متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
الفصل التاسع: تواضعه وكراهيته المدح والعجب بالنفس
الكتاب : قبسات من سيرة الإمام الخميني الحالات العبادية والمعنوية    |    القسم : مكتبة التاريخ و السيرة

تواضعه وكراهيته المدح والعجب بالنفس


شكاني لأنني مدحته!
تحدثت يوماً قبل خطبتي صلاة الجمعة عن حالة عادية ثابتة في حياة الإمام وهي رعايته الاقتصاد وشدة اجتنابه الإسراف إلى درجة أنه لا يريق المتبقي الكأس من الماء بعد أن يشرب منه، بل يحتفظ بالمتبقي لكي يشرب فيما بعد، وقد استمع الإمام لكلمتي عبر الإذاعة فشكاني لنجله المحترم أحمد قائلاً: ( لماذا يمدحني فلانٌ؟!)[1].

قد يدعو عليّ إذا مدحته!
إنني لا أستطيع أن أحدثكم بشيء عن الإمام لأن من المحتمل أن يتأذى مني بشدةٍ إذا عرف ذلك وقد يدعو عليّ بسبب مدحي له !![2].

لماذا تغالون فيّ؟!
كان الإمام يستدعي الذي يبالغون في مدحه في خطاباتهم أو مقابلاتهم أو يذكرون أموراً غير واقعية، ويعاتبهم قائلاً: ( لماذا تتحدثون بأمور لا واقع لها؟ لماذا تصفوني بفوق ما أنا عليه؟)، وقد حدث أحد الأشخاص يوماً وفي حضور الإمام عن شخصيته فاعترض الإمام فوراً وقال: (لماذا تغالون فيّ بهذه الصورة؟!)[3].

لست سوى أحد الخدمة
ذهبنا ـ ضمن أول تشكيلة لمجلس الشورى الإسلامي ـ لزيارة الإمام، وقد مدح أحد السادة الإمام كثيراً فلاحظت الأذى يظهر على وجه الإمام الذي قال في آخر اللقاء: ( أرجوان لا تغرني هذه الكلمات، فلست سوى أحد الخدمة)[4].

لست أنا الذي تصفونه بهذه الأوصاف
زرنا الإمام برفقة أحد الأصدقاء بعد وفاة السيد البروجردي ـ رحمه الله ـ وقد اقترحنا عليه أن يطبع رسالة عملية، فأبى، فأخذ صديقنا بالإطراء عليه وبالغ في ذلك بعض الشيء، فغضب الإمام وقال بلهجة حادة: ( ما هذه الأوصاف التي تطلقونها بشأني؟ لست أنا الذي تصفونه بهذه الأوصاف)!![5].

يقاطع كلام مادحه
تحدث يوماً أحد الأشخاص عن الخصوصيات الأخلاقية والاجتماعية للإمام في حضوره، فظهرت آثار الأذى والغضب على وجه الإمام، وقاطع حديثه اكثر من مرة قائلاً: ( لاتمدحني)!![6].

لا تمدحوني
زرت الإمام يوماً ضمن مجموعة من الإخوة العاملين في الجهاز القضائي، وبعد انتهاء اللقاء ناداني ونحن نخرج من عنده، وعندما رجعت إليه قال: ( يا فلان، أردت أن أقول لكم: لا تمدحوني)[7].

لا تمدحوني في أي مكان
قال لي الإمام يوماً: ( بحكم كونكم من أهل خمين وتترددون على بيتي، فعليكم أن تدققوا في أحاديثكم كثيراً لكي لا يصدر منكم أي مدح لي في أي مكان)[8].

يمنع الكتابة عن حالاته العرفانية
لم تظهر الجنبة المعنوية والعرفانية في شخصية الإمام، بل لم تظهر أبعاد شخصيته عموماً بالمستوى المطلوب، وعلة ذلك هي تقواه وسمو نفسه، فلم يكن يسمح بالكتابة عن حالاته العرفانية والأخلاقية وعن خصوصيات شخصيته، وكان يكرر دائماً القول: ( لا حاجة بي لتعريفي إلى الناس)[9]!

أنا لست كما تقولون
رأيت بنفسي في موارد عدة أشخاصاً يزورون الإمام ويغالون ـ بعض الشيء ـ في مدحه بأوصاف غير عادية فكان الإمام يعاتبهم بشدة ويقول: ( إنني أشكركم لتحدثكم عني بهذه الطريقة، أنا لست كما تقولون)[10].

لا يحق لك مدحي
لا أتجرأ أنا ـ وبصفتي ابن الإمام ـ أن أتحدث عن خصوصياته لأنه يقول لي : ( لا يحق لك أن تمدحني)[11].

جاهد نفسه طويلاً
زرت الإمام مرة برفقة أئمة الجمعة في محافظة كرمانشاه، وقد قلت أثناء اللقاء كلمة لم يعتبرها كلمة صحيحة! في حين كنت أراها أنا صحيحة بالكامل، فقد ورد في الحديث: ( من علمني حرفاً فقد صيرني عبداً)، وقد تتلمذت أنا على يديه مدة لذلك إذا قلت: أنا عبدك، فليس في ذلك أي غلو، ورغم ذلك فقد قلت كلمة (من هذا القبيل) فتأذى بسببها، وهذا الأمر يكشف أنه قد جاهد نفسه عمراً حتى استطاع أن يزكيها[12].

لا يحب أن يمدح
شاهدت الإمام يقطع صوت جهاز التلفاز كلما بث حديثاً فيه مدح له ولا يرفع صوته إلاّ بعد انتهاء مثل هذا الحديث، فهو لا يحب أن يمدح من الأساس.[13]

قطع صوت التلفزيون
كنت جالساً يوماً عند الإمام وهو يستمع لخطاب له كان التلفزيون يبث شريطه المسجل، وقد رأيته مراراً يقرأ خطاباته التي تنشرها الصحف، وبعد أن انتهى خطابه قام الحاضرون وأخذو بإطلاق الشعارات، فرددوا أولاً شعار: ( يا رباه، إلى ظهور المهدي احفظ الخميني)، فبقي الإمام يستمع لهذا الشعار، ثم تغير الشعار وبدأت أصوات الجمهور تردد شعار: ( أنت روحي أيها الخميني، أنت محطم الأصنام أيها الخميني)، وعندها خفضّ الإمام صوت التلفزيون بجهاز السيطرة الذي يحمله بيده ولكنه لما لاحظ استمرار الجمهور في ترديد هذا الشعار خفض صوت التلفزيون مرة أخرى. لكن ترديد هذا الشعار استمر فقطع صوت التلفزيون بالكامل في المرة الثالثة، وصبر حتى انتهى عرض هذا البرنامج وبدأ عرض البرنامج الآخر وعندها رفع صوت التلفزيون مرة أخرى![14].

لماذا تنتهكون حرمتي في بيتي
كان بيت الإمام يخلو من الأمور المألوفة في بيوت المراجع في النجف، فمثلاً من هذه الأمور ظاهرة دور( الحواشي)، ولم يكن الإمام يسمح لأحد بالظهور بعنوان أنه من حاشيته، كما لم يكن يسمح بطبع وتوزيع صوره وباقي الأشياء التي تعتبر وسائل دعاية لأي مرجع. كنا يوماً نصلي صلاة الظهر خلفه في منزله، فجاء شخصٌ وأخذ بتوزيع عدد من صور الإمام بين المصلين، فلما انتبه الإمام لذلك غضب بشدة واعترض على هذا العمل، وقال بلهجة صارمة مقرونة بالغضب والإنزعاج: (لماذا تنتهكون حرمتي في بيتي؟! إنني لا أسمح بالقيام بمثل هذه الأعمال هنا ولا أسمح بالدعاية لي)[15]!

لا يجوز لك إدخال هذا الكتاب إلى بيتي
يشتمل كتاب( الطهارة) الذي ألفه الإمام على أربعة أجزاء أحدها يحمل عنوان (الدماء الثلاثة)، وقد قلت له يوماً: هل تسمح لنا بطبع جزء ( الدماء الثلاثة)؟ أجاب: ( لا علاقة لذلك بي، إن شئتم فاطبعوه، وإن لم ترغبوا في ذلك فلا تطبعوه، الأمر لا يخصني في كلا الحالتين)! قلت: حسنا يا سيدي، أقرضنا مبلغاً من المال لكي نطبعه، ( وكانت الأوضاع المادية لطلبة الحوزة سيئة للغاية في تلك الأيام)، فأجاب: ( ليس لدي مالٌ لمثل هذه الأمور )!

بقي الإمام مصراً على رفضه رغم شدة إلحاحي عليه، فاضطررت بالتالي إلى الذهاب إلى أخيه سماحة آية الله بسنديده، واقترضت منه مبلغ (5) آلاف تومان وطبعت كتاب (الدماء الثلاثة) بحلةٍ قشيبة. وبعد طبع الكتاب قلت للإمام: لقد اقترضت من أخيكم مبلغ (5) آلاف تومان من اجل طبع الكتاب فتفضلو عليّ بأداء هذا القرض نيابة عني! لكنه كرر جوابه السابق: (ليس لدي مالٌ لمثل هذه الأمور! ) وبقي يكرر هذا الجواب رغم شدة إلحاحي عليه ورغم أنني قلت له: أنني هنا في خدمتكم يا سيدي.

وعلى أي حال فقد اضطررت إلى بيع قطعة من السجادة وأشياء اخرى من أثاثي وسددت تدريجياً القرض لآية الله السيد بسنديده! ثم أخذت الكتاب بعد خروجه من المطبعة وذهبت إليه وقلت : لقد طبعت الكتاب يا سيدي ودفعت التكاليف بنفسي فاسمح لي أن أوزعه في بيتكم على السادة الذي يأتون إلى هنا. فأجاب: ( كلا لا تدخل نسخ هذا الكتاب إلى بيتي، ولا يجوز لك إدخاله إلى بيتي )!![16].

ينهي عن بث خطاب يمدحه
إثر إخراج الحكومة البعثية للإيرانيين المقيمين في العراق، ألقى الشيخ الفلسفي خطاباً طويلاً تضمن هذا المعنى: ( لتعلم الحكومة العراقية أن من الممكن الإتكاء على الحراب ولكن ليس من الممكن الجلوس عليها)، وقد اشتمل هذا الخطاب على هجوم عنيف ضد الجهاز البعثي الحاكم في العراق.

وبعد شهور توفي السيد (ﭽهل ستوني) رحمه الله، وفي تلك الأيام أطلق أحد أعضاء مجلس الأعيان في النظام الملكي كلمات قبيحة، فارتقى الشيخ الفلسفي المنبر في مراسم أربعينية السيد (ﭽهل ستوني) وألقى خطاباً أثنى فيه كثيراً على الإمام، وقد وصل الشريط المسجل لهذا الخطاب إلى النجف وسلمه لي المرحوم السيد مصطفى لكي أكثر نسخه، وقد قررنا بث هذا الشريط بعد صلاتي المغرب والعشاء في مدرسة السيد البروجردي حيث كان الإمام يقيم صلاة الجماعة فيها، لكي يستمع طلبة الحوزة لذاك الخطاب، وقد قمنا ببثه مرة، ثم جاء عددٌ من الطلبة وقالوا: إننا لم نستمع لخطاب الشيخ الفلسفي فنرجو تحديد موعد لبثه مرة أخرى، فاستجبنا لطلبهم وقررنا إعادة بث الشريط المسجل لهذا الخطاب، ولم نكن نعلم أن الإمام كان قد طلب من الشيخ عبد العلي القرهي قبل ذلك بثلاثة أيام أن ينقل لي نهيه عن بث هذا الشريط ولكن الشيخ القرهي نسي إخباري بأمر الإمام، ولذلك حددنا موعد بثه وفي الليلة التي حددناها موعداً لذلك جاء الشيخ القرهي وقال: يقول الإمام : ( لا تبثوا هذا الشريط)[17].

إحذفوا كلمة (الأعلى)
أرسل عددٌ من علماء رشت برقية تعزية للإمام ـ بمناسبة وفاة آية الله الحكمي، وقد استخدموا للإشارة إلى الإمام في البرقية تعبير( سماحة السيد) وأرسلوا البرقية لي لكي أوصلها للإمام، ولما سلمتها للإمام تقرر أن أكتب برقية جوابية ثم أبعثها لعلماء رشت بعد عرضها على الإمام، وقد استخدمت في البرقية التي كتبتها وصفاً للإمام ورد في عبارة: ( وقد شكر المرجع الديني الأعلى..)، وقد سلمتها للشيخ القرهي لكي يعرضها على الإمام، وفي اليوم التالي رآني وأخبرني أن الإمام قال: (إحذفوا كلمة الأعلى)[18]!

يجب إزالة هذه الألقاب
عندما طبع كتاب( تحرير الوسيلة) في النجف الأشرف وضعوا على غلافه الألقاب التي اعتادوا على وضعها على الرسائل العلمية من أمثال: آية الله العظمى وزعيم الحوزات العلمية، ولم يكن ذلك بالأمر الجديد فقد عمل مسؤولو المطبعة بما اعتادوه مع كتب المراجع، فلا يمكن إتهام أحد بالتقصير، لكن الإمام عندما عرف بذلك منع توزيع نسخ الكتاب وقال: ( يجب إزالة هذه الألقاب)، فاضطر المسؤولون عن الطبع إلى تغطية هذه الألقاب بشيء لكي لا يكون بالإمكان قراءتها[19].

لا أعطيه شيئاً لأنه مدحني أنا بشعره
أدت مواجهة الإمام لقانون جمعيات المدن والقرى وكشفه للحقائق إلى أن تنشر الصحف خبر إلغاء هذا القانون وتراجعت عن تأييدها السابق له والذي عبرت عنه في مقالات عدة نشرتها بشأنه. وقد أنشد أحد الإخوةـ وكان عالماً فاضلاًـ أشعاراً بهذه المناسبة مدح فيها الإمام، وقد وقف في عصر أحد الأيام وألقى تلك الأشعار. ويومها اقترح بعض الإخوة اصطحابه للإمام للحصول على صلة مالية، فبادرت لذلك وذهبت للإمام وأخبرته بالأمر، فقال: ( لا أعطيه شيئاً لأنه مدحني أنا بشعره)!! ولم أستطع الحصول له ولا على ريال واحد من رغم شدة إلحاحي من أجل ذلك[20].

لم يكن راغباً في الإفصاح عن شيءٍ
قلت للإمام: كان التعجب والاستغراب مسيطراً على الجميع من اختياركم لآية {وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلى اللّهِ}[21]كمستهل لبيانكم بمناسبة موسم الحج لهذا العام، وظل هذا التعجب إلى أن وقعت حادثة الجمعة الدامية في مكة وعندها عرفنا سر اختيار هذه الآية، فتضاعف تعجبنا!!

كان الإمام ـ قبل أن أصل إلى هذا المقطع من الكلام ـ يعينني على الكلام بأسئلته ونظرته وإصغائه المعبر عن اهتمامه بمعرفة الأخبار التي أنقلها والمشاهدات التي أصورها له، ولكن عندما وصلت إلى المقطع المذكور وأردت أن أتحدث بالكناية عن الكرامة التي صدرت من سماحته متجلية باختيار تلك الآية، أطرق حينئذٍ إلى الأرض وأقطب حاجبيه! كأن الحديث ليس جديداً أوليس من الجدير أن يقال!! ولكن يبدو انه لم يكن راغباً في الإفصاح عن شيء بهذا الخصوص ولو بنظراته أو بمشاهدة ما في عينيه[22]!

لا تهتفوا بشعارات التمجيد لي
قال الإمام لي قبل أن يتوجه إلى الحسينية لحضور إحدى لقاءاته العامة بالناس: ( قل لهم أن لا يهتفوا بشعارات التمجيد لي)[23]!

لا تجعلوا أخباري في أول النشرات الإخبارية
سمعت أن الإمام قال للسيد محمد الهاشمي عندما زار الإمام بصفته المدير التنفيذي لمؤسسة الإذاعة والتلفزيون؛ أنه لا يرغب في جعل الأخبار المرتبطة به في صدارة النشرات الخبرية للتلفزيون وإظهار صورته على الشاشة عند إذاعة تلك الأخبار، وقد أجاب السيد الهاشمي على ذلك بالقول: إن الناس يحبون رؤيتكم وسماع أخباركم باستمرار من التلفزيون، وعندها قال الإمام: ( إن علاقتنا بالشعب لم تتولد من خلال الإذاعة والتلفزيون، بل كانت قائمة قبل أن نسيطر على مؤسسة الإذاعة والتلفزيون، ولذلك فلا تؤثر هذه الوسيلة على علاقتنا بالشعب وعلاقة الشعب بنا)[24].

لا تتحدثوا عني بهذا المقدار
كان الإمام لا يحب نقل القضايا المرتبطة بشخصيته في الصحف، ويكرر القول للمسؤولين عنها: ( لا تتحدثوا عني بهذا المقدار )؛ وغاية ارتباطه بالصحف هو أن تنقل الوصايا الإرشادية بشأن قضايا البلاد المختلفة، وفي هذا الموقف درس بليغٌ لنا. كان الإمام يحب كثيراً أن تتحدث الصحف عن هموم الناس وما يرتبط بمطالبهم وما يخدمهم. وفي المقابل لم نلاحظ ولا مرة واحدة أنه يرغب في أن تقدم الصحف خدمة له مهما كانت بسيطة. رغم أن مسؤولي الصحف كانوا يترصدون أبسط إشارة من الإمام تعبر عن مثل هذا الرغبة الشخصية[25].

لم يسمع منه أحدٌ تزكية ومدحاً لنفسه
منذ بداية دخول الإمام الحوزة العلمية، كان الجميع من الخاصة والعامة والأصدقاء والأعداء، يقرون بتقواه وزهده ونزاهته، كان ملتزماً طوال حياته بأداء العبادات من الفرائض والمستحبات، وباجتناب المكروهات، والى جانب كل ذلك لم يسمع منه أحدٌ ولامرة واحدة تزكية ومدحاً لنفسه بل ولا إشارة إلى المشاق التي تحملها في سبيل الله، كما لم يشاهد أحد عليه أي شكل من أشكال التظاهر بالقدسية أو التقوى. ولذلك تجلت في حياته السياسية والاجتماعية روح الإخلاص والابتعاد عن تزكية نفسه ومدحها، فلم نشاهده ولم نسمعه ـ ولامرة وحدة طوال سني الثورة والجهاد ـ يشير مثلاً في رسالة أو بيان أو مقابلة أو خطاب إلى الدور المحوري المهم لقيادته، أو إلى أنه يرى لنفسه ولو سهماً بسيطاً في انتصار الثورة الإسلامية[26].

الإسلام ليس مرتهناً بوجودي
اقترح علىّ أحد الأصدقاء من تلامذة الإمام يوماً أن نذهب إليه عسى أن نقنعه بالموافقة على طبع رسالته العلمية. فدخلنا عليه في أوائل الصباح وهو جالس على بساطٍ متواضع في قسم (البراني) من بيته، فتحدث صديقي قائلاً ما مضمونه: إن المجتمع المعاصر بحاجة ماسةٍ لوجودكم، وقد قال أثناء حديثه كلمة لعل فيها بعض المغالاة دفعه لها شدة حبه وإيمانه للإمام، وأتذكر جيداً أن لون الإمام تغير فجأة عند سماع هذه الكلمة وقال: ( كلا، ليس الأمر كما تقول، الإسلام ليس مرتهناً بوجودي)[27].

نحن في خدمتكم
انتخب مجلس خبراء الدستور لجنة من أعضائه ـ وكنت أحد أعضائها ـ يرتبط عملها بالأصل (111) من الدستور وقد تشرف أعضاء اللجنة بلقاء الإمام وقالوا له: نحن في خدمتكم، نعمل على وفق أي رأي تبينوه لنا! لكن الإمام تعامل معنا بتواضع شديد أثار إعجاب أعضاء اللجنة كافة ودون استثناء[28].

يجتنب مجالس الصدارة
كانت تعقد في أيام الفاطمية مجالس عزاء بالمناسبة في منزل آية الله العظمى السيد البروجردي، وكنت أشاهد الإمام يجلس بتواضع وأدب بالغ بين طلبة الحوزة من المستوى المتوسط بعيداً عن مكان جلوس آية الله البروجردي ـ رحمه الله ـ كان ذلك في سنة 1333هـ.ش، (1954م)، وكان يرتقي المنبر في مجالس العزاء تلك الخطيب المرحوم الشيخ التربتي، وكنت أرى الإمام يصغي لمجلس التعزية وهو على جلسته المؤدبة تلك طوال المدة التي كنا نحضر فيها هذه المجالس، الأمر الذي كان يثير تعجبي، إذ أن المتوقع أن يجلس من كان في مثل مكانة الإمام المرموقة في الحوزة بالقرب من المرحوم السيد البروجردي، لكنه كان يجلس بهيئة المستمع العادي وبتواضع وسط الطلبة العاديين[29].

يكره مظاهر التعظيم
كان الإمام شديد النفرة من الأمور التي تظهره بحالة من الفخامة، لذلك كان يحرص على اجتنابها ومنعها والتحرك كشخص عادي؛ فمثلاً كان يوجد في زقاق (أرك) الذي أعتاد المرور عبره دكان بقالٍ اسمه( الحاج غلام)، وكان هذا البقال جالساً يوماً على علبة سمن بناتي كبيرة في ظل الجدار وقد وضع إحدى رجليه على الأخرى، وفي يده سلسلة يديرها! فلما وصل الإمام إليه ـ وهو في طريقه ـ سلم عليه، فأجابه وهو على هذه الحالة ودون أن يعرفه: وعليك السلام يا سيد، كيف حالك؟![30].

يجيب سلام الأطفال بمودة
على الرغم من حالة الحدة والصلابة التي تميز بها الإمام في مواجهة الجهاز الحاكم، وعلى الرغم من استمرار هذه المواجهة والمشاكل اليومية التي تفرزها، لم يغفل الإمام ـ ولا مرة واحدة على ما أتذكر ـ عن إجابة سلام الأطفال الصغار! كان يجيب سلامهم وهو يدير نظره عليهم جمعياً بنظرات مفعمة بالرأفة ومقرونة بابتسامة محببة[31].

ينظر لمن يسلم عليه
كان الإمام ينظر أولاً إلى من يسلم عليه ليعرف من هو قبل أن يرد سلامه![32]

يسلم على الأطفال
كان الإمام يسبق الآخرين بالسلام دائماً خاصة عندما يدخل عليهم، كما كان يسلم على الأطفال ويعامل الآخرين بحالة عميقة من الرأفة والرحمة رغم ما هو عليه من عظمة تجعل القوى الكبرى تشعر بالرعب من سماع اسمه[33].

سباق للسلام
كنت أسعى أن أبدأ بالسلام كلما دخلت على الإمام في غرفته لكنه كان يسبقني في كل مرة فأضطر للرد على سلامه!![34]

شديد التواضع
لا يمكن أن ينسى تلامذة الإمام بل كل من عاشره شدة تواضعه واهتمامه بتربية تلامذته، كنت منجذباً بقوة لشخصيته محباً له بعمق إضافة إلى علاقة التلميذ والأستاذ التي كانت تربطني به، لم أستطع طوال مدة ملازمتي لخدمته أن أسبقه بالسلام ولا مرة واحدة لأنه كان سباقاً بالسلام دائماً[35].

لم نستطع أن نسبقه بالسلام
كان من الصعب على أي شخص أن يسبق الإمام بالسلام عند دخوله لأي مكان، وكان يحدث مراراً أن نسبقه في الدخول إلى غرفة عمله وتبقى عيوننا معلقة باتجاه الباب انتظاراً لدخوله بحالة الاستعداد للسلام عليه، ولكنه كان رغم ذلك يسبقنا بالسلام إما قبل أن يدخل الغرفة أو فور دخوله!![36]

سلم عليّ بحرارة
كنت أصلي في حرم الإمام علي عليه السلام فانتبهت إلى دخول الإمام وجلوسه في مكانٍ حالٍ إلى جانبي، وعندما أوشكت على إتمام الصلاة لاحظت أن الإمام يتلو دعاءً، فرأيت أن الأدب يقتضي أن أصبر إلى أن ينهي الدعاء ثم أسلم عليه لكنه لم يمهلني لذلك، لأنه بادر ـ وبمجرد إكمالي التسليم في الصلاة ـ إلى الإلتفات إليّ والسلام عليّ بحرارة شعرت معها بالخجل![37]

يسلم عليّ وأنا طالب حوزوي
كنت أسير يوماً في الزقاق الواقع بين مسجد المرحوم الشيخ الأنصاري ومنزل الإمام وأنا مطرقٌ برأسي إلى الأرض، فشعرت وكأن أحداً يسلم عليّ فلما رفعت رأسي وقعت عيني على طلعة الإمام المباركة، فشعرت فور ذلك بضغطة غريبة في داخلي انحبس معها لساني، فالذي أراه أمامي هو الإمام ومرجعي في التقليد ومقتداي، وها أنا أراه يسلم عليّ وأنا طالب حوزوي مبتدأ لا يتجاوز عمري (17) عاماً[38].

سباقاً في السلام على أفراد عائلته
كان الإمام سباقاً في السلام على الحاضرين في كل مجلس دخل إليه، حتى أفراد عائلته كانوا قلما يتمكنون من المبادرة للسلام قبله[39]!

علامته تواضعه
من الخصوصيات البارزة التي كانت ألاحظها في الإمام في الأيام التي كانت غرفتي إلى جوار غرفته في مدرسة (دار الشفاء) الدينية، تواضعه الخاص والمشهود إذ كان يسبق الآخرين في السلام دائماً[40].

يعامل الطلبة كأحدهم
كان الإمام يتعامل مع طلبة الحوزة وكأنه واحد منهم، لم يحدث أبداً أن أسبقه في السلام عندما ألتقي به، فمثلاً كنت أتوقع أن لا يسمع صوتي إذا سلمت عليه عندما تكون الفاصلة بيننا (10ـ15)متراً، ولذلك كنت أستعد للسلام عليه عندما اقترب منه لكنه كان يسبقني في السلام قبل أن أهمّ به![41]

إنه السيد روح الله الخميني
روى نجل رابع شهداء المحراب، آية الله الشيخ الشهيد الأشرفي الأصفهاني الحادثة التالية، قال: ذهبت يوماً للاستحمام في إحدى الحمامات العامة في قم وكان عمري يومها (15) عاماً، وبعيد دخولي الحمام لاحظت أحد السادة قد غطت رغوة الصابون رأسه ووجهه وهو يتلمس أطرافه بيده بحثاً عن وعاء الماء لأن عينيه كانتا مغلقتين، فباردت إلى ملأ الوعاء الذي كان بالقرب مني من الحوض وصببته على رأسه ثم كررت هذا العمل مرة أخرى؛ فلما فتح هذا السيد النوراني عينيه نظر إليّ نظرة شكر وقال: ( هل غسلت رأسك؟)، قلت: لقد دخلت الحمام للتو.

ثم ذهبت إلى زاوية في الحمام وغسلت وجهي ورأسي بالصابون ولكن قبل أن أصب الماء لإزالة رغوة الصابون عنهما، شعرت بالماء يصب عليّ مرتين! ولما فتحت عيني رأيت ذلك السيد الجليل وقد تفضل علىّ بذلك شكراً على ما أسديت له!

ثم أخبرت والدي بما جرى لكنني لم أستطع أن أخبره باسم هذا السيد لأنني لم أكن أعرفه، وبعد مدة رافقت والدي في زيارة بيوت العلماء بمناسبة أحد الأعياد الدينية فرأيت فجأة ذاك السيد، فأشرت إليه وأخبرت والدي فقال: عجيبٌ، إنه سماحة السيد روح الله الخميني![42]

احتدم النقاش فقبل يدّ السيد!
لم يحضرالامام مجلس درس أي من العلماء بعد وفاة آية الله الحائري، واشتغل بالتدريس، وكان يشترك في جلسات بحث مشتركة مع كبار فضلاء الحوزة الهدف منه استكمال مراتب علوم الفقه والأصول، فكان يحضر عدة سنين جلسات البحث المشترك التي كان يعقدها المرحوم آية الله الصدر وآية الله السيد الزنجاني، وقد نقل منهما الحادثة التالية، قال: (احتدم النقاش العلمي يوماً بيني وبين المرحوم آية الله الزنجاني فنشبت بيننا حالة من الحدة، فأخذت يده وقبلتها لكبر سنه وعظمته)[43].

أنا مدين لأبناء الشعب
قضى الإمام ليلة إضافية في بغداد عندما عزم على مغادرة العراق، وذلك بسبب رفض الكويت لدخوله أراضيها. وكان من المقرر أن يتوجه إلى باريس في الساعة التاسعة صباح اليوم وكان يوم الجمعة، وكنا جالسين عنده في ذلك اليوم أي يوم الخميس وقد سيطر الأذى والقلق من المستقبل وتطورت الأوضاع علينا جميعاً، أما الإمام فقد كانت تتجلى عليه حالة عميقة من السكينة ورسوخ العزم وكأنه لم يحدث شيء أصلاً، بل كان يخفف عنا أيضاً! في حين كانت أخبار طهران تتحدث عن أن حالة من الأذى الشديد تسيطر على الأهالي، وان المظاهرات والمسيرات قد ازدادت وأن القلق يسيطر على الجميع.

ولم أنس تلك الكلمة للإمام في ظل تلك الأوضاع الصعبة التي سيطرت فيها الحيرة علينا جميعاً لعدم وجود مؤشرات على مستقبل الحوادث، لقد قال يومها: ( إنني أشعر بالخجل تجاه أبناء الشعب، أنا مدين لهم، إنني أشعر بالحقارة تجاهمم، إنهم يتحملون المشاق من أجلنا ونحن جالسون هنا في راحة كاملة)!

وكم هو عجيب حقاً أن تسمع مثل هذه الكلمات من شخصٍ مشرد منفي عن وطنه، لايمكن معرفة مصيره، فهو ينفي من هنا وهناك، ينتقل من الحدود إلى المطار، من البصرة إلى بغداد، ومن بغداد إلى مكان مجهول، ولا أحد يعرف ماذا سينزل به، ورغم كل ذلك يتصور نفسه أنه في (راحة كاملة)! ويؤذيه تصور أن الناس يتعرضون للمشاق من أجله![44].

اعتذر من جيرانه النصارى
عشية اليوم الذي تقرر فيه عودة الإمام إلى إيران، وقد تأخر الموعد إلى اليوم التالي؛ جاء لزيارته أهالي ضاحية (نوفل لوشاتو) وهم يحملون الكثير من باقات الزهور وكانت بينهم نساء مسيحيات قد غطين رؤوسهن بربطات رغم أنهن لا يعتقدن بوجوب الحجاب! في تلك الليلة سيطرت على هؤلاء النصارى حالة عجيبة وهم يلتقون الإمام، كانوا جميعاً يبكون!

ألقى قائدة الثورة الإسلامية الأكبر كلمة قصيرة في هذا اللقاء! اعتذر فيها من جيرانه هؤلاء وقال: ( إعذروني لقد سببت لكم المتاعب خلال مدة إقامتي هنا)! وقد أجهش أهالي نوفل لوشاتو بالكباء فور ترجمة هذه العبارة من كلام الامام[45].

صرتٌ سبباً لإتعاب الآخرين
ذهب الإمام ـ في الليلة التي كان من المقرر أن ينتقل إلى مدرسة (رفاه) للإقامة فيها ـ إلى منزل أحد أرحامه بسبب شدة ازدحام الأهالي حول المدرسة، وبقي في هذا المنزل إلى حدود الساعة العاشرة مساءً، ثم دخل المدرسة فجأة من الباب الجنوبي، فسيطرت حالة من الذهول على الإخوة في المدرسة وهم يرون الإمام بينهم فجأة! وقد تحدث معهم قليلاً ثم دخل الغرفة التي خصصت له.

ومنذ ذلك اليوم كنت في خدمته، وكان يحالفني بين الحين والاخر توفيق الحراسة قرب غرفته، فكانت تلك الأسحار التي كنت أرى فيها الإمام يقوم فيها للوضوء والاستعداد لصلاة الفجر من أفضل ساعات حياتي؛ إنني أنتمي إلى عائلة علمائية وقد تربيت في بيت العلماء لكنني لم أرّ أبداً عالماً يتحلى بحالة النظم الدقيق مثل الإمام، فقد كان يقوم في السحر، فيضع العمامة على رأسه ويمشط كريمته ثم يشمرعلى ساعديه ثم يخرج للوضوء.

انتابني حالة خاصة عندما رأيته يخرج من غرفته، سلمت عليه، فرد السلام ودعا لي قال: (لقد صرت سبباً لإتعاب الآخرين)، فقلت: بل أنتم رحمة لستة وثلاثين مليون إنسان! فدعا بدعاء لا زالت فقراته ترنٌّ في أذني[46].

أشعر بالصغر مقابل هؤلاء الشباب
كنت يوماً عند الإمام فقال: لا أدري كيف يمكن أن نعرف ونبين قدر هذا الشعب؟! إنني عندما أرى هؤلاء الشباب أشعر بالصغر في مقابلهم)[47].

نحن ضيوف عندكم
غسل الأهالي شارع جمران وزينوه بالورد عند قدوم الإمام إليها للمرة الأولى، كما نحروا عدة ذبائح قرابين شكراً لله على ذلك، ثم علت أصوات الأهالي مرحبة بالإمام عندما وصل إلى شارع الشهيد( حسني كيا)، واستمرت هتافات الترحيب، ووصلت السيارة التي تقل الإمام إلى حسينية جمران، فنزل من السيارة ووقف وقال لمن حوله: ( اجمعوا الأهالي في الحسينية)، ولن أنسى أبداً تلك الحالة الخاصة من الصلابة والوقار والسكينة التي تجلت فيها يومها، لم يكن مصورواً مؤسسة الإذاعة والتلفزيون متواجدون في المنطقة يومذاك لتصوير هذا المشهد التأريخي. لقد ألقى السيد كلمة يومها في أهالي جمران قال في جانب منها: ( نحن هنا ضيوف عندكم لمدة)[48].

تواضعه لتلاميذه
كان الإمام متواضعاً حتى في تعامله مع تلاميذه ومع الذين هم في مراتب دانية للغاية علمياً واجتماعياً؛ فمثلاً استدعاني يوماً لأمر مهم يرتبط بمحافظة آذربيجان التي قضيت فيها فصل الصيف قبل حدود ثمان سنين، وقبل أن يدخل صلب الموضوع خاطبني بالقول: ( أعتذر منكم سببب تحميلي لكم مشقة الحضور إلى هنا)! وقد أثرت هذه الكلمات فيّ إلى درجة أجهشت معها بالبكاء[49].

نحن جميعاً بحاجة للنصيحة
بعث تلاميذٌ في الصف الخامس الإبتدائي في قرية (معدن فيروزه) في منطقة نيشابور، برسالة إلى الإمام قالوا فيها: ( لقد أردنا أن نكتب لكم رسالة ننصحكم فيها مثلما كتب الإمام محمد تقي عليه السلام رسالة إلى والي سيستان نصحه فيها كما قرأنا ذلك في كتاب( التعاليم الدينية والأخلاقية) للصف الخامس. لكننا أنتبهنا إلى أن عملنا هذا خطأ كبير ومعصية، لأنك شخصٌ عظيم ذو تقوى وورع وقد تحديت بصمود قوى الشرق والغرب وأنت تجاهد الآن القوى الشيطانية، أما نحن فأطفال قد لا نميز بين أيدينا اليمنى عن اليسرى! فكيف نقنع أنفسنا بأن ننصحكم؟!..)

وقد كتب الإمام في جواب هذه الرسالة رسالة قال فيها: ( بسم الله الرحمن الرحيم، أبنائي الأعزاء والطيبين، ما أجمل أن تكونوا قد كتبتم لي النصيحة التي كنتم تريدون كتابتها لي! نحن جميعاً بحاجة للنصيحة، ونصيحتكم ـ أيها الأعزاء ـ نقيّة من الأغراض صادرة من صفاء قلب...)[50].

لم يقل إنني مرتبطٌ بالله
كتبت فتاةٌ رسالة للإمام قالت فيها: ( يا إمامنا، نحن نحبك لأنك تحب الله، ونحن نرتبط بك لأنك مرتبط بالله)، فكان الإمام يقرأ هذه الكلمات وهو يبكي ويقول: ( ياليتني كنت مرتبطاً بالله لكي تكون هذه الكلمات مطابقة للواقع)! ولم يقل: أجل، إنني مرتبطٌ بالله حقاً[51]!!

أنا طالب حوزوي عادي
في اليوم الأول لإقامة الإمام في مدينة كرج زاره حجة الإسلام والمسلمين سماحة الشيخ حسين اللنكراني، وقال له في بداية اللقاء: إنني لست جديراً بأن أقبل يدكم فاسحموا لي أن أقبل قدمكم، ثم قال معاتباً: لقد جئتم دون إعلان مسبق وبالتالي دون استقبال وهذا ما لانرضى به! فكان جواب الإمام هو: ( إنني لست سوى طالباً حوزوياً عادياً لا أستحق ما تقولونه)[52]!!

يقف في صف الأهالي لشراء الخبز
اشترى الإمام منزلاً في محلة(يخجال قاضي) في قم تبلغ مساحته حدود (300)متراً مربعاً ويشتمل على عدة غرف، وكان ثمنه ( 13) ألف تومان حصل عليها من بيع منزله أو قطعة أرض كانت له في مدينة خمين، وكان الإمام يعيش في هذا البيت في أيام مجيء السيد البروجردي إلى قم في سنة 1324أو 1325هـ.ش، (1946م) وكنت أراه يقف في صف الأهالي لشراء الخبز بنفسه من الخباز كما كان يقوم بأعمال المنزل بنفسه رغم ما كان يحظى به من مقامات ومكانة اجتماعية وعلمية بارزة[53].

التواضع مبدأُ ثابتٌ في حياته

لم تختلف حالة التواضع التي كانت تميز الإمام في تعامله مع الآخرين والتحدث معهم والإصغاء لأقوالهم بعد انتصار الثورة عما كان عليه حالة قبل انتصارها بل وعما كان يتميز به قبل تسنمه مقام المرجعية الدينية[54].

يغسل نفسه بيت الخلاء
روى لي الشيخ القرائتي يوماً الحادثة التالية، قال: كنا في خدمة الإمام أيام إقامته في ضاحية نوفل لوشاتو، وذات صباح قمت للوضوء، وكانت توجد هناك اثنان أو ثلاثة من بيوت قضاء الحاجة، هممت بدخول أحداها فوجدته قذرٌ جداً فخرجت ورجحت أن أصبر حتى يفرغ الثاني، وأثناء الانتظار لاحظت سيداً يضع على رأسه الكلاة قد مرّ من جانبي ودخل البيت الأول لقضاء الحاجة الذي لم أطق أن أدخله! ثم عرفت أنه الإمام وقد فتح باب هذا البيت وشمر عن ساعده ورفع ثوبه، وأخذ بغسل وتنظيف هذا المكان[55]!!

ما الذي يشكله وجودي؟!
كان الأعداء في الداخل والخارج يبثون بين مدةٍ وأخرى دعايات وإشاعات على نطاق واسع تقول: إن الإمام مريض، ولذلك كان بعض الإخوة يطلبون من الإمام أن يكون له لقاء عام أو يصدر بياناً في مثل هذه الحالات لكي لا تضعف معنويات أبناء الشعب أو المجاهدون، ولكن الإمام كان يقول في رده على هذه الطلبات: ( وهل أن الشعب يقاتل من أجلي لكي تضعف معنوياته بسبب ذلك؟! إنهم يجاهدون في سبيل الله والإسلام ولن يهنوا أبداً، ما الذي يشكله وجودي لكي يقال إن الإسلام والثورة يزولان برحيلي؟)[56].

عبدٌ من عباد الله
اختلى الإمام بنفسه في إحدى غرف مدرسة رفاه، ولم أكن أعرف في أي غرفة هو، طرقت باب إحدى الغرف وقلت: من في هذه الغرفة؟ فسمعت صوتاً من داخلها يقول: (عبدٌ من عباد الله)! أدركت أنه الإمام العزيز لكن هيبته منعتني من الدخول والسلام عليه[57].

أسقط جميع هذه الأعراف
كان على الأفراد في مختلف المستويات العلمية في النجف الأشرف أن يحفظوا حدودهم وثغورهم! فمثلاً لا يمكن للطالب العادي أن يتعامل كأحد فضلاء الحوزة، ولا الفاضل أن يتعامل كمجتهد، ولا للمجتهد أن يتعامل كأحد مراجع التقليد، فكان يجب على كل منهم أن يراعي حدوده وشأنه، فلم تكن تلك الأعراف السائدة تستسيغ أن يزور أحد المراجع بيت طالب حوزوي فقير، وكانت هذه الأعراف توجب أن يبدي الجميع مظاهر التعظيم والإجلال للمراجع والمجتهدين، وأن يزورهم، ولكن عندما ذهب الإمام للنجف كان يزور المدارس الحوزوية في النجف ويتفقد طلبتها وهذا ما لم يفعله ـ ويمكن القول بذلك بكل جرأة ـ أي مرجع للتقليد طوال التأريخ الشيعي، ولكن الإمام أسقط جميع هذه الاعتبارات ووضع أسس سنة إسلامية فاضلة في النجف الأشرف[58].

تواضعه يكسب الآخرين حالة معنوية
زار المرحوم آية الله الجابلقي ـ وهو من تلامذة المرحوم آية الله الحائري اليزدي ومن علماء طهران ـ النجف الأشرف في سنة 1348هـ.ش(1969م)، وحلّ ضيفاً علىّ في منزلي، وقد أخبرت المرحوم السيد مصطفى الخميني بذلك، فأخبرني في الليلة التالية أن الإمام يرغب في المجيء إلى منزلنا لزيارة السيد الجابلقي بعد صلاتي المغرب والعشاء اللتين كان يقيمهما في مدرسة آية الله البروجردي، تعجبت كثيرا ًمن ذلك، وأخبرت السيد الجابلقي بذلك فوراً وكنت قد خصصت له غرفة صغيرة في منزلي أبعادها (3×4)أمتار، وقد التقى الإمام فيها بالسيد الجابلقي وجلس إلى جانبه وتلطف كثيراً بهذا العالم العارف الذي لاحظت عليه بعد ذهاب الإمام حالة معنوية خاصة وتأثراً شديداً بعظمة الإمام وتواضعه[59].

لم تأمروني بالكلام
نقل لي عددٌ من كبار فضلاء الحوزة أن المرحوم السيد البروجردي كان لايرى جواز البقاء على تقليد المجتهد الميت وكان يوجب تقليد المجتهد الحي على الجميع، وقد جلس عنده يوماً إثناء من العلماء لإقناعه بجواز البقاء على تقليد الميت هما: المرحوم آية الله اليثربي ـ وهو من علماء كاشان ومن تلامذة المرحوم الآقا ضياء الدين العراقي ـ والثاني هوالامام، وقد تحدث أولاً المرحوم اليثربي ولكن السيد البروجردي لم يقتنع، وكان الإمام جالساً بأدب ولم يتكلم بشيء وكان من سيرته أن لا يجيب إلاّ بعد أن يسأل، فالتفت المرحوم البروجردي إليه وقال: لماذا لم تتحدث بشيء أيها السيد؟ فقال الإمام: ( أنتم لم تأمروني بالكلام)!

ثم تحدث الإمام بشأن تلك المسألة فاقتنع السيد البروجردي برأيه[60]!

لا يأنف من قبول الرأي السليم من تلامذته
جاء طبيب لمعالجة أسنان الإمام في منزله فاعترض المرحوم الشهيد محمد المنتظري علىعدم ذهاب الإمام لعلاج أسنانه في عيادة الطبيب، فاقتنع الإمام بذلك وأخذ يراجع الطبيب في عيادته للعلاج!

لقد كان الإمام بمثابة الأب للحوزة ولتلامذته ولكنه كان يعاملهم وكأنه صديق من أترابهم، كما لم يكن يأنف أبداً من القبول والأخذ بالرأي السليم من أي منهم، كان يصغي لجميع الأقوال، فيعمل بالصالح منها ويعرض عن الطالح، لم توقعه مدخراته العلمية في الغرور أبداً، فكان يقول إذا عرض رأياً منها قال: ( يحتمل أن يكون الأمر على هذا النحو ويحتمل أن يكون على ذاك النحو)[61].

يكرر الوصية باجتناب الغرور والتكبر
كان التواضع ملكة بارزة في شخصية الإمام الذي بقي إلى آخر عمره المبارك يصف نفسه بأنه أحد طلبة العلم، وقد نقل لنا يوماً قصة أحد الطلبة الذي كان بدأ بدراسة المنطق، فقال لأستاذه في اليوم الثاني لحضور درس المنطق: فما هو قولنا نحن الفلاسفة؟!!

كان الإمام يشدد الوصية دائماً باجتناب الغرور والتكبرّ[62].

صدق خالك
أراد أحد الطلبة ـ اسمه الشيخ رضا وهو صهر المرحوم الميرزا محمد تقي الإشراقي وأبن أخته أيضاً، وان أخت الشيخ شهاب الدين الإشراقي صهر الإمام ـ أن يدرس منظومة السبزواري في الفلسفة، وكان لا يستفيد كثيراً من الدروس العامة ويرجح الدروس الخصوصية، فذهب إلى الإمام وطلب منه أن يدرّسه هذه المنظومة فقال الإمام: ( لا وقت لدي لهذا الدرس ). يقول الشيخ رضا، فذهبت إلى خالي وقلت له: لقد طلبت من السيد روح الله الخميني أن يدرسني المنظومة فقال: لا وقت لدي لذلك). فقال الشيخ محمد تقي الإشراقي: إن لدى السيد روح الله الوقت الكافي لهذا الدرس، لكنه لا يقدر على ذلك! ثم نقلت للسيد روح الله في اجتماع لا حق ما قاله خالي، فأجابني: (صدق خالك)[63].

لا يتقدم أخاه
لم يمش الإمام طوال عمره أمامي سوى مرتين فقط وكانت توجد علة مسوغة لتقدمه عليّ في المشي فيهما[64].

لن أتقدمكم في المشي في أي حال
عندما هبطت الطائرة التي تقل الإمام في مطار طهران في 12/11/1357هـ.ش، (1/2/1979م)، صعد أخوه آية الله السيد بسنديده إلى الطائرة لاستقباله، فطلب من الإمام أن يتقدمه أخوه في الخروج من الطائرة وكان ملتزماً بتقديمه احتراماً فلم يكن يتقدم عليه في المشي أبداً؛ ولكن السيد بسنديده لم يكن يتمكن أن يمشي أمام الإمام بسبب الحساسية السياسية لذلك، في حين أن الإمام كان يرفض أن يمشي أخوه الأكبر خلفه، ولحل المشكلة قال الإمام لأخيه: (إذن انزلوا أنتم من الطائرة أولاً ثم أنزل أنا بعدكم، فإنني لن أمشي أمامكم في أي حال من الأحوال)[65]!

يتحلى بعظمةٍ روحية
في اللقاءات التي كانت للإمام مع أصدقائه، كان يحرص دائماً على تقديمهم أمامه والمشي خلفهم احتراماً لهم، ولم يحدث ذلك مرةً أو مرتين. بل شاهدت بنفسي التزامه به على مدى عشرين عاماً، كان الإمام يتحلى بعظمة روحية ومعنوية تثير الأعجاب حقاً[66].

وأخلاق فريدة
كان الإمام يتحلى بأخلاق فريدة، فمثلاً كان يرافق المرحوم الزنجاني في جلسات الدرس على مدى (25ـ30)سنة، ولكنه كان طوال هذه المدة ملتزماً بالمشي خلف المرحوم الزنجاني ولم يشاهد ولا لمرة واحدة وهو يتقدمه في المشي[67]!

 

_____________________________

[1] حجة الإسلام والمسلمين الأنصاري الكرماني، نشرة خاصة جمعية نساء الجمهورية الإسلامية بمناسبة مرور أربعين يوماً على وفا ة الإمام.

[2] حجة الإسلام والمسلمين الفرقاني، ضمن مقابلة أجريت مع سماحته قبل وفاة الامام.

[3] حجة الإسلام والمسلمين محمد رضا التوسلي.

[4] حجة الإسلام والمسلمين ناطق النوري، صحيفة كيهان18/3/1368هـ.ش.

[5] حجة الإسلام والمسلمين التوسلي، صحيفة جمهوري إسلامي 13/3/1369هـ.ش.

[6] حجة الإسلام والمسلمين الأنصاري الكرماني.

[7] آية الله المحمدي الجيلاني.

[8] حجة الإسلام والمسلمين الجلالي الخميني، كتابحوادث خاصة من حياة الإمام الخميني، ج6.

[9] حجة الإسلام والمسلمين الأنصاري الكرماني، صحيفة اطلاعات26/3/1368هـ.ش.

[10] حجة الإسلام والمسلمين الهاشمي الرفسنجاني، صحيفة جمهوري إسلامي 14/8/1367هـ.ش.

[11] حجة الإسلام والمسلمين السيد أحمد الخميني.

[12] آية الله الشهيد الاشرفي الأصفهاني، مجلةبيام انقلاب، العدد:63.

[13] السيدة زهراء المصطفوي.

[14] حجة الإسلام والمسلمين مسيح البروجردي.

[15] حجة الإسلام والمسلمين السيد محمود الدعائي.

[16] حجة الإسلام والمسلمين علي أكبر المسعودي الخميني، كتابخطوات في أثر الشمس، ج4، ص156.

[17] حجة الإسلام والمسلمين أحمد رحمت.

[18] حجة الإسلام والمسلمين السيد مجتبى الرودباري، مجلة15خرداد، العدد:7.

[19] آية الله القديري، ملحق صحيفة جمهوري إسلامي بمناسبة الذكرى السنوية لوفاة الإمام.

[20] حجة الإسلام والمسلمين عبد العلي القرهي، كتابحوادث خاصة من حياة الإمام الخميني، ج6.

[21] سورة النساء: الآية 100.

[22] حجة الإسلام والمسلمين رحيميان، كتابفي ظل الشمس، ص221.

[23] حجة الإسلام والمسلمين التوسلي، صحيفة جمهوري إسلامي، 13/3/1369هـ.ش.

[24] حجة الإسلام والمسلمين مسيح المهاجري، ملحق صحيفة جمهوري إسلامي بمناسبة الذكرى السنوية الثالثة لوفاة الإمام.

[25] حجة الإسلام والمسلمين مسيح المهاجري، محلق صحيفة جمهوري إسلامي بمناسبة الذكرى السنوية الثالثة لوفاة الإمام.

[26] حجة الإسلام والمسلمين الأنصاري الكرماني.

[27] حجة الإسلام والمسلمين التوسلي، مجلةباسدار اسلام، العدد:13.

[28] الموحدي الكرماني.

[29] حجة الإسلام والمسلمين السيد محمد باقر الحجتي، ملحق صحيفة جمهوري إسلامي بمناسبة الذكرى السنوية الثانية لوفاة الإمام.

[30] حجة الإسلام والمسلمين السيد محمد الموسوي خوئيني ها، مجلةحوزه، العدد:المزدوج:37ـ38.

[31] السيد حسين شهرزادجار الإمام في قم ، مجلةشاهد، العدد:186.

[32] السيد خادم حارس بيت الإمام، كتابفي رثاء النور، ص65.

[33] الدكتور محمود البروجردي، كتاب  حوادث خاصة من حياة الإمام الخميني، ج3.

[34] السيد عماد الدين الطباطبائي.

[35] آية الله السيد عز الدين الزنجاني، مجلةحوزة، العدد:32.

[36] حجة الإسلام والمسلمين رحيميان، كتاب حوادث خاصة من حياة الإمام الخميني، ج5.

[37] حجة الإسلام والمسلمين الموحدي الكرماني.

[38] حجة الإسلام والمسلمين رحيميان، كتابحوادث خاصة من حياة الإمام الخميني، ج5.

[39] حجة الإسلام والمسلمين الآشتياني، مجلةمرزداران، العدد:93.

[40] آية الله السيد حسين بدلا.

[41] حجة الإسلام والمسلمين مرتضى الصادقي الطهراني، كتابحوادث خاصة من حياة الإمام الخميني، ج5.

[42] السيدة زهراء المصطفوي، مجلة حضور، العدد الأول.

[43] آية الله جعفر السبحاني، مجلةحوزة، العدد:32.

[44] حجة الإسلام والمسلمين محمد رضا الناصري، مجلةباسدار إسلام، العدد: 58.

[45] حجة الإسلام والمسلمين هادي الغفاري، مجلةبيام إنقلاب، العدد:183.

[46] السيد أحمد ناطق النوري، صحيفة كيهان، العدد: 11796، وقول الإمام  لقد صرت سبباً لإتعاب الآخرين يشير إلى اعتذاره لتحملهم مشقة حراسته، وعدد الستة والثلاثين مليوناً هو عدد نفوس إيران إبان انتصار ثورتها الإسلامية.المترجم.

[47] حجة الإسلام والمسلمين الهاشمي الرفسنجاني، صحيفة كيهان 1/9/1366هـ.ش، ويقصد الإمام بهؤلاء الشباب المتطوعين للجهاد في جبهات القتال إبان الحرب المفروضة. المترجم.

[48] السيد التيموريمن حرس بيت الإمام، كتابفي رثاء النور، ص63.

[49] آية الله بني فضل، مجلةحوزه، العدد:49.

[50] موسوعة صحيفة نور، ج16، ص55.

[51] حجة الإسلام والمسلمين الرسول المحلاتي، ملحق صحيفة جمهوري إسلامي الخاص بالذكرى السنوية الرابعة لوفاة الإمام.

[52] حجة الإسلام والمسلمين محمد الفاضلي الإشتهاردي، كتابخطوات في أثر الشمس، ج4، ص79.

[53] حجة الإسلام والمسلمين محمد علي الفيض، المصدر السابق، ص83.

[54] آية الله حسين المظاهري، المصدر السابق، ص161.

[55] حجة الإسلام والمسلمين البرهاني.

[56] حجة الإسلام والمسلمين الأنصاري الكرماني، مجلةجهاد روستا، العدد:230، السنة الثامنة.

[57] السيد جواد صفويان، كتاب خطوات في أثر الشمس، ج2، ص60.

[58] حجة الإسلام والمسلمين السيد علي أكبر المحتشمي.

[59] حجة الإسلام والمسلمين السيد علي أكبر المحتشمي.

[60] حجة الإسلام والمسلمين كمال الفقيه الإيماني.

[61] حجة الإسلام والمسلمين محمد رضا السجادي الأصفهاني، كتابحوادث خاصة من حياة الإمام الخميني، ج6.

[62] حجة الإسلام والمسلمين مجتبى الرودباري، مجلة15خرداد، العدد المزدوج:5ـ6.

[63] حجة الإسلام والمسلمين الصادقي الطهراني، مجلةنور علم، الدورة: 3، العدد:7.

[64] آية الله السيد بسنديدة شقيق الإمام الأكبر، المصدر السابق.

[65] حجة الإسلام والمسلمين السيد مهدي إمام الجمران، مجلةحضور، العدد:3.

[66] آية الله السيد رضا بهاء الديني، مجلةحوزة، العدد:32.

[67] حجة الإسلام والمسلمين مجلةشاهد بانوان، العدد:167.


 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net