متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
4 - قوله (ص) لعلي: فاز من لزمك، وهلك من فارقك، مثلك ومثل الأئمة من ولدك، بعدي مثل سفينة نوح، من ركبها نجا، ومن تخلف عنها غرق
الكتاب : الإمامة وأهل البيت (ع) ج2    |    القسم : مكتبة أهل البيت (ع)

4 - قوله صلى الله عليه وسلم لعلي: فاز من لزمك، وهلك من فارقك، مثلك ومثل الأئمة من ولدك، بعدي مثل سفينة نوح، من ركبها نجا، ومن تخلف عنها غرق.

روى الحاكم في المستدرك بسنده عن حنش الكناني قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح، سمعت أبا ذر يقول - وهو آخذ بباب الكعبة - (أيها الناس من عرفني فأنا من عرفتم، ومن أنكرني، فأنا أبو ذر:

سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من ركبها نجا، ومن تخلف عنها غرق (قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط مسلم) (1).

ورواه المتقي الهندي في كنز العمال، وقال: أخرجه ابن جرير عن أبي ذر (2)، ورواه الهيثمي في مجمعه، وقال: رواه البزار والطبراني في الثلاثة (أي الكبير والأوسط والصغير (3)، وذكره علي بن سلطان في مراقاته (4) في المتن، وقال في الشرح: رواه أحمد، يعني الإمام أحمد بن حنبل (5).

وروى الخطيب البغدادي في تاريخه بسنده عن أنس بن مالك قال: قال

____________

(1) المستدرك للحاكم 2 / 343 (وانظر 3 / 150).

(2) كنز العمال 6 / 216.

(3) مجمع الزوائد 9 / 168.

(4) علي بن سلطان القاري: مرقاة المفاتيح 5 / 610.

(5) فضائل الخمسة 2 / 56 - 57.

الصفحة 73
رسول الله صلى الله عليه وسلم (إنما مثلي ومثل أهل بيتي كسفينة نوح، من ركبها نجا، ومن تخلف عنها غرق (1).

وروى الحافظ سليمان الحنفي في ينابيع المودة بسنده عن سعيد بن جبير عن ابن عباس، رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أنا مدينة العلم، وعلي بابها، ولن تؤتى المدينة إلا من قبل الباب، وكذب من زعم أنه يحبني ويبغضك، لأنك مني وأنا منك لحمك من لحمي، ودمك من دمي، وروحك من روحي، وسريرتك من سريرتي، وعلانيتك من علانيتي، سعد من أطاعك، وشقي من عصاك، وربح من تولاك، وخسر من عاداك، فاز من لزمك، وهلك من فارقك، مثلك ومثل الأئمة من ولدك بعدي، مثل سفينة نوح، من ركبها نجا، ومن تخلف عنها غرق، ومثلكم مثل النجوم، كلما غاب نجم طلع نجم، إلى يوم القيامة) (2).

وروى الحافظ أبو نعيم (أحمد بن عبد الله الأصبهاني 336 - 430 هـ) في حليته بسنده عن أبي الصهباء عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح، من ركبها نجا، ومن تخلف عنها غرق) (3).

وروى الإمام أحمد في الفضائل بسنده عن علي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

(النجوم أمان لأهل السماء، إذا ذهبت النجوم ذهب أهل السماء، وأهل بيتي أمان لأهل الأرض، فإذا ذهب أهل بيتي، ذهب أهل الأرض) (4).

وروى الحاكم (321 - 415 هـ) في المستدرك بسنده عن ابن عباس قال:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: النجوم أمان لأهل الأرض من الغرق، وأهل بيتي أمان لأمتي

____________

(1) تاريخ بغداد 2 / 19.

(2) ينابيع المودة ص 31، مهدي السماوي: الإمامة ص 163.

(3) حلية الأولياء 4 / 306، الصواعق المحرقة ص 282.

(4) فضائل الصحابة 2 / 671، الصواعق المحرقة ص 283.

الصفحة 74
من الاختلاف، فإذا خالفتها قبيلة من العرب، اختلفوا فصاروا حزب إبليس.

(قال الحاكم هذا حديث صحيح الإسناد) (1).

ولا ريب في أن أهل البيت، إنما قد استحقوا أن يكونوا - دون غيرهم - سفينة النجاة - سفينة نوح - ذلك لأن سفينة نوح معروفة - بصريح القرآن - أنها تنجي من ركبها، حيث لا عاصم من أمر الله.

ولا يحتمل أن يكون هناك انجراف وراء العاطفة في إرسال هذا التصريح وأمثاله في حق أهل البيت من قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأن ذلك يتنافى، والإيمان برسالته.

أليس لأنهم بلغوا الدرجة التي تؤهلهم لهذا المقام الجليل، وسيكثر الكذبة على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتطحن الفتن برحاها صدور الأبرياء والمذنبين، وسيعتلي منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم من ليس لهذا المقام بأهل، فيتعين على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن يبين للناس ما أمر الله تعالى ببيانه، في فضل أهل البيت ولزوم طاعتهم، واتباع سيرتهم.

ولنضع نصب أعيننا، ونحن نتابع أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، هذا الحقيقة:

(وستفترق الأمة إلى اثنتين وسبعين، أو ثلاث وسبعين فرقة، أو يصيبها ما أصاب الأم من الاختلاف والفرقة، حذو القذة بالقذة فرقة ناجية.

وهذا الحديث الشريف (كون فرقة ناجية)، لا يقبل النقاش في كتب الفرق جميعا، وبعد: فماذا يريد سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، بكلامه هذا؟ وهل يكون في اللغة أوضح وأصرح من هذا الكلام؟ ألا يأمرنا سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن نأخذ عن أهل البيت، وأن نتولى من والاهم، ونعادي من عاداهم؟ لأنهم سفينة النجاة، إذا تلاطم مجتمع المسلمين بالفتن والكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذهبوا فرقا متعددة يكفر بعضهم بعضا، ويلعن بعضهم بعضا، في غير ما جدوى،

____________

(1) المستدرك للحاكم 3 / 149.


الصفحة 75
والطريق واضح، اتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأهل البيت، فهم منارة السالكين، وإنارة للمدلجين (1).

ويروي اليعقوبي في تاريخه من خطبة لأمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام، يوضح فيها المقصود من غرق الناس ونجاتهم بالأخذ عن أهل البيت، معادن العلم، ومصابيح الهدى، وأعلام الإمام، وتراجم النبوة، مع ما فيها من الدلالة على إمامة مولانا أمير المؤمنين علي وأولاده الطاهرين المطهرين، يقول فيها: (وإن الخير كله فيمن عرف قدره)... ثم يستمر في وصف من نصب نفسه قاضيا بين الناس، ووصف بالعلم، وليس هو من أهله:

مفتاح عشوات، خباط جهالات، لا يعتذر، مما لا يعلم فيسلم، ولا يعرض في العلم ببصيرة، يذرو الروايات ذرو الريح الهشيم، تصرخ منه الدماء، وتبكي منه المواريث، ويستحل بقضائه الفرج الحرام، فأين يتاه بكم، بل أين تذهبون عن أهل بيت نبيكم؟ إنا من سنخ أصلاب أصحاب السفينة، وكما نجا في هاتيك من نجا، ينجو في هذه من ينجو، ويل رهين لمن تخلف عنهم، إني فيكم كالكهف لأصحاب الكهف، وإني فيكم باب حطة (2) من دخل منه نجا، ومن تخلف عنه هلك، حجة من ذي الحجة في حجة الوداع، إني قد تركت بين أظهركم ما إن تمسكتم به، لن تضلوا بعدي أبدا، كتاب الله، وعترتي أهل بيتي) (3).

وروى صاحب كتاب (جواهر البخاري) في مقدمته عن ابن اليمن بن عساكر، أثناء ذكره أهل البيت الطاهرين (إنهم إن شاء الله الفرقة الناجية).

____________

(1) مهدي السماوي: الإمامة في ضوء الكتاب والسنة - ص 165 - 167 (القاهرة 1397 هـ / 1977 م).

(2) أنظر عن (باب حطة) (سورة البقرة: آية 58، سورة الأعراف: آية 161، وانظر: تفسير ابن كثير 1 / 147 - 151، 2 / 407 - 408، تفسير الطبري 2 / 103 - 111، 13 / 178).

(3) تاريخ اليعقوبي 2 / 211 - 212 (بيروت 1980)، مهدي السماوي: المرجع السابق ص 168.

الصفحة 76
وروى من شعر شرف الدولة مسلم بن قريش العقيلي ملك الموصل، والمتوفى عام 478 هـ:

إذا اختلفت في الدين سبعون فرقة * ونيف كما قد صح عن سيد الرسل
ولم يك منها ناجيا غير فرقة * فماذا ترى يا ذا البصيرة والعقل
أفي الفرقة الناجين آل محمد؟ * أم الفرقة الهلاك؟ ماذا ترى قل لي؟
فإن قلت هلاك كفرت، وإن تقل * نجاة فحالفهم وخالف ذوي الجهل
لئن كان مولى القوم منهم فإنني * رضيت بهم في الدين بالقول والفعل
فخل عليا لي إماما وولده * وأنت من الباقين في أوسع الجل (1)

فحديث السفينة، واختلاف الأمة، وكون فرقة ناجية من مجموع هذه الفرق، وتداول المسلمين هذه الأحاديث النبوية الشريفة بينهم - حتى في أغلب مجالسهم الخاصة - ليدل دلالة واضحة، على لزوم تحديد المسلم موقفه عقلا وشرعا.

وسفينة نوح، عندما أغرق الماء القوم الظالمين، وغطى عاليها سافلها، وأن لا منجى إلا بركوبها، وقد هلك من هلك، ولم ينج إلا راكبها - الأمر المعروف والمشهور عند كل أهل الأديان.

وآل محمد صلى الله عليه وسلم، إنما هم مثل سفينة نوح، لا ينجو إلا من تمسك بحبهم، واعتصم بولائهم، وأخذ بسببهم (2).


 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net