متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
الأعداء يسمعون تلاوة الحسين عليه السلام وكلام برير معهم
الكتاب : ليلة عاشوراء في الحديث و الأدب    |    القسم : مكتبة الأدب و الشعر
الاعداء يسمعون تلاوة الحسين ( عليه السلام )
وكلام برير (1) معهم
روى الضحاك (1) بن عبدالله المشرقي قال : فلّما أمسى حسينٌ ( عليه السلام ) وأصحابُه
____________
(1) هو : بُرير بن خُضير الهمداني المشرقي ، وبنو مشرق بطن من همدان ، كان شيخاً تابعياً ناسكاً قارئاً للقرآن من شيوخ القراء ، ومن أصحاب أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، وكان من أشراف أهل الكوفة من الهمدانيين ، وهو القائل للحسين ( عليه السلام ) لما خطب في أصحابه في الخطبة التي يقول فيها : أما بعد فإن الدنيا تغيّرت...الخ. ثم قام برير فقال : والله يا بن رسول الله لقد من الله بك علينا أن نقاتل بين يديك ، تقطع فيك أعضاؤنا حتى يكون جدك يوم القيامة بين أيدينا شفيعاً لنا ، فلا أفلح قوم ضيعوا ابن بنت نبيهم ، وويلٌ لهم ماذا يلقون به الله ، وأُف لهم يوم ينادون بالويل والثبور في نار جهنم ، قُتل بين يدي الحسين ( عليه السلام ) وأبلى بلاءً حسناً.
راجع : إبصار العين للسماوي : ص70 ، أنصار الحسين لشمس الدين : ص 76 ـ 77.
(2) هو : الضحّاك بن عبدالله المشرقي ، كان قد أعطى الحسين (عليه السلام) عهداً أن يقاتل معه ما كان قتاله معه نافعاً ، فإذا لم يجد مقاتلاً معه كان في حل من الانصراف ، قال الضحاك : لما رأيت أصحاب الحسين قد أصيبوا وقد خَلُص إليه وإلى أهل بيته ولم يبق معه غير سويد بن عمرو بن أبي المطاع الخثعمي وبشير بن عمرو الحضرمي قلت له : يا ابن رسول الله قد علمت ما كان بيني وبينك ، قلت لك : أقاتل عنك ما رأيتُ مقاتلاً فإذا لم أر مقاتلاً فأنا في حلٍّ من الانصراف ، فقلت لي نعم ، فقال : صدقت وكيف لك بالنجاء إن قدرت على ذلك فأنت في حلٍّ ، قال : فأقبلت إلى فرسي وقد كنت حيث رأيت خيل أصحابنا تُعقر أقبلت بها حتى أدخلتها فسطاطاً لاصحابنا بين البيوت ، وأقبلت اُقاتل معهم راجلاً فقتلت يومئذ بين يدي الحسين رجلين وقطعت يد آخر ، وقال لي الحسين يومئذ مراراً : لا تشلل ، لا يقطع الله يدك جزاك الله خيراً عن أهل بيت نبيك ( صلى الله عليه وآله ) فلما أذن لي استخرجت الفرس من الفسطاط …الخ.
راجع : تاريخ الطبري : ج 4 ، ص 339 ، أنصار الحسين لشمس الدين : ص 64.

===============

( 60 )

قاموا الليلَ كلَّه يُصلونَ ويستغفرون ويَدعونَ ويتضرعون ، قال : فتمرُ بنا خيلٌ لَهم تَحرِسُنا ، وإنّ حسيناً ( عليه السلام ) لَيقرأ : ( ولا يَحسبنَّ الذين كَفرُوا أنّما نُملي لهم خَيراً لانفُسِهم إنما نُملي لهُم ليِزدادُوا إثماً ولهم عذابٌ مُهين ، ما كان الله ليذرَ المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يَميزَ الخبيثَ مِنَ الطيّب ) (1).
فسمِعَها رَجلٌ مِنْ تلكَ الخيلِ التي كانت تحرسُنا ، فقال : نَحنُ وَربِّ الكعبةِ الطيبونَ مُيزنا منِكُمْ ، قال : فَعرفتُه ، فقلتُ لبِرُير بنِ خُضَير : تدري من هذا ؟ قال : لا ، قلتُ : هذا أبو حَرْب السبيعي عبدالله بن شهر وكان مضحاكاً بطلاً ، وكانَ شريفاً شجاعاً فاتكاً ، وكان سعيدٌ بن قيس ربَّما حَبسُه في جناية ، فقال له بُريرُ بنُ خضير : يا فاسق أنت يَجعلكَ اللهُ في الطيبينَ ، فقال له : من أنت ؟
قال : أنا بريرُ بنِ خضير ، قال : إنّا لله ، عزّ عليَّ هلكتَ والله هَلكت والله يا بريرُ ، قال : يا أبا حرب هل لك أن تتوب إلى اللهِ من ذنوبك العظام ، فوالله إنا لنحنُ الطيبونَ ولكنَّكُمْ لانتُم الخبيثونَ ، قال : وأنا على ذلك من الشاهدين ، قلتُ : ويحك أفلا ينفعُكَ معرِفتُكَ ، قال : جُعلتُ فِداكَ فمَن يُنادمُ يزيدُ بنِ عذرة الغفري من عنز بنِ وائل ، قال : ها هو ذا معي ، قال : قَبّحَ اللهُ رأيَك على كلِ حال أنت سفيه ، قال : ثم انصرفَ عنا ، وكانَ الذي يحرسُنا بالليلِ في الخيلِ عَزْرةُ بنِ قيس الاحمسي وكانَ على الخيل (2).
وقد رويت هذه الحادثة بصورة اُخرى كما عن ابن الاعثم الكوفي
____________
(1) سورة آل عمران الاية : 178 ـ 179.
(2) تاريخ الطبري : ج4 ، ص419 ـ 420 ، البداية والنهاية لابن كثير : ج4 ، ص177 ـ 178 ، الارشاد للمفيد : ص232 ـ 233 ، بحار الانوار : ج45 ، ص3 ـ 4.

===============

( 61 )

والخوارزمي ، قالا : وجاء شمر بن ذي الجوشن في نصف اليل يتجسس ومعه جماعة من أصحابه حتي قارب معسكر الحسين ( عليه السلام ) فسمعه يتلو قوله تعالي : ( ولا يَحسبنَّ الذين كفرُوا أنما نُملي لهُم خيرٌ لانفُسهم إنَّما نُملي لهُم ليِزدادُوا إثماً ولهُم عذابٌ مُهين ، ماكان اللهُ ليذرَ المؤمنينَ على ما أنتُم عليه حتى يَميزَ الخبيثَ مِنَ الطَّيبَ ) (1) الاية.
فصاح رجل من أصحاب شمر : نحن وربّ الكعبة الطيبون ، وأنتم الخبيثون وقد مُيزّنا منكم ، فقطع برير بن خضير الهمداني صلاته ، ثم نادى : يا فاسق ، يا فاجر! يا عدوا الله ، يابن البوال على عقبيه ، أمثلُك يكون من الطيبين !؟ والحسين ابن رسول الله من الخبيثين ، والله ما أنت إلا بهيمة لا تعقل ما تأتي وما تذر ،فابشر يا عدو الله بالخزي يوم القيامة والعذاب الاليم ، فصاح شمر : إن الله قاتلك وقاتل صاحبك عن قريب.
فقال برير أبالموت تخوفني ؟! والله إن الموت مع ابن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أحب اليَّ من الحياة معكم ، والله لا نالت شفاعةُ محمد ( صلى الله عليه وآله ) قوماً أراقوا دماء ذريته وأهل بيته !
فجاء إليه رجل من أصحابه وقال : يا برير إن أبا عبدالله يقول لك : ارجع إلى موضعك ولا تُخاطب القوم ، فلعمري لئِن كان مؤمن آل فرعون نصح لقومه وأبلغ في الدعاء ، فلقد نصحت وأبلغت في النصح والدعاء (2).
____________
(1) سوره آل عمران : الايه 178 ـ 179.
(2) الفتوح لابن الاعثم الكوفي :ج5 ،ص110 ـ 111 ،مقتل الحسين للخوارزمي :ج1 ،ص251.

===============

( 62 )


 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net