متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
العباس عليه السلام يكلم القوم
الكتاب : ليلة عاشوراء في الحديث و الأدب    |    القسم : مكتبة الأدب و الشعر
العباس (عليه السلام) يكلم القوم

وقال العباس بن علي (عليه السلام) : يا أخي أتاك القوم ، قال : فنهض ، ثم قال : يا عباس اركب بنفسي أنت يا أخي حتى تلقاهم فتقول لهم : مالكم وما بدا لكم ؟ وتسألهم عما جاء بهم ؟
فأتاهم العباس (عليه السلام) فاستقبلهم في نحو من عشرين فارساً فيهم زهير بن القين (1) وحبيب بن مظاهر (2) ، فقال لهم العباس : ما بدا لكم وما تريدون ، قالوا :
____________
(1) هو : زهير بن القين بن قيس الانماري البجلي ، كان رجلاً شريفاً في قومه ، نازلاً بالكوفة ، وشجاعاً له في المغازي مواقف مشهورة ومواطن مشهودة وقد كان في بادىء أمره عثمانياً ، انضم إلى الحسين (عليه السلام) في الطريق من مكة إلى العراق بعد أن كان كارهاً للقائه ، وكان في المسير ، إذا سار الحسين تخلف زهير وإذا نزل الحسين تقدّم زهير إلى أن اجتمع معه في منزل واحد بغير اختياره ، ثم أرسل إليه الحسين يدعوه وكان على الطعام فبقي كأن على رأسه الطير فقالت له زوجته دلهم بنت عمرو : أيبعث إليك ابن رسول الله ثم لا تأتيه سبحان الله لو أتيته فسمعت من كلامه. ثم ذهب للحسين فما لبث أن جاء مستبشراً ، قد أسفر وجهه ، فأمر بفسطاطه وثقله ومتاعه ، فقوض وحمل إلى الحسين ثم قال لزوجته أنت طالق الحقي بأهلك فإني لا اُحب أن يصيبك بسببي إلاّ خير ، ثم لحق بركب الحسين ، واستشهد زهير (عليه السلام) بعد صلاة الخوف وأبلى بلاءً حسناً.
راجع إبصار العين للسماوي : ص 95 ـ 99 ، انصار الحسين لشمس الدين : ص 88.
(2) هو : حبيب بن مظهر بن رئاب بن الاشتر بن جخوان بن فقعس بن طريف بن عمرو بن قيس بن الحرث بن ثعلبة بن دودان بن أسد أبو القاسم الاسدي الفقعسي ، كان صحابياً رأى النبي(صلى الله عليه وآله) ، نزل إلى الكوفة ، وصحب أمير المؤمنين (عليه السلام) في حروبه كلها ، وكان من خاصته وحملة علومه ومن

=

===============

( 16 )

جاء أمر الأمير بأن نعرض عليكم أن تنزلوا على حكمه أو ننازلكم ، قال : فلا تعجلوا حتى أرجع إلى أبي عبدالله (عليه السلام) فأعرض عليه ما ذكرتم ، قال : فوقفوا ثم قالوا : القه فأعلمه ذلك ، ثم القنا بما يقول ،قال : فانصرف العباس راجعاً يركض إلى الحسين (عليه السلام) يخبره بالخبر.
ووقف أصحابه يخاطبون القوم ، فقال حبيب بن مظاهر لزهير بن القين : كلم القوم إن شئت وإن شئت كلمتهم؟ فقال له زهير : أنت بدأت بهذا فكن أنت تكلمهم ؟
فقال له حبيب بن مظاهر : أما والله لبئس القوم عند الله غداً قوم يقدمون عليه قد قتلوا ذريّة نبيه (صلى الله عليه وآله) وعترته وأهل بيته (عليه السلام) وعباد أهل المصر المجتهدين بالاسحار ، والذاكرين الله كثيراً (1).
فقال له عزرة بن قيس : إنك لتزكي نفسك ما استطعت !؟
فقال له زهير : ياعزرة إن الله قد زكاها وهداها فاتق الله يا عزرة فإني لك من الناصحين ، أنشدك الله يا عزرة أن تكون ممن يعين الضلاَّل على قتل النفوس الزكية
____________
=
شرطة الخميس ، وكان أحد الزعماء الكوفيين الذين كتبوا إلى الحسين(عليه السلام) وأخذوا البيعة له ، ولما نزل الحسين(عليه السلام) كربلاء سار إليه مختفياً والتحق به ، وكان معظماً عند الحسين وأهل بيته ، وذلك لجلالة قدره وعلو منزلته ، وقد حاول جهده في استقدام أنصار من بني أسد إلاّ أن الجيش الاموي حال دون وصولهم إلى معسكر الحسين ، وقد جعله الحسين على ميسرة أصحابه عند التعبئة للقتال ، وجاهد (عليه السلام) مستميتاً إلى أن قُتل ، واحتز رأسه التميمي فهدّ مقتله الحسين ووقف عليه وقال : عند الله أحتسب نفسي وحُماة أصحابي.
راجع : إبصار العين للسماوي : ص 57 ـ 60 ، تاريخ الطبري : ج 4 ص 336 ، أنصار الحسين لشمس الدين : ص 81 ـ 82.
(1) وفي الفتوح لابن الاعثم : الذاكرين الله كثيراً بالليل والنهار وشيعته الاتقياء الابرار.

===============

( 17 )

قال يا زهير : ما كنت عندنا من شيعة أهل هذا البيت إنما كنت عثمانياً.
قال : أفلست تستدل بموقفي هذا أني منهم ؟ أما والله ما كتبت إليه كتاباً قط ، ولا أرسلت إليه رسولاً قط ، ولا وعدته نصرتي قط ، ولكن الطريق جمع بيني وبينه ، فلما رايته ذكرت به رسول الله (صلى الله عليه وآله) ومكانه منه وعرفت ما يقدم عليه من عدوه وحزبكم فرأيت أن أنصره ، وأن أكون في حزبه وأن أجعل نفسي دون نفسه حفظاً لما ضيَّعتم من حق الله وحق رسوله (صلى الله عليه وآله) قال : وأقبل العباس بن علي (عليه السلام) يركض حتى انتهى إليهم.
فقال : ياهولاء إن أبا عبدالله (عليه السلام) يسألكم أن تنصرفوا هذه العشية حتى ينظر في هذا الامر ، فإن هذا أمرٌ لم يجر بينكم وبينه فيه منطق فإذا أصبحنا التقينا إن شاء الله فإما رضيناه فأتينا بالامر الذي تسألونه وتسومونه أو كرهنا فرددناه وإنما أراد بذلك أن يردهم عنه تلك العشية حتى يأمر بأمره ويوصي أهله فلما أتاهم العباس بن علي (عليه السلام) بذلك ، قال عمر بن سعد : ما ترى يا شمر؟ قال : ما ترى أنت ؟ أنت الامير والرأي رايك.
قال : قد أردت ألا أكون ثم أقبل على الناس ، فقال : ماذا ترون ؟ فقال عمر بن الحجاج بن سلمة الزبيدي : سبحان الله والله لو كانوا من الديلم (1) ثم سألوك هذه المنزلة لكانَ ينبغي لَكَ أن تُجيَبهُم إليها.
وفي رواية السيد ـ عليه الرحمة ـ فقال عمرو بن الحجاج الزبيدي : والله لو أنهم من الترك والديلم وسألونا مثل ذلك لاجبناهم ، فكيف وهم آل محمد (صلى الله عليه وآله) ؟!
____________
(1) الديلم : القسم الجبلي من بلاد جيلان شمالي بلاد قزوين ، وهي من قرى أصبهان بناحية جرجان. مراصد الاطلاع : ج2 : ص580 ، المنجد في الاعلام : ص296.

===============

( 18 )

فأجابوهم الى ذلك (1)
وَقال قيسُ بن الاشعث : أجبهُم إلى مَا سألوكَ فَلعمري ليصبِحنكَ بالقتالِ غدوةً فقال :واللهِ لو أعلمُ أنْ يفعلوا ما أخرتهم العشية.
قال : وكانَ العباسُ بن عِلي (عليه السلام) حينَ أتى حسيناً بما عرضَ عليه عمرُ بن سِعد قال : ارجعْ إليهم فإنْ استطعت أن تؤخرهم إلى غدوةَ ، وتَدفعهُم عند العشيةِ لعلنا نُصلي لربِّنا الليلةَ وَندعوه وَنستغفُره ، فهوَ يَعلم أني قد كنتُ اُحبُ الصلاة لَه وَتلاوةَ كتابهِ وَكثرةَ الدعاءِ وَالاستغفارِ.

فاستمهـل السبـط الطغـاة لعله * يدعو إلـى الله العلي ويضـرع
فـأقـام لـيلتـه ينـاجي ربّـه * طوراً ويسجد في الظلام ويركع

وَرويَ عن الامام علي بن الحسين (عليه السلام) قال : أتانا رسول مِنْ قِبل عُمر بن سَعد فقامَ مثلَ حَيثُ يُسمعُ الصوتُ فقال : إنا قَد أجلناكم إلى غد فإن استسلمتم سَرحنا بكُم الى أميرِنا عُبيدِاللهِ بن زياد وَإنْ أبيتُم فَلسنا تاركيكُم (2).
____________
(1) اللهوف لابن طاووس : ص39.
(2) تاريخ الطبري : ج 4 ، ص 315 ـ 317 ، نهاية الارب للنويري : ج20 ، ص332 ـ 334 ، الارشاد للمفيد : ص 230 ـ 231 ، بحار الانوار : ج44 ، ص391 ـ 392 ، العوالم للبحراني : ج17 ، ص 243.

 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net