متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
في اخباره عليه السلام بقتل عمر، وحوادث آخر الزمان
الكتاب : إرشاد القلوب ج2    |    القسم : مكتبة التربية و الأخلاق

[في اخباره عليه السلام بقتل عمر، وحوادث آخر الزمان]

وباسناده إلى هارون بن سعيد قال: سمعت أمير المؤمنين عليه السلام يقول لعمر: من علّمك الجهالة يا مغرور؟ أما والله لو كنت بصيراً، وكنت بما أمرك به رسول الله صلّى الله عليه وآله خبيراً، وكنت في دينك تاجراً نحريراً لركبت العقر، ولفرشت القصب، ولما أحببت أن تتمثّل لك الرجال قياماً، ولما ظلمت عترة النبي صلّى الله عليه وآله بفعل القبيح(1)، غير أنّي أراك في الدنيا قتيلا بجراحة من عبد اُمّ معمر، تحكم عليه جوراًفيقتلك، وذلك توفيقاً يدخل والله به الجنان على الرغم منك.

ولو كنت من رسول الله صلّى الله عليه وآله سامعاً مطيعاً لما وضعت سيفك على عاتقك ولما خطبت على المنبر، وكأنّي أراك وقد دعيت فأجبت ونودي باسمك فأحجمت، وانّ لك [بعد القتل](2) لهتك ستر وصلباً، ولصاحبك الذي اختارك وقمت مقامه من بعده.

فقال له عمر: يا أبا الحسن أما تستحي لنفسك من هذا [التهكّن](3)؟ فقال أمير المؤمنين عليه السلام: والله ما قلت إلاّ ما سمعت، ولا نطقت إلاّ بما علمت، قال: فمتى يكون هذا يا أمير المؤمنين؟ قال: إذا خرجت جيفتكما عن رسول الله صلّى الله عليه وآله من قبريكما الذين لم ترقدا فيهما نهاراً، كيلا يشك أحد فيكما إذ نبشتما، ولو دفنتما بين المسلمين لشك شاك وارتاب مرتاب.

وصلبتما على أغصان دوحات شجرة يابسة، فتورق تلك الدوحات بكما وتفرع وتخضر، فتكون فتنة لمن أحبّكما ورضى بفعالكما، ليميز الله الخبيث من الطيب، وكأنّي أنظر إليكما والناس يسألون العافية ممّا قد بُليتما به، فقال: فمن يفعل

____________

1- في "ج": بقبيح الفعل.

2- أثبتناه من "ج".

3- أثبتناه من "ج".


الصفحة 130
ذلك يا أبا الحسن؟

قال: عصابة قد فرقت بين السيوف وأغمادها، وارتضاهم الله لنصرة دينه، فما تأخذهم في الله لومة لائم، ولكأنّي أنظر إليكما وقد اُخرجتما من قبريكما، غضّين طريّين رطبين حتّى تصلبا على الدوحات، فيكون ذلك فتنة لمن أحبّكما، ثمّ يؤتى بالنار التي اُضرمت لابراهيم عليه السلام، ويجيء جرجيس ودانيال وكلّ نبيّ وصدّيق ومؤمن، ثمّ يؤمر بالنار التي أضرمتموها على باب داري لتحرقوني وفاطمة بنت رسول الله صلّى الله عليه وآله، وابني الحسن والحسين، وابنتي زينب واُمّ كلثوم، فتحرقا بها.

ويرسل الله عليكما ريحاً مرّة فتنسفكما في اليمّ نسفاً بعد أن يأخذ السيف ما كان منكما، ويصير مصيركما جميعاً إلى النار، وتخرجان إلى البيداء إلى موضع الخسف الذي قال الله عزوجل: {ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت وأخذوا من مكان قريب}(1) يعني من تحت أقدامكم.

قال: يا أبا الحسن يفرق بيننا وبين رسول الله صلّى الله عليه وآله؟ قال: نعم، قال: يا أبا الحسن انّك سمعت هذا وانّه حق؟ قال: فحلف أمير المؤمنين عليه السلام انّه سمعه من النبي صلّى الله عليه وآله، فبكى عمر وقال: إنّي أعوذ بالله ممّا تقول، فهل لذلك علامة؟ قال: نعم، قتل فضيع، وموت سريع، وطاعون شنيع.

ولا يبقى من الناس في ذلك الوقت إلاّ ثلثهم، وينادي مناد من السماء باسم رجل من ولدي، وتكثر الآيات حتّى تتمنّى الأحياء الموت ممّا يرون من الآيات، فمن هلك استراح ومن كان له عند الله خير نجا.

ثمّ يظهر رجل من ولدي يملأ الأرض عدلا وقسطاً كما ملئت جوراً وظلماً،

____________

1- سبأ: 51.


الصفحة 131
يأتيه الله ببقايا(1) قوم موسى ويحيى، له أصحاب الكهف، ويؤيّده الله بالملائكة والجنّ وشيعتنا المخلصين، وينزل من السماء قطرها، وتخرج الأرض نباتها، فقال له: يا أبا الحسن امّا إنّي أعلم انّك لا تحلف إلاّ على الحقّ، فوالله لا تذوق أنت ولا أحد من ولدك حلاوة الخلافة أبداً.

فقال له أمير المؤمنين عليه السلام: إنّكم لا تزدادون لي ولولدي إلاّ عداوة، فلمّا حضرت عمر الوفاة أرسل إلى أمير المؤمنين عليه السلام فقال له: يا أبا الحسن اعلم انّ أصحابي هؤلاء قد أحلّوني ممّا وليت من اُمورهم فإن رأيت أن تحلّني، فقال أمير المؤمنين عليه السلام: أرأيت لو أحللتك أنا فهل لك بتحليل من قد مضى، رسول الله صلّى الله عليه وآله وابنته، ثمّ ولّى وهو يقول: {وأسرّوا الندامة لمّا رأوا العذاب}(2) فهذا كان من دلائله عليه السلام(3).

 

>>>>>>


 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net