إشباع حاجة الطفل إلى الحبّ والحنان
إنّ الطفل في المرحلة الأولى من عمره (من عمر 1 إلى 7 سنين) يحتاج إلى الحبّ والحنان لتنمية قدراته النفسية، كما يحتاج إلى الطعام والماء لتنمية قدراته الجسدية... وكل فرد يحتاج إلى قوة النفس لممارسة نشاطاته الحياتية، وتعتبر حجر الأساس في النجاح في الممارسات اليومية... فالطالب في المدرسة يحتاج إلى قوّة النفس مع المذاكرة لتحقيق النجاح، لأنّ المذاكرة مع ضعف النفس لا تنفع شيئاً... والمعلّم يحتاجها أيضاً، كذلك الطبيب وكذلك الزوجة والأم.
وتاريخنا الإسلامي يسجّل للأمة الإسلامية قوّتها وصلابتها في مواجهة قريش وعدتها وعددها بما أوتيت من ثقة بالنفس يحمله أفرادها إضافة الى أن باب خيبر. الذي يعجز الرجال الأشدّاء عن حمله استطاع الإمام علي(ع) بقوّة نفسه أن يحمله وليس بقوّته العضلية.
إنّ إشباع حاجة الطفل من الحبّ والحنان ضروري، لذا أكّدتها التربية الإسلامية في النصوص التالية:
عن النّبيّ(ص):
(أحبّوا الصبيان وأرحموهم). (بحار الأنوار/ ح104)
وقال الصادق(ع):
(إنّ الله ليرحم الرجل لشدّة حبّه لولده). (الافي/ ج2)
وعنه أيضاً(ع):
(برّ الرجل بولده برّه بوالديه). (من لا يحضره الفقيه/ ج2)
ولا يكفي أن نحمل الحبّ لأولادنا في قلوبنا، بل ينبغي من الوالدين إظهاره لهم من خلال السلوك مثل تقبيلهم.
جاء في الحديث الشريف عن علي(ع):
(من قبَّل ولده كان لهُ حسنة، ومن فرَّحه فرَّحهُ الله يوم القيامة). (بحار الانوار/ ج 104).
وجاء رجل إلى النّبيّ(ص) فقال: ما قبّلت صبيّاً قطّ، فلمّا ولىّ قال النّبيّ(ص):
(هذا رجل عندنا إنّه من أهل النار). (بحار الانوار/ ج 104).
وكذلك بادخال الفرح إلى قلوبهم من خلال حمل الهدايا لهم والتوسعة عليهم. قال النّبي(ص): من دخل السوق فاشترى تحفة فحملها إلى عياله كان كحامل صدقة إلى قوم محاويج، وليبدأ بالإناث قبل الذكور، فإنّه من فرَّح ابنه فكأنّما أعتق رقبة من ولد إسماعيل.
(ليس منّا من وسّع عليه ثمّ قتر على عياله). (بحار الانوار/ ج 104).
الإهتمام بوجود الطفل
إنّ الطفل بحاجة أيضاً في السبع سنوات الأولى من حياته إلى شعوره بأنّه يحتل في قلوب والديه مكاناً مهماً سواءً أكان ذكراً أو أنثى، ذكيّاً أو بليداً، جميلاً أو قبيحاً... وينبغى للوالدين الإنتباه إلى هذه الناحية، مثل الإصغاء إليه حين يتحدّث... وأخذ مشورته في القضايا العائدة إليه... واحترام رأيه حين يختار... ونحن نلحظ إنّ المربّي الإسلامي يوجّهنا إلى هذه المعاني... ففي قصّة إبراهيم الذي جاءه الأمر الإلهي في الذبح، ومع أن الأمر الإلهي لا يتغيّر ولا يتبدّل، لكنّ إبراهيم(ع) لا ينفّذه إلاّ بعد المشورة:
(يا بنيّ إنّي أرى في المنام أنّي أذبحك، فانظر ماذا ترى).
كذلك سيّدة النساء الزهراء(ع) تحرص على إسماع أبنائها دعاءها لهم في صلاة الليل مع استحباب اخفائها، والسبب واضح لتأكيد اهتمامها بهم وبأنّهم يحتلّون في قلبها مكاناً، الأمر الذي دعاهم إلى الإستغراب والتساؤل عن السبب في أن يكونوا في المرتبة الأخيرة في تعدادها للمؤمنين في ركعة الوتر، فتقول لهم(ع): (الجار ثمّ الدار).
إنّ من المؤسف أن نجد بعض الآباء لا يهتمون بوجود الأبناء فيتجاهلونهم في وجود الضيوف، فلا يقدّمون لهم الطعام ولا تعطى لهم فرصة في الحديث... الخ.
تمتّع الطفل بالحرية الكافية
لا بدّ أن يحصل الطفل على الحرية في المرحلة الأولى من حياته، فلا بدّ أن يجد المكان المناسب له في لعبه وحركته وترتيب لوازمه دون تدخّل الكبار... ولا بدّ أن يجد الحرية في الحركة دون تحذير... وأن لا يجد من يعيد ترتيب ممتلكاته بعد أن رتّبها بنفسه... وأن يجد الحرية في ارتداء ما يعجبه من الملابس واختيار ألوانها... فمادام هو السيد في هذه المرحلة وهو الأمير فلا بدّ أن يكون ترتيب البيت بشكل يتناسب مع حركته ووضعه كذلك يجدر بالوالدين التحلّى بالصبر للحصول على النتائج الحسنة.