إحدى عشر - سلام عليك أبا عبد الله:
وقف الحسين في ساحة المعركة وحده. وكان النبي صلى الله عليه وسلم، يراقب الحركة من عالم غير العالم الذي يعيش فيه الناس. فأم سلمة ستراه في المنام بعد قتل الحسين، وعلى لحيته التراب، ويقول لها: لقد شهدت قتل الحسين آنفا، لقد وقف الحسين في نهاية عمل أحسن أدائه، فأقام الحجة الدائمة التي شاء الله أن يجعلها حجة دامية لتقرع الذاكرة على امتداد التاريخ، وتدفع الذهن إلى طريق البحث عن الحقيقة، كان في مواجهة الحسين أنماط
____________
(1) البدية 187 / 8، الطبري 259 / 6.
(2) الطبري 259 / 6، البداية 188 / 8.
(3) الطبري 258 / 6، البداية 187 / 8.
بشرية أقوالها غير أفعالها، خرجت من خيام بها الكثير من التقيح والفساد، الذي يسد أبواب الأمل. ولم يرفع الحسين يده استسلاما لهذه الأنماط، لأنه ليس من شيمة الرجل الشريف أن يتردى في هوة هذا الخوف الذليل، وأي شريف يكون غير أسف على ترك عالم الباطل هو الشئ الوحيد الذي يسود فيه، لم يرفع الحسين يده، وإنما تصدى للخيام التي بها حشدا من الجرائم، ومكتظة بالقتل والآثام، وواجه العدوان البهيمي البربري الذي ليس له نظير، كان الحسين في أحلك الأوقات يدعو لإقامة الدين، وكان خصومه الذين ترعرعوا تحت ثقافة السب وأمام بيوت المال، يعملون من أجل الدنيا، كانوا يعملون من أجل كيس نقود، وكانوا يضعون العقبات أمام الحسين، حتى يظل عاجزا عن نيل ما يشتهي بينما يبلغ كل منهم ما يريد.
|