متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
د ـ السعي في قضاء حوائج الناس ومواساتهم
الكتاب : ليلة عاشوراء في الحديث و الأدب    |    القسم : مكتبة الأدب و الشعر

د ـ السعي في قضاء حوائج الناس ومواساتهم
وهو : من أفضل الطاعات والقربـات عند الله تعـالى ، وعـنصر مـن عناصر المحبة والاخاء ، ومما يزيد في ترابط المجتمع ووحدتهم وقد ندب الاسلام وحث عليه ومن ذلك :
مـا روي عـن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال : من قَضى لاخيـه المُؤمن حاجةً ، كان كمن عبدَ اللهَ دَهراً (1).
وروي عن الامـام الصادق (عليه السلام) أنـه قال : ومَنْ قضى لاخيه المؤمن حاجةً ، قضى اللهُ ( عزوجل ) له يومَ القيامـة مـائة ألف حاجة من ذلك ، أوّلُها الجنة..(2).
وَقد عَدّ الشرعُ الحنيف التهاونَ في قضاءِ حوائج المؤمنين خصوصاً مع القدرة علـيها ، مـن رذائل الصفـات ، ودليلاً عـلى ضـعف الايمـان ، وباعثاً على سلب التوفيق ، ومما ورد في ذلك :
ما روي عـن الامـام الصادق (عليه السلام) أيّما رجل من شيعتنا أتى رجلاً من إخوانه ، فاستعانَ به في حاجته فلم يعنْهُ ، وهو يقدر إلاّ ابتلاه اللهُ تعالى بأن يَقضي حوائج عدّة من أعدائنا ، يُعذّبهُ اللهُ عليها يومَ القيامة (3).
وروي أيـضاً عنـه (عليه السلام) : أيّما مؤمن منع مؤمناً شيئاً مما يحتاج إليه ، وهو يقدر عليه
____________
(1) أمالي الطوسي : ص481 ، بحار الانوار : ج71 ، ص302 ، ح40.
(2) أصول الكافي للكليني : ج2 ، ص192 ، ح1 ، بحار الانوار : ج71 ، ص322 ، ح90.
(3) أصول الكافي للكليني : ج2 ، ص366 ، بحار الانوار : ج75 ، ص181.

===============

( 162 )

عليه من عنده أو من عند غيره ، أقامَهُ اللهُ عزوجل يوم القيامة مُسوداً وجهه ، مزرّقةً عيناهُ ، مغلولةً يداهُ إلى عُنقه ، فيقال : هذا الخائن الذي خان الله ورسوله ، ثم يؤمرُ به إلى النار (1).
وفي ليلة عاشوراء والتي تُمثل الظروف العصيبة تكتنف في طياتها ألواناً من الاخلاق الفاضلة ، والتي تمثل خُلق الاسلام الحنيف ، فهذا سيدُ شباب أهل الجنة ـ صلوات الله عليه ـ يضرب لنا مثالاً صادقاً في مواساة مَنْ معهُ ، وقضاءِ حوائجهم ، فتراه مَهموماً من أجل غُلام مُسلم قد أسر بثغر الري ، وقد وجد أباه مهموماً من أجلـه ، فيقول له (عليه السلام) : رحمك الله أنت في حِلٍّ من بيعتي ، فاعمل في فكاك ابنك ، وقد أمر له بخمسة أثواب قيمتها ألف دينار ، ليستعين بها في فداءِ ابـنه(2).
هذا وقد ترى وكأنَّ الحالة التي يعيشُها (عليه السلام) حالةً طبيعيةً في تلك الليلة حتى يطلب من أبي الغلام الاسير أن يسعى لفكاك ولـده من الاسر ويترك ما هو عليه ، بل ويجعله في حل من بيعته !!
إنه بحق موقفٌ أخلاقي واجتماعي ، فريدٌ من نوعه ، وليس له أهلٌ غير من تَربى فـي حجر الـرسالة وارتضع لبـانَ الإبـاء صبياً ، وتخلق بأخلاق الانبياء ، وتحلى بحُلية الاوصياء ، فهذه من أخلاقه الكريمة والتي أفرزت ليلةُ عاشوراء جانباً يسيراً منها !
ومن تلك المواقف أيضاً والتي تَدلُّ على مَدى حرصِه (عليه السلام) في قضاء حوائج الناس وحفظ حقوقهم ، وإرجاعها إليهم مهما كَلَّفَ الامر ، وذلك حينما أمر مُنادياً
____________
(1) أصول الكافي للكليني : ج2 ، ص367 ، ح1 ، بحار الانوار : ج71 ، ص201 ، ح83.
(2) اللهوف : ص40 ، بحار الانوار : ج44 ، ص392.

===============

( 163 )

في أصحابه ، لا يُقتل معنا رجل وعليه دين ، فقام إليه رجل من أصحابه فقال له : إن عليّ ديناً وقد ضمنته زوجتي فقال (عليه السلام) : وما ضمان امرأة (1) ؟
وروي عن موسى بن عمير عن أبيه قال : أمرني الحسين بن علي عليهما السلام قال : نادِ أن لا يُقتلَ مَعي رَجُلٌ عليه دَينٌ ، ونادِ بها في الموالي ، فإنِّي سمعتُ رسول الله (صلى الله عليه وآله) يَقول : مَنْ مَات وعليه دينٌ اُخذ من حسناته يوم القيامة (2).
لقد أراد الامام (عليه السلام) أن يكونَ المستشْهدُ بين يديه مُتحرجاً في دينه خاليَ الذمة من حقوق الناس وأموالهم ، ولا يريد أن يكون سبباً في ضياع أيِّ حق من حقوق الاخرين.
وهذا غاية سُمو الاخلاق والرفعةَ والنُبل ، ونموذج مِثالي من الدروس الاخلاقية العظيمة لكل الاجيال في كل زمان.
____________
(1) المعجم الكبير للطبراني : ج1 ، ص141 ، إحقاق الحق : ج19 ، ص429 ، حياة الامام الحسين للقرشي : ج3 ، ص171.
(2) إحقاق الحق : ج19 ، ص429 ، موسوعة كلمات الامام الحسين : ص417.

===============

( 164 )

 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net