متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
6 - الجفر
الكتاب : الإمامة وأهل البيت (ع) ج1    |    القسم : مكتبة أهل البيت (ع)

6 - الجفر:

الجفر: في الأصل ولد الشاة، إذا عظم واستكرش، ثم أطلق على إهاب الشاة، وقد قالوا: إن الجفر صار يطلق على نوع من العلم، لا يكون بالتقي والدراسة، ولكن يكون من عند الله تعالى، بوصية من النبي صلى الله عليه وسلم، أو نحو ذلك (2).

وقال بعض كتاب الشيعة الإمامية المحدثين: وعلم الجفر، هو علم الحروف التي تعرب به الحوادث إلى انقراض العالم، وجاء عن الإمام جعفر الصادق: أن عندهم الجفر، وفسره بأنه: وعاء من أدم فيه علم النبيين، وعلم

____________

(1) أنظر: ابن تيمية: العقيدة الواسطية ص 136 (ط 1957 مع الرسائل التسع)، الجزء الثامن كتاب المواقف للإيجي، وشرحه للجرجاني، الجزء الثاني من كتاب الفروق للقرافي، المذاهب الإسلامية للشيخ محمد أبو زهرة.

(2) أبو زهرة: الإمام الصادق ص 33.

الصفحة 266
العلماء الذين مضوا من بني إسرائيل، وجاء عنهم الشئ الكثير عن الجفر، وإنا - وإن لم نعرف هذا العلم والتصرف - نعرف من هاتيك الأحاديث التي ذكرت عن الجفر، أنه من مصادرهم، وأن هذا العلم شريف، منحهم الله تعالى إياه (1).

هذا وقد اختلف القائلون بوجود الجفر في تفسير معناه، فمن قائل: بأنه نوع من علم الحروف تستخرج به معرفة ما يقع من الحوادث في المستقبل.

على أن هناك وجهاً آخر للنظر، يذهب أصحابه إلى أن الجفر: كتاب من جلد، فيه بيان الحلال والحرام، وأصول ما يحتاج إليه الناس من الأحكام التي فيها صلاح دينهم ودنياهم، وعلى هذا، فلا يمت الجفر إلى الغيب بصلة (2).

هذا ويذهب الشريف الجرجاني - من علماء الأحناف - إلى أن الجفر والجامعة كتابان لعلي، رضي الله عنه، وقد ذكر فيهما على طريقة علم الحروف الحوادث إلى انقراض العالم، وكان الأئمة المعروفون من أولاده يعرفونهما، ويحكمون بهما (3).

وفي نفس الوقت، يقول السيد محسن الأمين - وهو من علماء الإمامية - في كتابه نقض الوشيعة: ليس الجفر علماً من العلوم - وإن توهم ذلك كثيرون - ولا هو مبني على جداول الحروف، ولا ورد به خبر، ولا رواية.

ثم يقول: غير أن الناس إنما توسعوا في تفسيره، وقالوا فيه أقاويل لا تستند إلى مستند، شأنهم في أمثال ذلك (4).

ويقول نفس المؤلف في كتاب آخر له - أعيان الشيعة - الظاهر من الأخبار

____________

(1) السيد حسين المظفري: الإمام الصادق 1 / 109.

(2) محمد جواد مغنية: الشيعة في الميزان ص 56.

(3) الجرجاني: كتاب المواقف وشرحه 6 / 22.

(4) السيد محسن الأمين: نقض الوشيعة ص 259.

الصفحة 267
أن الجفر كتاب فيه العلوم النبوية، من حلال وحرام، وما يحتاج إليه الناس في أحكام دينهم، وصلاح دنياهم (1).

وهكذا إنما يبدو غريباً أن ينفي عالم الشيعة، الجفر بمعنى علم الغيب عن أهل البيت، ويثبته علم من أعلام الأحناف، ويقول: وعندهم علم ما يحدث إلى انقراض العالم (2).

ومن ثم فليس صحيحاً، ما ذهب إليه البعض - ومنهم العلامة أبو زهرة - من أن الجفر من اختصاص الشيعة الإمامية، بل وينسبون إليهم الزعم بأن أهل البيت يستخرجون منه علم الغيب، ذلك لأن هناك من الفرق الإسلامية - من غير الإمامية - من يدعون ذلك، ثم ينسبونه إلى الإمامية للتشنيع عليهم (3).

والجفر - كما يقول الأستاذ أحمد مغنية - وحقيقته، على كثرة الأخبار التي وردت به، والأحاديث التي حدثت عنه، لا يزال أمره غامضاً، وأن العلماء الأقدمين لم يقفوا فيه على حقيقة يطمئنون إليها (4).

وعلى أية حال، فمسألة الجفر - كما يقول الأستاذ محمد جواد مغنية في كتابه الشيعة في الميزان - ليست من أصول الدين، ولا المذهب، عند الإمامية، وإنما هي أمر نقلي، تماماً كمسألة الرجعة، يؤمن بها من تثبت عنده، ويرفضها إذا لم تثبت، وهو في الحالين مسلم سني - إن كان سنياً - ومسلم شيعي - إن كان شيعياً -.

والخلاصة أن الإمامية يدينون بأن الإمامة تكون بالنص - وليس بالانتخاب - وأن سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم، إنما قد نص صراحة على علي بن أبي

____________

(1) السيد محسن الأمين: أعيان الشيعة 1 / 246 (بيروت 1960 م).

(2) الشيعة في الميزان ص 57.

(3) الشيعة في الميزان ص 57.

(4) أحمد مغنية: الإمام جعفر الصادق ص 208. محمد أبو زهرة: الإمام الصادق ص 36.

الصفحة 268
طالب، وإنهم يوجبون العصمة للإمام، وينفون عنه علم الغيب، ويقولون بالتقية عند خوف الضرر، وينفون - متفقين - صفة البداء عن الله، المستلزمة للجهل، وحدوث العلم، ويختلفون في الرجعة (1).


 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net