متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
2 - حكام العلم
الكتاب : وجاء الحق    |    القسم : مكتبة المُستبصرين

2 - حكام العلم

إن العلم بالله هو ذروة كل العلوم وهو أشرف العلوم، لأن الله هو أشرف معلوم على الإطلاق، ولأن العلم بالله من أشق العلوم وأبعدها منالا، لطف الله بعباده وباح - سبحانه - بالعلم الشريف لأنبيائه ورسله ومن ارتضاه

____________

(1) سفر الخروج: 4 / 11 - 16.

الصفحة 49
من عباده، ليسوقوا الناس إلى صراط الله العزيز الحميد، ويقيموا الحجة على كل سمع وكل بصر وكل فؤاد، ليهلك من هلك عن بينة ويحيا من حي عن بينة.

روي عن الإمام علي أنه قال: " إن أولى الناس بالأنبياء أعلمهم بما جاؤوا به "، ثم تلا قوله تعالى: (إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا والله ولي المؤمنين) [ آل عمران: 68 ] (1)، وروي عن مكحول، قال: " لما نزل على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قوله تعالى: (وتعيها أذن واعية) [ الحاقة: 12 ]، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: " سألت ربي أن يجعلها أذن علي "، فكان علي يقول: ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم شيئا قط فنسيته " (2)، وعن ابن مرة الأسلمي قال:: " قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لعلي: " إني أمرت أن أدنيك ولا أقصيك وأن أعلمك وأن تعي، وحق لك أن تعي "، فنزلت هذه الآية: (وتعيها أذن واعية) [ الحاقة: 12 ] (3)، وعن أبي الطفيل قال: " قال علي: سلوني عن كتاب الله، فإنه ليس من آية إلا وقد عرفت بليل نزلت أم بنهار، في سهل أم في جبل " (4)، وعن سليمان الأحمس، قال: " قال علي:

إن ربي وهب لي قلبا عقولا ولسانا ناطقا " (5).

وفي قوله تعالى: (أفمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه ومن قبله كتاب موسى إماما ورحمة أولئك يؤمنون به ومن يكفر به من الأحزاب فالنار موعده فلا تك في مرية منه إنه الحق من ربك ولكن أكثر الناس لا يؤمنون، ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أولئك يعرضون على ربهم ويقول الاشهاد هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة الله على الظالمين) [ هود:

17 - 18 ]، روي عن علي بن أبي طالب أنه قال: " قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:

____________

(1) رواه اللالكائي، كنز العمال: 1 / 379.

(2) رواه ابن أبي حاتم وابن جرير، تفسير ابن كثير: 4 / 413، ورواه الضياء بسند صحيح وابن مردويه وأبو نعيم، كنز العمال: 13 / 177.

(3) رواه ابن أبي حاتم وابن جرير، تفسير ابن كثير: 4 / 413.

(4) رواه ابن سعد، الطبقات الكبرى: 2 / 338.

(5) المصدر نفسه.

الصفحة 50
(أفمن كان على بينة من ربه) أنا، (ويتلوه شاهد منه) علي " (1)، وعن علي أنه قال: " ما من رجل من قريش إلا نزلت فيه طائفة من القرآن، فقال له رجل: ما نزل فيك؟ قال: أما تقرأ سورة هود: (أفمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه) رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على بينة من ربه، وأنا شاهد منه " (2)، وقال صاحب الميزان: والظاهر أن المراد بهذا الشاهد بعض من أيقن بحقية القرآن، وكان على بصيرة إلهية من أمره، فآمن به عن بصيرة، وشهد بأنه حق منزل من عند الله تعالى، كما يشهد بالتوحيد والرسالة، فإن شهادة الموقن البصير على أمر تدفع عن الإنسان مرية الاستيحاش وريب التفرد فإن الإنسان إذا أذعن بأمر وتفرد فيه، ربما أوحش التفرد فيه إذا لم يؤيده أحد في القول به، أما إذا قال به غيره من الناس وأيد نظره في ذلك، زالت عنه الوحشة وقوي قلبه وارتبط جأشه، وقد احتج - تعالى - بما يماثل هذا المعنى في قوله: (قل أرأيتم إن كان من عند الله وكفرتم به وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله فآمن واستكبرتم) [ الأحقاف: 10 ]، وعلى هذا فقوله: (يتلوه) من التلو لا من التلاوة، والضمير فيه راجع إلى (من) أو إلى (بينة) باعتبار أنه نور أو دليل، ومآل الوجهين واحد، فإن الشاهد الذي يلي صاحب البينة يلي بينته كما يلي نفسه، والضمير في قوله (منه) راجع إلى (من) دون قوله:

(ربه) وعدم رجوعه إلى البينة ظاهر، ومحصل المعنى: من كان على بصيرة إلهية من أمر، ولحق به من هو من نفسه، فشهد على صحة أمره واستقامته.

وعلى هذا الوجه ينطبق ما ورد في الروايات أن المراد بالشاهد علي بن أبي طالب، إن أريد به أنه المراد بحسب انطباق المورد، لا بمعنى الإرادة الاستعمالية، وقوله تعالى: (ومن قبله كتاب موسى إماما ورحمة) راجع إلى الموصول أو إلى البينة على حد ما ذكرناه في ضمير (يتلوه)، والجملة حال بعد حال، أي: أفمن كان على بصيرة إلهية ينكشف له بها أن القرآن حق

____________

(1) رواه ابن مردويه بإسنادين، كنز العمال: 2 / 439.

(2) رواه ابن مردويه وابن أبي حاتم وأبو نعيم، كنز العمال: 2 / 439.

الصفحة 51
منزل من عند الله، والحال أن معه شاهدا منه يشهد بذلك عن بصيرة، والحال أن هذا الذي هو على بينة سبقه كتاب موسى إماما ورحمة، فليس ما عنده من البينة ببدع من الأمر غير مسبوق بمثل ونظير، بل هناك طريق مسلوك من قبل يهدي إليه كتاب موسى، وقد ذكر الله - تعالى - كتاب موسى بالإمام والرحمة في موضع آخر، وهو قوله تعالى: (ومن قبله كتاب موسى إماما ورحمة وهذا كتاب مصدق لسانا عربيا لينذر الذين ظلموا وبشرى للمحسنين) [ الأحقاف: 12 ].

وإذا كان صدر الآية، وهو قوله تعالى: (ويتلوه شاهد منه)، قد ورد في تفسيره أن المراد بالشاهد علي بن أبي طالب، فإن قوله تعالى: (ومن قبله كتاب موسى إماما) يرى في ظلاله منزلة هارون من موسى عليهما السلام، لأن موسى سأل ربه - جل وعلا - أن يؤيده بهارون ليشهد له شهادة الموقن البصير على أن الذي جاء به هو من عند الله، وهو قوله - تعالى - حاكيا عن موسى قوله: (وأخي هارون هو أفصح مني لسانا فأرسله معي ردءا يصدقني إني أخاف أن يكذبون) [ القصص: 34 ]، قال ابن كثير: " سأل ربه أن يرسل معه هارون وزيرا ومعينا ومقويا لأمره، يصدقه في ما يقول ويخبر به عن الله تعالى، لأن خبر الاثنين أنجح في النفوس من خبر الواحد " (1)، ويمكن القول: إن الآية الكريمة يرى في ظلالها المنزلتان، منزلة علي بن أبي طالب وهو من الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، ومنزلة هارون وهو من موسى عليهما السلام.

ومن الآيات التي تلقي بظلالها على منزلة علي من رسول الله قوله تعالى: (إنما أنت منذر ولكل قوم هاد) [ الرعد: 7 ]، وروي عن علي أنه قال:

" رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم المنذر، وأنا الهادي " (2)، وفي لفظ: " والهادي رجل من بني هاشم يعني نفسه "، وروي لما نزلت الآية، وضع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يده على صدر علي وقال: " أنا المنذر، وأومأ بيده إلى منكب علي وقال: أنت

____________

(1) تفسير ابن كثير: 3 / 388.

(2) رواه ابن أبي حاتم، كنز العمال: 2 / 441.

الصفحة 52
الهادي يا علي، بك يهتدي المهتدون من بعدي " (1)، وروي عن الجنيد أنه قال: " الهادي هو علي بن أبي طالب " (2).

وبالجملة، روي في حديث صحيح أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لفاطمة رضي الله عنها: " إني زوجتك أقدم أمتي سلما، وأكثرهم علما، وأعظمهم حلما " (3)، وروي عن ابن عباس أنه قال: " أقضاكم علي " (4)، وعن ابن مسعود أنه قال: " كنا نتحدث أن أقضى أهل المدينة علي " (5).

بعد وضوح منزلة علي بن أبي طالب من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على امتداد عهد البعثة بدأ النبي صلى الله عليه وآله وسلم يمهد الساحة لإعلان ولاية علي بن أبي طالب، ومن ذلك قوله لعلي: " أنت ولي في كل مؤمن بعدي " (6)، وقوله لبريدة الأسلمي عندما جاءه يشكو عليا: " فإنه مني وأنا منه، وهو وليكم بعدي، وإنه مني وأنا منه، وهو وليكم بعدي " (7)، وراوي هذا الحديث هو ابن بريدة، قال في الفتح الرباني: " أقسم ابن بريدة أنه تلقى هذا الحديث من والده بريدة مباشرة ليس بينه وبينه واسطة، وهو يفيد أن والده تلقاه من النبي صلى الله عليه وآله وسلم مباشرة بغير واسطة، يشير بذلك إلى علو السند " (8).

____________

(1) الفتح الرباني: 18 / 185.

(2) المصدر نفسه، تفسير ابن كثير: 2 / 501.

(3) رواه الإمام أحمد، وقال الهيثمي: رجاله ثقات، الزوائد: 9 / 101، الفتح الرباني: 23 / 133، وابن جرير وصححه عن علي، كنز العمال: 13 / 114، والخطيب عن بريدة، كنز العمال:

13 / 135، والطبراني عن معقل بن يسار، كنز العمال: 11 / 605.

(4) رواه البغوي في شرح السنة، والبخاري في التفسير، وأبو نعيم، كشف الخفاء: 1 / 184.

(5) رواه الحاكم وصححه، كشف الخفاء: 1 / 184.

(6) رواه أحمد، وقال الهيثمي: رواه أحمد والطبراني، ورجال أحمد رجال الصحيح غير أبي بلج وهو ثقة وفيه لين، الفتح الرباني: 23 / 116، وقال ابن كثير: رواه أبو داود الطيالسي، البداية:

7 / 346، وصححه الألباني، الصحيحة: 5 / 263.

(7) رواه أحمد، وقال في الفتح: رواه الترمذي باختصار والبزار باختصار وفيه الأجلح الكندي وثقه ابن معين وبقية رجال أحمد رجال الصحيح، الفتح الرباني: 21 / 214.

(8) الفتح الرباني: 21 / 214.

الصفحة 53
وعندما جاء العام العاشر الهجري، خرج النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى حجة الوداع، روي عن جابر بن عبد الله أنه قال: " رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في حجته يوم عرفة، وهو على ناقته القصواء يخطب، فسمعته يقول:

أيها الناس، إني تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا، كتاب الله وعترتي أهل بيني " (1)، وروي عن يحيى بن آدم، وكان قد شهد حجة الوداع، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: " علي مني وأنا منه، ولا يؤدي عني إلا أنا أو علي " (2).

وبعد أن أدى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم المناسك، وعند عودته إلى المدينة، وقف في غدير خم، وهو مكان يقع على الطريق بين مكة والمدينة، على بعد ثلاثة أميال من الجحفة، وروي عن زيد بن أرقم أنه قال: " لما رجع سول الله صلى الله عليه وآله وسلم من حجة الوداع، فنزل غدير خم أمر بدوحات فقممن، ثم قام فقال: كأني قد دعيت فأجيب، إني قد تركت فيكم الثقلين، أحدهما أكبر من الآخر، تاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض، وعترتي أهل بيتي، فانظروا كيف تخلفوني فيهما، فإنهما لن يتفرقا حتى يردا على الحوض، ثم قال: إن الله مولاي، وأنا مولى كل مؤمن، ثم أخذ بيد علي فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه "، قيل لزيد بن أرقم:

أأنت سمعته من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ فقال: ما كان في الدوحات أحد إلا قد رآه بعينه وسمعه بأذنه " (3).

وعن عائشة بنت سعد قالت: " سمعت أبي يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقد أخذ بيد علي فخطب ثم قال: أيها الناس، إني وليكم، قالوا:

____________

(1) رواه الترمذي، وقال: حديث حسن، الجامع: 5 / 662، والنسائي، كنز العمال:

1 / 172.

(2) رواه أحمد، الفتح الرباني: 23 / 121، والترمذي وقال: حديث حسن، الجامع: 5 / 636، وصححه الألباني، الصحيحة: 5 / 632.

(3) رواه ابن جرير عن زيد بن أرقم وعن أبي سعيد الخدري، كنز العمال: 13 / 104، والنسائي، البداية: 5 / 209.

الصفحة 54
صدقت، فرفع يد علي فقال: هذا وليي والمؤدي عني، وإن الله مولى من والاه ومعادي من عاداه " (1).

وعند ما نوزع علي بن أبي طالب أيام خلافته، ذمر الناس بهذا الحديث، فعن أبي الطفيل قال: " جمع علي الناس في الرحبة، ثم قال: أنشد بالله كل امرئ مسلم سمع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول يوم غدير خم ما قال لما قام، فقام إليه ثلاثون من الناس، قال أبو نعيم: فقام إليه ناس كثير، فشهدوا حين أخذ النبي صلى الله عليه وآله وسلم بيده فقال: أتعلمون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم، قالوا: بلى يا رسول الله، قال: من كنت مولاه فهذا مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه " (2)، وزاد في رواية: " وأحب من أحبه وأبغض من أبغضه وانصر من نصره واخذل من خذله " (3).

وقال في الفتح الرباني: " قال السيوطي في الأزهار المتناثرة في الأحاديث المتواترة: حديث من كنت مولاه، أخرجه الترمذي عن زيد بن أرقم، والإمام أحمد عن علي وأبي أيوب الأنصاري، والبزار عن عمرو ذي مر، وأبي هريرة، وطلحة، وعمار، وابن عباس، وبريدة، والطبراني عن ابن عمر، ومالك بن الحويرث، وحبشي بن جنادة، وجرير، وسعد بن أبي وقاص، وأبي سعيد الخدري، وأبو نعيم عن جندع الأنصاري، وقد خصص له الهيثمي سبع صفحات " (4).

وقال الحافظ الكتاني: " حديث من كنت مولاه في رواية لأحمد أنه سمعه من النبي صلى الله عليه وآله وسلم ثلاثون صحابيا، وشهدوا به لعلي لما نوزع أيام

____________

(1) قال ابن كثير: رواه ابن جرير، وقال الذهبي: هذا حديث حسن، وقال: وجدت ذلك في نسخة مكتوبة عن ابن جرير، البداية: 5 / 213.

(2) رواه أحمد، وقال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح غير فطر بن خليفة وهو ثقة، الزوائد:

9 / 104.

(3) رواه البزار وابن جرير، وقال الهيثمي: رجاله ثقات، كنز العمال: 13 / 158، وصححه الألباني، الصحيحة: 5 / 343.

(4) الفتح الرباني: 23 / 128.

الصفحة 55
خلافته، وصرح المناوي بتواتره، وقال ابن حجر: حديث من كنت مولاه أخرجه الترمذي والنسائي، وهو كثير الطرق، وقد استوعبها ابن عقدة في مؤلف مفرد، وأكثر أسانيدها صحيح أو حسن " (1).

وقال ابن كثير: " حديث من كنت مولاه رواه الإمام أحمد عن زيد بن أرقم، وقد رواه عن زيد بن أرقم جماعة ورواه معروف بن جرموز عن أبي الطفيل عن حذيفة بن أسيد، ورواه ابن ماجة من حديث حماد بن سلمة عن علي بن زيد، ورواه عن عدي بن ثابت بن البراء، وعن أبي إسحاق عن البراء، ورواه عن سعد وطلحة بن عبد الله وجابر بن عبد الله، وله طرق عنه " (2).

وقال الألباني: " حديث من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، حديث صحيح جاء من طرق جماعة من الصحابة، خرجت أحاديث سبعة منهم، ولبعضهم أكثر من طريق واحد، وقد خرجتها كلها، وتكلمت على أسانيدها في سلسلة الأحاديث الصحيحة " (3).

ولما كنا قد قابلنا بعض الأحداث التي جرت في عهد البعثة الخاتمة بمثيلاتها على عهد أنبياء بني إسرائيل، ونحن نرصد منزلة هارون من موسى، فإننا نجد في مقام التطهير والعلم: " وكلم الرب هارون قائلا: خمر ومسكر لا تشرب أنت وبنوك معك.. فرضا دهريا في أجيالكم، وللتمييز بين المقدس والمحلل، وبين النجس والطاهر، ولتعليم بني إسرائيل جميع الفرائض التي كلم الرب بها بيد موسى " (4).

ولقد علمنا أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعد أن أدى المناسك، أعلن ولاية علي بن أبي طالب، وفي مقابل هذا الحدث، نجد العهد القديم يذكر أنه في اليوم الثامن من الشهر الذي تؤدى فيه المناسك، أمر موسى هارون أن يأخذ له

____________

(1) نظم المتناثر في الحديث المتواتر، ص: 195.

(2) البداية والنهاية: 5 / 350.

(3) كتاب السنة، ابن أبي عاصم، تحقيق نصر الدين الألباني: 2 / 566.

(4) سفر اللاويين: 10 / 8 - 11.

الصفحة 56
عجلا ليذبحه في اليوم الذي يفيض الله برحمته على العباد، وفعل هارون ما أمر به موسى، " ثم رفع هارون يده نحو الشعب وباركهم.. ودخل موسى وهارون خيمة الاجتماع ثم خرجا وباركا الشعب " (1).

إن الدعوة الإلهية للناس دعوة واحدة، والتوحيد هو عماد هذه الدعوة، والإخلاص في العبادة يجعل شجرة التوحيد داخل النفس الإنسانية شجرة مورقة، لهذا كان الإخلاص في العبادة أفضل الأمور الدينية ومن أوجب الواجبات الشرعية، ولكي يتحقق الإخلاص، فلا بد من حفظ الصلة بالله عز وجل، والمدخل إلى حفظ الصلة بالله هو حفظ الصلة بالرسول، لأن النور المحمدي هو البرزخ الذي بين الناس وبين النور الإلهي الذي تندك له الجبال، وحفظ الصلة بالرسول له قواعد وله علامات، وقديما قالت العرب:

إذا لم يكن صدر المجالس سيدا * فلا خير فيمن صدرته المجالس

 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net