1ـ المُقَدَّمة1ـ تقديم
في سفرتي الثانية الى تركيا سنة (1396 هـ) كانت همّتي مدينة اسلامبول العامرة بالآثار الإسلامية، التي تدلّ على ما كان للمسلمين من أمجاد، ومنها خزائن الكتب الزاخرة بالتراث الإسلامي.
وكانت وجهتي هي المكتباتُ العامة، تلك، وأنا أحمل معي قائمةً ببعض ما هنالك من كتبٍ تهمّني، أسعى في أن أراها، أو أجدَ ما أتحفُ به المعرفةَ منها.
ولقد قمتُ بتجوال واسعٍ ممتعٍ، رغم المشاكل، والعراقيل الرسميّة، التي كانت تعترض الطريق، لأني كنتُ أقومُ بذلك الجهد بصفةٍ شخصيّةٍ، ولوحدي، من دون أيّة مساعدةٍ من أحدٍ، إلاّ أنّ الله جلّ شأنه كانَ نعم العون على تجاوز كلّ العقبات.
وقد اخترتُ أعمالاً لها قيمتُها مثل «طبقات ابن سعد» ترجمة الإمامين الحسن والحسين عليهما السلام، وهو القسمُ الذي لم يُطْبع من ذي قبل، في طبعة ليدن، ولا في طبعة بيروت، فتمكّنتُ من الحصول على ما يكروفلم لذلك القسم، بسعي إدارة مكتبة طوبقبو سراي ـ آنذاك ـ حيثُ أصدرَتْ لي بطاقةً مؤقّتة، تمكّنْتُ بها من التردُّد على المكتبة طوالّ مُدّة إقامتي هناك، كما أمرتْ بإعْداد الفلم عن ذلك الكتاب، وغيره.
وقد قامتْ لي بذلك كلّه في سماح وعطف، قلّما يُعْهد مثله في المكتبات العامة، في بلدان إسلامية!
وممّا قمتُ به في تلك السُفرة العلميّة زيارتي للمكتبة السليمانية العامرة حيث رأيتُ نسخة كتابنا هذا.
فقابلتُها، بما عندي من النسخ، وكان ذلك من أسباب قيامي بتحقيقه
( 12 )الكامل، وتقديمه بما يراه الإخوة هنا.
والغريبُ في ذلك البلد، البعيد جغرافياً، والذي لم أملك فيه مقومات التعامل مع أهله بشكلٍ كاملٍ ـ لأني لم أتكلّم بلغتهم بطلاقة ـ تمكّنتُ من تحصيل كلّ مآربي العلميّة، وحقّقتُ كلّ أهدافي الثقافية.
لكنّي لم أتمكْن من الوقوف على بعض ما ذكر في الفهارس من نسخ هذا الكتاب، في البلاد الاسلامية التي أتكلّم بلغتها.
ولا أنسى ـ وأنا في آخر حديثي عن سفرتي تلك ـ أن أذكر الأخ الحبيب الشيخ الحافظ عاشق پاموق، صاحب مكتبة پاموق، بإسلامبول، الذي كنتُ آنسُ به في مكتبه، وأكرمني في داره، وأتحفني ببعض مطبوعاته، وببعض المخطوطات الثمينة، حفظه الله وأيده.
وقد وفقني الله تعالى في فتراتٍ لاحقة، للعمل في هذا الكتاب بما يجده الأعزاء هنا، محتوياً على:
1ـ هذه المقدمة .
2ـ النصّ المضبوط، بما فيه من التعاليق.
وذلك من فضل الله، والله واسعٌ عليمٌ.
وأسألُ الله أن ينفعَ بعملي، ويتقَّبله بقبولٍ حَسَنٍ، إنّه رؤوفٌ رحيمٌ.
وكَتَب السيّد محمد رضا الحسيني
( 13 )
|