موسوعة الدراسات القرآنية (6) |
نظرات معاصرة في القرآن الكريم
الدكتور محمد حسين علي الصغير أستاذ الدراسات القرآنية في جامعة الكوفة
دار المؤرخ العربي بيروت ـ لبنان
(5)
بسم الله الرحمن الرحيم المقدمة يتبوأ القرآن العظيم مقعد صدقٍ في الضمائر المؤمنة الحية ، تستلهم هدايته ، وتستطلع إفاضته ، وتستوحي إشارته . والقرآن نص إلهي تفرد بجمال الأسلوب ، ودقة العبارة ، وعمق العطاء ، وهو كتاب الله الذي نصبه مناراً للإعجاز في شتى عوالمه التشريعية والبلاغية والأسلوبية والتأريخية وسواها ، فليس هناك غرابة أن يجتمع فيه تأصيل الغرض الديني بإعتباره كتاب العربية الأكبر . إنطوت أربعة عشر قرناً أو تزيد على ميلاد هذا الكتاب المجيد ، وما زال جديداً في عطائه ، وجديداً في أفكاره ، وجديداً في ملامحه البيانية الفذّة ، تحدى الله به الأمم والشعوب والقبائل فوجموا أمام بلاغته العربية ، ونازل به عالم العلماء والعباقرة فآنحنت الرؤوس ، وشخصت الأبصار ، وعنت العقول ، وطاول به النصوص الأدبية والتشريعية فآنهزمت بين يديه ، كل هذا وفوق هذا مما إمتاز به القرآن الكريم ، فلا غرابة إن حديث المشاعر الإنسانية على مدارسته ، ونصب الفكر البشري في إستكناهه ، فما زال الزمان والتقدم الحضاري معاً يوليان هذا المنبع الثّر أهمية خاصة ، فهو الرافد الذي واكب حياة الأجيال ، وهو الشعاع الذي رافق مسيرة الحضارة . وقد قدرّ لي أن أرافق طبقة مختارة في الجامعات والمجامع العلمية ، والجماهير المثقفة ، وأرى الجميع يتطلعون إلى شذرات من معارف القرآن ، بل ويسألون بألحاف وإلحاح عن طائفة كبيرة من خصائصه وتعليماته ، ويتشوفون شوقاً إلى الإجابة المعاصرة بعيداً عن الأفق التقليدي المتزمت ،
(6) وكنت مغتبط النفس لهذا التوجه ، مطمئن الضمير لصحة المنطلق ، أجيل فكراً نابضاً في إستقراء المجهول ، وأقدم عرضاً متواضعاً في ضوء ما أحسن ، ومن خلال هذه المناظرات والطرح المعاصر لفكر القرآن ، تولدت جملة من الأفكار الصالحة التي يفيد منها الراهب في صومعته ، والمفكّر في مكتبته ، والمثقف في جامعته ، والجمهور في حدود معرفته ، وإستحضرت لذلك المؤتمرات العلمية والندوات المتخصصة ، فكانت ميداناً متسعاً لهذه الأفكار تقابلها بالرضا حيناً ، وبالمناقشة الحرّة حيناً آخر ، وقد تسجل بأجهزة الاعلام ، وقد تصوّر كاملة بأشرطة الفيديو ، فكانت هذا الكتاب . هذا الكتاب عبارة عن محاضرات علمية في نظرات معاصرة للقرآن الكريم ، ألقيت في المؤتمرات والندوات المتخصصة ، وهي خاضعة للردّ والقبول والنقاش ، ولكنها بأية حال صورة عما أفهم ، وأطروحة لما أؤمن به ، ليس فيها تنطعّ المتزمتين ، ولا إغلاق المتفلسفين ، جاءت كما هي عليه تعبيراً واضحاً مفهوماً بمنأى عن الالتواء والتعنت ، وكانت حصة هذا الكتاب منها سبع محاضرات ، ودّونت بعد عنوانها مكان وزمان إلغائها ، وهي كالآتي :
1 ـ ملامح الإعجاز في القرآن العظيم . 2 ـ البعد العالمي في القرآن . 3 ـ مدرسة الكوفة في تفسير القرآن العظيم . 4 ـ أثر القرآن الكريم في الحفاظ على أصالة اللغة العربية . 5 ـ الأسلوب النفسي لمكافحة الجريمة في القرآن الكريم . 6 ـ تحريم الخمر في القرآن الكريم . 7 ـ مسيرة الكائن الإنساني ورسالة السماء في القرآن العظيم . وقد أسميتها مجتمعة « نظرات معاصرة في القرآن الكريم » أرجو أن يلتمس بها القارئ شيئاً جديداً ، وأن يتطلع لها الشباب بأفق متفتح ، وأن يفيد منها الباحث الموضوعي ، عسى أن تكون لنا ذخراً يوم الدين ، نعدّ فيه
(7) من حَمَلَة القرآن ، ونعتبر في بركته من خَدَمَتِهِ ، فيوردنا مورد الكرامة ، ويطلّ بنا على ساحة القدس ، وهذا أكبر رجائنا وأعظم أملنا . وما توفيقي إلا بالله العلي العظيم عليه توكلت ، وإليه أنيب ، وهو حسبنا ونعم الوكيل .
النجف الأشرف الدكتور محمد حسين علي الصغير أستاذ في جامعة الكوفة |
(8)
(9)
|