متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
30 ـ السيد محمد رضا القزويني (1ـ العباس وليلة عاشوراء 2ـ حديث الليل)
الكتاب : ليلة عاشوراء في الحديث و الأدب    |    القسم : مكتبة الأدب و الشعر

30 ـ للسيد محمد رضا القزويني (1)
(1)
العباس وليلة العاشر


قد انجبتك من الفحولـة حــرةٌ * لم يعرف التاريخ بعــدُ وفاءَها
اُمّ البنين أصيلة أكـرم بهـــا * اُمّاً فدت لامامهـــا أبناءَهــا
غذّتك من ثدي الكرامة والوفــا * حُبَ الحسين فكنت أنت عطاءَهـا
وبطولة من حيدر فجمعتهـــا * في كربلاء لكي تصدَ بلاءَهــا
قرَّت لها عينُ الكريمة زينــبٍ * لتراك أهلاً أن تصون خِباءَهــا
فمضت تَقُص عليك دوراً عاصفاً * فيك الشهامة ما اعتزمت فداءَهـا
في ليلة طاب الحديث الحلوُ مـن * اُختٍ وأنت على الجـواد إزاءَها
تروي مصاهرةَ الكرام بقصــةٍ * قد انجبتك ولم تُــرد إخفاءَهـا
فهززت سيفك أن تطمئن قلبهـا * بيدٍ تلقت في غدٍ جــذاءَهــا
فتصاعدت بيضاء تدعو ربهــا * ألاّ يَخيب السائلون رجـاءَهــا

____________
(1) هو الاستاذ شاعر السيد محمد رضا بن العلامة الحجة السيد محمد صادق بن السيد محمد رضا القزويني ( الموسوي ) ، ولد سنة 1360 هـ في خراسان ، وله مشاركات في كثير من النشاطات الأدبية والثقافية وله مشاركة فعّالة أيضاً في النوادي الحسينية وخصوصاً يوم العاشر من المحرم ، ومن مؤلفاته : 1 ـ نعيم وجحيم ( شعر ) ، مدائح لأهل البيت عليهم السلام 2 ـ كربلاء ودورها القيادي في ثورة العشرين ( مخطوط ) ، 3 ـ ديوان شعر ( مخطوط ) ، كما نشرت له قصائد في بعض الصحف والمجلات.

===============

( 346 )

فتحدّث التاريخ عنهـا أنّهـــا * ملأت بأسخى المكرُمات عطاءَها
وعلى الشريعة ودعتك مُقطّعـاً * اُختٌ تُساق وَخلّفتك وراءَهـــا
لكنَّ رأسك فوق رمحٍ شامخــاً * قد كان يرعى شجوها وبُكاءَهـا
قمراً يُنير الدرب أيَّ قوافــل * ويضمَّ تحت شُعاعه اُســراءَها
نادتك من قلب ذوت أوشاجُـه * وبأدمُع هوت العيونُ بُكـــاءَها
أأخيَّ عند العهد بعدك لم تـزل * وأراك تسمعُ للصغـار نـداءَها
لا زلت تحرس ركبنا وتُزيل في * أنوار وجهك للعــدى ظلماءَها

===============

( 347 )

(2)
حديث الليل


ليلة العاشر قد خَلّفتِ حتـى الحشــــر في الأكباد جمــــرا
كيف قَدْ مرّت سويعــاتــك بـالآل وبالأطفـــال قهـــرا
وحسيـــن كلّما اشتــدَّ بـه وقعُ الظَّمـا قد زاد صبــــرا
خطبَ الأصحاب والعتـرةَ فانهلّتْ لـه الأعيــــنُ عبـــرى
قائلاً إنَّ العدى لم يطلبـوا غيــريَ فــي الآفـــاق وتــرا
فدعونـــي وسيـوفَ القــومِ إنَّ الله قــد قــدَّرَ أمـــرا
أقبـلَ الليــلُ ألا فاتخــذوه جمــلاً فالستـــرُ أحـــرى
وليُصاحبْ كــلُّ فـــردٍ في ظــلام الليل إنْ أمكن سِـــرّا
رجلاً من أهل بيتي فلقـد ألقيــتُ لــلأصحـــاب عُـــذرا

* * *

فتبـــارى القومُ يبكـــون لِمــا قــال وهُمْ بالعُــذر أدرى
وتنادى كلُّ فــردٍ مِنهُمُ يَفــتـــحُ للنصـــرةِ صَــــدرا
قائلاً لو قطَّعــوني إربــاً ما كنــتُ من هـــاب وفـــرّا
وإذا ما فعلـــوا ذلــك بـــي سبعيـــنَ تقتيـــلاً وذرّا


===============

( 348 )

لم أكن أتركُ هــذا السبــطَ للأوغـــاد أو أمنــعَ نصــرا
كيف واليوم الاقي مـوتــةً تُعقـبُ في الأجيـــالِ فخـــرا
وغداً ألقى رسـولَ اللهِ في الجــنّـــاتِ قد أجـــزلَ أجـرا
وعليّاً وهو الســاقي علـى الحــوض فما أعــذب نهـــرا

* * *

وهنا جزّاهـم السبـط عـن الله لــدى النصـــرة خيـــرا
وإذا الأقــدام صُفّـَت فــي صــلاةٍ تِصلُ المغــربَ فجرا
ولهم فيها دويٌ كــدويِّ النحـلِ قــد غــــادر وكِـــرَا
وسرت زينـــب من خيمتهــا تختبــر الأصحــاب خُبرا
سَمعت كــلَّ خطيـــبٍ منهُمُ يَفتـحُ للأحـــرار سِفــرا
قائلاً هيهات أن يسبقنا العتــرةُ نحــــوَ الحــربِ شبـرا
نحنُ أولى بجهـــادٍ وفِـداءٍ يَسبـــقُ الأهليـــنَ طُــرّا
فذرونا نرتـــوي كأسَ الشهــاداتِ قُبيـل المــوتِ دَهـرا
بادِرَوها ساحةَ الحــرب وفضـلُ البـدء أن تُؤخــذَ بكــرا
ودعوا سبطَ رســولِ اللهِ أن يشــــرح بالأصحاب صَـدرا
طَمْئِنوا زينـــبَ في نصرِ أخيها فهـي للزهــراءِ ذكــرى
فتسرّى عن رؤى زينبَ مــا كانـــت تعـانـي منه سـرّا

* * *

===============

( 349 )

ومشت نحو أخيها السبـط تستلهــم مـن لُقيــــاه أمــــرا
سمعْتهُ ناعياً يَرجـــزُ أبيــاتـاً ويستعــــرض اخـــرى
فتنادت بعويلٍ مـذ غَدتْ تقــرأُ فيــه اليــــأس نُـكـــرا
فابتداها كيـــف لا ييـأس من يفقد عندَ الحـــربِ نصـــرا
غيرَ سبعيــن من الأصحــاب والأهــلِ وإن زادوا فنـــزرا
قد مضى العهـــد وقد أوصى به جدي بـأنْ اقتـل صبـــرا
وتُقاديــن بأســرٍ وعيـالاتي إلـى الشــام فيـالله أســرى
فاصبري اُختاه يومــاً قــد أعـدَّ الله للصـابـــر أجـــرا
واصنعي بالأهـل والأطفـال والأيتام ما أرجـــوك ذُخـــرا
فرأى الاُختَ على العهــد ومَـنْ كان بذاك العهــد أحـــرى

* * *

ومضت تبحث في عمـــق ظـلام الليلِ والمحــنـةِ بـــدرا
لترى العباس قد شمَّـــر للنخــوة يُمــنـــاه ويســـرى
أسداً يختال ما بين خيـــامٍ يمتــطـي بالزهــو مُهــــرا
فدعته وهو فوق المهـــر لا يسطـيع فــوق السرج صبـرا
قمرَ الآل على رسلك قد طـــاب الحـديــث الآن غـــورا
حدَّثته بحديــث الزيجـــة المُنجبـة الابـطــال نَـــذْرا
وبما اختار عقيلٌ لأبيهـــا من بنــات الاُســدِ بكــــرا


===============

( 350 )

بعدما قد مضــت الزهراءُ واستوصت بنا حيـــدرَ خيــــرا
وبما قد وعــد اللهُ لهـذا السبـــط بالأبطـــال ذُخــــرا

* * *

وإذا العباس للنخـوة هــزَّ السيـــف إيــذانـــاً وفخــرا
وتلّوى في ركاب المهـــر إذ قطَّعـهـــا شــداً وجـــرّا
قائلاً إنَّ غداً سوف يـراه القــوم من بأســــيَ نُكــــرا
لأُقِرنَّك عيناً أختُ مـا زلـــتُ علــى عهـــدك حُـــرّا
أنا أفديك وهذا السبـط ما أمـلـك مـن روحـــي شَطـــرا
وأنا نجلُ علـيٍّ أســــد الله الــذي ما يــــومَ فـــرّا
وحسينٌ سيدي قبل إخائـي وإمـــامُ الكــــونِ طُــــرّا
أنا مَنْ ردّ أمان القائد الفاســـق مــا حمَّـــل شمــــرا
أأمانٌ لي وإخواني وهذا السبـط لا يــأمــــنُ شــــرّا ؟
أنا أرويك غداً يا ساحة الحـرب دمــاً ينســـاب نهـــرا
أنا اُصْليْ القومَ ناراً قبل أن يحتـرقوا في الخُلــــد سُعــرا
أنا مَنْ اُفزع قلبَ الجيـش من قبل لقـاء الحــرب دهـــرا
أنا من ألقي بسوح الحـرب في أفئـدة الأبطـــال ذُعـــرا
أنا فخرُ لبني هاشـم في النُبل ومن حيــــدرَ ذكــــرى
أنا والقاسم والأكبـر فـي يـــوم غدٍ نُهديـــك سفـــرا

===============

( 351 )

سيظلُّ الدهرُ شوقـاً كلّمــا ردَّده يستـــاف عطــــرا
سنجلّي ساحة الحـــرب بما يُشـــرق في التـاريخ بدرا
لو تقاسمنا جيوش القوم إذ نقلبهـــا بطنـــاً وظهـــرا
ولأفنى كلُّ شهم من عـرانينــك للجحفـــل شطـــرا
ولألفيت فلول الجيش قد أَلقـــت إلى المهـــزوم عُـذرا
وسعيد القوم من أسعفه الحــظُ من القتـــل وفــــرّا
بيد أن الله لا تعلـم ما سوف غـداً يقضيـــه أمــــرا

محمد رضا القزويني
28 / شوال / 1416 هـ



السيد محمد رضا القزويني

إقتطع السيد محمد رضا القزويني في قصيدته ( العباس وليلة العاشر ) مقطعاً مؤثراً من مقاطع ليلة عاشوراء الأليمة فاختار شخصية أبي الفضل العباس عليه السلام في خطاب ذاتي من الشاعر مع الكمالات الروحية والجسدية التي وضعها العباس عليه السلام رخيصة فداء لولائه لسيد الشهداء عليه السلام ثم صوّر لنا جانياً آخر تشارك فيه الشاهدة العظيمة على المأساة وتفاصيلها زينب عليها السلام لتحتدم رؤى القصيدة و تتصاعد فجيعة وفقداناً لننتهي بلسان حالها وهي تخاطبه خطاب الوفاء والمحبة بعقائدية مذهلة

===============

( 352 )

وايمان غيبي متوهج وهذه الالتفاتة في اختيار السيد القزويني لهذا المقطع المأساوي وايفاؤه لمتطلباته في لغة هي للتراث اقرب منها للحداثة ينم عن ذوق وحس شفافين نراهما ـ أيضا ـ في قصيدته الاُخرى ( حديث الليل ) والتي أفاضت على كل أحداث الليلة بتوثيقها وتسجيلها وحفظها بلغة سلسلة رشيقة ساوقها الإيقاع المرهف والمتقافز لبحر الرمل الذي جاء به السيد القزويني بخمس تفعيلات خارجا عن مألوف عمودية البح بصدر بيته المساوي لعجزه في عدد التفعيلات فأصبحت القصيدة من نظام الاشطر المتساوية في عدد تفعيلاتها وليست من نظام الصدر والعجز التقليدي وهو خروج يشعر القاريء المتمرس بشيء من المغايرة فيشده للإنتباه الى خصوصية البناء وفرادته وهذه الحال ـ بلا ادنى شك ـ قصدها السيد القزويني اثارة محسوبة على التجريب الواعي في عملية النظم و كسراً ملحوظاً للرتابة و التكرارية.

 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net