الرضاع :
حليب الاُم هو الغذاء الأمثل للطفل ، فهو (أوفق بمزاجه وأنسب بطبعه) (2) ، وأفضل من يمنحه الحنان ، فيكون الطفل أقل توتراً وأهنأ بالاً وأسعد حالاً ، فيستحب ارضاع الطفل من حليب أُمّه ، قال الإمام عليه (عليه السلام) : « ما من لبن يرضع به الصبي أعظم بركة عليه من لبن أُمّه » (3).
وهذا ما يؤكده العلم الحديث وهو يكشف مناسبة حليب الاُم لحاجة الرضيع من حيث مكوناته ، ومن حيث درجة حرارته أيضاً ، فإن مكوناته وحرارته تتغير مع نحو الطفل ، وبحسب ما يتطلبه النمو السليم .
وعلى الرغم من استحباب إرضاع الطفل من حليب أُمّه إلاّ أنّه لايتوجب عليها إرضاعه (4) ، سُئل الإمام الصادق (عليه السلام) عن الرضاع فقال : « لاتجبر الحرّة على رضاع الولد ، وتجبر أُمّ الولد » (5). ____________ 1) الوسيلة إلى نيل الفضيلة : 317 . وجواهر الكلام 31 : 224 . ومنهاج الصالحين ـ المعاملات : 112 ـ 113 . 2) الحدائق الناضرة 25 : 71 . 3) الكافي 6 : 40 . 4) الحدائق الناضرة 25 : 71 . وجواهر الكلام 31 : 272 . والصراط القويم : 214 . 5) الكافي 6 : 41 .
===============
( 53 )
وعدم الوجوب مشروط بوجود الأب وقدرته على دفع الاُجرة ، أو عدم تبرع الاُمّ ، أو وجود مال للولد ، ووجود مرضعة أُخرى ، وفي حالة عدم توفر هذه الشروط ، يجب على الاُمّ إرضاعه ، كما يجب عليها الانفاق عليه إذا كان الأب معسراً أو مفقوداً (1).
وفي الظروف الاستثنائية التي تقف حائلاً دون ارضاع الاُمّ لطفلها بسبب قلّة الحليب ، أو مرض الاُمّ ، أو موتها ، أو رفضها للرضاعة مجاناً ، يستحبّ اختيار المرضعة المناسبة والملائمة ضمن مواصفات معينة ، قال أمير المؤمنين (عليه السلام) : « اُنظروا من ترضع أولادكم ، فإنّ الولد يشبُّ عليه » (2)
ويستحب اختيار المرأة المرضعة التي تتوفر فيها أربع خصال : العاقلة ، المسلمة ، العفيفة ، الوضيئة (3).
قال الإمام محمد الباقر (عليه السلام) : « استرضع لولدك بلبن الحسان ، وإياك والقباح فإنّ اللبن قد يعدي » (4).
وقال (عليه السلام) : « عليكم بالوضاء من الظؤرة ، فإنّ اللبن يعدي » (5).
ويكره استرضاع الحمقاء ، قال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) : « لا تسترضعوا الحمقاء ، فإن الولد يشبُّ عليه » (6). ____________ 1) الحدائق الناضرة 25 : 72 . وجواهر الكلام 31 : 272 . 2) الكافي 6 : 44 . وجواهر الكلام 29 : 307 . 3) الوسيلة إلى نيل الفضيلة : 316 . وجامع المقاصد 12 : 208 . وجواهر الكلام 29 : 306 . 4) الكافي 6 : 44 . وجواهر الكلام 29 : 306 . 5) الكافي 6 : 44 . 6) مكارم الاخلاق : 237 . وجواهر الكلام 29 : 306 .
===============
( 54 )
وكذا البغيّة والمجنونة ، قال (صلى الله عليه واله وسلم) : « توقّوا على أولادكم من لبن البغيّة والمجنونة ، فإنّ اللبن يعدي » (1).
ويجوز استرضاع الكتابيات على كراهية ، وفي حال عدم وجود مرضعة مسلمة ، وترتفع الكراهة في حال منعهنَّ من شرب الخمر ، قال الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) : « إذا أرضعن لكم ، فامنعوهنَّ من شرب الخمر »(2) .
وكراهية استرضاع تلك الأصناف ناجمة من تأثير اللبن على الطفل ، ففي حديث رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) : « ... فإنّ اللبن يعدي ، وإنّ الغلام ينزع إلى اللبن » (3) .
ومن أجل تحسين حليب الطفل ، يستحبُّ اطعام النساء في نفاسهنَّ التمر ، قال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) : « ليكن أول ما تأكل النفساء الرطب » (4).
ويفضّل اطعام نوع خاص من التمر وهو البرني ، قال الإمام الصادق (عليه السلام) : « أطعموا البرني نساءكم في نفاسهنَّ ، تحلم أولادكم » (5).
وللاُم حق الارضاع لطفلها إن رضي الأب بغير أُجرة ، ولها حق الامتناع من الرضاعة ، إمّا إذا كانت مطلقة ، فهي أولى برضاعه سواء رضي الأب أم لم يرض ، ولها أُجرة المثل ، فإن طلبت أُجرة زائدة على ما يرضى به ____________ 1) مكارم الاخلاق : 223 . وجواهر الكلام 29 : 306 ، 308 . 2) الكافي 6 : 42 . وجواهر الكلام 29 : 307 . 3) الكافي 6 : 43 . 4) الكافي 6 : 22 . 5) الكافي 6 : 22 .
===============
( 55 )
غيرها ، كان للأب حقّ انتزاعه من يدها (1).
ولا يجوز للأب أن يسلم الطفل إلى مرضعة تذهب به إلى منزلها إلاّ برضى الاُمّ (2) .
ومدة الرضاع هي سنتان ، وأقلّه واحد وعشرون شهراً ، ويجوز الزيادة على السنتين مقدار شهرين ، والزيادة لا أُجرة فيها (3).
ويستحسن في مرحلة الرضاع مناغاة الطفل ، لأنّها تؤثر على سرعة النطق ، ونموّه اللغوي والعاطفي في المستقبل ، حيث يشعر من خلال المناغاة بوجود الأمن والطمأنينية والهدوء ، ولنا في سُنّة أهل البيت عليهم السلام خير منار واقتداء ، فكانت سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء عليها السلام تناغي الحسن (عليه السلام) في هذه المرحلة وتقول :
أشبه أباك يا حسن * واخلع عن الحق الرّسنْ واعبد إلهاً ذا مننْ * ولا توالِ ذا الإحَـــنْ
وكانت تناغي الحسين (عليه السلام) :
أنت شبيه بأبي * لست شبيهاً بعـــليّ (4)
|