[خبر الذين بايعوا الضبّ]
روي مرفوعاً إلى أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر الباقر عليه السلام قال: لما أراد أمير المؤمنين عليه السلام يسير إلى الخوارج بالنهروان، واستنفر أهل الكوفة وأمرهم أن يعسكروا بالمدائن، فتخلّف عنه شبث بن ربعي، والأشعث بن قيس الكندي، وجرير بن عبد الله البجلي، وعمرو بن حريث.
فقالوا: يا أمير المؤمنين تأذن لنا أيّاماً نقضي حوائجنا، ونصنع ما نريد ثمّ نلحق بك، فقال لهم: فعلتموها سوءة لكم من مشايخ، والله ما لكم حاجة تتخلّفون عليها ولكنّكم تتّخذون سفرة، وتخرجون إلى النزهة، وتجلسون وتنظرون في منظر تتنحّون عن الجادة، وتبسط سفرتكم بين أيديكم، فتأكلون من طعامكم، ويمرّ ضبّ فتأمرون غلمانكم فيصطادوه لكم ويأتوكم به فتخلعوني وتبايعون الضبّ وتجعلونه إمامكم.
____________
1- عنه البحار 39: 189 ح26; وفي هداية الحضيني: 126.
وتعلموا انّ أخي(1) رسول الله صلّى الله عليه وآله يقول: إذا كان يوم القيامة نادى مناد: ليخلوا كلّ قوم بما كانوا يأتمّون به في الحياة الدنيا، فمن أقبح وجوهاً منكم وأنتم تخلعون أخا رسول الله صلّى الله عليه وآله وابن عمّه وصهره، وتنقضون ميثاقه الذي أخذه الله ورسوله عليكم، وتحشرون يوم القيامة وإمامكم ضبّ، وهو قول الله عزوجل: {يوم ندعوا كلّ اُناس بإمامهم}(2).
فقالوا: والله يا أمير المؤمنين ما نريد إلاّ أن نقضي حوائجنا ونلحق بك، فولّى عنهم وهو يقول: عليكم الدمار [والبوار](3)، والله ما يكون إلاّ ما قلت لكم وما قلت إلاّ حقّاً، ومضى أمير المؤمنين عليه السلام حتّى إذا صار بالمدائن خرج القوم إلى الخورنق، وهيّأوا طعاماً في سفرة وبسطوها في الموضع، وجلسوا يأكلون ويشربون الخمر.
فمرّ بهم ضبّ فأمروا غلمانهم فصادوه وأتوهم به، فخلعوا أمير المؤمنين عليه السلام وبايعوا له، وبسط لهم الضبّ يده فقالوا: أنت والله إمامنا ما بيعتنا لك ولعليّ بن أبي طالب إلاّ واحدة، وانّك لأحبّ إلينا منه، فكان كما قال أمير المؤمنين عليه السلام، وكان القوم كما قال الله عزوجل: {بئس للظالمين بدلا}(4).
ثمّ لحقوا به فقال لهم لما وردوا عليه: فعلتم يا أعداء الله وأعداء رسوله وأعداء أمير المؤمنين ما أخبرتكم به، فقالوا: لا يا أمير المؤمنين ما فعلنا، فقال: والله ليبعثنّكم الله مع إمامكم، فقالوا: قد فلحنا يا أمير المؤمنين إذا بعثنا الله معك، قال: كيف تكونون معي وقد خلعتموني وبايعتم الضبّ؟ والله لكأنّي أنظر إليكم يوم القيامة والضبّ يسوقكم إلى النار.
____________
1- في "ج": اعلموا انّي سمعت أخي.
2- الاسراء: 71.
3- أثبتناه من "ب" و "ج".
4- الكهف: 50.
فحلفوا له بالله إنّا ما فعلنا ولا خلعناك ولا بايعنا الضبّ، فلمّا رأوه يكذّبهم ولا يقبل منهم أقرّوا له وقالوا: اغفر لنا ذنوبنا، قال: والله لا غفرت لكم ذنوبكم قد اخترتم مسخاً مسخه الله وجعله آية للظالمين(1)، وكذبتم رسول الله صلّى الله عليه وآله، وحدّثني بحديثكم عن جبرئيل عن الله سبحانه، فبُعداً لكم وسحقاً.
ثمّ قال: لئن كان مع رسول الله صلّى الله عليه وآله منافقون فإنّ معي منافقون وأنتم هم، أما والله يا شبث بن ربعي، وأنت يا عمرو بن حريث ومحمد ابنك، وأنت يا أشعث بن قيس لتقتلنّ ابني الحسين، هكذا حدّثني حبيبي رسول الله صلّى الله عليه وآله، فالويل لمن رسول الله صلّى الله عليه وآله خصمه، وفاطمة بنت محمد صلّى الله عليه وآله.
فلمّا قتل الحسين عليه السلام كان شبث بن ربعي، وعمرو بن حريث، ومحمد بن الأشعث فيمن سار إليه من الكوفة وقاتلوه بكربلاء حتّى قتلوه، وكان هذا من دلائله عليه السلام(2).
>>>>>>
|