متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
المقدمة
الكتاب : قدوة في الهجرة والجهاد    |    القسم : مكتبة القُصص و الروايات

المقدمة

 

بسم الله الرحمن الرحيم

والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين

{ولا تحسبنّ الذي قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياءُ عند ربهم يرزقون}

الحديث عن الشهيد حديث عن إشراقة نور الحقيقة في ساحة القرب، بل حديث عن تدلي الشهود وجمال الحضور في فراديس الدنو والجوار الإلهي، خلف أكاليل الرحمة على ربي رياض النعيم.

فأنّى لنا والكتابة عن الشهيد وهو يتقلب في ربوات القدس المشرقة بنور الله.. نور السموات والأرض، فلا يعرف سر الشهيد إلا من وصل إلى شاطئ قدسه وتكلل بنور ذاته ووصل إلى أبواب جنانه.

فالحديث عن الشهيد ليس إلا لمن سار على دربه وحمل البندقية الصمصامة المضرّجة بدمه الطاهر، وسلك طريقه إلى الله يقتفي أثره ويحذو حذوه، فدخل باب الجنة وأصبح من جند الله وخاصة أوليائه رافعاً راية "حزب الله" المفلحين.

فأين نحن والحديث عمّن امتحن الله قلوبهم بالإيمان فأصبحوا كما قال فيهم إمامهم وزعيمهم علي أمير المؤمنين (عليه الصلاة والسلام): "منطقهم الصواب، وملبسهم الاقتصاد، ومشيهم التواضع".

أين نحن من رجال "عظم الخالق في أنفسهم وصغر ما دونه في أعينهم، فهم والجنة كمن قد رآها فيها منعمون، وهم والنار كمن قد رآها فهم فيها معذبون".

أين نحن من رجال الله الذين "صبروا أياماً قصيرة أعقبتهم راحة طويلة، تجارة مربحة يسّرها لهم ربهم، أرادتهم الدنيا فلم يريدوها، وأسرتهم ففدوا أنفسهم من".

الشهيد كما قال في حقه إمامنا الخميني العظيم سلام الله عليه (الشهيد ينظر بنور الله). وشهداؤنا قدس الله أرواحهم الطاهرة قد وصلوا إلى أعلى مراتب الكمال وأرفع درجات العرفان، فهم "ممن لثواب ربهم راجون، ومن عذابه مشفقون، ينظر إليهم الناظر فيحسبهم مرضى وما بالقوم من مرض، ويقول لقد خولطوا ولقد خالطهم أمر عظيم"، حتى وصلوا إلى مراتب اليقين فاطمأنت نفوسهم بذكر الله {ألا بذكر الله تطمئن القلوب}.

لقد باعوا أنفسهم وأموالهم لله سبحانه ورضوا بما أعد لهم من الثواب الخالد والنعيم الدائم، فوطنوا أنفسهم للعقيدة وتحملوا ما تحملوا دفاعاً عنها وذوداً عن حماها، وصبروا وصابروا ومضوا في طريق ذات الشوكة، ولم يستوحشوا من طريق الحق لقلة سالكيه، فصدقوا ما عاهدوا الله عليه ولم يبدوا تبديلاً.

لقد أصبح واحدهم حين تراه "تراه قريباً أمله قليلاً زلـله، خاشعاً قلبه قانعاً نفسه منزوراً أكله سهلاً أمره حريزاً دينه ميتة شهوته مكظوماً غيظه، الخير منه مأمول والشر منه مأمون".

هذه هي النفوس المطمئنة التي استجاب لنداء ربها، فرجعت إليه راضية مرضية.

شهداء سعداء {أحياء عند ربهم يرزقون}، ولكنا لا نشعر بما هم فيه من النعيم والثواب العظيم.

فجزاهم الله عن الإسلام خير جزاء المحسنين ولقاهم نضرة وسروراً... نسأل الله أن يحشرنا مع شهدائنا الأبرار ويلحقنا بهم في مستقر رحمته وأرائك جنته، إنه سميع مجيب.

والسلام عليهم يوم ولدوا ويوم استشهدوا ويوم يبعثون أحياءً.


 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net