متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
21 ـ الشيخ علي الفرج (حديث النجوم)
الكتاب : ليلة عاشوراء في الحديث و الأدب    |    القسم : مكتبة الأدب و الشعر
21 ـ للشيخ علي الفرج (1)

حديث النجوم

أغسلي يا نجوم عن سأم الليـ * ل جفونَ الحسينِ والأصحـابِ
وَدّعي ذلك الزعيمَ ودمعــا * ذابَ فيه طبعُ انكسارِ السحـابِ
دمعةٌ منه أنبتتْ للمــلاييـ * ـن حِراباً من سُنةٍ وكتــابِ
ودّعيه دماً تأهبّ فـي الأقـ * ـداح كيما يُراق في الأكـواب
دمُه صبغة السماءِ وأين السـ * ـيفُ منه وهو انتماء التُـراب

***

حدّثي يا نجومُ عن خيم الوحـ * ـي ودمـعٍ من زينبٍ سَكّـابِ
ليلُها...أين ليلُهـا ؟! نسيتْــه * نسيتْ صمتَه انتظارَ العــذابِ
حولهَا من خواطر الظمـأ المرِّ * ضبابٌ في عُتمـةٍ من ضبـابِ

____________
(1) هو : الشاعر فضيلة الشيخ علي بن عبدالله الفَرَج ، ولد في القديح إحدى مناطق القطيف سنة 1391 هـ ، انهى المرحلة الثانوية ثم التحق بالحوزة العلمية في النجف الأشرف سنة 1410 هـ ثم درس شطراً في سوريا سنة 1412 هـ وأخيراً التحق بالحوزة العلمية في قم المقدسة سنة 1416 هـ ، ولا يزال يواصل دراسته العلمية فيها ، وله ديوان شعر : أصداء النغم المسافر ، وكتابات اُخرى ، وله مشاركات في النوادي الأدبية والثقافية في القطيف وسوريا وقم المقدسة.

===============

( 306 )

قسماً لو جرى الفرات وريـــداً * في دماها كسلســلٍ مُنســـابِ
هدرته مـاءً فتجتمـــع الأطـ * ـفال ، فيه تعود ملأى القِــرابِ

***

حدّثيني عن الاُسود كم امتـــدَّ * بهم للسمـا خيـوطُ انتســـابِ
زرعوا الليل أعيناً تحرس الغـا * ب كَسربٍ من الردى جـــوّابِ
أنت يا ليلة انخساف المرايـــا * في وجوه السنيـن والأحقـــاب
غُرست فيك آهتي واحتضـاري * ونمت فيك صرختي واغترابــي
عجبٌ أن أراك سـوداءَ والشمـ * ـس بجنبَيـكِ معبـدُ الأهــداب
عجبٌ أن أرى لديك ( دويَّ النـ * ـحل) يهتزُّ من أُسـود الغــاب
سهروا بين جانحيــك جبــالاً * وغدوا فوق راحتيـك روابـــي

***

حدّثيني عن الظلام وما احمــرَّ * بأعماقــه مــن الأِرهـــاب
ضاع في رُعبه أنينُ يتامـى الـ * ـغد ضاعت مباسـم الأحبــاب
وفؤاد الحسيـن ذاب حنانـــاً * وعجيبٌ يذوب فـوق الحــرابِ

على الفَرَج
10 / 11 / 1416 هـ
قم المقدسة




===============

( 307 )

الشيخ علي الفرج

شاعرية علي الفرج من الشاعريات القليلة التي تُجبر متلقيها على الإقرار بضرورة الشعر في حياة الإنسان وتجعله متقرباً بأكثر من وسيلة الى التفاعل والإنصهار مع الظواهر الشعرية في كل تجلياتها وكشوفها... فهو حدّاء أصيل يراقب قافلة التلقي والقراءة بأكثر من حاسّة ويحنو على قارئه حنوّ المشفق ، فُيصاحبه صحبة إدهاش وإبهار بسحر الألفاظ المنتقاة وجمال صياغته للتراكيب الموحية وهو يفعل هذا برقّة وشفافية تنمّ عن طبع شعري متجذّر وخُلق فني راسخ ، بعيداً عن دنس تنفير الآخرين وازدرائهم ومقتهم.
فشاعريته بها نزوع نحو التلاحم مع الناس بطيبة صادقة ونيّة حسنة ليقرّر رسالة الشعر ووظيفته كنداء من ضمير ووجدان جماعي يعبّر عن كل الآمال وجميع الآلام ، ولذا فهو يمتلك من إمكانات الإختيار في خطابه الشعري الشيء الكثير ، وله قدرة متشعّبة في توليد التراكيب غير النمطيّة يعاضده إنتقاء واع لألفاظه ، فلا تستطيع أيّة لفظة كانت أن تعبر سياج حقوله الشعرية بلا إذن من رقابته الصارمه وتفحصه الدؤوب ، ولا شك أنّ البساطة التي تظهر بسيولة في شعره هي بساطة مصنوعة بتعب وإخلاص وتفانِ وهناك جهد آخر يقوم به الفرج في إخفائه لآثار الصنعة في بساطة شعره وعذوبته وسيولته ، ولعل السيولة أقرب إليه من غيرها فهو شاعر الماء بحق وهو (نهّام) يؤدي مواويله البحرية لكي يدفع عجلة الحياة ، وإذا تسنّى للفحص والإختبار النقدي أن يولي قصيدة ( حديث النجوم ) إهتمامه فسوف

===============

( 308 )

يتأكد رسوخ الصور والألفاظ والتراكيب المائية في نسيج القصيدة ، وربما تجاوز الماء الى كل الظواهر والأشياء السائلة بحيث نرى أنه لايكاد أن يخلو بيت شعري لعلي الفرج من ذلك ، وسنحصي ذلك بالترتيب في قصيدته ( اغسلي ، دمعاً ، ذاب ، السحاب ، دمعة ، دماً ، الأقداح ، يُراق ، الأكواب ، دمه ، سكّاب ، الظمأ ، ضباب ، جرى ، الفرات ، وريداً ، دماها ، سلسل ، منساب ، ماء ، ملأى ، القراب ) في الأبيات العشرة الاولى فيحقق إنسيابية سيّالة لرؤاه وصوره لكي يشكل مدخلاً الى مشهد الفجيعة الذي يتعمد فيه الشاعر عدم إستخدام مفرداته المائية ليصوّر ليلة عاشوراء ويخاطبها واصفاً إياها بليلة إنخساف المرايا فلا إنعكاس أمام وجه الزمن لكن الشاعر يخرج من هذا المشهد وينهي القصيدة بهذا البيت :

وفؤاد الحسين ذاب حنانـاً * وعجيب يذوب فوق الحراب

فحتى الشهادة العظيمة لسيد الشهداء عليه السلام يصوّرها علي الفرج بصورة الذوبان فوق الحراب مبدياً عجبه لذلك ، لكننا لا نعجب فالشاعر يريد للشهادة المحببة الى نفسه أن تتزيىّ بحلّة الماء الذي يحقق حيوية شاعرية علي الفرج المنفتحة على مصاديق الآية الكريمة ( وجعلنا من الماء كل شيء حي ) على مستويين : شعوريّ يصاحبه الإختيار الواعي ، ولا شعوري دفين في رغبات وأماني علي الفرج الذي يختار لقصائده أوزاناً منسابة برشاقة الإيقاع الشعري كبحريّ الخفيف والبسيط اللذين طالما كتب بهما أجمل قصائده.

===============

( 309 )

 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net