متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
الفصل الخامس: قيامه في الليل وتهجده في الاسحار
الكتاب : قبسات من سيرة الإمام الخميني الحالات العبادية والمعنوية    |    القسم : مكتبة التاريخ و السيرة

قيامه في الليل وتهجده في الاسحار


المواظبة على صلاة الليل
كان الالتزام والاهتمام بصلاة الجماعة ونافلة الليل من المعالم المهمة لمرحلة دراسة الإمام للعلوم الدينية[1].

كان مجتهداً في إقامتها منذ شبابه
لم يترك الإمام صلاة الليل طوال المدة التي كانت ملازماً لخدمته، وينقل السادة الذين كانوا ملازمين له قبلي من زملائه في الدراسة أو الذين كانوا يشاركونه الإقامة في غرفة واحدة في المدارس الدينية، ينقلون انه كان مجتهداً في إقامة صلاة الليل منذ أيام شبابه، الاولى عندما كان منهمكاً بدراسة العلوم الدينية[2].

السيد روح الله من المجتهدين

كان اهتمام الإمام بالتهجد والعبادة أمراً مشهوراً بين أهل العلم سواء من فضلاء الحوزة أو من طلبتها الجدد، وكان الجميع يقولون: إن السيد روح الله الخميني من المجتهدين المتعبدين[3].

يجتنب إن يشعر به أحد وهو يقوم الليل
يقول أحد أرحام الإمام الذي كان معه منذ إن كان عمر الإمام (15) عاماً: كنا معاً في خمين وعمر الإمام (15) عاماً، وكان الإمام يستعين بمصباح زيتي صغير للذهاب إلى الطرف الأخر من المنزل لكي يقيم صلاة الليل دون إن يوقظ أحداً.

وتقول السيدة زوجة الإمام: لم يحدث إلى الان، ولا لمرة واحدة إن أستيقظ أحد من النوم بسبب قيام السيد لصلاة الليل، لأنه لم يكن يوقد أي مصباح أثناء قيامه، لا مصباح الغرفة ولا مصباح الممر ولا حتى مصباح محل الوضوء، بل كان يضع قطعة من الإسفنج تحت صنبور الماء لكي لايوقظ صوت صب الماء أحداً وهو يتوضأ لصلاة الليل[4].

يقيم صلاة الليل في ساعة ثابتة
قال أحد أصدقاء والدي ـ رحمه الله ـ وكان مقارباً له في العمر: كنا نقيم أيام الشباب مع الإمام في مكان واحد، وكان السيد الخميني يومها في مقتبل الشباب، وكنت أستغرب من انه كان يستيقظ ـ ورغم صغر سنه ـ في ساعة معينة ثابتة قبل آذان الفجر من أجل إقامة صلاة الليل، وكنت أنا أيضاً ملتزماً بصلاة الليل لكن استيقاظي لإقامتها كان بسبب استيقاظه هو لإقامتها[5].

يخلو في بستان لصلاة الليل
قبل انتفاضة (15) خرداد 1342هـ.ش، 5 حزيران (1963م)، كان الإمام يخرج في بعض الأسحار إلى بستان يقع بالقرب من منزله ويقيم صلاة الليل فيه، وقد مررت ليلة قبل أذان الفجر على هذا البستان فسمعت صوت بكاء وتضرع شخص فاقتربت من المحل فوجدت رجلاً ساجداً وهو يناجي الله بتضرع وبكاء ثم لاحظت الدموع تغطي طرفي وجهه، منعني الحياء من التقدم اكثر، فوقفت إلى جوار البستان منتظراً خروج هذا السيد لكي أتعرف على هويته، وبعد انتهاء صلاته قام وخرج فلما أمعنت النظر عرفت أنه السيد الخميني[6].

يتهجد لله بحضور قلب لا يوصف
هطلت الثلوج بغزارة على قم في إحدى السنين وبلغ ارتفاعها حدود خمسة إلى ستة أذرع، وقد أدى ذوبانها إلى حدوث سيل خرب نصف المدينة، في تلك السنة وفي ظل هذه الأوضاع الجوية الصعبة كان السيد الخميني يخرج من مدرسة دار الشفاء ويدخل المدرسة الفيضية ويكسر بكل صعوبة الثلج المتجمد أعلى حوض الماء فيها لكي يتوضأ منه، ثم كان يذهب بعد إسباغ الوضوء إلى محل التدريس في المدرسة حيث يكون الظلام مخيماً فيه ويعمد إلى التهجد والعبادة في حالة الطيبة إلى أول أذان الفجر وعندها يتوجه إلى مسجد (بالاسر) ويقيم صلاة الفجر جماعة خلف الشيخ الميرزا جواد الملكي، ثم يرجع إلى المدرسة لمتابعة مباحثاته العملية.

أستطيع القول أنه قلّ نظيره في العبادة والتهجد من بين زملائه إن لم أقل أنه لا نظير له في ذلك[7].

يتورع عما يحرمه من قيام الليل
سمعت أحد الأصدقاء القدماء يقول: امتاز الإمام عن جميع أقرانه بخصلتين: الاولى انه لم يكن يشترك في المجالس التي ترتكب فيها الغيبة بل كان ينهي عن الغيبة كل حزم؛ والثانية شدة التزامه بصلاة الليل[8].

لم يترك أبداً صلاة الليل
يتفق الجميع على إن الإمام لم يترك صلاة الليل منذ أيام المدرسة[9].

وحتى في طريق السفر
رافقنا الإمام في أسفار عدة أيام شبابنا، والله يعلم بعمق الروح الأبوية العطوفة التي كان يعاملنا بها ونحن نرافقه في تلك الزيارة إلى مشهد، لا زلت أشعر بالخجل كلما تذكرت الأيام التي حالفنا فيها توفيق مرافقته في تلك الزيارة. في تلك الأيام كانت العساكر الأمريكية والإنجليزية والروسية تحتل أجزاء من إيران، لذلك فعندما رجعنا من مدينة مشهد أوقف الروس السيارة بهدف تفتيشها، فنزلنا جميعاً، ثم توجه الإمام لإقامة نافلة الليل التي لم يتركها أبداً منذ بلوغه سن التكليف الشرعي.[10]

على مدى سبعين عاماً
قضية إقامة الإمام لصلاة الليل متواترة، لقد التزم بها على مدى سبعين عاماً.[11]

لم تغفله أياما العرس عن التهجد في الأسحار
قال السيد الحاج مصطفى الخميني ـ رحمه الله ـ: من المألوف أن الإنسان يبتعد بعض الشيء عن برامجه الحياتية العادية من القراءة والدراسة وأمثالها في الأيام الاولى لزواجه، أما الإمام فقد استمر بعد زواجه على برنامجه المعتاد، فكان يتناول طعام عشاءه بعد عودته من صلاة الجماعة ثم ينام مبكراً لكي يستيقظ آخر الليل لإقامة نافلة الليل والتهجد.[12]

يتحرى الإخلاص لله في قيام الليل
كان الإمام ينزل أيام زيارته لكربلاء في بيت وضعه تحت تصرفه أحد الإيرانيين المقيمين في الكويت، وكان ينزل فيه أيضاً عددُ من الطلبة، فكان الإمام يقوم في الأسحار لصلاة الليل بطريقة هادئة للغاية بحيث لا يوقظ أياً حتى في أيام الصيف عندما كانوا ينامون في ساحة البيت.

لقد كنت ملازماً لخدمته عدة سنوات دون إن أشعر به أثناء قيامه لصلاة الليل لكنني كنت على يقين انه يقوم لأدائها بصورة خفية لا يشعر بذلك أحد، فقد كنت أستيقظ أحياناً أثناء قيامه لصلاة الليل فأراه يتحرى الهدوء الكامل في تحركه لكي لا يوقظ أحداً.[13]

التهجد الليلي في باريس
أتذكر أنه كانت توجد في محل إقامة الإمام في باريس غرفتان صغيرتان كنت أنام في إحداهما، وفي السحر كنت أرى الإمام يقوم بغاية الهدوء دون إحداث أي صوت ويمشي مثل الظل حقاً ثم يتوضأ ويقيم نافل الليل التي كان ملتزماً بها وهو في باريس أيضاً، يقول بعض أفراد عائلته والمقربين منه: سعينا لمعرفة الوقت الذي يقوم فيه الإمام لصلاة الليل هنا ـ في باريس ـ لكننا لم نستطع ذلك لأنه كان يقيمها بهدوء دون أن يشعر بذلك أحداً.[14]

يتوجه بإقبال على العبادة والمناجاة
قال المرحوم الشيخ نصر الله الخلخالي: امتدت صداقتي للإمام أربعين سنة وقد بتنا معاً الكثير من الليالي فلم أره يترك صلاة الليل أبداً، كان يستيقظ دائماً قبل الفجر ويتوجه بإقبال على العبادة والمناجاة.[15]

شديد التضرع والبكاء في تهجده
كان الإمام ذاكراً لله تعالى في كل عمل وعلى كل حال، ولم ينقطع أبداً عن الذكر والدعاء والبكاء والمناجاة والتضرع لله تعالى في الأسحار، لقد صورت لحظات من أيامه الأخيرة ولكنها لم تعرض عبر التلفاز بالكامل، ولو عرضت هذه الأفلام المصورة بالكامل لرأيتم كيف كان يمسك بلحيته المباركة وهو يبكي بحرقة أثناء مناجاته لله تعالى[16].

يتهجد بنشاط في أصعب الأزمات
أشيع في قم بعد ليلتين من وقوع فاجعة المدرسة الفيضية أن قوات الشاه الخاصة قد تحركت من طهران باتجاه قم بهدف مهاجمة بيت الإمام في قم واغتياله، وقد روج الحكم الملكي هذه الإشاعة بنفسه بهدف بث الرعب في أوساط الأهالي، وقد ألح العشرات على الإمام أن يغير مكانه في تلك الليلة، وقد سمعت أن المرحوم الشيخ القدوسي أرسل زوجته إلى بيت الإمام لكي تنقل له هذا الطلب، نقل الشيخ الإشراقي ـ رحمه الله ـ أن الإمام قال حينئذ: (أذهبوا جميعاً هذه الليلة فلا أحب أن يصاب أي منكم بأذى من أجلي).

وأضاف الشيخ الإشراقي: لم يبق معه أحد سواي والشيخ القرهي، ولم أنم أنا إلى الصباح، اما الإمام فقد نام بدون أي قلق ثم استيقظ في موعده المعتاد لصلاة الليل وأقبل بنشاط على العبادة.[17]

يقيم نافلة الليل ليلة اعتقاله وهو في السيارة
لم يترك الإمام صلاة الليل حتى في الليلة التي اعتقلوه فيها فقد أقامها وهو في السيارة التي نقلوه بها من قم إلى طهران، وقد قال لي أحد الشرطة الذين رافقوا الإمام ولعل أسمه الرائد (عصار): لقد أثرت فينا صلاة الإمام بقوة جعلت أحدنا يجهش بالبكاء بصورة متصلة إلى أن وصلنا إلى طهران![18].

قام بعد نومة قصيرة للتهجد رغم التعب
في الساعة العاشرة من مساء يوم 16/1/1343هـ.ش(5/4/1964م) رجع الإمام إلى قم (بعد إطلاق سراحه)، وقد استمر تدفق الأهالي على منزله لزيارته إلى الساعة الثانية عشرة والنصف إذ اقنعوهم بالتفرق بعد طول سعي، وقد نقل الذين باتوا في منزله في تلك الليلة أنه لم ينم سوى ساعتين استيقظ بعدهما للتهجد[19].

لم يمت أحد، إنه بكاء السيد في تضرعه!
روى أحد علماء طهران ـ وكان ذلك قبل سنة 1341هـ.ش، (1962م): حللت ضيفاً على المرحوم السيد مصطفى في أحدى الليالي، وقد قضينا شطراً طويلاً من الليل في البحث والأحاديث العلمية، ثم نمنا ولكن بعد فترة قصيرة من نومنا استيقظت على صوت بكاء ونحيب، فأيقظت السيد مصطفى للصوت ثم قال: كلا، انه صوت بكاء سماحة السيد( وكان السيد مصطفى يذكر الإمام بهذا الوصف)؛ فهذا وقت إقامته لصلاة الليل والتهجد والتضرع لله.[20]

يتململ في تهجده تململ الحزين
حدثني يوماً الشيخ المسعودي ـ الذي كان يسكن منزلاً مجاوراً لمنزل الإمام ـ قال: سمعت في إحدى الليالي صوت بكاء حزين للغاية، فقلت: لعله صوت رجل مبتلى بأزمة شديدة، فخرجت من المنزل متتبعاً الصوت ووصلت إلى خلف منزل الإمام فوجدت شيئاً وكأنه عباءة مفروشة على الأرض، ثم لا حظت أن الصوت يأتي من جهة العباءة، ثم عرفت انه الإمام يتضرع ويبكي وهو يناجي ربه.[21]

يتهجد في الأسحار رغم المرض
قبل أن أتشرف بزيارة النجف التقيت ـ في قم ـ شخصاً كان قد زار النجف والتقى الإمام فحدثني قائلاً: عندما ذهبنا إلى النجف كنا نتردد على منزل الإمام بكثرة، وكانت من الفقرات الثابتة في برنامجه اليومي انه كان يجلس في قسم (البراني) من بيته بعد ساعتين ونصف من غروب الشمس لكي يستقبل من يرغب في لقائه أو في زيارته لحاجات شتى، ثم يقوم متوجهاً لزيارة حرم أمير المؤمنين عليه السلام بعد ثلاث ساعات بالضبط من غروب الشمس، وكان ملتزماً بذلك لا يتخلف عنه إلاّ أن تقع حادثة طارئة.

وفي أحدى الليالي لم يستطع الإمام التشرف بزيارة الحرم العلوي لمرض أصابه، وكانت درجة حرارته عالية جداً، فذهبوا لاستدعاء الطبيب لمعالجته لكنهم لم يعثروا على طبيب إلاّ في الساعة الثانية بعد منتصف الليل فرجوه أن يرافقه في الذهاب إلى الإمام لفحصه.

ولما دخلنا بيت الإمام برفقة الطبيب كنا نتوقع أن نجده نائماً بسبب مرضه لكننا عندما دخلنا غرفته بعد دق الباب للإستئذان رأيناه جالساً على سجادة الصلاة وهو يؤدي نافلة الليل رغم الحمى التي أصابته!!

صبرنا بانتظار إتمامه الصلاة، وبعد أن أتمها فحصه الطبيب فوجد أن درجة حرارته قد بلغت (42) درجة ومثل هذه الحمى كفيلة بإضعاف حتى الأقوياء والشباب وجعلهم عاجزين عن الوقوف على أقدامهم وأداء صلاتهم الواجبة فضلاً عن النوافل ! لكن الإمام ـ رغم ذلك ـ قام ببرنامجه العبادي المعتاد، وذلك ببركة عمق حبه لله تعالى ورسوخ روح التعبد له عز وجل في قلبه.[22]

يقيم نافلة الليل على كل حال
أتذكر أن الإمام أصيب بآلام حادة في الظهر مرتين أو ثلاث عندما كان في قم كانت تجعله يبقى عاجزاً عن التحرك سبعة أو ثمانية أيام، وقد أصيب بذلك مرة أخرى في النجف استمرت (25) يوماً فاضطروا إلى استدعاء طبيب كويتي من بغداد لمعالجته، ولكنه رغم ذلك لم يترك لا في قم ولا في النجف إقامة صلاة الليل في تلك الأزمات الصحية الحادة، ومعلوم أن من الممكن إقامة نافلة الليل عن جلوس بل وعن اضطجاع أيضاً، وعلى أي حال فان الإمام كان شديد الالتزام بإقامة نافلة الليل.[23]

يقوم في الساعة الثالثة سحراً
أدخل الإمام إلى المستشفى للعلاج إثر أزمة قلبية أصابته سنة 1365هـ.ش(1986م)، ثم عاد إلى المنزل بعد تحسن نسبي لصحته.وفي إحدى الليالي انتبهت ـ وكنت إلى جواره ـ إلى انه قام في الساعة الثالثة سحراً لأداء صلاة الليل وهو في تلك الحالة المرضية الصعبة التي لم يستطع معها مسح رجله وهو يتوضأ إلاّ بعد أن أستند على كتفي، لكنه لم يترك نافلة الليلة رغم ذلك.[24]

ويتهجد لله في الظلمة
روى أحد العلماء قائلاً: كنت نائماً في إحدى ليالي شهر رمضان على سطح المنزل في النجف، وكان منزل الإمام صغيراً لا تتجاوز مساحته (45)متراً مربعاً، فانتبهت لأسمع صوت زمزمة ثم عرفت أن السيد كان يقيم نافلة الليل في الظلمة وقد رفع طرفه إلى السماء وهو يبكي بتضرع، وكان برنامجه العبادي إحياء ليالي شهر رمضان المبارك إلى الصباح بالصلاة والدعاء.[25]

يناجي ربه بالمناجاة الشعبانية
كان الإمام ينهض قبل ساعة من أذان الفجر للتهجد ومناجاة الله، وكنت نائماً في إحدى ليالي شهر شعبان بالقرب منه فاستيقظت على صوت بكائه أثناء التهجد، الأمر الذي جعلني أرتجف بقوة! لقد شاهدت عياناً كيف كان الإمام يتلو بتضرع لله المناجاة الشعبانية التي كان ملتزماً بمناجاة الله بها.[26]

صلاة الليل في سحر مغادرته العراق
كان الوضع في منزل الإمام في الليلة التي تقرر مغادرته العراق في صباحهاـ جدير بالمشاهدة حقاً، فقد كانت حالة الاضطراب تسيطر على والدتي وأختي وحسين ابن اخي وزوجتي وزوجة أخي، وأنا أيضاً كان كل ذهني متوجه للإمام، أما الإمام نفسه فقد نام في الوقت المعين لنومه كما في الليالي السابقة، ونهض طبق وقته المعتاد ـ قبل ساعة ونصف من أذان الفجرـ وأقام نافلة الليل.[27]

يعد العدة للاستيقاظ للتهجد السحري
عندما عزمنا على مغادرة العراق إلى الكويت؛ تحركنا في الساعة الخامسة صباحاً أي بين الطلوعين لكي لا ينتشر خبر مغادرة الإمام للنجف بسرعة، وكان عمر الإمام يومذاك(80) عاماً، عندما وصلنا إلى الحدود الكويتية لم يسمحوا لنا بالدخول، فرجعنا إلى الحدود العراقية وهناك تعاملوا مع الإمام بأسوا صورة ممكنة فلم يعطونا حتى غرفة يستريح فيها الإمام، ولذلك اضطر إلى فرش عباءته جوار غرفة خربة واضطجع عليها.

وفي الساعة الحادية عشرة أو الثانية عشرة ليلاً وصل الأذن من بغداد بالسماح لنا بالعودة إلى البصرة، فرجعنا اليها ووصلنا في الساعة الواحدة أو الواحدة والنصف بعد منتصف الليل، وبالتالي لم ينم الإمام إلاّ في الساعة الثانية بعد منتصف الليل إذ استغرق تهيئة مكان لنومه حدود ساعة، ولم يطل الأمر كثيراً حتى دق جرس الساعة المنبهة، وقد نظرت إلى الساعة فوجدت عقاربها تشير إلى الرابعة سحراً، ورأيت الإمام وقد نهض لإقامة صلاة الليل! اجل فهو ورغم كبر سنه ورغم انه لم ينم إلى الساعة الثانية بعد منتصف الليل ـ لم ينس أن يوقت الساعة لكي يستيقظ لإقامة نافلة الليل.[28]

ينهض في الوقت المحدد لتهجده
كان الإمام ـ أيام إقامته في باريس ـ يتوجه للنوم في الساعة (11) مساءُ، ويستيقظ في تمام الساعة(3)سحراً لإقامة صلاة الليل، وكنت أنام خارج الغرفة التي كان ينام فيها، وبالقرب من بابها وذلك لمهمة كلفت بها ضمن إجراءات حراسته. وكانت غرفته تشرف على ساحة المنزل ولذلك كنت قلقة على سلامته، ولذلك كنت أنام هناك دفعاً للمخاطر المحتملة، وقد كنت اسمع صوت مناجاته أثناء تهجده السحري الذي كان يقوم اليه في تمام الساعة(3) سحراً فلم أتذكر أنه قام قبل هذا الموعد بخمس دقائق أو بعده بخمس دقائق.[29]

في الليلة الأولى لوصوله باريس
في الليلة الأولى لوصولنا إلى باريس، نهض الإمام كعادته لإقامة نافلة الليل، وفي الصباح استدعانا وقال: (لقد طال جلوسي في انتظار ظهور علائم الفجر هنا فلم تظهر)! فقلت: أن أذان الفجر يتأخر هنا بمقدار ساعتين ونصف عن أذان الفجر في إيران، وبمقدار ساعتين عن أذان الفجر في النجف!

لقد نهض الإمام لنافلة الليل في وقته المعتاد في النجف وهو يسبق ما يتناسب مع أفق باريس بساعتين )[30].

يقيم نافلة الليل على متن الطائرة
أقام الإمام صلاة الليل على متن الطائرة التي أقلته من باريس إلى طهران، وأتذكر أنه كان يضع علبة الإبرة المغناطيسية لمعرفة اتجاه القبلة باستمرار لكن مؤشرها لم يكن يتحرك، فسألنا قائد الطائرة عن سبب ذلك، فأخبرنا أن الإبرة المغناطيسية لا تعمل في الطائرة، فسأله الإمام عن جهة مكة المكرمة فأشار إلى جهتها، فصلى نافلة الليل بهذا الاتجاه.[31]

ويتخلى في طابقها العلوي للتهجد
عندما تحركت بنا الطائرة من باريس إلى طهران جلس الإمام مدة في طابقها السفلي ثم صعد إلى طابقها العلوي للاستراحة، ثم جاء مضيفوا الطائرة وبينوا جهة القبلة ثم عادوا مرة أو مرتين وأخبروا عن انحراف جهتها إلى اليسار أو اليمين بسبب تغيير مسار الطائرة، فخطر في ذهني أن أسأل عما يقوم به الإمام، فعلمت أن قام للصلاة والعبادة بعد فترة وجيزة من الاستراحة[32].

رأيت الدموع تغطي وجهه
قال أحد أصحاب الإمام الذين رافقوه في رحلة العودة من باريس إلى طهران، لقد خصصوا الطابق العلوي من الطائرة للإمام إجلالاً له ولكي يستريح فيه دون أن يزاحمه أحد، فتجرأت على الذهاب إلى الطابق العلوي لكي أرى ما يفعله الإمام، فلما صعدت وجدته مقبلاً على أداء نافلة الليل وقد غطت الدموع وجهه.[33]

وهي تحكي حبه لله
نام الجميع في الطابق السفلي من الطائرة التي أقلتهم برفقة الإمام من باريس إلى طهران، أما هو فقد كان يقيم صلاة الليل في الطابق العلوي، ولو أمعنتم النظر إلى وجهه لرأيتم أثار الدموع على وجنتيه وهي تحكي بكاءه وتضرعه في الأسحار وهو يتهجد لربه ويناجيه[34].

هذه سيرته في كل ليلة
أقام الإمام نافلة الليل على متن الطائرة التي عدنا بها إلى طهران، وكان يبكي في تضرعه لله أثناء ذلك، الأمر الذي تعجب منه مضيفي طائرة الخطوط الجوية الفرنسية، فسألوني ـ بالإشارة ـ هل ثمة أمر أحزن الإمام، فأجبتهم ـ بالإشارة أيضاً ـ: إن هذه هي سيرته في كل ليلة![35].

قام بسكينة للوضوء
في طريق عودته من فرنسا إلى إيران، قام الإمام ـ بسكينته التي يتميز بها ـ وتوضأ وصعد إلى الطابق العلوي في الطائرة حيث أقام نافلة الليل[36].

وأقام النافلة بكل طمأنينة
كانت حالة السكينة تطفح على ملامح الإمام وهو داخل الطائرة التي عادت به من باريس إلى طهران، فلم يظهر عليه أدنى اضطراب، وقد أقام في تلك الليلة أيضاً بكل طمأنينة نافلة الليلة وصلاة الفجرـ قبل التحليق ـ طبق برنامجه المعتاد[37].

نافلة الليل في سيارة الإسعاف وبين الأرض والسماء!
أقام الإمام نافلة الليل وهو مضطجع في السيارة التي نقلته ليلاً من قم إلى المستشفى القلب في طهران للعلاج، وأستطيع الإدعاء أن الإمام هو الإنسان الوحيد الذي أقام صلاة الليل بين السماء والأرض، فقد أقامها في الطائرة التي عادت به إلى إيران[38].

يقوم بآداب الاستعداد للقاء الله في الأسحار
إن من أفضل ساعات عمري هي تلك الساعات التي كنت أشاهد الإمام ـ أيام ملازمتي لخدمته في مدرسة علوي ـ وهو يقوم في جوف الأسحار للوضوء والتهجد والعبادة ثم إقامة صلاة الفجر، إنني من عائلة علمائية، ولكنني لم أر أبداً عالماً مثل الإمام في دقته ونظمه بحيث يهتم في جوف الليل بترتيب عمامته على رأسه وتمشيط لحيته استعداداً للصلاة[39].

لا تصده الأزمان عن لقائه السحري
ذهب عدد من الإخوة ليلة الثاني والعشرين من بهمن إلى الإمام وطلبوا منه بإلحاح أن يغادر محل إقامتة في مدرسة علوي في تلك الليلة ويتوجه إلى مكان آمن، لكنه رفض هذا الاقتراح بسكينة وطمأنينة. وأتذكر أن الشيخ الخلخالي قال يومها: لقد قررت أن أقضي هذه الليلة عند باب غرفة الإمام لكي أكون أول من يضحي بروحه لو وقعت له أية حادثة ـ لا سمح الله ـ.

والأهم من ذلك هو أن ألفت انتباهكم إلى ما قام به الإمام في تلك الليلة التي شهدت أشد الساعات تأزماً واضطراباً، لقد قام بما كان يقوم في الليالي السابقة من نافلة الليل وغيرها وقضى الليل بكل سكينة وطمأنينة[40].

النافلة في السجن والمنفى
منذ خمسين عاماً والإمام لم يترك نافلة الليل في صحة كان أو مرض، في سجن أو خارجه، في المنفى وغيره، حتى وهو راقد على سرير المرض في مستشفى القلب. أصابت الإمام وعكة صحية في قم، فأمر الأطباء بنقله إلى طهران، وكان الجو بارداً للغاية يومها والثلوج تهطل باستمرار وقد تجمدت الثلوج في الطرق بكثافة ولذلك بقي الإمام عدة ساعات في سيارة الاسعاف، لكنه رغم ذلك لم يترك نافلة الليل حتى في تلك الليلة فقد أقامها فور نقله إلى مستشفى القلب.[41]

تابع تهجده دون قلق
في سحر إحدى الليالي جاؤوا بخبر يقول: أن مؤامرة انقلاب عسكري ستنفذ وشيكاً، فدخل السيد أحمد بصورة عاجلة على الإمام لكي ينقل له هذا الخبر فوجده يصلي نافلة الليل؛ وهو العمل الذي كان يلتزم بالقيام به في كل ليلة في هذا الوقت، فوقف مدة طويلة منتظراً والإمام غارق في مناجاة الله والتضرع اليه تعالى! وعندما أطلعه السيد أحمد على نبأ المؤامرة أجابه بسكينته الثابتة وطمأنينة المعهودة: (لا بأس، ليس ثمة ما يدعو للقلق، إذهب مطمئن البال)! ثم تابع إقامة نافلة الليل والتهجد[42]!

يستيقظ قبل ساعة ونصف من الفجر
يتوجه الإمام للنوم في الساعة الحادية عشر والنصف إلى الثانية عشر من كل ليلة، ويستيقظ قبل ساعة ونصف من طلوع الفجر وأذان الصبح، مستعيناً بساعة صغيرة ذات جرس منبه، وصلاة صبحه لا يمكن وصفها بالبيان فهي مما يدرك بالعيان والمشاهدة، يبكي في الصلاة ويناجي ربه ويتضرع له، تقول والدتي أنها شاهدة على أن الإمام لم يترك صلاة الليل منذ كان عمره(28) عاماً، أي منذ زواجهما، فيما يشهد زملاءه الذين كانوا يشاركونه الإقامة في غرفة واحدة في المدرسة الدينية أنه لم يترك نافلة الليل منذ بداية دراسته العلوم الدينية[43].

عمق تضرعه لله في الأسحار
اضطررت بعد منتصف إحدى ليالي شهر رمضان إلى المرور ـ لأمر معين ـ من أمام غرفة الإمام فأنتبهت إلى أنه يتهجد ويناجي الله ويتضرع إليه ويبكي بحرقة فأثر فيّ بشدة وعمق ما رأيته من خضوع وتضرعه لله عز وجل[44].

لذة العبادة في أيام الشباب
قبل مرض الإمام الأخير؛ كان أحد الإخوةالحرس ينام خلف باب غرفته، فسألته يوماً عن مشاهداته خلال الليالي التي قضاها للحراسة في هذا المكان فقال: كان الإمام يستيقظ عادة قبل أذان الفجر بساعتين، وفي إحدى الليالي انتبهت إليه وهو يبكي بصوت عال فبكيت لبكائه. وعندما خرج لتجديد الوضوء انتبه لوجودي فقال لي : ( يا فلان، اعرف نعمة الشباب ما دمت شاباً واعبد الله، فلذة العبادة هي في أيام الشباب، واذا شاخ الإنسان يضعف عن العبادة وعن الإقبال عليها وإن رغب في ذلك).[45]

شدة اهتمامه بالاستيقاظ في السحر
قضيت الكثير من الليالي ملازماً لخدمة الإمام إلى الصباح، كان يوصينا بإيقاظه في ساعة معينة ويؤقت ـ مع ذلك ـ الساعة المنبهة، كما كان يستيقظ ـ ولا تستغربوا ـ قبل أن تحين الساعة المعينة خمس أو است مرات خلال الساعات الخمس أو الست التي ينامها، وينظر في كل مرة إلى الساعة ثم يعاود النوم!

كنا نرغب في رعاية حاله، لذلك لم نكن نذهب لإيقاظه إلاّ قبل دقيقتين من الموعد المقرر، فكنا نجده ـ وقبل أن نصل إليه ـ قد قام لأداء نافلة الليل، وقد شاهدنا عياناً كيف كان يتضرع لله تعالى وهو يناجيه ويدعوه، لم نكن نطيق تحمل مشاهدة بكاءه، فكنا نخرج والشعور بالخجل يسيطرعلينا ونحن نقارن حال الإمام بحالنا[46].

يقرن نافلة الليل بنوافل اخرى
كان الإمام يقيم نافلة الليل كل ليلة دون استثناء، ومن اجل ذلك كان يستيقظ كل سحر قبل ساعتين من أذان الفجر، فيصلي نافلة الليل، وإذا أتسع الوقت له قرنها بصلوات مستحبة أخرى[47].

لا يغفل عنها حتى إذا تأخر في النوم
منذ سنين طويلة لم يترك الإمام صلاة الليل حتى في أيام مرضه، كان ينهض لإقامتها قبل طلوع الفجر حتى في الليالي التي ينام فيها في وقت متأخر.[48]

بكاء الشوق في تهجده
حدثنا أحد الإخوة كان ملازماً لخدمة الإمام فقال: حالفني التوفيق يوماً لقضاء ليلة كاملة في خدمة الإمام بسبب عدم وجود أحدٍ من أعضاء مكتبه، وقد سمعت بكاءه بصوت عالٍ وهو يتضرع لله أثناء إقامته صلاة الليل.[49]

لا يشعر بقيامه للتهجد أحداً
فيما يرتبط بمعرفتي بهذه الشخصية المرموقة في عموم العالم الاسلامي، أذكر أنني لم أره يترك صلاة الليل ولا لليلة واحدة. ولقد حللت ضيفاً عليه في النجف الأشرف فكان يقوم في السحر ويتهيأ لإقامة نافلة الليل بطريقة لا تجعل أحداً من أعضاء بيته يشعر بقيامه مثلما لم أكن أنا ضيفه أشعر بقيامه.[50]

 إن كنت قد حصلت على شيء فهو من بركات الأسحار
كان للإمام التزام خاص بصلاة الليل، وقد نقل عنه نجله السيد مصطفى ـ رحمه الله ـ قوله يوماً: (إن كنت قد حصلت على شيء، فهو من بركة التهجد في الأسحار)، وقد سمعت بنفسي أنه كان يوصي بعض تلامذته منهم سماحة الشيخ مجتبى الطهراني قائلاً: ( لا تضيعوا التهجد في الأسحار).

وكانت سيرته على مدى سنين طويلة أن ينهض قبل أذان الفجر بساعة أو اكثر ويعد الشاي ثم يقبل بنشاط على العبادة إلى طلوع الشمس، وعند ذلك ينام قليلاً ثم يتناول إفطاره، وقد سمعت من جميع المقربين منه أنهم لا يتذكرون أن الإمام قد ترك صلاة الليل ولا مرة واحدة.[51]

بعد استشهاد نجله
سمعت عبر واسطة واحدة أن زوجة الإمام قالت: أن بكاء الإمام أثناء تهجده في الأسحار كان بصوت خافت للغاية، وقد بت قرب الإمام عدة ليالٍ فلم أسمعه يبكي أثناء عبادته السحرية بصوت عالٍ، أجل كان بكاءه في تهجده السحري بعد استشهاد ولده السيد مصطفى أطول مما كان عليه قبل ذلك.[52]

يتجنب إزعاج أحد
قالت السيدة زوجة الإمام: منذ بدء حياتنا المشتركة كان الإمام ينهض لصلاة الليل كل ليلة ولكن دون أن يسبب أدنى إزعاج لأحد، كان يسعى إلى أن لا يسبب لي ولا للأولاد أي إزعاج، ولا أتذكر أن أياً منا قد استيقظ من نومه أثناء قيام الإمام لصلاة الليل اللهم إلاّ أن نكون قد استيقظنا من تلقاء أنفسنا، كما كان يحرص إذا سافرنا على أن يتحرك ـ أثناء قيامه للوضوء وإقامة نافلة الليل ـ بهدوء كامل لكي لا يوقظ أحداً[53].

لا يستبدل بصلاة الليل أي لذة أخرى
المرة الأولى التي رأيت فيها الإمام كانت بعد زواجي (بولد السيد أحمد ) بمدة فقد كان عمر أبني يومها تسعة شهور، وسبب عدم رؤيتي لسماحته قبل ذلك هو أن السيد أحمد كان ممنوعاً من الخروج من إيران مدة، وبعد إزالة هذا المنع سافرنا إلى العراق عبر لبنان وسوريا، لكي نحظى بلقائه؛ أنا للمرة الأولى، والسيد أحمد بعد فراق استمر عدة سنين. عندما وصلنا إلى منزله في النجف الأشرف، طرقنا الباب، ففتحها لنا بنفسه لأن الآخرين كانوا نائمين فقد وصلنا قبل ساعة من أذان الفجر.

لقد فرح كثيراً بوصولنا، وهذا أمر طبيعي بحكم طول سني الفراق وبحكم العاطفة الجياشة التي يتميز بها الإمام، ولكنه رغم ذلك لم يجلس معنا إلاّ دقائق قليلة حتى قال: ( ينبغي لي أن اذهب)!! وكانت السيدة زوجته قد استيقظت، لكنني تعجبت من قلة المدة التي جلس فيها معنا رغم ما ظهر عليه من فرح وسرور لقدومنا عليه، فسألت السيد أحمد باستغراب: أين يذهب السيد؟ فأجابني: هذا هو وقت إقامته لصلاة الليل. وعندها أدركت أن الإمام لا يستبدل بلذة نافلة الليل أي شيء آخر.[54]

يتجنب سماعنا بكائه السحري
عندما كنت في ( منزل الإمام في ) النجف، كان الإمام ينهض في الأسحار وهو يحرص على عدم إيقاظنا لأننا كنا ننام على سطح المنزل، كان يخلط صوته بأصوات المناجاة المنبعثة من مكبرات الصوت في حرم أمير المؤمنين عليه السلام لكي لا نشعر بصوت بكائه[55].

يخلط صوت بكائه بصوت مكبرات الحرم العلوي
عندما شخصت بنفسي ما كان يقوم به السيد، كنت قليلة النوم للغاية إذ كنت أستيقظ وأبقى يقظة عدة ساعات في جوف الليل ولذلك شاهدت مراراً قيامه لصلاة الليل لكنني لم أكن أعرف ما يقوم به بحكم صغر سني، كنا ننام جميعاً في ساحة البيت، فكنت أراه يقوم ويتوضّى للصلاة، كنت أسأل نفسي: لماذا يبكي السيد في الليل كل هذه المدة؟ كنت أتصور ـ بسبب صغر سني ـ انه يبكي بسبب أذى أصابه أو بسبب مشكلة عرضت له في النهار!

كنت أرى الدموع تغطي وجهه، كنت أرى ذلك في الكثير من الأسحار خاصة في الليالي المقمرة وكان ذلك يثير استغرابي الشديد!

وعندما ذهبت إلى النجف، كنت أستيقظ في الأسحار أيضاً إذ كان لدي يومها طفل صغير، فكنت أرى الإمام يصلي في غرفته التي كانت تقع مقابل غرفتنا، وكنت أشعر بأنه كان يتعمد أن يخلط صوت بكائه بأصوات المناجاة المرتفعة عبر مكبرات الصوت في حرم أمير المؤمنين عليه السلام أي يرفع صوته بالبكاء عند ارتفاع صوت المناجاة من مكبرات الصوت تلك ويخفض صوته إذا انخفض صوت المكبرات، وكل ذلك لكي لا نسمع ـ نحن النساء والأطفال صوت بكائه، لكنني كنت أسمع، لأنني كنت أستيقظ بسبب أستيقاظ طفلي.[56]

ويسير بهدوء لكي لا يوقظ أحداً
كان الإمام يتجنب إيقاد أي مصباح في المنزل عند قيامه لأداء نافلة الليل، ولذلك كان يستخدم مصباحاً يدوياً صغيراً لا ينير أكثر من بقعة صغيرة أمام قدميه، كما كان يسير بهدوء لكي لا يوقظ الآخرين[57].

لم تمرّ عليه ليلة دون تهجد
لقد كنت ألازم الإمام كثيراً، في قم عندما كنت طفلة، وفي مدينة النجف الأشرف بعد أن نفوه اليها حيث زرته فيها سبع مرات كنت أبقى عنده كل مرة عدة شهور، ثم لازمته عندما عاد إلى طهران أثناء إقامته في مدرسة علوي والآن أيضاً حيث أنا في خدمته، ولذلك فقد قضيت الكثير من الليالي إلى جواره وطوال جميع هذه الفترات، لم تمر عليّ ولا ليلة واحدة أجده فيها لم يستيقظ لإقامة نافلة الليل[58].

لم يترك تهجده السحري أبداً
لم تمر عليّ ولا ليلة واحدة أبقى فيها مع الوالد دون أن أشعر به ينهض بعد نومة قصيرة ثم يقوم للتهجد فأسمع تضرعه ومناجاته لله تعالى، الله يعلم بذلك وبأن الإمام لم يترك صلاة الليل أبداً[59].

يلف الساعة المنبهة
عندما كانت والدتي تسافر كنت أبات عند الإمام بسبب سابقة الأزمة القلبية التي أصابته، فكان يلف الساعة المنبهةـ التي كان يوقتها لإيقاظه لصلاة الليل ـ بقطعة قماش ويضعها في زاوية من الغرفة بعيدة عني لكي لا توقظني عندما يدق جرسها لإيقاظه هو دوني[60].

نبكي لبكائه
لقد كان بكاء الإمام وتضرعه ـ في صلاة الليل التي كان يقيمها بالأسحار ـ شديد إلى درجة تدفع كل من يسمعه إلى البكاء دونما اختيار[61].

الإمام يحب المتهجدين في الأسحار
كان الإمام شديد الحب للمؤمنين لا يؤثر على حبهم له كونهم من أرحامه أو من الغرباء عنه، فمثلاً عندما عاد إلى قم بعد إطلاق سراحه من الإقامة الجبرية في منطقة قيطرية في طهران، عمل في منزله شاب أسمه (علي المشهدي) عمره عشرون سنة وبضع سنوات، وكان يتولى مهمة توزيع الشاي على زوار الإمام في بيت الاستقبال، وقد سمعت الإمام مراراً يقول: ((إنني أحب علياً المشهدي كثيراً، وأحرص على رعايته أيضاً)). وكان ينقل لنا بعض الأمور المتعلقة به، فمثلاً قال لي يوماً: ((أتعلمين ماذا قال لي علي المشهدي اليوم؟))، قلت: وماذا قال؟ قال: ((لقد قلت له اليوم: لماذا توزع الشاي بطريقة سيئة للغاية؟ أنت لا تقدم الشاي لبعض الزوار والضيوف، ولا توزع الشاي على الحاضرين بصورة مرتبة! فأجابني: إنني أقدم الشاي بصورة مرتبة وجيدة في غيابكم فاذا حضرتم يصير حماركم حماراً!! يضطرب حالي عند حضوركم فلا أدري ما أفعل حينئذ!)).

لقد نقل الإمام هذه القضية وهو يبتسم، ثم قال: ((إنني أحب علي المشهدي كثيراً))! وقد سألته يوماً: كثيرون يأتون إلى هنا فلماذا تبدون حبكم لعلي المشهدي بالذات؟ فقال: ((عندما أستيقظ في الأسحار أجده منشغلاً بصلاة الليل والاستغاثة والتضرع والبكاء والمناجاة مع الله تبارك وتعالى، من اجل ذلك أحبه كثيراً))[62].

تهجده وتجليات شدة حبه لله
أتذكر جيداً أنني عندما كنت أحظى أحياناً بتوفيق الصلاة خلف الإمام في آخر شهر رمضان المبارك، قبل وفاته كنت ألاحظ فور دخولي غرفته التغير متجلياً على طلعته الكريمة وهو يجهش بالبكاء والدموع تنهمر من عينيه بغزارة بحيث أن المنديل لم يكن يكفي لتجفيفها ولذلك فقد كان يضع منشفة إلى جانبه، كان الإمام يعيش هذه الحالة في الأسحار، وهي تعبر حقاً عن تجليات حبه لله تعالى[63].

يوصل النافلة بفريضة الفجر
لم يترك الإمام صلاة الليل أبداً وكان يوصلها باستمرار بفريضة الفجر[64].

يستيقظ للتهجد رغم الأدوية المنومة
كان الإمام ينهض كل ليلة في الساعة الثانية بعد منتصف الليل لإقامة نافلة الليل، وقد التزم بذلك حتى في الأيام التي كان يتلقى خلالها العلاج في المستشفى حيث كان يستيقظ في الساعة نفسها ويسأل عن وقت نافلة الليل رغم أنه كان يعطي أدوية منومة يقتضيها العلاج[65].

عباداته مفعمة بالإخلاص والحب لله
كان واضحاً أن أهم قضية يهتم به الإمام وهو يقاسي أصعب مراحل المرض هو القيام بالعبادة لله تعالى، وكان اهتمامه بذلك بصورة لا يمكن توضيحها بالكلمات لكن مشاهدة هذه الحالة يمكن أن تشكل أعظم درس وأجمل خاطرة يحملها ذهن الإنسان، كانت حالته تلك مفعمة بإخلاص والحب لله تعالى، كان يتهيأ للعبادة ـ ورغم شدة متاعبه المرضيةـ بالعمل بجميع الآداب التي ينبغي مراعاتها للظهور أمام الناس، وكان يقوم بذلك بكل دقة ورغبة قلبية، ولكل ما يمكن أن يقال بهذا الشأن هو أقل بكثير مما كان يرى الإنسان منه فهذا ما لا يمكن بيانه باللسان. لقد كان يتهيأ ـ رغم تعبه وآلامه ـ لأداء نافلة الليل ويستدعي من حوله لتوفير مقدمات ذلك في الوقت نفسه الذي اعتاده بدنه على مدى سنين طويلة لأداء هذه الصلاة؛ وقد قام بذلك حتى في الليالي التي تلت إجراء العملية الجراحية الأخيرة له الأمر الذي كان يثير تعجبنا حقاً، ولم نكن نجد له تفسيراً سوى شدة حبه وإخلاصه لله تعالى، فلا يمكن أن يوجد مثل الإنجذاب القوي لصلاة الليل والتهيؤ لها بهذه الدقة، سوى رسوخ الحب والإخلاص لله تعالى.

أن رؤية الإمام وهو يستعد للعبادة بإرتداء ملابسه البيضاء ووضع العمامة على رأسه بدقة وسائر المقدمات الأخرى، كل ذلك يمثل خواطر عزيزة لا تنسى بل أن رؤية طلعته الملكوتية في كل لحظة لا يمكن أن تنسى[66].

نافلة الليل في حال الإغماء
كنت واقفاً عند سرير الإمام في الساعة الثانية بعد منتصف الليل أراقب وضعه، فلاحظت شفتيه وقد بدأتا تتحركان ـ بذكر الله ـ في هذه الساعة بالضبط والتي اعتاد فيها إقامة نافلة الليل، لقد قام الإمام صلاة الليل حتى وهو في تلك الحالة وفي الساعة نفسها دون تقديم أو تأخير ولا لحظة[67]!!

اللهم اقبلني في جوارك
كان الإمام يبكي ويتضرع لله ويقول: (( اللهم اقبلني في جوارك)), وذلك في الصلاة نفسها التي أقامها الإمام في ذلك السحر(والتي بث عبر التلفاز فيلماً مصوراً عن بعض مقاطعها)، لقد شاهد الذين كانوا خلف أجهزة التصوير هذا المشهد بالكامل[68].

لم يخش سوى الله
كنا نشاهد ـ نحن الملازمون للإمام ـ تضرعه وبكاءه ومناجاته لله في الأسحار حتى في الليلة التي نقلناه للمستشفى لإجراء العملية الجراحية في اليوم التالي، فقد استيقظ على وفق برنامجه المعتاد وأقام نافلة الليل وقد تم تصوير ذلك عبر كاميرا مخفية، وتم عرض الفيلم عبر التلفاز باستثناء قسم منه حذف لمصلحة معينة، وهو القسم الذي يصور حالته وهو يبكي بحرقة ويتضرع لله جل جلاله، وإنني أرجو أن يبث هذا القسم أيضاً لشعبنا العزيز لكي يعرف عياناً أن هذا الزعيم الجليل الذي أخرج من قلبه كل خوف وتحدى وحده العالم الإستكباري برمته دون أن يخشى أحداً؛ كيف يقف في الأسحار متضرعاً لله وهو يرتعش من خشيته ويبكي بحرقة والدموع تنهمر من عينيه بغزارة!

كنا نشاهده عن قرب وهو في هذه الحالة الروحانية الخاصة من التضرع عندما كنا نضطر لأن نكون على مقربة منه في هذه الأوقات السحرية لأسباب ترتبط بمهامنا العلاجية ولكن دون أن يشعر بنا[69].

يقيم عباداته في المرض بنشاط أقوى
لم يترك الإمام عباداته الخاصة حتى وهو راقد في المستشفى للعلاج، بل كان يؤديها بنشاط وإقبال وتوجه أشد وأقوى، يقول أحد المقربين منه: دخلت غرفة الإمام في المستشفى قبل أذان الفجر بفترة فوجدته في حالة عجيبة، فقد بكى حتى تبلل وجهه النوارني بالكامل وكانت الدموع لا زالت تجري على وجنيته، لقد كان يتضرع لله بحالة اثرت فيّ بعمق، وعندما انتبه لوجودي، جفف وجهه بمنشفة كانت على كتفه[70].

يتهجد مع إيصال الأنبوب الطبي
وضع أنبوب طبي خاص في المجاري التنفسية للإمام أيام علاجه في المستشفى وإجراء العملية الجراحية له، وهذا الأنبوب لا يسمح للذي يوصل به أن يتكلم، وقد أقام الإمام صلاتي الظهر والعصر وهو على هذه الحالة ورغم صعوبتها لم يترك صلاة الليل أيضاً[71].

المرة الأولى التي تهجد فيها في غرفة منارة
أصاب الإمام ضعف شديد في الساعة(10) من عشية يوم إجراء العملية له، فاضطروا وصل كيس الدم في يده، وقد نام على هذه الحالة في الساعة(11)مساءً، ثم ذهبت وأيقظته في ساعة إقامته لصلاة الليل، فقام وتوضأ ثم أقام نافلة الليل كاملة وأنبوب كيس الدم موصول بيده وقد عرض التلفزيون فيلماً عن مقطع منها لا يتجاوز خمسها، وكانت الليلة الأولى التي يقيم فيها نافلة الليل ومصابيح الغرفة مضاءة!![72]

لم يترك تهجده السحري حتى في آخر أسحاره
أن ما أفتخر به هو أنني لازمت الإمام منذ دخول الحوزة إلى أن دفنوا جسده الطاهر في مقبرة(جنة الزهراء عليها السلام)، وقد عرفته عن قرب متحرراً عن كل القيود المادية، وأستطيع القول بكل ثقة أنه لم يترك تهجده السحري طوال(60) عاماً، أي إلى آخر حياته، كان يؤدي الصلاة دائماً في أول وقتها أيام شبابه وبعدها، وكان يستيقظ قبل أذان الفجر بساعتين ويتلو القرآن[73].

 

_____________________________

[1] آية الله السيد صادق اللواساني، صحيفة كيهان16/1/1359هـ.ش.

[2] آية الله غلام رضا الرضواني، كتاب " خطوات في أثر الشمس، ج3، ص30.

[3] حجة الإسلام والمسلمين أحمد الصابري الهمداني، المصدر السابق، ص271.

[4] السيدة نعيمة الإشراقيحفيدة الإمام ، مجلة سروش، العدد: 476.

[5] حجة الإسلام والمسلمين على أكبر المسعودي الخميني، كتابخطوات في أثر الشمس، ج4، ص153.

[6] حجة الإسلام والمسلمين حسن الثقفي، المصدر السابق، ج1، ص142.

[7] آية الله الخوانساري، مجلةحوزه، العدد: 32.

[8] حجة الإسلام والمسلمين التوسلي، مجلةباسدار اسلام ، العدد: 13.

[9] حجة الإسلام والمسلمين السيد أحمد الخميني مجلةبيام انقلاب، العدد: 60.

[10] آية الله الشهيد الصدوقي، كتاب حوادث خاصة من حياة الإمام ، ج 4.

[11] آية الله الفاضل اللنكراني.

[12] آية الله الشهيد المحلاتي، مجلة15 خرداد، العدد: 10.

[13] حجة الإسلام والمسلمين عبد العلي القرهي.

[14] حجة الإسلام والمسلمين حسن الثقفي، كتاب خطوات في أثر الشمس، ج1، ص142.

[15] آية الله عباس خاتم اليزدي، محلق خاص لصحيفة سلام بمناسبة الذكرى السنوية الرابعة لوفاة الإمام.

[16] حجة الإسلام والمسلمين محمد رضا التوسلي.

[17] حجة الإسلام والمسلمين حسن الطاهري الخرم آبادي، كتابخطوات في أُثر الشمس ، ج3، ص327.

[18] حجة الإسلام والمسلمين السيد أحمد الخميني، مجلةباسدار إسلام، العدد:6.

[19] حجة الإسلام والمسلمين السيد أحمد الروحاني، كتاب حوادث خاصة من حياة الإمام الخميني، ج1.

[20] آية الله بني فضل، ملحق صحيفة جمهوري إسلامي بمناسبة الذكرى السنوية الثانية لوفاة الإمام الخميني.

[21] آية الله الحائري الشيرازي، مجلةجهاد، العدد:35.

[22] حجة الإسلام والمسلمين السيد علي أكبر المحتشمي.

[23] آية الله السيد عباس خاتم اليزدي.

[24] السيد رحيم ميريان.

[25] حجة الإسلام والمسلمين الناصري، مجلةبيام انقلاب، العدد:54.

[26] السيد رحيم ميريان.

[27] حجة الإسلام والمسلمين السيد أحمد الخميني، موسوعة كوثر، ج1، ص434.

[28] حجة الإسلام والمسلمين السيد أحمد الخميني.

[29] السيدة مرضية الحديدجي.

[30] حجة الإسلام والمسلمين فردوس بور، صحيفة رسالت14/4/1368هـ.ش.

[31] حجة الإسلام والمسلمين السيد أحمد الخميني.

[32] الدكتور حسن الحبيبي، صحيفة إطلاعات19/7/1360هـ.ش.

[33] حجة الإسلام والمسلمين مهدي إمام الجمراني، مجلةحضور، العدد:3.

[34] حجة الإسلام والمسلمين الأنصاري الكرماني، مجلة بيام انقلاب، العدد:48.

[35] حجة الإسلام والمسلمين السيد أحمد الخميني، مجلةباسدار إسلام، العدد:6.

[36] حجة الإسلام والمسلمين هادي الغفاري، مجلةبيام انقلاب، العدد:183.

[37] حجة الإسلام والمسلمين السيد أحمد الخميني، مجلةسروش، العدد:476.

[38] آية الله حسن اللاهوتي، مجلةزن روز، العدد:774.

[39] السيد أحمد ناطق النوري، صحيفة كيهان، العدد:11796.

[40] حجة الإسلام والمسلمين الآشتياني، مجلةمرزداران، العدد:83.

[41] حجة الإسلام والمسلمين الأنصاري الكرماني، مجلةبيام انقلاب، العدد:48.

[42] حجة الإسلام والمسلمين الآشتياني، مجلةباسدار إسلام، العدد: 92.

[43] حجة الإسلام والمسلمين السيد أحمد الخميني.

[44] أحد حرس بيت الإمام، كتابفي رثاء النور، ص 62.

[45] حجة الإسلام والمسلمين التوسلي، مجلةحوزه، العدد:45.

[46] السيد مصطفى كفاش زادة.

[47] حجة الإسلام والمسلمين الآشتياني، مجلة باسدار إسلام، العدد:92.

[48] حجة الإسلام والمسلمين الهاشمي الرفسنجاني، مجلةآينده سازان، العدد:11.

[49] حجة الإسلام والمسلمين الأنصاري الكرماني.

[50] حجة الإسلام والمسلمين الرسولي المحلاتي، صحيفة جمهوري إسلامي29/3/1368هـ.ش.

[51] آية الله السيد عباس خاتم اليزدي.

[52] حجة الإسلام والمسلمين الفرقاني.

[53] السيد مصطفى كفاش زادة.

[54] السيدة فاطمة الطباطبائي، مجلةندا، العدد الاول.

[55] السيدة زهراء المصطفوي.

[56] السيدة صديقة المصطفوي، مجلةسروش، العدد:476.

[57] الدكتور محمود البروجرديصهر الإمام، كتابحوادث خاصة من حياة الإمام الخميني، ج3.

[58] السيدة زهراء المصطفوي.

[59] السيدة زهراء المصطفوي، مجلة شهد بانوان، العدد:148.

[60] السيدة زهراء المصطفوي.

[61] حجة الإسلام والمسلمين السيد أحمد الخميني.مجلةباسدار إسلام، العدد:6.

[62] السيدة زهراء المصطفوي.

[63] السيدة فاطمة الطباطبائي.

[64] الدكتور مسعود بورمقدس، مجلةباسدار إسلام، العدد:96.

[65] حجة الإسلام والمسلمين السيد مهدي إمام الجمراني، صحيفة جمهوري إسلامي الملحق الخاص بمناسبة مرور أربعين يوماً على وفاة الإمام الخميني.

[66] الدكتور منوجهر الدوائي، مجلةاطلاعات هفتكي، العدد:2442.

[67] الدكتور كلانتر المعتمدي، المصدر السابق.

[68] السيدة زهراء الإشراقيحفيدة الإمام، مجلةسروش، العدد:476.

[69] الدكتور بورمقدس، مجلةباسدار إسلام، العدد:96.

[70] الدكتور إبرج فاضل، صحيفة اطلاعات28/3/1368هـ.ش.

[71] الدكتور إبرج فاضل، صحيفة إطلاعات.

[72] السيد مصطفى كفاش زادة، مجلةباسدار إسلام، العدد:91.

[73] حجة الإسلام والمسلمين محمد رضا التوسلي.


 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net