( 40 ) فاطمة الصغرى بنت الحسين عليه السلام
في بعض المصادر : ان الحسين عليه السلام لما سار إلى العراق ترك ابنته فاطمة الصغرى في المدينة المنورة على فراش المرض ، ولم يأت بها إلى كربلاء لشدة وجعها وعدم تمكنها وقدرتها على السير والحركة . فبقيت هذه العلوية في المدينة وقد اذهلتها الصدمة ، ووجدت نفسها في حياة تحيطها الآلام والمأساة ، فراحت تسأل عن ابيها كل قادم من العراق ، وتستقصي أخبار الركب المقدس بتلهف ووجد علها تقف على خبر يروض به نفسها ، وتجد في حقيبة الوافدين من العراق شيئاً من الأمل المشرق فيه الراحة لنفسها المعذبة ، كما يجد الملاح الراحة بعد عاصفة هوجاء هددته بالفناء .
فمن المعروف والشائع على الألسن أن هذه الفتاة الكريمة بينما كانت على فراش المرض ذات يوم سابحة في بحار الخيال ، تترقب بقلب نزوع وصبر فارغ أنباء والدها إذ استقر على الحائط غراب ملطخ بالدم ـ قيل أنه عندما استشهد الإمام الحسين عليه السلام وتوجه إلى صوب المدينة ليخبر فاطمة الصغرى بالواقعة الكبرى التي حلت في أرض كربلاء ـ فرفعت رأسها للنظر الى الغراب فرأته مخضباً بالدم ، فثارت في نفسها أمواج الكآبة واجهشت بالبكاء والعويل كأنها استيقنت باستشهاد ابيها عليه السلام ، وأنشدت تقول :
نعب الغراب ققلــت : من * تنعــاه ويلك يا غـراب قــال الإمام فقلت : مـن * قال : الموفــق للصواب
( 151 )
إن الحسيـن بـكـربــلا * بين الاسنــة والضــراب فابكـي الحسيـن بعبــرة * ترجى الإله مـع الثــواب قلت : الحسين ؟ فقال لي : * حقاً لقد سكــن التــراب ثم استقــل بـه الجنـاح * فلـم يطـق رد الجــواب فبكيــت ممـا حـل بي * بعد الرضاء المستجـــاب
وبقيت هذه العلوية تبكي أباها أياماً وليالي إلى أن دخل ركب السبايا إلى المدينة وضج الناس بالبكاء والعويل ، حينها التحقت فاطمة الصغرى بالعائلة وسكنت معهم ، يقيمون العزاء تلو العزاء على مصاب سيد الشهداء أبي عبد الله الحسين عليه السلام (1) .
* * * ____________ (1) انظري : رياحين الشريعة 3 : 316 نقلا عن ( فرائط السمطين وبحار الأنوار ) ، فاطمة بنت الحسين عليه السلام : 31 نقلا عن ( ناسخ التواريخ 3 : 85 ، والدر المنثور : 362 ) .
( 152 )
|