من الشاعرات المواليات لأمير المؤمنين عليه السلام ، والحاضرات معه في صفين ، لها شعر تحض الرجال على القتال وتشجعهم في مواجهة العدو ، ولها شعر ترثي به الإمام علي عليه السلام بعد أن قتله ابن ملجم لعنة الله عليه . وقال ابن طيفور في بلاغات النساء : حدثنا العباس بن بكار ، حدثنا سهيل بن أبي سفيان التميمي ، عن أبيه ، عن جعدة بن هبيرة المخزومي ، قال : استأذنت اُم البراء بنت صفوان بن هلال على معاوية فأذن لها ، فدخلت في ثلاثة دروع (1) تسحبها ، وقد كان على رأسها كور (2) كهيئة المنسف (3) ، فسلمت ثم جلست ، فقال : كيف أنت يا بنت صفوان ؟ . قالت : بخير يا أمير المؤمنين . قال كيف حالك ؟ . قالت : ضعفت بعد جلد ، وكسلت بعد نشاط . ____________ (1) درع المرأة : قميصها . الصحاح 3 : 1206 « درع » . (2) كار العمامة على رأسه يكورها : أي لاثها ، اي : دارها . الصحاح 2 : 809 « كَوَرَ » ، القاموس المحيط 2 : 129 « كور » . (3) المِنْسَف : ما ينسف به الطعام ، وهو شيء طويل منصوب الصدر وأعلاه مرتفع . الصحاح 4 : 1431 « نسف » .
( 56 )
قال : شتان بينك اليوم وحين تقولين :
يا عمرو دونك صارماً ذا رونق
*
عضب المهزة ليـس بالخـوار (1)
أسـرج جوادك مسرعاً ومشمراً
*
للحرب غير معـردٍ (2) لفـــرار
أجــب الإمام ودب تحت لوائه
*
وأغر العدو بصـارم بتــــار
يــاليتني أصبحت ليس بعورة
*
فأذب عنه عساكـر الفجــــار
قالت : قد كان ذاك يا أمير المؤمنين ، ومثلك عفا ، والله تعالى يقول : ( عفا الله عما سلف ) (3) . قال : هيهات أما أنه لو عاد لعدت ، ولكنه اخترم دونك ، فكيف قولك حين قتل ؟ . قالت : نسيته . فقال بعض جلسائه : هي والله حين تقول يا أمير المؤمنين :
يا للرجال لعظم هول مصيبة * فدحت فليس مصابها الهـازل
فقال معاوية : قاتلك الله يا بنت صفوان ، ما تركت لقائل مقالاً ! أذكري حاجتك . قالت : هيهات بعد هذا والله لا سألتك شيئاً ، ثم قامت فعثرت فقالت : تعس شانئ علي . فقال : يا بنت صفوان زعمتي أن لا اُحبه ؟ قالت : هو ما علمت (1) . ____________ (1) بلاغات النساء : 75 . وانظر : أعيان الشيعة 3 : 475 ، أعيان النساء : 46 ، رياحين الشريعة 3 : 366 .