متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
خطأ كبير في الإنحراف الجنسي : المسألة المهمة ، الوقاية والعلاج ،
الكتاب : المشاكل الجنسية للشباب    |    القسم : مكتبة التربية و الأخلاق

«3»

خطأ كبير في الإنحراف الجنسي

 

أُريد أن أبكي دماً ولكن دموعي جفّت من كثرة البكاء وأهدابي قتلها الظمأ.

أُريد أن أصرخ ولكن الحسرات تكسّرت في صدري.

أُريد أن أُفكّر ولكن بأي شيء؟ بأي عاقبة مرّة ومصير أسود؟

أيبقى عاقل قادر على التفكير في مقابل هذه الأزمات والإخفاقات؟!

مسكين، وحيد، تائه، حيران، خائف مما أنا فيه ومما

[ 126 ]

سألاقيه، متنفّر من كل شخص ومن هذا الوسط الملوّث بالفساد.

أنا في الحادية والعشرين من عمري، أمضيت عشرة سنوات من أحسن وأجمل أيام عمري وحيداً فريداً، مشاكل الحياة وصعوبتها، ألوان المجتمع الفاسدة كلّ هذه تحزُّ في نفسي وتؤلمني كثيراً.

لا أعلم كيف حدث وماذا حدث، فقبل عدّة سنوات، وبدون إرادة مني تعرّفت على عادة خبيثة مشؤومة عندما كنت أُطالع كتاباً، وانتهى ذلك الوقت ولم ينبهني أحد إلى خطورة مرحلة الشباب وحساسيتها! كانت تهيّجني وتثير غرائزي قدود النساء والبنات العاريات اللاتي كن يحترقن بنار الشهوة والهوس.

نعم قد تعودّت، فجسمي الآن مريض وروحي مريضة أيضاً وأنا الآن أخطو نحو دائرة الجنون الخطوة تلو الاُخرى وقد أخذ التذمّر واليأس مأخذه مني...

[ 127 ]

اغفروا لي هذا الإسهاب في الرسالة، إنّ هذا الأنين والإستغاثة التي توجع أسماعكم ليست مني فقط، أنا أعلم أن كثيراً من الشباب مساكين مثلي.

لا أخفي عليكم فقد حاولت على الإنتحار في سن السابعة عشرة مرّتين ولكن دون جدوى فلم أسعد بالموت!

أنا الآن ضعيف جداً، وقبل مدّة قصيرة - مع كمال الإعتذار - أخذت تخرج منّي قطرات الدفع بدون إرادتي!...

أنا الآن في خضم أمواج الموت تتلاعب بي وتتقاذفني، فترميني إلى هذا الطرف مرّة وإلى ذلك أُخرى وربّما قذفتني إلى طرف الفناء!...

أرجو منكم أن تمدّوا إي يد العون وتنقذوني مما أنا فيه وأن تتلطّفوا علي بالجواب السريع سائلا الله لكم المزيد من التوفيق.   (س - پ)

 

المسألة المهمة

وبهذا الترتيب ألقينا نظرة على مشهد آخر من المشاهد

[ 128 ]

المؤلمة لهذا المجتمع، حيث قرأنا رسالة مؤلمة أُخرى لشاب أسير إمتنعنا عن ذكر إسمه.

والآن دعونا نتابع الكلام عن هذه العادة المشؤومة (الإستمناء Masturdations) وكيفية مكافحتها، فربّما استطعنا أن نحول دون تدفق هذا السيل الجارف.

إنّ من الإشتباهات الكبيرة في هذه المسألة الحسّاسة هي أنّ بعض الأطباء - في مقابل العُلماء الذين طالعوا هذه العادة المشؤومة ووضّحوا آثارها في كتبهم حيث قرأنا بعض نماذجها في البحوث الماضية - يدعون: لم نعثر في مصادرنا الطبيّة على ما يدعو للقلق من هذه الظاهرة، بينما لا تخلو اثارتها من خلق بعض المتاعب لدى الأفراد.

كما يزعمون أحياناً : إنّ هذا العمل لا يختلف كثيراً عن التقارب الجنسي.

ومما يؤسف له أنّ مثل هذه المزاعم الهوجاء - من دون مطالعة في كلّ جوانب المسألة - صار سبباً لسقوط كثير من

[ 129 ]

الشباب في شراك هذه العادة.

بينما رد الأطباء المطلعين على هذه التخرصات قائلين:

إنّ الأطباء الذين يقولون بعدم أضرار هذه العادة غفلوا عن نقطة أساسية في هذه المسألة: وهو أنّ هذا العمل بـ «المشاهدات الكثيرة» و «باعتراف كثير من المصابين» يشجّع صاحبه على اعتياد هذه العادة الشاذّة بما يجعل من المتعذّر التخلّص منها حتى ينتهي الأمر إلى الموت.

من الممكن أن يكون استعمال مادة مخدّرة لمرة واحدة لا يؤدي إلى أي ضرر إلاّ أنّ الضرركل الضرر والخطر كل الخطر هو الضرر الذي ينشأ من الإعتياد عليها، الاعتياد الذي يمكن أن تقبر فيه كلّ قابليات الإنسان ومزاياه.

وقد أكّد الأخصّائيون في هذا الفن - بنفس الشكل الذي بينّاه - في كتبهم حول هذا الموضوع على الإعتياد في هذا العمل وحذروا الشباب منه.

الملاحظة الاُخرى التي يجب أن تُضاف إلى هذا الموضوع

[ 130 ]

هي سهولة وسائل التلوّث بهذا العمل. في الحقيقة أن هذا العمل لا يحتاج إلى وسائل فممارسته ممكنة في كلّ آن ومهما كانت الظروف، وباعتباره يغزو الشباب في دوران طغيان الغريزة الجنسية وخاصة ما بين السادسة عشرة والعشرين، فمن السهل جداً أن يصبح بشكل عادة مستأصلة، في حين أنّ الإختلاط أو التقارب الجنسي ليس بهذه السهولة، إذ أنّ الرجل وزوجته لا يتمكنان من القيام به إلاّ في ظل الظروف الملائمة.

الأشخص الذين قللوا من أضراره لم يلتفتوا حتماً إلى مسألة الإعتياد عليه وإلى سائر الأحوال والأوضاع الخاصة بهذا التعوّد، وإلاّ فكيف يمكن إنكار هذه الحقيقة الحسيّة، وهي أنّ كثيراً من الشباب المصابين بهذا المرض، لا يتركونه حتى مع أشد حالات الضعف والشلل والجنون والمرض المنتهي بالموت.

هل يمكن إنكار هذه المشاهدات؟!

[ 131 ]

مع العلم ان كثيراً من الأشخاص المعتادين على هذا الإنحراف يقولون: بأنّنا لم نكن نعرف أضراره أو نطلع عليها وعلى هذا الأساس فتكون مسألة التلقين هنا منتفية أساساً.

 

الوقاية والعلاج

الآن وبعد وضوح هذه الحقائق، نلفت أنظار الشباب الأعزّاء إلى الأمور التالية لأجل الوقاية من بروز هذه العادة أو علاجها فيما إذا ابتلوا بها - لا سمح الله -:

1 - إنّ الموضوع الأوّل الذي يجب أن ينتبه إليه المصابون هو إمكان القضاء على هذه العادة ذات الآثار الوخيمة - شأنها شأن كل عادة فاسدة أُخرى - إذا عولجت بصورة صحيحة، ويشهد بذلك الأطباء وكثير من الأفراد الذين كانوا مصابين بها.

الجدير بالذكر هو أنّ أكثر الآثار الوخيمة التي نتجت عنها سترتفع بعد مدّة قصيرة من تركها، لأنّ نمو الشباب المتزايد يستطيع أن يعوّض أكثر ما فقده الجسم في الماضي (لا نقول

[ 132 ]

كلّ ما فقده الجسم بل نقول أكثره).

وكما أنّ جراحات الأطفال والشباب تلتئم بسرعة فإنّ آثار هذا العمل الوخيمة سترتفع بعد مدّة قصيرة من تركه.

والواقع يخطئ أولئك المصابون الذين يشعرون باليأس من تحسّن حالتهم وتماثلهم للشفاء، فإنّ اليأس والتردد يشكل أكبر عقبة في طريق بشفائهم.

وبناء على ما تقدّم فإنّ أهم وأول موضوع يجب أن يؤمن به هؤلاء هو إمكان ترك هذه العادة المشؤومة والتخلّص من عواقبها الوخيمة.

الآن وقد وضع القدم الأوّل في طريق علاج هؤلاء المبتلين يجب علينا أن نعد أنفسنا لامتثال الوصية الأولى.

2 - يعتقد الأطباء عموماً بضرورة التحلي بالعزم والارادة لترك كل عادة، ربّما تعتقد -أيها القارى - بأنّ هذا الموضوع موضوع بسيط وطبيعي ولكننا نقول لك بأنّ هذا الموضوع مهم ومؤثر أكثر مما تتصوّر.

[ 133 ]

وقبل أن تعقد العزم يجب أن تفكّر بأضرار مواصلة هذا العمل الخطر وتدقق في أضراره المذكورة في البحوث الماضية وتتمثل العواقب الوخيمة التي تنتظر الأشخاص المعتادين عليه، وبالنظر إلى القدرة العظيمة المودعة عند كل إنسان - وخاصة عند الشباب - يجب أن تتخذ القرار الحاسم الذي لا رجعة فيه.

أنا أعلم ان بعض الشباب المُصابين سيعترضون عليّ حتماً بقولهم «نحن لا نقدر على اتخاذ أي قرار لأنّ القدرة عليه قد سلبت منّا، فلقد عزمنا مراراً وفشلنا»!

نحن نعترف باعتراضكم هذا ونقرّه ولكنكم يجب أن تدققوا في أمرنا بصورة كاملة أنا أسأل هؤلاء الأفراد: «هل أجريتم هذا العمل أمام أبيكم أو أمكم أو أخيكم أو مدرّسكم أو أمام أي شخص محترم آخر؟

حتماً سيكون الجواب: كلا.

اسأل : لماذا؟

[ 134 ]

ستقولون : إنّ هذا العمل مخجل!

أقول : يعني تريدون أن تقولوا: باعتبار أن هذا العمل مخجل فقد صممنا على أن لا نمارسه أمام هؤلاء!

إنّ هذا الموضوع يثبت بصورة جليّة بأنّكم لا تندفعون أبداً نحو هذا العمل بدون اختيار وبدون إرادة (كما تتخيلون).

إذا كنتم تمارسون بدون احتيار منكم وبدون إرادتكم فإنّ حضور هؤلاء الأشخاص وعدم حضورهم لا يؤثر شيئاً!

يجب عليكم أن تقووا (ارادتكم القوية) التي تستعملونها في هذه الموارد إلى كل مكان، إنّ هذه القابلية موجودة فيكم فلماذا لا تستفيدون منها؟

لا تنسوا أيضاً بأنّ الله حاضر في كل مكان، وأنتم في حضوره أينما كنتم، فهل من المناسب ممارسة هذا العمل الشنيع أمام مثل هذا الخالق؟!

من الطريف جداً إننا نقرأ عن الإمام الصادق(عليه السلام) انّه إذ سأله رجل: «مسكين فلان فقد ابتلى (بانحراف جنسي) - نوع

[ 135 ]

آخر غير هذه العادة - ولا إرادة له».

فأجابه الإمام غاضباً : ماذا تقول؟! هل هو مستعد لممارسة هذا العمل أمام الناس؟!

فقال : كلا.

فقال الإمام : فقد علم بأنّ ممارسته باختياره وإرادته؟...

وأمّا البعض الذين يقولون بأننا «عزمنا مراراً وفشلنا» فنحن نقول لهم بصراحة: بأنّ فشل العزم ليس معناه إنعدام آثاره جميعاً في وجود الإنسان.

إنّ هذا التصميم الفاشل نفسه يخلف ترسّبات في أعماق روح الإنسان، يهيئ جواً لتصميم نهائي أقوى منه.

فمثلا يحاول الإنسان في كثير من الأوقات أن يصعد جبلا أو أن يعبر بسيارته طريقاً ضيقاً مرتفعاً، ومن الممكن أن يفشل في المرّة الأُولى والثانية وربّما في العاشرة أيضاً ولكنه سيوفّق في النهاية.

إنّ فشل الإنسان في المحاولات الأولى ليس معناه انه لم

[ 136 ]

ينجز أي عمل خلالها بل هو في كلّ واحدة من المحاولات الفاشلة قد تعلم شيئاً وادخر قوّة حتى فاز في النهاية.

يقول العُلماء : لأجل حفظ قطعة شعرية أو نثرية ربّما لزمت قراءتها خمس مرّات ولكن بعد أن تغيب عن ذهن الإنسان فحفظها لا يستلزم قراءتها وتكرارها خمس مرّات بل ربّما تكفي قراءتها ثلاث مرّات، يعني أن ترسّبات التصاميم والذكريات الماضية باقية في روح الإنسان دائماً، وكلّ المسائل المربوطة بروح الإنسان في هذا النمط.

على هذا الأساس، إذا كنت قد عزمت وفشلت حتى ولو لمرّات كثيرة هيئ نفسّك الآن لعزم قاطع من أجل ترك كل اعتياد فاسد وأعد كل قواك المعنوية وخاصة إيمانك بالله.

الآن وقد أخذت قرارك النهائي، هيّئ نفسك لإجراء الدساتير الآتية بصورة دقيقة.

[ 137 ]

 


 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net