متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
11 ـ الاستاذ سلمان الربيعي (المساء الأخير)
الكتاب : ليلة عاشوراء في الحديث و الأدب    |    القسم : مكتبة الأدب و الشعر

11 ـ للشاعر الأستاذ سلمان الربيعي(1)
المساء الأخير
زينب عليها السلام تخاطب ليلة العاشر

طــُلْ يـا مساءُ فلا أروم صباحا * إن كــان صبحُك للأسى مفتاحا
لو دَرّ ضرع الصبح خيراً لإمرىء * ٍفأنـا سـأُسقـى ضيمــَهُ أقداحا
وإذا تـــلألأ نــورُهُ متّبسمـاً * ألقى عليَّ مـن الهمــوم وشاحا
يا ليلُ لم أسأم ظلامـكَ طالمــا * عينـاي تُبصــرُ كـوكباً لمّاحا
فمتى انجليت فسـوف أُفجع بالذي * عنّي يزيــل الغــمَّ والأتراحا
لو كنــت تعـلمُ ما يحلُّ بنا غداً * لـم تَطْوِ عن أفق الطفوف جناحا
ياليــلُ انَّ الأم تَسعــدُ بـابنها * وبــه تـرى صفو الحياةِ مُتاحا
ومتى توارى شخصُه عـن عينها * قَضَــت الحيــاةَ تأوّهاً ونواحا
فَلَكَمْ قلوبٍ سوفَ تذرفُ مِــنْ دمٍ * دمعاً يفوقُ الــعارضَ السَّحّاحا
فغداً جميعُ الطاهــرات بــكربلا * كلٌّ ستثكل سيــداً جِحّجَاحــا
يا ليــلُ صُبحــك متخمٌ بفجائعٍ * دمــُها سيغمـرُ أنجداً وبطاحا

____________
(1) هو : الشاعر الأستاذ سلمان عاصي الربيعي ، ولد سنة 1951 م في الحلّة ـ العراق ، له مشاركات في النوادي الأدبية والدينية ، صدر له ثلاثة دواوين شعرية : 1 ـ على أعتاب الديار 2 ـ الديار المحجوبة 3 ـ طيف الوطن.

===============

( 260 )

فغداً بأرض الطفِّ طُهْرُ دمٍ الهدى * يغدو بشــرع الظالميـن مُباحا
حيث الطغاةُ على ابن بنـت نبيِّهم * جيشاً أراهم حشَّدوا وســلاحـا
وأراه قلبــاً ظامئاً مــا بينهُمْ * وسيوفُهم قــد أثخنتْهُ جراحــا
وأرى أخي العباس من طعن القنا * نسراً لــه جــذَّ الطغاةُ جناحا
وعلى رمـال الطفِّ أجساداً أرى * زُحلاً شأت بعــلوّهـا وضُراحا
وجليلُ مــا تبكي له عينُ الهدى * ويزلـزل الأبــدانَ والأرواحـا
نحرُ الرضـيعِ غداةَ يُرسَلُ نَحوَهُ * سَهمُ (ابــن كاهل) خارقاً ذبّاحا
وأرى عيـالَ محمدٍ أسرى العدى * مَنْ ذا سَيُطِلـقُ للأسيـر سراحا
يا ليلُ إذ يقــعُ الذي يُدمي الحشا * أتوَدُّ عيني أن ترى الإصبـاحـا
إنّا إلـى حــكم الدعيِّ ورهطه * هيهات نَركنُ أو نليـنُ جماحـا
فليقــتفِ الأحرارُ نهجَ زعيمِهِم * ليرَوْهُ فــي آفاقهــم مصباحا
وليقــصد الظمـآنُ ماءَ غديرنا * ليذوقَ من فيض الجنــان قراحا
لو لا دمـانا مــا استقامَ لمسلمٍ * ديــنٌ ولا بـدرُ الكرامةِ لاحا
ما سال مـن نحر الحسين بكربلا * للمـجد خــَطَّ المنهجَ الوضاحا
أبو أمل الربيعي
24 شوال 1417 هـ



===============

( 261 )

الأستاذ سلمان الربيعي

قصيدة الربيعي مثبّتة في المتن الشعري كنص يستحضر بإخلاص وجهد تجربة تدعي التجارب الشعرية الجديدة أنها قد طواها الزمن لكن الربيعي يراها لاتزال حيّة ونابضة وله الحق في ذلك طالما أن هناك فئات كثيرة من القرّاء لازالت تستحسن ذلك وتعدّه صحيحاً وتجد في الربيعي من الشعراء مَنْ يُرسّخ ويثبّت هذا الإستصحاب لِما كان في نتاجه الغزير لإثراء هذا التوجه كمّاً ونوعاً.
وللإنصاف فالربيعي من الشعراء المعدودين الذين يواصلون سدّ إحتياجات المنبر الحسيني إلى الجديد من النصوص خطباء ومنشدي عزاء وهو شاعر على أهبة الإستعداد لتلبية نداءات الولاء والقضية الحسينية.
والقصيدة عند الربيعي تعبوية التوجّه مخطط لها بإحكام يركن بجدّ إلى معطيات علوم العربية في كلّ تشعّباتها من نحو وصرف وبلاغة وبيان ومعان وعروض ، وأغلب شعره يُرى فيه قابليته لأن يكون شاهداً من شواهد العلوم.
فالربيعي يستعرض ما تعلّمه من فنون وعلوم في شعره و خصوصاً في تفريعات العلوم اللغوية ويرى فيه نوعاً من الإنتماء إلى الأصيل والثابت الذي يشكّل هويته الشعرية والذي يُخلص في الالتحام به على الرغم من كون هذه النظرة نظرة تراثية إلى التراث نفسه ، لكن الربيعي يحتمي تحت سقفها وله فيها كل الحق.
ولازلت أرى في خروجه على طوق النظم في بحر الكامل ـ الأثير لديه ـ وتثبيت هذا الخروج إنفتاحاً على إمكانات بنائية تمنحها الأبحر الأخرى للربيعي الذي بدأ ذلك في مجموعته الشعرية الثالثة ـ طيف الوطن ـ ولكن بحذر شديد وتوجس.

===============

( 262 )

 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net