متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
الباب الثامن والعشرون: في الصمت
الكتاب : إرشاد القلوب ج1    |    القسم : مكتبة التربية و الأخلاق

الباب الثامن والعشرون
في الصمت


قال الرضا عليه السلام: من علامات الفقه الحلم والحياء والصمت، انّ الصمت باب من أبواب الحكمة، وانّه ليكسب المحبّة ويوجب السلامة، وراحة لكرام الكاتبين، وانّه لدليل على كل خير(1).

وقال أمير المؤمنين عليه السلام: لا يزال الرجل المسلم سالماً ما دام ساكتاً، فإذا تكلّم كتب محسناً او مسيئاً(2).

وقال رسول الله صلى الله عليه وآله لرجل: ألا أدلّك على أمر يدخلك الله به الجنة؟ قال: بلى يا رسول الله، قال: أنل ممّا أنالك الله، قال: فان لم يكن لي، قال: فانصر المظلوم، قال: فان لم أقدر، قال: قل خيراً تغنم، واسكت(3) تسلم(4).

وقال رجل للرضا عليه السلام: أوصني، فقال: احفظ لسانك تعز، ولا تمكن

____________

1- قرب الاسناد: 369 ح 1321; عنه البحار 71: 276 ح8; ونحوه في تحف العقول: 332.

2- الاعتقادات للصدوق: 46، باب الاعتقاد فيما يكتب على العبد; عنه البحار 5: 327 ح22.

3- في "ج": أو اسكت.

4- الكافي 2: 113 ح 5; عنه البحار 71: 296 ح 69 باختلاف.


الصفحة 204
الشيطان من قيادك فتذلّ(1).

وقال أمير المؤمنين عليه السلام في وصيّته لابنه محمد بن الحنفية: واعلم يا بني انّ اللسان كلب عقور إن أرسلته عقرك، وربّ كلمة سلبت نعمة وجلبت نقمة، فاخزن لسانك كما تخزن ذهبك وورقك(2)، ومن سيّب عذار لسانه ساقه إلى كل كريهة.

وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: هل يكبّ الناس على مناخرهم في النار إلاّ حصائد ألسنتهم، ومن أراد السلامة في الدنيا والآخرة قيّد لسانه بلجام الشرع فلا يطلقه الا فيما ينفعه(3) في الدنيا والآخرة.

وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: من صمت نجا(4).

وقال عقبة بن عامر: قلت: يا رسول الله فيما النجاة؟ قال: أملك عليك لسانك، وليسعك بيتك، وابك على خطيئتك(5).

وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: من وقى شر قبقبه ولقلقه وذبذبه فقد وقى الشر كله، والقبقب البطن، واللقلق اللسان، والذبذب الفرج(6).

وقال: لا يستقيم ايمان عبد حتّى يستقيم قلبه، ولا يستقيم قلبه حتّى يستقيم لسانه، لأنّ لسان المؤمن ورآء قلبه إذا أراد أن يتكلّم يتدبّر(7) الكلام، فان كان خيراً أبداه وان كان شراً واراه، والمنافق قلبه ورآء لسانه، يتكلّم بما أتى على لسانه ولا يبالي ما عليه مما له، وانّ أكثر خطايا ابن آدم من لسانه(8).

____________

1- الكافي 2: 113 ح 4; عنه البحار 71: 296 ح 68، وفيه: لا تمكن الناس.

2- إلى هنا في البحار71: 287 ح 43; عن الاختصاص.

3- في "ب": يعينه وينفعه.

4- مجموعة ورام 1: 104; روضة الواعظين: 469.

5- مجموعة ورام 1: 104.

6- مجموعة ورام 1: 105.

7- في "ب": تدبر.

8- نهج البلاغة: الخطبة 176; عنه البحار 71: 292 ح62 باختلاف قليل.


الصفحة 205
وقال عليه السلام: من كف لسانه ستر الله عوراته(1)، ومن ملك غضبه وقاه الله عذابه، ومن اعتذر إلى الله قبل عذره.

وقال أعرابي: يا رسول الله دلّني على عمل أنجو به، فقال: أطعم الجائع، وارو العطشان، وامر بالمعروف وانه عن المنكر، فان لم تطق فكف لسانك فانّك بذلك تغلب الشيطان(2).

وقال: انّ الله عند لسان كل قائل، فليتق الله امرء وليعلم ما يقول(3).

وقال: إذا رأيتم المؤمن صموتاً وقوراً فادنوا منه فانّه يلقي الحكمة(4).

وقال عيسى بن مريم عليه السلام: العبادة عشرة أجزاء، تسعة منها في الصمت وجزء واحد في الفرار من الناس(5).

وفي حكمة آل داود: على العاقل أن يكون عارفاً بزمانه، حافظاً للسانه، مقبلاً على شأنه(6)، مستوحشاً من أوثق إخوانه، ومن أكثر ذكر الموت رضى باليسير، وهان عليه من الاُمور الكثير، ومن عدّ كلامه من عمله قلّ كلامه إلاّ من خير.

واعلم انّ أحسن الأحوال أن تحفظ لسانك من الغيبة والنميمة ولغو القول، وتشغل لسانك بذكر الله تعالى أو في تعلّم علم(7) فانّه من ذكر الله، فإنّ العمر متجر عظيم كلّ نَفَس منه جوهرة، فإذا ترك الذكر وشغل لسانه باللغو كان كمن رأى درّة فأراد أن يأخذها فأخذ عوضها مدرة، لأنّ الإنسان إذا عاين ملك الموت لقبض(8)

____________

1- في "ب": عورته.

2- مجموعة ورام 1: 105.

3- مجموعة ورام 1: 105.

4- مجموعة ورام 1: 106.

5- مجموعة ورام 1: 106.

6- إلى هنا في الكافي 2: 116 ح20; مجموعة ورام 1: 106.

7- في "ب": او في علم تعلّمه.

8- في "ب": ليقبض.


الصفحة 206
روحه فلو طلب منه المفاداة(1) على أن يتركه ساعة او نفساً واحداً يقول فيه: "لااله إلاّ الله" بملك الدنيا لم يقبل منه.

وكم يضيّع الإنسان من ساعة في لا شيء، بل ساعات وأيام، فهذا هو الغبن العظيم، وانّ المؤمن هو الذي يكون نطقه ذكراً، وصمته فكراً، ونظره اعتباراً.

وقال رسول الله صلى الله عليه وآله لأبي ذر: ألا اُعلّمك عملاً ثقيلاً في الميزان خفيفاً على اللسان؟ قال: بلى يا رسول الله، قال: الصمت، وحسن الخلق، وترك ما لا يعنيك(2).

وروي انّ لقمان رأى داود يعمل الزرد، فأراد أن يسأله ثم سكت، فلمّا لبسها داود عليه السلام عرف لقمان حالها بغير سؤال(3).

وقال: من كثر كلامه كثر سقطه، ومن كثر سقطه كثر لغوه، ومن كثر لغوه كثر كذبه، ومن كثر كذبه كثرت ذنوبه، ومن كثرت ذنوبه فالنار أولى به، ولقد حجب الله اللسان بأربع مصاريع لكثرة ضرره، الشفتان مصرعان، والأسنان مصرعان.

وقال بعض العلماء: انّما خلق للانسان لسان واحد واُذنان وعينان، ليسمع ويبصر أكثر مما يقول. وروي انّ الصمت مثراة(4) الحكمة.

____________

1- في "ج": التأخير.

2- مجموعة ورام 1: 107.

3- مجموعة ورام 1: 108.

4- في "ج": مرآة.


الصفحة 207


 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net