2ـ أهمّية الكتاب:
إنّ هذا الكتاب ـ كما هو واضح من عنوانه ـ يبحثُ عن «تاريخ أهْل البَيْت عليهم السلام». والمراد بهم النبيّ الأعظم صلّى الله عليه وآله وسلّم، وابنتُه فاطمة الزهراء عليها السلام، والأئمة الاِثّنا عشر عليّ وأولاده الأحد عشر عليهم السلام. وقد تعّددتْ الأسانيد الى هذا الكتاب، واختلف علماء الفهرسة والببليوغرافيا في نسبته الى مؤلِّفٍ معيّن. لكنّ ذلك التعدّد، وهذا الاختلاف، لم يؤثّرا في وحدة النصّ شيئاً، فنجدُ مقاطعَ بعَيْنها تردُ في الروايات، عدا ما يوجد مثله من الاختلاف بين النسخ المتعددّة ـ تلك الاختلافات الضئيلة التي لايخلو منها كتابٌ ـ ممّا لا يخرجُ النصّ معها عن «الوحدة». واذا جمعنا بين تلك الاُمور: 1ـ تعدّد الأسانيد وانتهاءها الى الأئمة الأربعة الباقِر والصادِق والرِضا والعسكريّ عليهم السلام. 2ـ الاختلاف في نسبة الكتاب الى مؤلّفٍ معيّن. 3ـ وحدة النصّ. أمكننا أنْ نقطعَ بحقيقةٍ مهمّةٍ، وهي : أنّ هذا النصّ كان ـ على مدى الزمن، منذ إنشائه وتأليفه، وحتى الآن ـ نصّاً متّحداً، متوارثاً، محفوظاً، متداوَلاً، تلقّاهُ إمامٌ عن إمام، وألقاهُ الأئمّة عليهم السلام الى أصْحابهم، وتداوَلَتْه الاُمّة، وتناقلهُ أعلام المؤرّخين، كما هو من دون تبديل. وهذه الحقيقة، نجدُها ملموسةً في الكتاب، في فصله ألاوّل: ما يرتبطُ
( 14 )بأعمال النبيّ والأئمّة عليهم السلام. ولقد تلافَيْنا ما عرض على النصّ من التصحيف على أثَر بُعْد الزمن، وتطاول الأيّام، وضَعْف الهمَم، وقلّة الاهتمام، فحقّقنا النصّ بأفضل ما باستطاعتنا، وقدّمنا ما يمكن الاعتماد عليه من النصّ المضبوط، بما يتلاءم والحقيقة المذكورة، نصّاً، متوارثاً، كان الأئمّة يَحْفظونَه، ويُحافِظونَ عليه، ويُزاولونَ تعليمه، وتداوَلهُ أصحابهم، واحتفظ به خصّيصو التاريخ الإسلاميّ، كنصٍّ مقدّسٍ. ويكتسبُ هذا النصّ قُدْسيّته من «أهْل البَيْت عليهم السلام» خَيْر أئمّةٍ لهذه الاُمّة. ولا يخفى على المسلم ما لأهْل البَيْت عليهم السلام من مقامٍ مقدّسٍ سامٍ في الإسلام، حيثُ جعل الله مودّتهم أجْراً للنبوّة، في قوله تعالى «قُلْ لا أسْألُكُم عليْهِ أجْراً إلاّ المَودَّةَ في القُربْى» [ الآية (39) من سورة الشُورى (42) ]. فإذا وجبتْ مودّتُهم، فتجبُ ـ بالضرورة ـ معرفة ما يخصُّهم من الهويّات الشخصّية، حيثُ تكون مِفتاحاً للتعرُّف على شَخْصيّاتهم المعنويّة والذاتيّة، وسجاياهُم النفسيّة والروحيّة، وسَبَباً للاتّصال بهم، والتزوُّد من نَمير علمِهم ومعارفهم، وطريقاً للاهْتداء بهم، والتمسُّك بعُرْوتهم الوُثْقى. وأعتقِدُ: أنّ كلّ مُسلم إذا حاولَ استظْهار هذا النَصّ المُقدَّس ـ على ظهر خاطره ـ فإنّه سوفَ يملكُ هذا المفتاحَ الذي هو مفتاحُ السعادة الدينية، والدُنيوية، وينتهي الى الفلاح والنجاح في العاجِل والآجل. وإنّ من العار لمن ينتمي الى دين الإسلام، أنْ لا يعرفَ عن تاريخ نبيّه وآل بيته الكرام هذه الأوّليّات. ولئن عَرَضَه الخَوَرُ والضعفُ في زَمَنٍ بعيدٍ، عن احْتواء ذلك، على أثَر الدعايات المُغْرضة، المُبعدة له عن دينه وتُراثه، فتأخّر عن هذا اللون الزاهي من المعرفة، فإنّا بتقديمنا لهذا النصّ مضبوطاً، كاملاً نُمهّدُ السبيلَ الى ذلك وُنيسّرُ المؤونةَ للحصول عليه.
( 15 )
|