ثالثا: الترغيب والترهيب
إن حفظ الصلة بالرسول صلى الله عليه وآله وسلم حثت عليه الدعوة الخاتمة في أكثر من آية منها قوله تعالى: (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله) [ آل عمران: 31 ]، والمعنى: إن كنتم تريدون أن تخلصوا لله في عبوديتكم، فاتبعوا هذه الشريعة التي هي مبنية على الحب، والتي ترفع أعلام الإخلاص والإسلام، وتسير بأتباعها نحو صراط الله المستقيم، فإن اتبعتموني في سبيلي أحبكم الله، ومنها قوله تعالى: (قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين) [ يوسف: 108 ]، والآية تشير إلى سبيل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وفيها يأمره - تعالى - أن يخبر الناس أن هذه سبيله، أي طريقته ومسلكه وسنته، وأن هذا السبيل هو الذي يصل بمن يسلكه إلى سعادة الدارين، لأن النبي يدعو إلى الله على بصيرة ويقين وبرهان، وكل من اتبعه يدعو إلى ما دعا إليه النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ومنها قوله تعالى: (قل لا أسألكم
____________
(1) سفر اللاويين: 9 / 22 - 24.
عليه أجرا إلا المودة في القربى ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا إن الله غفور شكور) [ الشورى: 23 ]، في هذه الآية جعل الله - تعالى - أجر رسالة النبي المودة في القربى، فأي قربى؟ إن مودة الأقرباء على الإطلاق ليست مما يندب إليه في الإسلام، قال تعالى: (لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه) [ المجادلة: 22 ]، والذي يندب إليه الإسلام هو الحب في الله، وبما أن لكل شئ ذروة، فإن الحب في الله ذروته حب النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ولهذا قيل: إن المراد بالمودة في القربى، هو مودة قرابة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وهم عترته من أهل بيته، ومن يتأمل في الروايات المتواترة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، كحديث الثقلين وغيره، يجد أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم دفع الناس في اتجاه أهل البيت لفهم كتاب الله بما فيه من أصول معارف الدين وفروعها وبيان حقائقه، وهذا لا يدع ريبا في أن إيجاب مودتهم وجعلها أجرا للرسالة، إنما كان ذريعة إلى إرجاع الناس إلى أهل البيت، على اعتبار أن لهم المرجعية العلمية.
وروي عن ابن عباس أنه قال: " لما نزلت هذه الآية: (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) [ الشورى: 23 ]، قالوا: يا رسول الله، من قرابتك هؤلاء الذين وجبت مودتهم؟ قال: علي وفاطمة وولداها " (1)، وعن أبي الديلم قال: " لما جئ بعلي بن الحسين أسيرا، فأقيم على درج دمشق، قام رجل من أهل الشام فقال: الحمد لله الذي قتلكم واستأصلكم، فقال له علي بن الحسين: أقرأت القرآن؟ قال: نعم، قال: أقرأت آل حم؟ قال:
نعم، قال: أما قرأت: (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى)؟
قال: فإنكم لأنتم هم؟ قال: نعم " (2).
____________
(1) رواه الطبراني، وقال الهيثمي: فيه جماعة ضعفاء وقد وثقوا، الزوائد: 9 / 168، وأخرجه ابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه.
(2) أخرجه ابن جرير، والبغوي، تفسير البغوي: 7 / 364، والمقريزي، فضائل أهل البيت، ص: 72.
ومما يثبت أن المقصود بذي القربى: علي وفاطمة وولداها، تحذير النبي صلى الله عليه وآله وسلم من الاقتراب منهم بأذى، لأن من يؤذيهم يكون في الحقيقة قد آذى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ويقع تحت عقوبة لا يدفعها دافع، قال تعالى: (إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذابا مهينا) [ الأحزاب: 57 ]، ومن المعلوم أنه لا يوجد مخلوق يمكن أن يتسبب بأذى الله تعالى، ولكن الآية تتوعد كل من آذى النبي بشئ، لأن من آذاه فقد آذى الله، كما أن من أطاعه فقد أطاع الله.
وتحذيرات النبي صلى الله عليه وآله وسلم من الاقتراب بأي أذى لعترته، وردت في أحاديث كثيرة، منها ما روي عن سعد بن أبي وقاص قال: " كنت جالسا في المسجد أنا ورجلان معي، فنلنا من علي، فأقبل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم غضبان يعرف في وجهه الغضب، فتعوذت بالله من غضبه، فقال: ما لكم وما لي؟ من آذى عليا فقد آذاني " (1)، ومنها ما روي عن عمرو بن شاس الأسلمي، قال: " خرجت مع علي إلى اليمن، فجفاني في سفري ذلك، حتى وجدت في نفسي عليه، فلما قدمت أظهرت شكايته في المسجد، حتى بلغ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فلما رآني أبدى عينيه (أي: حدد إلي النظر)، حتى إذا جلست قال: يا عمرو، والله لقد آذيتني، قلت: أعوذ بالله أن أؤذيك يا رسول الله، قال: بلى من آذى عليا فقد آذاني " (2)، ومنها ما روي عن المسور بن مخرمة قال: قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: " إنما فاطمة بضعة مني يؤذيني ما آذاها " (3).
وبالجملة، إن الدعوة الإلهية الخاتمة بينت أن الإخلاص في العبادة أفضل الأمور الدينية، ومن أوجب الواجبات الشرعية، وبينت أن حفظ الصلة
____________
(1) أخرجه الإمام أحمد، وقال الهيثمي: رجال أحمد ثقات، الزوائد: 9 / 129، الفتح الرباني:
23 / 120، ورواه الحاكم وصححه، المستدرك: 3 / 122، ورواه البزار، كشف الأستار:
3 / 200، ورواه ابن حبان في صحيحه، الزوائد: 9 / 129، وابن كثير، البداية: 7 / 347.
(2) رواه أبو يعلى، وقال الهيثمي: رجاله ثقات، الزوائد: 9 / 129، وابن كثير، البداية: 7 / 347.
(3) رواه مسلم، الصحيح: 3 / 16، والبخاري بلفظ: فمن أغضبها أغضبني، الصحيح: 2 / 302.
بالرسول هو صراط حفظ الصلة بالله فمن آذى الرسول فقد آذى الله، ومن أطاع الرسول فقد أطاع الله.
ولأن المنافقين في كل عصر يعملون من أجل تدمير الدعوة من داخلها، فإن الدعوة الإلهية الخاتمة فتحت بين حركة النفاق وبين حركة الإيمان، لتصحيح الساحة بعد هذا الفتح من طرفين، لكل طرف أعلامه ومذاقه، لتسير القافلة وهي على بينة من أمرها، لينظر الله إلى عباده كيف يعملون، وهذا الفتح يرى بوضوح إذا تدبر الباحث في الأحاديث المروية عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ومنها ما روي عن علي بن أبي طالب أنه قال: " والذي خلق الحبة وبرأ النسمة، إنه لعهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلي أن لا يحبني إلا مؤمن ولا يبغضني إلا منافق " (1)، وما روي عن أبي ذر أنه قال: " قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لعلي: يا علي من فارقني فارق الله، ومن فارقك يا علي فارقني " (2)، وما روي عن عبيد الله بن عباس قال: " نظر النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى علي فقال: يا علي، أنت سيد في الدنيا، وسيد في الآخرة، حبيبك حبيبي، وحبيبي حبيب الله، وعدوك عدوي، وعدوي عدو الله، الويل لمن أبغضك بعدي " (3).
وما روي عن أسرة عمار بن ياسر، فعن أبي عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر عن أبيه عن جده أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: " أوصي من آمن بي وصدقني بولاية علي بن أبي طالب، فمن تولاه فقد تولاني، ومن تولاني فقد تولى الله، ومن أحبه فقد أحبني ومن أحبني فقد أحب الله، ومن أبغضه فقد أبغضني ومن أبغضني فقد أبغض الله عز وجل " (4)، وعنه أيضا
____________
(1) رواه مسلم، الصحيح: 2 / 64، والترمذي، الجامع: 5 / 643، وأحمد، الفتح الرباني: 23 / 122.
(2) رواه البزار، وقال الهيثمي: رجاله ثقات، كشف الأستار: 3 / 201، الزوائد: 9 / 135، والحاكم وصححه، المستدرك: 3 / 121.
(3) رواه الحاكم، وقال: صحيح على شرط الشيخين، وأبو الأزهر بإجماعهم ثقة، وإذا تفرد الثقة بحديث فهو على أصلهم صحيح، والحديث سمعه يحيى بن معين من أبي الأزهر فصدقه، المستدرك: 3 / 128، ورواه ابن كثير، البداية: 7 / 356.
(4) رواه الطبراني في الكبير، وابن عساكر، كنز العمال: 11 / 610.
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: " اللهم من آمن بي وصدقني فليتول علي بن أبي طالب، فإن ولايته ولايتي وولايتي ولاية الله " (1)، وقيل لسلمان الفارسي: " ما أشد حبك لعلي! قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: من أحب عليا فقد أحبني، ومن أبغض عليا فقد أبغضني " (2)، وقيل لعمار بن ياسر: " ما أشد حبك لعلي! فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: يا عمار، إن رأيت عليا قد سلك واديا وسلك الناس واديا غيره، فاسلك مع علي ودع الناس " (3).
وما روي عن أسرة أبي رافع، فعن محمد بن عبيد الله بن أبي رافع عن أبيه عن جده قال: قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: يا أبا رافع، سيكون بعدي قوم يقاتلون عليا، حق على الله جهادهم، فمن لم يستطع جهادهم بيده فبلسانه، ومن لم يستطع بلسانه فبقلبه، ليس وراء ذلك شئ " (4)، وعن عمار بن ياسر قال:
" قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: يا علي، ستقاتلك الفئة الباغية وأنت على الحق، فمن لم ينصرك يومئذ فليس مني " (5)، وعمار راوي هذا الحديث، قاتل مع الإمام علي، وقتل في صفين، وكان النبي قد أخبر بقتله وهو يخبر بالغيب عن ربه جل وعلا، روى البخاري أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: " ويح عمار، تقتله الفئة الباغية، ويدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار " (6).
وبالجملة، عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: " لا يبغضنا - أهل البيت - أحد إلا أدخله الله النار " (7)، وعن أبي هريرة قال: " نظر
____________
(1) رواه الطبراني في الكبير، كنز العمال: 11 / 611.
(2) رواه الحاكم، وقال: حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، المستدرك: 3 / 130.
(3) رواه الديلمي، كنز العمال: 11 / 614.
(4) رواه الطبراني، كنز العمال: 11 / 613، وقال الهيثمي: رواه الطبراني وفيه محمد بن عبد الله وثقه ابن حبان، ويحيى بن الحسين لم أعرفه، وبقية رجاله ثقات، الزوائد: 9 / 134.
(5) رواه ابن عساكر، كنز العمال: 11 / 613.
(6) رواه البخاري، كتاب الصلاة، باب: التعاون في بناء المساجد، ورواه أحمد، الفتح الرباني:
22 / 331.
(7) رواه الحاكم، وقال: حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، المستدرك: 3 / 150.
النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى علي وابنيه وفاطمة، وقال: أنا حرب لمن حاربكم وسلم لمن سالمكم " (1).
ولأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم جعل الكتاب والعترة في حبل واحد، وأخبر بالغيب عن ربه بأنهما لن ينفصلا حتى يردا على الحوض، ولأنه صلى الله عليه وآله وسلم حث الأمة في أكثر من مكان بأن تتمسك بهذا الحبل لأنه واق لها من الضلال، وقال:
" فانظروا كيف تخلفوني فيهما "، فإنه أخبر بالغيب عن ربه بأن أهل بيته سيلقون بعده من الأمة قتلا وتشريدا، وكما حذر موسى عليه السلام بني إسرائيل من الاختلاف في الوقت الذي خبر فيه بأنهم سيختلفون وهو يخبر بالغيب عن ربه، كذلك فعل النبي الخاتم صلى الله عليه وآله وسلم، كان يحذر من الاختلاف ويقول: " لا تختلفوا فإن من كان قبلكم اختلفوا فهلكوا " (2)، وفي الوقت نفسه يخبر بالغيب عن ربه ويقول: " إن بني إسرائيل تفرقت إحدى وسبعين فرقة فهلك سبعون فرقة، وخلصت فرقة واحدة، وإن أمتي ستفترق على اثنتين وسبعين فرقة، تهلك إحدى وسبعون وتخلص فرقة، قيل: يا رسول الله، من تلك الفرقة؟
قال: الجماعة الجماعة " (3).
لقد كان الإخبار بالغيب في ما يستقبل الناس من أحداث، لطفا من الله، ليعلم - سبحانه - من يخافه بالغيب، فلا يأخذون بالأسباب التي حذر منها، ويأخذون بالأسباب التي فيها لله ولرسوله رضا، والنبي صلى الله عليه وآله وسلم أمر الأمة بأن تأخذ بطرف الحبل الذي عليه الكتاب والعترة، ثم يخبر بالغيب عن ربه فيقول: " إن أهل بيتي سيلقون بعدي من أمتي قتلا وتشريدا " (4)، وعن
____________
(1) رواه الحاكم، وقال: حديث صحيح ولم يخرجاه، المستدرك: 3 / 149، وأحمد، الفتح الرباني: 22 / 106، والترمذي عن زيد بن أرقم، الجامع: 5 / 699، وابن ماجة والحاكم عن زيد، كنز: 12 / 96، والطبراني وأحمد والحاكم عن أبي هريرة، كنز: 12 / 97، وابن أبي شيبة، وابن حبان في صحيحه، والضياء بسند صحيح عن زيد، كنز: 13 / 640.
(2) رواه البخاري، كنز العمال: 1 / 177.
(3) رواه أحمد عن أنس وأبي هريرة، كنز: 1 / 210، والترمذي وصححه، الجامع: 4 / 25.
(4) رواه الحاكم ونعيم بن حماد، كنز العمال: 11 / 169.
علي بن أبي طالب أنه قال: " إن مما عهد إلي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن الأمة ستغدر بك بعدي " (1)، وكل طريق له أسبابه، والله - تعالى - ينظر إلى عباده كيف يعملون.
ولأن الطريق عليه اختلاف وافتراق وغدر ونفي وقتل وتشريد، ظهرت النتيجة عند الحوض في إخبار الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بالغيب عن ربه، فعن سهل قال: " سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: أنا فرطكم على الحوض، من ورد شرب ومن شرب لم يظمأ أبدا، وليردن علي أقوام أعرفهم ويعرفونني، ثم يحال بيني وبينهم " (2)، وعن عبد الله قال: " قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أنا فرطكم على الحوض، ولأنازعن أقواما، ثم لأغلبن عليهم، فأقول: يا رب، أصحابي أصحابي، فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك " (3)، وفي رواية عن أبي هريرة بزيادة: " إنك لا علم لك بما أحدثوا بعدك، إنهم ارتدوا على أدبارهم القهقرى " (4)، وفي رواية عن ابن عباس: " فيقال: إن هؤلاء لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم " (5)، وفي رواية عن أم سلمة: " فناداني مناد من بعدي، فقال: إنهم قد بدلوا من بعدك، فأقول: سحقا سحقا لمن بدل بعدي " (6).
لقد حذر النبي صلى الله عليه وآله وسلم من النتيجة التي لا تستقيم مع المقدمة، ولم تجامل الدعوة الإلهية الخاتمة أحدا بعد أن أقامت حجتها، يقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: " ليردن على الحوض رجال ممن صحبني ورآني...) " (7)، ولم
____________
(1) رواه البيهقي، وقال ابن كثير: سنده صحيح، البداية: 6 / 218.
(2) رواه البخاري، الصحيح: 4 / 141، ومسلم، الصحيح: 15 / 53، وأحمد، الفتح الرباني:
1 / 195.
(3) رواه البخاري، الصحيح: 4 / 141، ومسلم، الصحيح: 15 / 29.
(4) رواه البخاري، الصحيح: 4 / 142.
(5) رواه البخاري، الصحيح: 3 / 160، مسلم، الصحيح: 17 / 194.
(6) رواه أحمد، وقال في الفتح: سنده جيد، الفتح الرباني: 1 / 197.
(7) رواه مسلم، الصحيح: 1 / 195.
تغن عنهم الصحبة من الله شيئا، وقال: " إن من أصحابي من لا يراني بعد أن أموت أبدا " (1)، ومعنى أن تعطي النتيجة قطع صلتهم بالنبي في الآخرة، أنهم قطعوا الصلة يوم أن سارت القافلة تحت سقف الامتحان والابتلاء لينظر الله إلى عباده كيف يعملون، قال تعالى: (أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون، ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين) [ العنكبوت: 2 - 3 ].
وإذا كانت الدعوة الإلهية الخاتمة قد حذرت كل من يقترب من سبيل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بأي أذى، فإن الدعوة الإلهية إلى بني إسرائيل حذرت كل من يقترب من هارون وبنيه بأذى، جاء في العهد القديم أن الله كلم موسى عليه السلام، وأمره بأن يقدم سبط لاوي أمام هارون ليخدموه ويحفظوا شعائره، ويخدموا خيمة الاجتماع ويحرسوا أمتعتها، وقال له: " وتوكل هارون وبنيه فيحرسون كهنوتهم والأجنبي الذي يقترب يقتل " (2).
|