متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
إنه تعالى ليس في حيز ولا جهة ولا محل
الكتاب : الآلوهية عند الفرق الإسلامية    |    القسم : مكتبة العقائد الإسلامية

إنه تعالى ليس في حيز ولا جهة ولا محل

والمراد من الحيز عند الإشراقيين هو المكان، وعند المشائين أنه عبارة عن وضع خاص للجسم بالنسبة إلى غيره، وهذا الإختلاف ناشيء عن إختلافهم في حقيقة المكان فعند المشائين انه عبارة عن السطح الباطن من الجسم الحاوي المماس للسطح الظاهر من الجسم المحوي، وعند الإشراقيين إنه عبارة عن البعد المجرد عن المادة الذي ينفذ فيه بعد الجسم. فإن من البعيد ما هو مادي يحل في الأجسام ويمانع بما يماثله وهذا هو الجسم التعليمي، ومنه ما هو مفارق كلي فيه بعد الجسم ويلاقيه بجملته بحيث ينطبق على بعد الجسم ويتحد به. وهذا هو مختار المتكلمين إلا أنه عندهم عدم محض وفق صرف يمكن أن لا يشغله مشاغل ويسمى بالفراغ المتوهم والجهة عندهم في طرف الإمتداد الحاصل في مأخذ الإشارة والمراد من الإمتداد ما يتوهم من الإمتداد بين المشير والمشار إليه، والمحل هو المادة المحتاجة في وجودها إلى الحال فيها أعني الصورة.

فالمادة محل للصورة كما أن الجوهر موضوع للعرض، وقد يطلق المادة بالمعنى الأعم منها ومن البدن بالنسبة إلى النفس.

وإنه تعالى لا يحويه مكان وهو في كل مكان، يعني أنه لو كان في مكان لاحتاج إليه وكان مسبوقاً به وقد ثبت قدمه وغناه فلا يجوز أن يكون محتاجاً ومسبوقاً بغيره ومعنى أنه في كل مكان أنه عالم بكل كائن محيط بكل شيء لا يعزب عنه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء وهو بكل شيء محيط، ولأن ذلك يقتضي حصره وتناهيه ويلزم أن يكون في حيز فيكون في جهة، ولا يكون في جهة الأجسم أو بعض جسم أو عرض أو ما في حكم العرض، وقد ثبت أن الخالق ليس لجسم ولا عرض ولا في حكمها فلا يجوز أن يحل في مكان أو في غيره من مخلوقاته.



(1) شرح التجريد.


بيان ذلك أقصد لا يجوز ان يكون في محل والا لافتقر اليه, ولا في جهة والا لافتقر اليها. طبعا هذان وصفان سلبيان من الصفات السلبية التي يتنزه عنها سبحانه بأنه ليس في محل ولا في جهة . اما انه ليس في محل لان هناك بعض من ادعى بان الحق حالّ في بعض الموجودات, ليس له حلول في شئ لان الحلول هو وجود الشئ على نحو شئ للحال فيه .

عندما نقول هذا حال في هذا فاي منهما وجوده قبل الآخرأي يكون وجوده فرعي , من الواضح ان الحال فيه وجوده أصلي, وان الحالّ وجوده تبعّي, فمن الصفات التي يتنزه عنها الحق, انه ليس حالاّ في محل . لان الحلول في محل معناه ان المحل وجوده اصلي, والحال وجوده تبعي, فاذا صار وجود الحق وجودا تبعيا يكون مفتقرا الى المحل, واذا صار مفتقرا الى المحل يلزم افتقار الواجب وعدم غناه .

الوجوب بالذات لا يجوزان تكون فيه جهة امكانية, جهة تقتضي الفقر, جهة تقتضي الحاجة الى شئ . واذا أحل الله في شئ فيكون محتاجا الى المحل,والاحتياج ينافي الوجوب بالذات, لذا ان القرآن الكريم يؤكد بأنه غني عن العالمين (وهو الغني الحميد) وهذا معناه ان الاحتياج ينافي الوجوب بالذات, ينافي الغنى, هذان (ليس حال في محل, ليس هو في جهة) وصفان سلبيان, الوصف الاول انه ليس في محل, خلافا للنصارى حيث يقولون ان الله حال في الموجودات وجمع من المتصوفة من جهلتهم . والمراد للمتصوفه من الحلول وهو ان يكون الحال وجوده تبعّي والحال فيه وجوده أصلي, ومن الواضح ان الحال يتقّوم بالحال فيه , فالحال فيه أصلي , والحال وجوده تبعّي. فاذا كان المحل ادنى من المحلول, هذا يلزم افتقاره وهو ينافي الغنى . قيام موجود بموجود على سبيل تبعية, بان يكون الموجود الاول قيام موجود تبع بموجود وهو الاصل وهذا باطل, لانه يلزم افتقار الباري ومن الواضح ان الغنى والوجوب بالذات ينافي الافتقار الى اي شئ .

المراد من الجهة الذي يكون مقصد الحركة , لما تتحرك من الباب للباب الاخر هذا يسمى جهة الحركة . او عندما نشير الى شئ نقول هذا قلم مثلا . الله لا جهة له أي, لا يمكن ان يشار اليه بالاشارة الحسية.

 لان من مواصفات المجرد عن المادة لا مكان له, ولا جهة له . لان الوجود ينقسم الى موجود مادي له جهة ويقبل الاشارة الحسية , والى موجود مجرد , والموجود المجرد هو الذي لا مكان له ( فالله معكم اينما كنتم) فلو كان له مكان وكان موجود مادي لما كان قريب ( فاذا سالك عبادي فاني قريب)  اذا صار قريب من شخص لا يكون قريب من الشخص البعيد, لانه لا يمكن لموجود مادي ان يكون قريب من شيئين متباعدين , كلما اقترب من احدهما ابتعد من الاخر .

 ومن صفات الله انه مجرد وليس له جهة لو كان له جهة فاما ان يكون محتاجا لهذه الجهة, أو ليس محتاجا ومستغنيا عنها .فان كان محتاجا لهذه الجهة فان الاحتياج ينافي الوجوب بالذات كما تقول القاعدة الفلسفية .

 ولا يمكن ان يكون الواجب بالذات الغني من كل جهة محتاجا الى شئ حتى لو كانت جهة. لان الذي يحل في  جهة فهو محتاج اليها, والحق لا جهة له, لانه غير مفتقر اليها.

 والافتقار من صفات الممكن, والجهة متعلق الاشارة الحسية وتقبلها .مع استغنائه عن الجهة فلا يحل فيها, ومع افتقاره لها يكون ممكنا, لان الاحتاج من صفات الممكن .

 


 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net