3 ـ ثورة محمد بن القاسم العلوي:
من أهم الثورات العلوية الشيعية التي حدثت في زمن إمامة الاِمام ____________ = الطبعة الاُولى 1406 هـ الدار العالمية ـ بيروت . 1) راجع : تاريخ الطبري 7 : 184 . والكامل في التاريخ 5 : 481 .
(69) الجواد عليه السلام ، هي ثورة محمد بن القاسم بن علي بن عمر بن علي بن الحسين ابن علي بن أبي طالب عليه السلام الملقب بالصوفي؛ للبسه ثياب الصوف والمكنّى بأبي جعفر . كان من أهل العلم والفقه والدين والزهد .
وقد فصّل خروجه ومنازلاته ثم القبض عليه أبو الفرج الاَصفهاني في مقاتل الطالبيين قائلاً : وكان خروجه في منطقة الطالقان التي تبعد عن مرو أربعين فرسخاً ودعوته كانت للرضا من آل محمد كما هي حال كل الثورات العلوية ، وقد تبعه عدد من وجوه الزيدية كيحيى بن الحسن بن الفرات الحريري ، وعباد بن يعقوب الرواجني ، وكانوا يدعون الناس إليه فتبعهم في مدة يسيرة خلق كثير . وتمت سيطرته على الطالقان مدة أربعة أشهر .
فلما بلغ خبره عبدالله بن طاهر وجّه إليه الجيوش ، فكانت له بين قواد عبدالله بن طاهر وقعات بناحية الطالقان وجبالها ، انهزم أخيراً محمد وأصحابه وتفرقوا في النواحي والآكام ، ولجأ محمد بن القاسم إلى ( نسا ) فوشي به هناك فأُلقي عليه القبض ، وقُيّد بالحديد وأُرسل إلى عبدالله بن طاهر ، فأرسله عبدالله إلى المعتصم في ( سرّ من رأى ) فأُدخل عليه في مجلس شرابه ولهوه يوم 15 ربيع الثاني سنة ( 219 هـ ) ، وكان يوم نوروز ، فأوقفه المعتصم حتى فرغ الغلمان من اللعب والراقصات الفرغانيات من الرقص ، وكانت أكؤس الشراب تُدار في المجلس أمام ناظري محمد بن القاسم ، فلما رأى هذا الوضع بكى ثم قال : اللهم إنّك تعلم أني لم أزل حريصاً على تغيير هذا وإنكاره .
ثم أمر به المعتصم فحبس في سرداب ضيق كاد أن يموت فيه ، فأمر بإخراجه منه وإيداعه في سجن في بستان . فلما كان ليلة عيد الفطر احتال محمد بطريقة فهرب بها من السجن وغاب عن الاَنظار ولم يعرف له خبر
(70) بعد ذلك . وقيل : إنّه رجع إلى الطالقان فمات بها . وقيل : بل إنّه اختفى ببغداد مدة ثم انحدر إلى واسط فمكث بها حتى مات ، وهو الذي مال إليه أبو الفرج الاَصفهاني وصححه . وقيل : إنّه توارى أيام المعتصم والواثق ، وأُخذ في أيام المتوكل فحبسه حتى مات في محبسه ، ويقال : إنّه دس إليه سماً فمات منه (1) .
قال المسعودي : وقد انقاد إلى إمامته خلق كثير من الزيدية إلى هذا الوقت ، وهو سنة ( 332 هـ ) ، ومنهم خلق كثير يزعمون أن محمداً لم يمت ، وأنه حيّ يُرزق ، وأنه يخرج فيملؤها عدلاً كما ملئت جوراً ، وأنه مهدي هذه الاُمّة ، وأكثر هؤلاء بناحية الكوفة وجبال طبرستان والديلم وكثير من كور خراسان (2) .
هذا ما وقفنا عليه من حوادث وأحداث خلال سني إمامة أبي جعفر الجواد عليه السلام ، ومع أن التاريخ لم يحدثنا عن موقف علني للاِمام عليه السلام من هذه الثورات والانتفاضات إلاّ أنها بلا شك كانت ستنال رضا الاِمام عليه السلام فيما لو نجحت في تحقيق أهدافها في الاِطاحة بالمتسلطين على الحكم ظلماً وعدواناً . ____________ 1) مقاتل الطالبيين : 464 ـ 472 . وتاريخ الطبري 7 : 223 ـ 224 حوادث سنة ( 219 هـ ) . عمدة الطالب | أحمد بن علي الداوودي : 306 الطبعة الحيدرية ـ النجف . والبحر الزخّار | أحمد بن يحيى بن المرتضى ( ت | 840 هـ ) 1 : 228 المقدمة ، وفيه : أن المعتصم حبسه أياماً وهرب من حبسه ، فأخذه وضرب عنقه صبراً ، وصلبه بباب الشماسية وهو ابن ثلاث وخمسين سنة ، وهو أحد أئمة الزيدية وعلمائهم وزهّادهم . 2) مروج الذهب 4 : 60 ـ 61 .
|