متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
26 ـ السيد محسن الأمين (1ـ المهج الغوالي 2ـ همم على هام النجوم)
الكتاب : ليلة عاشوراء في الحديث و الأدب    |    القسم : مكتبة الأدب و الشعر

36 ـ للسيد محسن الامين ـ عليه الرحمة ـ(1)

(1)
المهج الغوالي


وأتى المساءُ وقـد تجهّمَ وجهُـهُ * واليوم محتشد البـلاء عصيـبُ
قال اذهبوا وانجوا وَنَجوا أهلَبيـ * تي انني وحدي أنا المطلــوبُ
لا ذمـةٌ منـي عليــكم لا ولا * حرجٌ ينالكــم ولا تثـريــبُ
فأبتْ نفوسُهُم الأبيّـة عنــد ذا * أن يتركوه مع العِدى ويغيبــوا
وَتواثبت ابطالهـم وجميعـهــا * بالحزم والقول السديد تجيــبُ
كلا فلسنا تاركيــكَ وما بــه * يوم القيامـة للنبــي نجيــبُ
نفديكَ بالمهج الغوالي نبتغي الـر * ضوان ما فينا بـذاك مُريــبُ
نيل الشهادة بالسعـادة كافــلٌ * يومَ الحسابِ واجرُها مَجلــوبُ

____________
(1) هو : الحجة الكبير العلم السيد محسن بن السيد عبد الكريم الأمين الحسيني العاملي ، عالم شهير خدم بقلمه وبعلمه ، ولد في قرية شقراء في جنوب لبنان حدود سنة 1282 هـ ، درس المقدمات في مدارس جبل عامل على المشاهير من فضلائها ، وهاجر الى النجف الأشرف سنة 1308 هـ وحضر عند الشيخ آغا رضا الهمداني والخراساني وشيخ الشريعة ، وهاجر من النجف إلى الشام سنة 1319 هـ بطلب من أهلها ، ومن مؤلفاته القيمة 1 ـ نقض الوشيعة 2 ـ أعيان الشيعة 3 ـ مفتاح الجنات 4 ـ الدر النضيد 5 ـ المجالس السنية 6 ـ البرهان على وجود صاحب الزمان وغيرها ، توفي قدس سره في بيروت في سنة 1371 هـ ، ودفن في جوار السيدة زينب عليها السلام في دمشق راجع : أدب الطف للسيد جواد شبر :ج10 ، ص33 ـ 35.

===============

( 332 )

هَذي الجنـانُ تهيّـأت وَتزينــت * للقائنــا ولريحِهـنَّ هُبـــوبُ
والطالبية للقِــراعِ تواثبـــتْ * تَدعو وكـلٌ للنــزالِ طَلــوبُ
ماذا يقول لنا الورى ونقولـــه * لهم وما عنـا يجيــب مجيــب
إنا تركنا شيخنــا وإمامنـــا * بين العدا وحُسامُنـا مَقـــروبُ
يأبى لنا شرف الأرومة أن يـرى * فينا مَشينٌ أو يكــون مَعيــبُ
فالعَيشُ بعـدَكَ قُبِّحَـتْ أيامُــه * وَالموتُ فيكَ مُحبَّبٌ مَرغـــوبُ
بَاتوا وَباتَ إِمامُهُم ما بينَهـــمُ * وَلهـم دَويٌّ حولَــه وَنحيــبُ
مِنْ راكعٍ أَو ساجدٍ أَو قــارىءٍ * أو مَنْ يُناجي رَبَّـــه وَيُنيــبُ
وَبدا الصباحُ فأقبلتْ زُمَر العـدى * نَحوَ الحسينِ لها الضلالُ جَنيــبُ
سامُوه وِردَ الضيمِ أو وردَ الردى * فأبى الدنيةَ والنجيــبُ نَجيــبُ
يأبى له وردَ الدنيـةِ ضارعــاً * شَرفٌ إِلى خيرِ الانامِ يـــؤوبُ
هيهاتَ ان يرضى مقامَ الـذلِ أَو * يقتادهُ الترهيبُ والترغيــبُ (1)

____________
(1) الدر النضيد : للسيد الأمين ص 23.

===============

( 333 )

(2)
هِمَمٌ على هامِ النجوم


فرماهُمُ المسرى بعرصةِ كربلا * فغدت بلاءً تلكُـم العرصـاتُ
قال انزلوا هي كربلا وعراصُها * فيها البلاءُ وعنـدها الكُربـاتُ
باع ابنُ سعدٍ دينَه وشرى به الد * نيا ولكـن ربحُـه حســراتُ
للري أمسى والياً وشرى بــه * غضبَ الالهِ فحظُه النقمــاتُ
قاد الجيوشَ لحربِ سبطِ محمدٍ * ضاقتْ بها الارجاءُ والفلـواتُ
ما إِن تمتعَ بالولايةِ واغتــدتْ * بالرأس منُه تَمايـلُ القصبـاتُ
جاء المسا فدعاهُم قوموا اذهبوا * فالليلُ سترٌ جَهرهُ إخفـــاتُ
لا يطلبُ الأعداءُ غيري فاتـر * كوني ما بكُم مِن بيعتي تبِعَـاتُ
فأجابَه الأنصارَ هـذي منــةٌ * سَبقتْ لنا قَلَّت لهـا المنــاتُ
إنا نُجاهدُ دونَكُم وتُقطَّــعُ الـ * أَعضاءُ منا فيكَ وَالرقَبـــاتُ
ثم الرسولُ شَفيعُنا يومَ الجـزا * وَ لنا بهذا تُرفعُ الـدرجــاتُ
أفنحنُ يوماً تَارِكوكَ وَهَــذهِ * بك قد أحاطتْ اذؤبٌ وعــداةُ
لا كانَ منا اليومَ تَركُكُ وَالـذي * قد أحصيت في علمه الـذراتُ
بالسيفِ أضربُهم وَأطعنُهم برُمـ * حي ما استقامتْ في يديَّ قَنـاةُ
تاللهِ لوأَنّي قُتلـتُ وبعــدَ هـ * ذا قد نُشرتُ تُصيبني قتــلاتُ
في كُلِّها أحيا واُقتــلُ ثُمَّ اُحـ * رقُ بعدَ هَذا كـلُّ ذا مــراتُ

===============

( 334 )

ما حُدتُ عَنكَ وإنمـا هي قتلــةٌ * فيها نعيمٌ ليسَ فيــه فــواتُ
وأجابَه أبناءُ هاشـمَ خيــرُ مَنْ * وَلدتهُمُ الأبـــاءُ والأمــاتُ
لِمَ نحنُ هَذا فاعـلــونَ فَقُبِّحتْ * مِن بعدِ فقـدِكَ للنُفُــوسِ حياةُ
لا كانَ مِنا مثـلُ هـــذا لا ولا * كانتْ لنا لما مضيـتَ نجــاةُ
هيهاتَ انا تاركُـوكَ وما لنـــا * عُذرٌ غداةَ تضُمُّنـا النــدواتُ
نفديكَ بالمُهـجِ الغـوالي كُلنــا * وتُخاض مِنا دونَـكَ الغُمُـراتُ
بدأَ المقالَ بذلك العباسُ واتـبعوه * تُشــرقُ منهُـمُ الوجنـــاتُ
أشبالُ حيدرةٍ وأبنــا جعفـــرٍ * وبنو الزكي القادةُ الســـاداتُ
وبنو الحسينِ ومِنْ عقيلٍ عُصبـةٌ * لهم بمضمارِ العـُلا السبَقــاتُ
أبني عقيلٍ قَتلُ مُسلـمَ حَسبُكُــم * قوموا اذهبوا لا تلقكــم نَكبَاتُ
ماذا يقولُ لنا الـورى ونقولــهُ * لَهمُ وَفيهم لـــوَّم وَوشـــاةُ
إنا تركنـا شيخَنَــا وإمامَنـــا * وبنو العمومةِ ما لهم نجـــدَاتُ
مِن خيرِ مَنْ ولدَ العمومُ وانجبـتْ * مِنْ نَسلها الخَالاتُ والعمـــاتُ
لم نرمِ سَهماً مَعَهُم كَـــلا وَلَمْ * نَضرِب بسيفٍ والسيوفُ مُضـاةُ
لكننا نمَضي بنهجِــكَ سبقـــاً * تَفديكَ منا الروحُ والمهُجـــاتُ
فالعيشُ بَعدكَ قُبّحـتْ ايامُـــه * وَوجُوهُه بالشّـرِ مُســـودّاتُ
فخراً بني عَمرو العُلاء فأنتُـــم * للعزّ ما بينَ الـورى الــذرواتُ
ان الفخارَ مُخيــمٌ في بابكُـــم * والعزُ فيكُم والعُـلا مَلكـــاتُ
هذي النفوسُ السامياتُ لذكرِهــا * مَهما ذُكرِنَ روائحٌ عَطـــراتُ
طَابــتْ أصولهُمُ فطِبنَ فُروعُهم * وعلى الأرومةِ تنبت الدوَحَــاتُ

===============

( 335 )

قومٌ زكت أعراقُهم وَسمتْ لهُــم * هِمَمٌ وطابتْ أنفُـــسٌ وَذواتُ
قومٌ لَهم قَصبُ السباقِ إلى العُـلا * وَالمجدُ إن ضَمَّتهُمُ الحلَبــاتُ
هَذي النفوسُ وليسَ من مِثلٍ لهـا * بنفوسِ هذا الخلقِ مَفدِيـــاتُ
هذي النفـوسُ الكاملاتُ وَهــذه * هِممٌ على هامِ النجومِ عــلاتُ
هذي الجواهرُ للوجُودِ غَدتْ على * كلِ الجواهرِ وَهي مُختــاراتُ
تَمضى العصورُ وفي أعالي لوحِها * أخبارها بالنـورِ مَسطُــوراتُ
باتَ الحسينُ وصحبُه مِنْ حَولـهِ * وَلَهُم دويُّ النحلِ لمَّا بَاتـــوا
مِنْ رُكعٍ وسطَ الظـلامِ وسُجــدٍ * للهِ منهُم تكثــرُ الدّعـــواتُ
وَتراءت الحورُ الحسانُ وزُينـتْ * لِقدُومِهمْ بنعيمِهـا الجنـــاتُ
وَبدا الصباحُ وَلم تَنْم عيــنٌ لَهمْ * كلاّ ولا نابتهُــمُ غَفـــواتُ
وَدنا ابنُ سَعدٍ منهُمُ بِجيوشـــه * راياته بالكُفــرِ مَعقـــوداتُ
نادى اشهدوا إني لأولُ منْ رمـى * جيشَ الحسينِ وتابعتــهُ رُماةُ
يَبغي رضا نسلِ البغايـا مُغضِبـاً * رَبَّ السما فجزاؤُه الدرَكَــاتُ
فَهُناكَ انصارُ الحسينِ تَسابقُــوا * للحربِ قد صَحّت لهم نيــاتُ
فكأنَ كُلاً مِنهُـمُ ليــثٌ بـــه * قَذفَت الى خَوضِ الوغى الغَاباتُ
نيفُ وسبعونَ التقوا مَعْ عِـــدةٍ * فيها الثلاثون الألوفَ طُغــاةُ
كَرُّوا على تلكَ الجموعِ ضَراغماً * وَلهم هنالِك صولةٌ وَثبَـــاتُ
حتى أُبيدوا مُقبليـنَ بواســـلاً * لثغُورِهم تحتَ الوغى بَسمَـاتُ
وَقضوا كِراماً بعد ما حطموا القنا * وَتثلمتْ للماضيـاتِ ظِبــاتُ
ولمجدِهم كتبَ الخلودُ ودامَ فــي * أنفِ الزمانِ لذكرِهم عَبَقــاتُ

===============

( 336 )

شهدتْ لهَم تلكَ الوقائعُ اُنهـمْ * نُجُب كِرامٌ طيبـونَ سُــراةُ
وَتسابقتْ من بعدهِم مِن هاشمٍ * آسادُ حربٍ مُقدِمونَ كُفاةُ (1)

السيد محسن الأمين

يتواصل السيد الامين في قصيدتيه مع انجازات القصيدة العمودية في تجربة النهضة فهو يوازيها ويحاذيها في التقاطه لشذرات متعددة من منابع متعددة بما يظهر الجهد الموسوعي في تلقي النتاج الشعري الذي سبقه والذي عاصره ويمتزج هذا بتوق عاطفي رومانسي متقاطع مع معطيات مدرسة المهجر في التعامل مع موضوعات حياتية شفافة مثل ( المساء ) الذي يرد في قصيدتي السيد الامين :
واتى المساء وقد تجهم وجهة.....
او :
جاء المسا فدعاهم قوموا اذهبوا....
وموضوع ( الصباح ) الذي يرد في القصيدتين أيضا بنفس التركيب :

وبدا الصباح فاقبلت زمر العدى * نحو الحسين لها الضلال جنيب

وبدا الصباح ولم تنم عين لهم.....
فالمساء يأتي أو يجيء لأنه يريد أن يأتي أو يجيء ، أما الصباح فهو يبدو
____________
(1) الدر النضيد للسيد محسن الامين : ص 71 ـ 73.

===============

( 337 )

ليفاجيء ويدهش ، وهذه حركة يُدرك منها انفتاح بسيط من السيد الامين على تجربة شعراء المهجر أو جماعة الديوان أو جماعة ابولو الشعريتين... وغير ذلك فقصيدتاه توظف للإيصال والنقل كل المعطيات حتى أن السيد يستخدم التدوير مرتين في قصيدته الاولى وسبع مرات في الثانية مع نفور هذه الآلية عن السلامة السمعية في بحر الكامل ، بل ويتمادى السيد الامين الى ( خزل ) التفعيلة في البحر أي تحويل ( متفاعلن ) الى ( مفتعلن ) تطبيقاً لنظر عروضي محض ليس له شواهد في الشعر العربي سوى الشواهد التي أوجدها العروضيون أنفسهم فنراه يقول :
لم نرمِ سهماً معهم....
مستفعلن مفتعلن....
فهو لا يعير اهتماماً لجمال المبنى بالقدر الذي يهمه توصيل المعنى بأي شكل كان....

===============

( 338 )

 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net