الامام الحسين عليه السلام يتفقّد التلاع والعقبات وكلامه مع نافع بن هلال
كان نافع ابن هلال (3) من أخص أصحاب الامام الحسين عليه السلام به ، وأكثرهم ____________ (1) ملحمة أهل البيت عليهم السلام للفرطوسي : ج3 ، ص295. (2) وفاة زينب الكبري للنقدي : ص 53. (3) هو : نافع بن هلال بن نافع بن جمل بن سعد العشيرة بن مدحج المذحجي الجملي ، وفي زيارة الناحية ( البجلي ) ، وقد جاء في بعض الكتب هلال ابن نافع ، كان سيداً شريفاً سرياً شجاعاً ، وكان قارئاً كاتباً من حملة الحديث ، ومن أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام وحضر معه حروبه الثلاث في العراق ، وخرج إلى الحسين عليه السلام فلقيه في الطريق ، وكان ذلك قبل مقتل مسلم ، وهو القائل للحسين بعد ما خطب خطبته التي يقول فيها : أما بعد فقد نزل من الامر ما قد ترون وأنَّ الدنيا قد تنكرت... الخ. ثم قام نافع
=
===============
( 46 )
ملازمة له سيما في مضان الاغتيال ـ وقيل أنه كان حازماً بصيراً بالسياسة ـ فلما رأى الحسين عليه السلام خَرجَ في جَوفِ الليلِ إلى خارج الخيامِ يَتفقدُ التلاعَ (1) والعقباتِ (2) تبعَهُ نافعُ ، فسألَه الحسينُ عليه السلام عما أخرجَهُ قال : يَابنَ رسولِ اللهِ أفزعني خُروجُكَ إلى جِهةِ مُعسكر هذا الطاغي. فقال الحسينُ عليه السلام : إني خرجتُ أتفَقدُ التلاعَ وَالروآبي (3) مخافةَ أن تكونَ مَكمَناً لِهجُومِ الخيل يِومَ تحملونَ ويَحملونَ ، ثُّم رجَع عليه السلام وَهو قَابضٌ على يدِ نافعَ ، وَيقولُ : هيَ هيَ واللهِ وَعدٌ لا خُلفَ فيه. ثم قال لَه : ألا تَسلُك بَين هَذيَنِ الجبلَيِن في جَوفِ الليلِ وَتنجُو بنفسِك ؟ فَوقعَ نَافعُ على قَدميهِ يُقبلهُما ويقولُ : ثَكلتني أمي ، إن سَيفي بألف وَفرسي مثلُه ، فَو اللهِ الذي مَنَّ بِكَ عليَّ لا فارقتُكَ حتى يَكلا (4) عن فَري وجري. ____________ = فقال :... وأنت اليوم عندنا في مثل تلك الحالة ، فمن نكث عهده ، وخلع نيته ، فلن يضر إلاّ نفسه والله مغن عنه ، فسر بنا راشداً معافي ، مُشرّقاً إن شئت ، وإن شئت مُغرّباً ، فوالله ما اشفقت من قدر الله ، ولا كرهنا لقاء ربنا ، فانا على نياتنا وبصائرنا نوالي من والاك ونعادي من عاداك ، ويُعدُ نافع ـ رضوان الله عليه ـ من المشاركين في جلب الماء مع العباس عليه السلام ، وقاتل قتالاً شديداً حتى اُسر ، وقتله شمر بن ذي الجوشن. وفيه يقول السماوي :
فأضحى خضيب الشيب من دم رأسه
*
كسير يد ينقـاد للاســر عن يــد
وما وجدوه واهناً بعــد أســـره
*
ولكن بسيمـا ذي براثــن ملبــد
راجع : إبصار العين : ص 86 ـ 89 ، أنصار الحسين لشمس الدين : ص 109. (1) التلعة : جمعه تلعات وتِلاع وتِلَع ، وهي مجرى الماء من أعلى الوادي ، وهي أيضاً : ما ارتفع من الأرض وما انهبط منها فهي من الأضداد. المصباح المنير للفيومي : ص76 ، المنجد : ص63. (2) العقبات : جمع عقبة ، وهي المرقى الصعب من الجبال. المنجد : ص518. (3) مفردها : رابية ، وهي المكان المرتفع من الأرض. (4) كَلَّ السيف : أصبح غير قاطع ، وكَلَّ الفرس : إذا تعب وأعيا.