متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
خبر وفاة أبي بكر وعمر ومعاذ بن جبل
الكتاب : إرشاد القلوب ج2    |    القسم : مكتبة التربية و الأخلاق

[خبر وفاة أبي بكر وعمر ومعاذ بن جبل]

بحذف الاسناد مرفوعاً إلى عبد الرحمن بن غنم(3) الأزدي حين مات ـ ختن معاذ بن جبل ـ وكانت ابنته تحت معاذ بن جبل، وكان أفقه أهل الشام وأشدّهم اجتهاداً، قال: مات معاذ بن جبل بالطاعون فشهدت يوم مات والناس متشاغلون بالطاعون، فقال: وسمعته حين احتضر وليس معه في البيت غيري ـ وذلك في خلافة عمر بن الخطاب ـ فسمعته يقول: ويل لي، فقلت في نفسي: أصحاب الطاعون يهذون ويقولون الأعاجيب، فقلت له: أتهذي؟ قال: لا.

قلت: [فلم](4) تدعو بالويل والثبور؟ قال: لموالاتي عدوّ الله على وليّ الله،

____________

1- أثبتناه من "ج".

2- عنه البحار 29: 46 ح19.

وقال العلاّمة المجلسي رحمه الله في ذيل الحديث بعد تفسير بعض كلماته: ولم نبالغ في تفسير هذا الحديث وشرحه، لعدم اعتمادنا عليه لما فيه ممّا يخالف السير وسائر الأخبار.

3- في "ب": غانم.

4- أثبتناه من البحار.


الصفحة 283
فقلت له: من هم؟ فقال: موالاتي عتيقاً وعمر على خليفة رسول الله صلى الله عليه وآله ووصيّه عليّ بن أبي طالب، فقلت: إنّك لتهجر(1).

قال: يا ابن غنم هذا رسول الله صلى الله عليه وآله وعليّ بن أبي طالب يقولان لي: أبشر بالنار أنت وأصحابك، أفليس قلتم إن مات رسول الله زوينا الخلافة عن عليّ بن أبي طالب فلن تصل إليه؟! فاجتمعت أنا وأبو بكر وعمر وأبو عبيدة وسالم، قال: قلت: متى يا معاذ؟ قال: في حجة الوداع، قلت لهم(2): أكفيكم قومي الأنصار واكفوني قريشاً.

ثمّ دعوت على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى هذا الذي قلت، فعاهدونا عليه بشر بن سعد وأسد(3) بن حصين فبايعاني على ذلك، فقلت: يا معاذ انّك لتهجر، فألصق خدّه بالأرض فما زال يدعو بالويل والثبور حتّى مات.

فقال ابن غنم: ما حدّثت بهذا الحديث غير قيس بن هلال أحداً إلاّ ابنتي امرأة معاذ ورجل آخر، فإنّي فزعت ممّا رأيت وسمعت من معاذ، قال: [فحججت](4) ولقيت الذي غمض أبا عبيدة وسالم، فأخبرني انّه حصل لهما نحو ذلك عند موتهما ولم يزد فيه حرفاً ولم ينقص حرفاً، كأنّهما قالا مثل ما قال معاذ بن جبل.

قال سليم: فحدّثت بحديث ابن غنم هذا كلّه محمد بن أبي بكر فقال لي: اكتم عليّ وأشهد انّ أبي قال عند موته مثل مقالتهم، فقالت عائشة: إنّ أبي يهجر.

قال: ولقيت عبد الله بن عمر في خلافة عثمان وحدّثته ما سمعت من أبي عند

____________

1- في "ج": لتهجو.

2- زاد في البحار و "ج": قلنا: نتظاهر على عليّ فلا ينال الخلافة ما حيينا، فلمّا قُبض رسول الله صلّى الله عليه وآله قلت لهم....

3- في "ج" والبحار: أسيد.

4- أثبتناه من "ج" والبحار.


الصفحة 284
موته، وأخذت عليه العهد والميثاق ليكتم عليّ، فقال لي ابن عمر: اكتم عليّ فوالله لقد قال أبي مقالة مثل ما قال أبوك ما زاد ولا نقص، ثمّ تداركها ابن عمر بعد وتخوّف أن أخبر بذلك عليّ بن أبي طالب عليه السلام لمّا علم من حبّي له وانقطاعي إليه، فقال: إنّما كان يهجر.

فأتيت أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب صلوات الله عليه فأخبرته بما سمعته من أبي وبما حدّثني به ابن عمر، قال عليّ: قد حدّثني بذلك عن أبيك وعن أبيه وعن أبي عبيدة وسالم وعن معاذ ما هو أصدق منك ومن ابن عمر، فقلت: ومن ذلك يا أمير المؤمنين؟ فقال: من حدثني، فعرفت ما عنى، فقلت: صدقت، إنّما ظننت(1) إنساناً حدّثك، وما شهد أبي وهو يقول ذلك غيري.

قال سليم: قلت لابن غنم: مات معاذ بالطاعون فبما مات أبو عبيدة؟ قال: مات بالدبيلة(2)، فلقيت محمد بن أبي بكر فقلت: هل شهد موت أبيك غيرك وغير أخيك عبد الرحمن وعائشة وعمر؟ قال: لا، قلت: وسمعوا منه ما سمعت؟ قال: سمعوا منه طرفاً فبكوا وقالوا: هو يهجر، فامّا كلّ ما سمعت فلا، قلت: فالذي سمعوا ما هو؟

قال: دعا بالويل والثبور(3)، قال عمر: يا خليفة رسول الله لِمَ تدعو بالويل والثبور؟ قال: هذا رسول الله ومعه عليّ يبشّراني بالنار ومعه الصحيفة التي تعاهدنا عليها في الكعبة وهو يقول: لقد وفيتَ بها وظاهرتَ على وليّ الله فأبشر أنت وصاحبك بالنار في أسفل السافلين.

فلمّا سمعها عمر خرج وهو يقول: انّه ليهجر، قال: لا والله ما أهجر أين

____________

1- في "ب": طلبت.

2- داء في الجوف.

3- في "الف" و "ب": دعا إلى النار فادخل، وما أثبتناه في المتن من "ج" والبحار.


الصفحة 285
تذهب؟ قال عمر: كيف لا تهجر وأنت ثاني اثنين في الغار، قال: الآن أيضاً(1) لم اُحدّثك انّ محمداً ـ ولم يقل رسول الله ـ قال لي وأنا معه في الغار: انّي أرى سفينة جعفر وأصحابه تعوم(2) في البحر، فقلت: أرنيها، فمسح يده على وجهي فنظرت إليها، فأضمرت عند ذلك انّه ساحر، وذكرت لك ذلك بالمدينة فأجمع رأيي ورأيك على انّه ساحر.

فقال عمر: يا هؤلاء إنّ أبا بكر يهذي، فاجتنبوه(3) واكتموا ما تسمعون منه لئلاّ يشمت بكم أهل هذا البيت، ثمّ خرج وخرج أخي وخرجت عائشة ليتوضّؤوا للصلاة، فأسمعني من قوله ما لم يسمعوا، فقلت له لمّا خلوت(4) به: قل لا إله إلاّ الله، قال: لا أقولها ولا أقدر عليها أبداً حتّى أرد النار فأدخل التابوت.

فلمّا ذكر التابوت ظننت أنّه يهجر، فقلت: أيّ تابوت؟ فقال: تابوت من نار مقفل بقفل من النار، فيه اثنا عشر رجلا أنا وصاحبي هذا، قلت: عمر؟ قال: نعم، وعشرة في(5) جب من جهنّم عليه صخرة، قلت: تهذي؟ قال: لا والله ما أهذي، لعن الله ابن صهاك هو الذي أضلّني عن الذكر بعد إذ جاءني فبئس القرين، ثمّ ألصق خدّه بالأرض فألصقت خدّي بالأرض، فما زال يدعو بالويل والثبور حتّى غمّضته(6).

ثمّ دخل عمر عليّ فقال: هل قال(7) بعدنا شيئاً؟ فحدّثتهم، فقال عمر: يرحم الله خليفة رسول الله اكتم هذا كلّه فإنّ هذا كلّه هذيان، وأنتم أهل بيت يُعرف فيكم

____________

1- في "ج": أولم اُحدّثك.

2- تعوم: تسبح وتسير.

3- في "ب": فخذوه.

4- في "ج": انفردت به.

5- في "ب": قل له عنّي....

6- في "ج": غلبه النوم.

7- في "ج": هل حدّث.


الصفحة 286
الهذيان في موتاكم، قالت عائشة: صدقت، ثمّ قال عمر: إيّاك أن يخرج منك شيئاً ممّا سمعت فيشمت به ابن أبي طالب وأهل بيته.

قال: قلت لمحمّد: من تراه حدّث أمير المؤمنين عليه السلام عن هؤلاء الخمسة بما قالوا؟ فقال: رسول الله صلى الله عليه وآله، انّه يراه كلّ ليلة في المنام وحدّثه إيّاه في المنام مثل ما حدّثه(1) إيّاه في اليقظة والحياة، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من رآني في المنام فقد رآني فإنّ الشيطان لا يتمثّل بي في نوم ولا يقظة ولا بأحد من أوصيائي إلى يوم القيامة.

[قال سليم:](2) فقلت لمحمّد: فمن حدّثك بهذا؟ قال: عليّ، قال: وأنا سمعته أيضاً منه، قلت لمحمّد: فملك من الملائكة حدّثه؟ قال: أو ذاك، قلت: فهل تحدّث الملائكة إلاّ الأنبياء، [قال](3) أما تقرأ كتاب الله عزوجل: {وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي}(4) ولا محدّث.

قلت: فأمير المؤمنين عليه السلام محدّث؟ قال: نعم، وفاطمة محدّثة ولم تكن نبيّة، ومريم محدّثة ولم تكن نبيّة، واُمّ موسى كانت محدّثة ولم تكن نبيّة، وسارة امرأة ابراهيم عليه السلام قد عاينت الملائكة ولم تكن نبيّة، فبشّروها باسحاق ومن وراء اسحاق يعقوب.

قال سليم: فلمّا قُتل محمد بن أبي بكر بمصر ونعي، عزّيت أمير المؤمنين عليه السلام وخلوت به، فحدّثته بما أخبرني(5) به محمد بن أبي بكر وبما حدّثني به ابن غنم، قال: صدق محمد رحمه الله، أما انّه شهيد حيّ مرزوق، يا سليم إنّي وأوصيائي

____________

1- في البحار: مثل حديثه.

2- أثبتناه من "ج" والبحار.

3- أثبتناه من البحار.

4- الحج: 52.

5- في "ج": بما حدّثني.


الصفحة 287
أحد عشر رجلا من ولدي أئمّة هدىً مهديّون محدّثون، قلت: يا أمير المؤمنين ومن هم؟

قال: ابنيَّ الحسن والحسين، ثمّ ابني هذا ـ وأخذ بيد عليّ بن الحسين وهو رضيع ـ ثمّ ثمانية من ولده واحد بعد واحد، وهم الذين أقسم الله بهم فقال: {ووالد وما ولد}(1) [فالوالد رسول الله صلى الله عليه وآله وما ولد](2) يعني هؤلاء الأحد عشر وصيّاً صلوات الله عليهم، قلت: يا أمير المؤمنين يجتمع إمامان؟ قال: لا إلاّ أحدهما صامت لا ينطق حتّى يهلك الأوّل.

تمّ حديث موتهم، والحمد لله وحده وصلّى الله على خير خلقه محمد وآله وسلّم(3).

 

>>>>>>


 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net