرية الربيعية بجزيرة تاروت من نواحي القطيف.

تربى رحمه الله في عز والديه اللذين عنيا به خير عناية وربياه تربية صالحة مما جعل منه مهذب الوجدان ظاهر القلب خفيف الروح رحيماً بالمؤمنين شديداً على الكفارين.

نشأ شهيدنا (رحمه الله) في اوساط مجتمع شيعي يعيش الحب والولاء لأل رسول الله (صلى الله عليه وآله) فتغذى ومن نعومة أظافره على رفض الظلم والخيانة ونمت فيه روح العزة والاباء.

التحق الشهيد وبعد اكماله السادسة من عمره بالمدارس الحكومية فواصل دراسته فيها بجد واجتهاد حتى الصف الثاني الثانوي، بعدها توجه تلقاء عش آل محمد وحرم شيعتهم مدينة قم المقدسة حيث الحوزة العلمية التي ترشف من نميرها العذب.

«البيت السعيد»

كان شهيدنا (رحمه الله) واحداً من تلك الاسرة التي لا زالت تعيش المحبة والالفة والتعاون فيما بينها فكان (رحمه الله) يشكل قاعدة قوية في ذلك التجمع الايماني السعيد.

فوالدته تبذل قصارى جهدها من أجل تقديم نخبة طيبة للإسلام العزيز فكانت تسعى وتتعب كثيراً في تربية أبناءها كيما يتحملوا أعباء المسؤولية بحكمة وإخلاص.

أما والده فهو كذلك يسعى من أجل تنمية صفات الرجولة في أبناءه ويبذل لأجلهم كل ما يحتاجونه في دراستهم ويغدق عليهم كيما يواصلوا المسيرة قدما في طريق الأهداف السامية والنوايا الحميدة أما حياة الاسرة المالية فكانت والحمد لله حسنة فلقد عاش شهيدنا (رحمه الله) في رفاهية من العيش الرغيد ولكن كل هذا لم يقف حجر عثرة في طريق شهيدنا بل واصل دربه غير مكترث بالدنيا ومظاهرها الزائفة.

«مع المؤمنين»

حياة كلها عطاء فعشرة حسنة ومشورة ونصيحة وأمانة وصدق وتواضع و عز هذه حياة شهيدنا العزيز أبي رضا (رحمه الله) فقد قضى من عمره الشريف سنيناً بين المدرسة والمسجد والمكتبة والاماكن الرياضية، فقد كان (رحمه الله) يمارس الرياضة البدنية دائماً، كما كان ملازماً للعبادة وقراءة الكتب وحضور دعاء كميل والمشاركة في الرحلات الدينية باذلاً كل وجوده من أجل خدمة المؤمنين فيعلم الناشئة معالم دينهم من الصلاة والعقائد الضرورية متحمساً من أجل نصرة العقيده المحمدية ومتفاعلاً ومتفانياً في قيادة الثورة الإسلامية في ايران الإسلام داعياً للسير على خطى إمام الامة (عليه الصلاة والسلام) والانصهار في قيادته وإتباع أوامره كما كان الشهيد (رحمه الله) محبوباً عند الجميع. كما كان يتحلى به من خصال الخير وصفاء القلب وجمال الروح بعيداً عن كل مظاهر الذل والانوثة فلم يفهم الجمال بالأزياء والموديلات التافهة بل عرف ان الجمال هو جمال النفس من إخلاص النية وطهارة الضمير. ومن عاش معه رأى كيف كان يحاسب نفسه دائماً وعبر برنامج مكتوب يحدد فيه الاعمال التي ارتكبها خلال هذا اليوم وهذا هو برنامجه الاسبوعي.

«على اجنحة الملائكة»

لقد ذاب شهيدنا (رحمه الله) في الإسلام وتعاليمه الخالدة وعاش آلام القضية الإسلامية وتحسس للمستقبل القريب الذي يحتم عليه تحمل المسؤولية وحمل أعباء الدين الحنيف فلم يجد طريقاً أفضل وأرضى لله سبحانه من طريق طلب العلم كيما يجعل من نفسه جندياً من جنود إمام العصر عجل الله فرجه فقرر الذهاب الى الجمهورية الإسلامية وفي شهر رجب من عام 1405هـ

غادر البلاد مهاجراً لله ورسوله ومتوجهاً الى مدينة قم المقدسة فوصل في آخر شهر رجب وحط رحله بها وألقى عصاة فيها وأخذ في الدراسة من حين وصوله بجد واجتهاد.

فشرع بدراسة كتاب (الزبدة) في الفقه للامام القائد وكتاب الاجرومية في النحو وعقائد الامامية للمظفر ورتب وقته للمطالعة الخارجية كذلك ثم بعد ذلك شرع كتاب قطر الندى وبل الصدى وتحرير الوسيلة وبعد ان أنهى القطر شرع في الالفية أيضاً.

«حياة الإيمان»

لقد كانت حياة الشهيد أبي رضا (رحمه الله) في قم متوجة بالعبادة والعلم ومحاسبة النفس فلقد رأيته في شهر رمضان المبارك بين راكع وساجد وقارىء للقرآن والدعاء أو الكتب الأخرى كثير البكاء أثناء العبادة وإذا حضر وقت الأفطار قام يهيء الأكل لإخوانه فهو الذي يقدم الطعام لهم بل يرى في ذلك راحة وأنساً.

كما كان (رحمه الله) يساعد إخوانه المحتاجين، كما كان (رحمه الله) يشارك في الاحتفالات والندوات وحضور مجالس العلماء وتشييع الشهداء وحضور الجمعة والجماعة والمشاركة في العزاء الحسيني في أيام الوفايات وغيرها.

وكان (رحمه الله) محباً للمجاهدين كثيراً حتى انه اذا رأى المجاهدين يقول: اني أرى فيهم روحانية خاصة فيذهب اليهم ويزورهم ويجلس معهم مستأنساً بأحاديثهم الشيقة.

كما كان (رحمه الله) يقوم بزيارات الى المحروحين في المستشفى ويجلس معهم ويلتقط لهم صوراً وهو عندهم أضف الى هذا انه كان محبوباً عند جميع الطالب لما رأوا فيه من التواضع والايمان الراسخ فلم تحدث بينه وبين أحد من الطلاب مشكلة قط بل كان يدعوا للاتحاد ورص الصفوف والعمل يداً واحدة على نهج إمام الامة الإمام الراحل الخمينى العظيم(قدس سره)

هذا ولقد كان (رحمه الله) بعيد النظر نافذ البصيرة يقظاً حذراً عارفاً بأوضاع زمانه متابعاً لما يجري في الساحة مؤمناً بضرورة اقامة حكم الله في الارض واطاحة عروش الجهل والضلال تحت راية زعيم الامة الإسلامية ومفجر ثورتها الكبرى الخميني العظيم. فرحمك الله يا أبا رضا وجزاك الله خير جزاء المحسنين.

«نحو الحسين»

بعد ان انهى شيخنا العزيز وشهيدنا الغالي الشيخ جلال (رحمه الله) سنة كاملة في مدينة الجهاد والدم مدينة قم المقدسة وجاء شهر رمضان واغلقت الحوزة أبوابها واعلنت العطلة قرر الشهيد قضاء العطلة التي تقرب من ثلاثة شهور في الجبهة وبين المجاهدين الأخيار فذهب الى مركز التعبئة وتطوع ثلاثة شهور ومن الضروري ان يمر بدورة عسكرية فذهب للمعسكر واخذ الدورة هناك وبعد إنهاء خمسة عشر يوماً من الاجازه قضاها بين قم ومشهد وزيارات الامام ابى الحسن علي بن موسى الرضا (عليه الصلاة والسلام) بعدها ودع إخوانه وأصدقاءه واذكر آخر زيارته لي جاءني في البيت ليلاً وبقينا حتى الساعة الحادية عشرة والنصف تقريباً ثم انصرف مودعاً وكان هذا قبل شهادته بأيام قلائل وكان حديثه (رحمه الله) حول ضرورة التحسس لواقع الامة الإسلامية ودرك ما يجري في الساحة ومعرفة سعة وخطر هذه الحملة الصليبية اليهودية الالحادية الشرسة ضد كيان الامة الإسلامية وعندما سألني عن البلاد وأوضاع الشباب هنا وأخبرته بما يجري وخصوصاً تلك الرحلات الفارغة التي يقضيها الشباب في استانبول وغيرها تأذنى كثيراً وقال الم يشعر هو لا بما نحن فيه اليوم ألم يتحسسوا ما يجري على الامة ويعيشوا آلامها يشكلوا لبنة في وجود هذه الامة فلماذا كل هذا الضياع والى متى هذه الغفلة وهذا التبذير في الأموال والأوقات ألم يعلموا بأن المسلمين في لبنان وأفغانستان وإيران وغيرها في ساحة صراع مرير مع قوى الاستكبار العالمي والصليبية الحاقدة أجل كان (رحمه الله) ومنذ صغره يعيش آلام الامة كما كان يتحلى به من عقل سليم ونفس كبيرة وطموحات إسلامية صادقة.

وبعد انتهاء الاجازة ذهب ليكمل مدة تطوعه وقال لي في نفس الليلة بعد أيام سوف أرجع إن شاء الله فلما وصل الى الأهواز نقلوهم بعدها الى جبهات الشمال الى حيث منطقة حاج عمران حتى جاءت ساعة الوداع فاشترك في عمليات كربلاء الثانية وتقدم فرحاً مسروراً وكان في مقدمة المقاتلين وبعد فترة بسيطة سقط شهيدا اثر اصابته بقذيفة (آر بي جي) فسقط في حجور الحور العين ولقى ربه ملطخاً سابحا بدمه الطاهر في سبيل العقيدة والمبدأ.

ومن ثم نقل جثمانه التريب الى طهران وشيع مع إخوانه الأبرار في طهران ثم نقل الى مدينة قم المقدسة وتم تشييعه هناك والصلاة عليه مع ركب الشهادة وأبطال الإسلام الذين بلغ عددهم الثامنين وبعدها تم دفنه في مقبرة الشهداء مقبرة علي بن جعفر (عليه الصلاة والسلام) في يوم 5/ 1/ 1407 هـ فسلام عليك يا أبا رضا يوم ولدت ويوم استشهدت ويوم تبعث حياً وأسأل الله ان يحشرنا معك تحت راية أبي عبدالله (عليه الصلاة والسلام) انه سيمع مجيب وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

«وصية الشهيد»

هذه الوصية كتبها الشهيد وهو في الجبهة قبل بدء العمليات وسلمت لنا بعد شهادته وهذا نصها.

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليك يا أبا عبدالله وعلى أصحابك المستشهدين بين يديك وعلى صاحب الزمان«عج» والسلام على إمام الامة الامام الخميني روحي فداه وعلى جميع المستضعفين في العالم ورحمة الله وبركاته. وصيتي الى والديّ العزيزين ان يغفروا لي على ما قمت به اتجاههما من تقصير وأطلب من والدتي العزيزة والحنونة الا تبكي عند سماعها استشهادي بل الذي اريده منك يا اماه عند سماعك استشهادي ان تصعدي الى سطح البيت وتكبري بصوت يرهب الأعداء وترفعي علماً أخضر على منزلنا فرحاً بالانتصار[1].

ثم بعد ذلك يوصي الشهيد أحد المؤمنين بأن يجمع أمواله التي له عند إخوانه ويسرد أسمائهم جميعا....ثم يقول في وصيته مخاطباً الوصي:- ثم تأخذ هذه الأموال منهم وتأخذ منها ستة آلاف تومان وتعطيها السيد بسنديده (وهو أخ الامام القائد) بعنوان كفارات وباقي الأموال تعطيها «أبو حيدر البياتي[2] وهذا الأخ يعرفه الشيخ احمد الشواف قل له يعرفك عليه هذا اذا كان حياً اما اذا استشهد فتدفع جميع الأموال الى جبهات الحق ضد الباطل، وأطلب من الأخ ابى حيدر البياتي ان يصوم عني ستة أيام قضاء من شهر رمضان المبارك واذا لم يكن موجوداً فأنت تصوم عني هذه الأيام ولك من الله الأجر.

وصيتي الى جميع الطلبة الأعزاء ان يؤدوا الرسالة الملقاة على عاتقهم وان يذوبوا في الامام الخميني كما ذاب هو في الإسلام.

إلهي اغفر ذنوبي جميعها واجعلني من جندك فان جندك هو الغالبون واجعلني من حزبك فان حزبك هم المفلحون واجعلني من اوليائك فان اوليائك لا خوف عليهم ولا هم يحزنون. إلهي إلهي حتى ظهور المهدي احفظ لنا الخميني.

العبد العاصي: أبو رضا الحجازي /جلال شلي

________________________

[1] اللطيف ان الشهيد يعتبر الشهادة نصراً .

[2] ابو حيدر البياتي قد استشهد في نفس العمليات.


 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net