متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
في حديث الجام
الكتاب : إرشاد القلوب ج2    |    القسم : مكتبة التربية و الأخلاق

[في حديث الجام]

وباسناده مرفوعاً إلى الصادق عليه السلام قال: جلس رسول الله صلّى الله عليه وآله في رحبة مسجده بالمدينة، وطائفة من المهاجرين والأنصار حوله، وأمير المؤمنين عن يمينه، وأبو بكر وعمر عن يساره إذ أظلّته غمامة لها زجل وحفيف، فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله: يا أبا الحسن قد اُوتينا بهدية من عند الله.

ثمّ مدّ رسول الله صلّى الله عليه وآله يده إلى الغمامة، فنزلت(4) ودنت من يده، فبدا منها جام يلمع حتّى غشى أبصار من في المسجد، وله روائح زالت من طيبها

____________

1- في "ج": ببقيا.

2- يونس: 54.

3- عنه مدينة المعاجز 2: 243 ح528; ونحوه الهداية الكبرى: 162.

4- في "ج": فتدلّت.


الصفحة 132
عقول الناس، والجام يسبّح لله تعالى ويقدّسه ويمجّده بلسان عربى مبين، حتّى نزل في بطن راحة رسول الله صلّى الله عليه وآله اليمنى وهو يقول:

"السلام عليك يا حبيب الله وصفوته ورسوله المختار من ربّ العالمين، والمفضل على أهل ملك الله أجمعين من الأوّلين والآخرين، وعلى وصيّك خير الوصيّين، وأخيك خير المؤاخين، وخليفتك خير المستخلفين، وإمام المتّقين، وأمير المؤمنين، ونور المستنيرين، وسراج المقتدين، وعلى زوجته ابنتك فاطمة خير نساء العالمين، الزهراء في الزاهرين، البتول اُمّ الأئمّة الراشدين المعصومين، وعلى سبطيك، ونوريك، وريحانتيك، وقرّتي عينيك الحسن والحسين".

فسمع ذلك رسول الله صلّى الله عليه وآله وأمير المؤمنين والحسن والحسين عليهم السلام وجميع من حضر يسمعون ما يقول الجام، ويغضّون أبصارهم عن تلألؤ نوره، ورسول الله صلّى الله عليه وآله يكثر من حمد الله وشكره حتّى قال الجام وهو في كفّه: يا رسول الله انّ الله بعثني إليك وإلى أخيك عليّ وابنتك فاطمة وإلى الحسن والحسين، فردني يا رسول الله إلى كفّ عليّ.

فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله: خذه يا أبا الحسن تحفة الله إليك، فمدّ يده اليمنى وصار في بطن راحته، فقبّله(1) واشتمّه وقال: مرحباً بزلفة الله لرسوله وأهل بيته، وأكثر من حمد الله والثناء عليه، والجام يكبّر الله ويهلّله ويقول لرسول الله: قل لعليّ يردني إلى فاطمة والحسن والحسين كما أمرني الله عزوجل، فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله: قم يا أبا الحسن فاردده في كفّ فاطمة وكفّ حبيبيّ الحسن والحسين.

فقام أمير المؤمنين عليه السلام فحمل الجام ونوره يزيد على نور الشمس، ورائحته قد أذهبت العقول طيباً حتّى دخل على فاطمة والحسن والحسين عليهم

____________

1- في "الف": فقلّبه.


الصفحة 133
السلام وردّه في أيديهم، فحيوا به وقبّلوه وأكثروا من ذكر الله وحمده وشكره والثناء عليه، ثمّ ردّوه إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله.

فلمّا صار في كفّ رسول الله صلّى الله عليه وآله قام عمر على قدميه وقال: يا رسول الله ما بالك تستأثر بكلّ ما أتاك من عند الله من تحيّة وهديّة أنت وعليّ وفاطمة والحسن والحسين؟ فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله: ويحك يا عمر ما أجرأك! أما سمعت ما قال الجام؟ تسألني أن أعطيك ما ليس لك، فقال: يا رسول الله أفتأذن بأخذه واشتمامه وتقبيله؟

فقال: ويحك يا عمر، والله ما ذاك لك ولا لغيرك من الناس أجمعين غيرنا، فقال: يا رسول الله أفتأذن لي أن أمسّه بيدي؟ فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله: ما أشدّ إلحاحك، قم فإن نلته فما محمد(1) رسول الله حقّ ولا جاء بحقّ من عند الله، فمدّ عمر يده نحو الجام فلم تصل إليه، فانصاع الجام وارتفع نحو الغمام وهو يقول: يا رسول الله هكذا يفعل المزور بالزائر؟

فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله: ويلك يا عمر من جرأتك(2) على الله ورسوله، قم يا أبا الحسن على قدميك وامدد يدك إلى الغمام فخذ الجام وقل له: ماذا أمرك الله أن تؤدّيه، فقام إلى الجام فأخذه وقال له: رسول الله صلّى الله عليه وآله يقول لك ماذا أمرك الله أن تقوله فأنسيته(3).

قال الجام: نعم يا أخا رسول الله، أمرني أن أقول لكم: انّي قد أوقفني الله على نفس كلّ مؤمن ومؤمنة من شيعتكم، وأمرني بحضور وفاته حتّى لا يستوحش بالموت فيستأنس بالنظر إليّ، وأن أنزل على صدره وأسكره بروائح طيبي، فتفيض

____________

1- في "ب": فما أنا محمد.

2- في "ج": ما أجرأك.

3- في "ج": فنسيته.


الصفحة 134
نفسه وهو لا يشعر.

فقال عمر لأبي بكر: يا ليت مضى الجام بالحديث الأوّل ولم يذكر شيئاً، فكان هذا من فضل الله على رسوله وعلى أمير المؤمنين عليهما السلام ودلائلهما(1).

 

>>>>>>


 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net