الباب العاشر في المرض ومصلحته
قال رسول الله صلى الله عليه وآله يوماً لأصحابه: أيّكم يحب أن يصح ولا يسقم؟ قالوا: كلّنا يا رسول الله، فقال: أتحبّون أن تكونوا كالحمير الضالة، ألا تحبّون أن تكونوا أصحاب كفّارات، والذي نفسي بيده انّ الرجل ليكون له الدرجة في الجنّة ما يبلغها بشيء من عمله ولكن بالصبر على البلاء، وعظيم الجزاء لعظيم البلاء، فإنّ الله إذا أحب عبداً ابتلاه بعظيم البلاء، فان رضي فله الرضا، وان سخط فله السخط.
وقال عليه السلام: لو يعلم المؤمن ما له في السقم ما أحبّ أن يفارق السقم أبداً.
وقال عليه السلام: يود أهل العافية يوم القيامة انّ لحومهم قرّضت بالمقاريض لما يرون من ثواب أهل البلاء(1).
____________
1- جامع الأخبار: 310 ح 857; عنه البحار 67: 235 ح54.
وقال موسى عليه السلام: يا ربّ لا مرض يضنيني(1)، ولا صحّة تنسيني، ولكن بين ذلك أمرض تارة فأذكرك، وأصح تارة فأشكرك(2).
وروي انّ أباالدرداء مرض فعادوه، فقالوا: أيّ شيء تشتكي؟ فقال: ذنوبي، قالوا: فأيّ شيء تشتهي؟ فقال: المغفرة من ربّي(3)، فقالوا: ألا ندعوا لك طبيباً؟ فقال: الطبيب أمرضني، قالوا: فاسأله عن سبب ذلك، فقال: قد سألته فقال: انّي أفعل ما اُريد.
ومرض رجل فقيل له: ألا تتداوى، فقال: انّ عاداً وثموداً وأصحاب الرس وقروناً بين ذلك كثيراً كانت لهم أطباء داووا(4)، فلا الناعت بقي ولا المنعوت له، ولو كانت الأدواء تمنع الداء لما مات طبيب ولا ملك(5).
____________
1- الضَّنْي: السقيم الذي قد فال مرضه وثَبَتَ فيه...، وأَضْناهُ المرضُ أي أثقله. (لسان العرب) والمراد أنّ موسى عليه السلام يسأل الله تعالى أن لا يصيبه بمرض مثقل طويل، ولا بصحّة توجب الغفلة والنسيان.
2- دعوات الراوندي: 134 ح334، إلى قوله: لكن بين ذلك.
3- في "ب": ذنوبي.
4- في "ب": أدواء، وفي "ج": أدوية.
5- مجموعة ورام 2: 222 نحوه.
|