متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
دوره في تفسير القرآن
الكتاب : الإمام محمد الجواد عليه السلام سيرة و تاريخ    |    القسم : مكتبة التاريخ و السيرة
دوره في تفسير القرآن:
من نافلة القول إن الاَئمة من أهل البيت النبوي الطاهر عليهم السلام ، هم الراسخون في العلم ، المفسرون للقرآن الكريم كما أنزله الله وأراده حقيقة ، وهم وحدهم العالمون بتأويله ، والدليل على ظاهره وباطنه . وليس بدعاً من القول إذا سلّمنا بأنهم عدل القرآن؛ للنبوي الصحيح المروي في المدوّنات الحديثية لدى الفريقين سواء بسواء ، ذلك هو حديث : « إنّي تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبداً » (2) .
إذا علمت هذا ، فينبغي بمن هو عدل الكتاب وقرينه ، أن يكون عالماً بكل آياته ، ومحيطاً بجميع أسراره ومحكمه ومتشابهه ، ناسخه ومنسوخه ، وهكذا كان أهل البيت عليهم السلام قرآناً ناطقاً يهدي للتي هي أقوم ، ويبشّر
____________
1) تفسير العياشي 1 : 319 ـ 320 | 109 طبع طهران بتحقيق السيد هاشم الرسولي المحلاتي .
2) الحديث روي في العديد من المصادر التي لا يمكن حصرها هنا نذكر منها : صحيح مسلم 4 : 1873 | 2408 . ومسند أحمد 5 : 189 . وسنن الدارمي 2 : 431 ـ 432 . ومصنّف ابن أبي شيبة 11 : 452 | 11725 . وصحيح الترمذي 5 : 662 | 3786 . وللمزيد راجع : دفاع عن الكافي | ثامر العميدي 1 : 144 ـ 153 ففيه تفاصيل عن ألفاظ الحديث وطرقه ودلالاته ومصادره .

(100)

المؤمنين بخط ولايتهم بأن لهم قدم صدق عند مليك مقتدر .
وعلى الرغم من أن ما وصل إلينا عن الاَئمة الميامين عليهم السلام بشأن القرآن الكريم وتفسيره لا يشكل إلاّ نزراً يسيراً لما يمتلكون من حصيلة علمية ، وثراء فكري ليس لهما حدود ، إلاّ أن المتصدي لتفسير القرآن الكريم لا يمكنه الاستغناء عن تفسيرهم عليهم السلام لما فيه من سمات أصيلة لفهم كتاب الله ، أبرزها تفسير القرآن بالقرآن ، والقول بسلامة القرآن من التحريف وغيرها من المبادىَ الاَساسية لادراك معاني الكتاب الكريم .
وإمامنا الجواد عليه السلام هو واحد من تلك الكوكبة ، لا يمكن الاستغناء عما وصلنا عنه في التفسير بحال ، وهو كثير جداً لو استُخرج من مظانه ، وجُمع شتاته .
ومن أمثلة تفسيره عليه السلام ، ما نقله الكليني في الكافي بسنده عن داود بن القاسم أبي هاشم الجعفري الذي قال : قلت لاَبي جعفر عليه السلام سائلاً عن معنى : ( لا تُدرِكُهُ الاَبصَارُ وهو يُدرِكُ الاَبصارَ
) (1) .
فقال عليه السلام : « يا أبا هاشم ، أوهام القلوب أدق من أبصار العيون ، أنت قد تدرك بوهمك السند والهند ، والبلدان التي لم تدخلها ، ولا تدركها ببصرك ، وأوهام القلوب لا تدركه ، فكيف أبصار العيون ؟ ! » (2) .
ونقل شيخ الطائفة في تهذيبه ، بسنده عن السيد ( عبدالعظيم بن عبدالله الحسني ، عن أبي جعفر محمد بن علي الرضا عليه السلام أنّه قال : سألته عمّا أُهلّ
____________
1) سورة الاَنعام : 6 | 103 .
2) اُصول الكافي 1 : 99 | 11 .

(101)

لغير الله . قال : « ما ذُبح لصنم أو وثن أو شجر ، حرّم الله ذلك كما حرّم الميتة والدم ولحم الخنزير ( فَمن اضطُرَّ غيرَ باغٍ ولا عادٍ فلا إثمَ عليه ) (1) أن يأكل الميتة » . قال : فقلت له : يابن رسول الله ، متى تحلّ للمضطر الميتة ؟ فقال : « حدّثني أبي عن أبيه ، عن آبائه عليهم السلام أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سُئل فقيل له : يا رسول الله إنا نكون بأرض فتصيبنا المخمصة ، فمتى تحلُّ لنا الميتة ؟ قال : ما لم تصطبحوا أو تغتبقوا أو تحتفوا بقلاً ، فشأنكم بهذا » .
قال عبدالعظيم : فقلت له : يابن رسول الله فما معنى قوله عزَّ وجلَّ : ( فَمنِ اضطُرَّ غيرَ باغٍ ولا عادٍ
) ؟ قال : « العادي : السارق ، والباغي : الذي يبغي الصيد بطراً ولهواً؛ ليعود به على عياله ، ليس لهما أن يأكلا الميتة إذا اضطرّا ، هي حرام عليهما في حال الاضطرار كما هي حرام عليهما في حال الاختيار ، وليس لهما أن يقصّرا في صوم ولا صلاة في سفر » .
قال : قلت له : فقول الله تعالى : ( والمنخَنِقَةُ والموقُوذَةُ والمتردِّيةُ والنَّطيحَةُ وما أكلَ السَّبُعُ إلاَّ ما ذكَّيتُم
) (2) . قال : « المنخنقة : التي انخنقت بأخناقها حتى تموت . والموقوذة : التي مرضت ووقذها المرض حتى لم تكن بها حركة . والمتردّية : التي تتردّى من مكان مرتفع إلى أسفل أو تتردّى من جبل أو في بئر فتموت . والنطيحة : التي تنطحها بهيمة اُخرى فتموت . وما أكل السبع منه فمات . وما ذُبح على حجر أو على صنم ، إلاّ ما أُدركت ذكاته فذُكيّ » .
قلت : ( وأن تستقسمُوا بالاَزلامِ
) ؟ قال : « كانوا في الجاهلية يشترون بعيراً فيما بين عشرة أنفس ، ويستقسمون عليه بالقداح ، وكانت عشرة ، سبعة
____________
1) سورة المائدة : 5 | 3 .
2) سورة البقرة : 2 | 173 .

(102)

لهم أنصباء وثلاثة لا أنصباء لها . أما التي لها أنصباء : فالفذّ ، والتوأم ، والنافس ، والحِلس ، والمسبل ، والمعلّى ، والرقيب (1) . وأما التي لا أنصباء لها : فالسفح ، والمنيح ، والوغد . وكانوا يجيلون السهام بين عشرة ، فمن خرج باسمه سهم من التي لا أنصباء لها أُلزم ثلث ثمن البعير ، فلا يزالون كذلك حتى تقع السهام التي لا أنصباء لها إلى ثلاثة ، فيُلزم ثمن البعير ، ثم ينحرونه ويأكل السبعة الذين لم ينقدوا في ثمنه شيئاً ، ولم يطعموا منه الثلاثة شيئاً . فلما جاء الاِسلام حرّم الله تعالى ذكره ذلك فيما حرّم ، وقال : ( وأن تستَقسِمُوا بالاَزلامِ ذلِكُم فسقٌ) يعني حراماً » (2) .

 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net