الحالة السياسية في عصر الإمام عليه السلام |
الكتاب :
الإمام محمد الجواد عليه السلام سيرة و تاريخ | القسم :
مكتبة التاريخ و السيرة
|
|
الحالة السياسية في عصر الإمام عليه السلام
تميّزت الفترة الزمنية التي عاشها الاِمام الجواد عليه السلام بعد استشهاد والده الاِمام الرضا عليه السلام ؛ بهدوء سياسي نسبي ، بعد أن تمّ تصفية الحساب في وقت سابق بين الاَخوين العباسيين الاَمين والمأمون بمقتل الاَول ( 25 محرم 198هـ ) ، وتفرّد الثاني بالسلطة السياسية ، وقد خلا له الجو من المنافس السياسي سوى الاِمام الرضا عليه السلام ، الذي كان يتصدّر الزعامة الروحية والاجتماعية للمجتمع الاِسلامي ، وسوى بعض الثورات والانتفاضات العلوية هنا وهناك ، والتي سرعان ما قُضي عليها بحنكة سياسية ، ودهاء ماكر ، وقوة عسكرية حاسمة ، ثم دُبّر أمر تصفية الاِمام الرضا عليه السلام في آخر صفر (1)سنة 302 هـ ، بمكيدة ودهاء تامّين ، الاَمر الذي جنّب المأمون أيّ مشكلة سياسية ذات بال تواجه استقرار الحكومة .
أما اضطرابات بغداد وانفصالها عن سلطة المأمون ، ومبايعة عمّه إبراهيم ____________ 1) تاريخ الطبري 7 : 150 . والشذرات الذهبية | ابن طولون : 98 وفيه : آخر صفر سنة اثنتين ومئتين . وفي التنبيه والاِشراف | المسعودي : 303 : في أول صفر؛ لكنه في إثبات الوصية : 182 ، قال : مضى ـ صلّى الله عليه ـ في سنة اثنين ومئتين من الهجرة في آخر ذي الحجة . وروي أنّه مضى في صفر ، والخبر الاَول أصح .
(38) ابن المهدي العباسي في ( 5 محرم سنة 202 هـ ) بالخلافة ، ثم مناوشاتهم وحروبهم مع ولاة دولة المأمون ، فسرعان ما أُخمدت وعادت بغداد إلى أحضان دولة الخلافة المأمونية ، بدخول المأمون مدينة السلام على رأس جيش خراساني لجب في 18 صفر سنة 204 هـ (1) .
وبعد استتباب الاَوضاع السياسية في بغداد ، واستقرار شؤون الدولة في العاصمة الجديدة ( بغداد ) ، من بناء القصور الملكية والدواوين ( الوزارات ) ، والمراكز الاَمنية وغيرها ، تتناهى إلى سمع المأمون أخبار أبي جعفر ابن الرضا عليه السلام واحتفاء الناس به ، وظهور كراماته ومعجزاته . .
فيتأمل المأمون ـ وهو السياسي المحنّك والخبير ـ في الاَمر ملياً ، ويرسل خلف الاِمام ابن الرضا عليه السلام يستدعيه من المدينة إلى بغداد في تلك السنة . وفي تقديرنا أن التحرك السياسي للاِمام الجواد عليه السلام يبتدئ من السنة التالية ( 205 هـ ) التي وصل فيها إلى بغداد بعد أن أدّى نسك الحج ، وعاد إلى المدينة ليجمع أهل بيته وعمومته من الهاشميين وخدمه؛ لمرافقته إلى عاصمة الدولة لاِجابة ( المأمون ) طلبه ، وكان له عليه السلام أول لقاء مع المأمون العباسي في التاريخ المذكور ، ومن ذلك الوقت يبدأ المسلسل التاريخي الحافل السياسي ، والاجتماعي ، والعلمي لحياة جواد الاَئمة عليهم السلام .
بعد هذه التقدمة الموجزة ندخل إلى رحاب الحياة السياسية للاِمام الجواد عليه السلام ، باستشفاف بعض ملامح موقف السلطة العباسية تجاه الاِمام عليه السلام من جهة ، وتجاه الشيعة عموماً من جهة اُخرى . ____________ 1) راجع : التنبيه والإشراف | المسعودي : 302 ـ 304 .
(39)
|