3 ـ الابعاد المستوحاة من ليلة عاشوراء
البعد الديني
البعد العبادي
البعد الأخلاقي التربوي
البعد العسكري
===============
( 101 )
تمهيـد إن لهذه الليلة العظيمة أبعاداً مختلفةً ، وجوانبَ متعددةً ، وعِبَراً نافعةً ، في ميادين العقيدة والشريعة الاسلامية يجدُرُ الوقوفُ عليها ، واستكناه ما في سويعاتها العصيبة التي نزلت بساحة أهل بيت الوحي والتنزيل (عليهم السلام) ، وما أعقبها من أحداث مُنيَ بها الاسلامُ والمسلمون بأفدح ما عرفهُ تاريخ البشرية أجمع ، وكيف لا وقد اتفقت الكلمةُ على إبادة أهل بيت الوحي ومعدن الرسالة ومهبط التنزيل.
إن ليلة عاشوراءَ الاليمة من سنة ( 61 هـ ) وإن كانت في حساب الليالي ليلةً واحدةً ذات سُويعات محدودة ، إلا أنها في حساب التاريخ شكلت مُنعطفاً حاداً في تاريخ الاسلام ، لم تشهده ليلةٌ من لياليه مُنذ فجره وإلى يومنا هذا ، سوى ليال معدودة شاءَ اللهُ أن يجعلها شموساً في تاريخ الاسلام ، والتي منها ليلةُ مبيتِ أمير المؤمنين علي (عليه السلام) على فراش النبي (صلى الله عليه وآله) ، وليلةٌ سَمعت فيها فاطمة الزهراء ـ عليها السلام ـ صوتَ بلال يُردد : أشهد أن محمداً رسول الله ، وأبوها العظيم (صلى الله عليه وآله)ملبٍّ نداء الله ( يَاأَيَّتُها النَّفسُ المُطمئنَّةُ ، ارجِعي إِلى رّبِكِ راضِيةً مَّرضِيَّةً )(1).
وليلةٌ سمعت فيها عقيلةُ الهاشميين ـ عليها السلام ـ إخاها الحسين (عليه السلام) ينشد ويردد : يا دهر اُف لك من خليل... ____________
(1) سورة الفجر : الاية 27 و28.
===============
( 102 )
إنها ليلةُ عاشوراء التي أعاد صبحُهَا أحداثَ بدر الكُبرى ، مجسمةً حيّةً على رمال كربلاءَ ، حيثُ تصارعَ الكفرُ والايمانُ ، وانهزم فيها السيف الجبان ، وانتصر الحقُّ بحدِّ اللسان وَكانت كلمةُ الله هي العليا ، وكلمة الكُفر هي السُفلى.
صحيح أن أحداثَ ليلة عاشوراءَ قد غشيها الظلامُ ، إلا أن الحسين (عليه السلام) جعل من ذلك الليلِ المظُلم شُموساً وأقماراً تُضيءُ التِلال والاكام ، وتدلُ على الحق وتُعرّف أهله ، وتشخّصُ الباطلَ وتلعنُ اهلهَ في كل عصر وجيل.
وإذا ما نظرنا بعين الاعتبار في هذه الليلة العظيمة أدركنا أهمية هذه الليلة وضرورةَ الاطلاع عليها وعلى أبعادها العقائدية والاخلاقية والاجتماعية وغيرها ، ودراستها وفَهم ما أرادَه سيدُ الشهداء (عليه السلام) منها.
ولا ندعي استيعابَ جميع ما فيها من أبعاد ، فهي أوسع من أن تُحصر أو تُعد لانها الحد الفاصلُ بين محض الايمان ولبابه ، وبين مَكر الشيطان وأوليائه ، إلا أن ما لم يُدرك كُلّه لا يُترك جلّه ، وفي إدراك اليسير النافع من أبعاد هذه الليلة ومحاولة الاستفادة منها وتجسيدها على أرض الواقع هو ما نرجوه ومن الله التوفيق والعون.
===============
( 103 )
|