متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
23 ـ الشيخ قاسم آل قاسم (بكائية كربلاء)
الكتاب : ليلة عاشوراء في الحديث و الأدب    |    القسم : مكتبة الأدب و الشعر
23 ـ الشيخ قاسم آل قاسم (1)
بكائية كربلاء

يومُ الحسين تناهى ذكــره ألمــا * لو أنصف الدمعُ فيه لاستحال دمـا
بكت على رزئه الدنيا وما فتِئــتْ * حتى اليراعُ إذا خطّ ( الحسين ) هما
يظل يمتد في عُمق الزمـان لظـىً * يُثير بركانُها في قلبـه الحمـمــا
يُذكّي لهيبَ رزايا الطفّ ذاكرُهــا * كأن قلب الهوى يسلو إذا اضطرمـا
تغيّرت صور الأشياء يومَ قضــى * كأنّها قتلتهُ فانطــوت نـدمـــا
تبثّ آهاتِها خلفَ التــرابِ وقــد * غالته غائلةٌ واستهدفتـه دُمـــى
وطالما بثّها أحزانَــه سحـــراً * في الطفّ يُبدي لها من دهره سأمـا
أنا الحسينُ الذي أوصى النبيُّ بــه * فأين ضاعت وصاياه وما رَسمـا ؟
أنا الحسينُ واُمّي فاطـمٌ وأبـــي * كان الإمامَ الوصيَّ المُفردَ العلمــا
أنا الحسينُ ، فقالت زينبٌ وكفــى * بذكركَ الخير يا أعلى الورى قِدمـا
فقال يا أخت ماذا جدّ مـن حـدثٍ * حتى أموت غريب الدار مهتضما ؟
ماذا جنيتُ ؟ فقالت يا أخي وبكـت * لأنك ابن عليٍّ والمصـابُ نمــا
فقلّبَ السيفَ في كفّيهِ وارتعــدتْ * يدُ السماءِ وناداها : وهل أثِمــا ؟

____________
(1) هو : الشاعر الفاضل الشيخ قاسم بن عبدالشهيد بن علي آل قاسم ، ولد في القديح ـ القطيف سنة 1382 هـ ، حاز على الشهادة الثانوية العامة ( القسم العلمي ) وإبتدأ دراسته الحوزوية في القطيف عام 1407 هـ ثم غادرها إلى قم المقدسة عام 1412 هـ حيث يحضر الآن مرحلة البحث الخارج ، ومن نتاجه الأدبي : 1 ـ ديوان شعر ( مخطوط ) ، ومن نتاجه العلمي : 2 ـ بحث في نشأة اللغة وحقيقة الوضع ، وله مشاركة في النوادي الثقافية والدينية.

===============

( 323 )

كأنهمْ نكروا منــه مواقفَـــهُ * في حربِ آبائهم قِدماً وما رحمـا
لم يُثنه عزمُه عن قَطعِ دابـرهِم * ولم يكن يرعَ في أعدائه ذِمَمــا
حتى تواصوا على إفناء عترتـه * قتلاً وهتكاً وجاؤوا يركبون عمى
وما دروا أنّنا أسيافُ حيــدرةٍ * أصداؤنا أورثتهم في الوغى صَمَما
وكيف نرضى بما تأباهُ عزّتُنــا * لعصبةٍ لم نكن نرضى بهم خدمـا
فأسبلت عبراتٍ ملـؤها الـــمٌ * كأنّما قلبها في دمعهـا انسجمــا
وفي غدٍ يتفانى جمعُكُم وأنـــا * أراكُم جُثثاً فوق الثـرى رممــا
يا ليتما طال ليلي والحسينُ معي * وذاكَ شبلُ عليٍّ يَحرسُ الخيمــا
لكنّها أشرقت شمسُ الصباحِ بهـا * وظلَّ يقتاتُهم صرفُ الردى نَهِمـا
حتى تقضّت مناياهُمْ وأفردَهــا * جورُ الزمان ، وساقوهُنّ سَوقَ إما
يومٌ تَكَشّفَ عن دُنيّـاً مزيّفــةٍ * داست بأقدامها الإسـلام والقيمـا
عجبتُ كيف يواريه ثرى جـدثٍ * وكيف تحويه أرضٌ والحسينُ سَما
أليس ذا وأخوه طالمـا ارتقيــا * كتفَ النبيِّ « ونعم الراكبانِ هُما »
وكيف خَلّف أُختاً لا حياةَ لهــا * إلاّ على قلبــه لكنــه انثلمــا
وكيف مرّت على أشلائه ورنت * بنظرةٍ تتحرّى الكـفَّ والقَدَمــا
كانت به تُبصر الأشياءَ فانكسفت * أنوارُه فاستوت في عينها عدمــا
كانت له ساعداً في يوم محنتــه * وشاطرتُه الرزايا غُربةً وظمــا
لكنّها امرأةٌ مثكولــةٌ ورثــت * على مصائبها الأيتامَ والحُرمــا

قاسم آل قاسم
الخميس 1 / 11 / 1416 هـ



                          ===============

( 324 )

الشيخ قاسم آل قاسم
قصيدة آل قاسم باحثة عن الجدوى مما حدث ومبينة للأسباب التي أوصلت النتائج فهي برهانية السجيّة ، منطقية الترتيب لبست هنا حلّة الشعر كأداة إيصال لبحثها وإستنتاجاتها فهي راقبت ماوراء الظواهر لكن لتصل الى الفحوى والعبرة واقتفاء الأثر ، فهي مهتمّة بما ينير الدرب للسالك الباحث عن الجدوى ، وهي زاهدة بالجمال العارض وإن كانت تجاوره وتحاوره وتساقيه بأكؤوسها العرفانية غير المليئة تماماً ، فهي تتعهد الجمال كحالة خيّرة ولا تُصاحبه إلا لأنّه وعاء لما هو حق صُراح ، لكن مجاهدته للحيلولة دون أن يفلت الجميل المحسوس من لسانه تبقى مجاهدة ناقصة فنلاحظ أنّ الجمالية تطغى على براهينه وسلوكه وزهده ومجاهدته لتقول له : ( إنني شعر تقوله شفتاك بعد أن إحتدم في داخلك وإنكشف أمام المتلقين مظهراً إزدواجية الجدوى وإنشطار السلوك وتشظّي المجاهدة لأن لي وجوداً أصيلاً فيك بلا تواضع ، وأسّاً غائراً في روحيتك بلا زهد ) ، وأنا كمتتبع لنتاج آل قاسم أراه قد كتب هذه القصيدة بأصابعه التي حملت قلمه ، سوى بعض الأبيات التي فرّت من أسار التعجل المقصود مثل :

عجبت كيف يواريه ثرى جدث * وكيف تحويه أرض والحسين سما ؟

أو مثل هذين البيتين :

وكيف مرت على أشلائه ورنت * بنظرة تتحرّى الكفّ والقدمــا
كانت به تُبصر الأشياء فانكسفت * أنواره فاستوت في عينها عدما

لكننا رأينا في تجاربه الأخيرة منحى جديداً يعيده ـ إن لم يقدمه ـ الى مكانه في الصف الشعري المتقدم.

===============

( 325 )


 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net