سائل ) أن حارث بن النعمان الفهري أتى رسول الله صلى الله عليه وآله في ملأ من أصحابه فقال : يا محمد أمرتنا أن نشهد أن لا إله إلا الله ، وأنك محمد رسول الله فقبلنا ، وأمرتنا أن نصلي خمسا فقبلنا منك ، وأمرتنا أن نصوم شهر رمضان فقبلنا ،
وأمرتنا أن نحج البيت فقبلنا ، ثم لم ترض حتى رفعت بضبعي ابن عمك ففضلته علينا وقلت : ( من كنت مولاه فعلي مولاه ) فهذا شئ منك أم من الله ؟ فقال : والله الذي لا إله إلا هو ، إنه أمر من الله تعالى ، فولى الحارث بن النعمان وهو يقول :
اللهم إن كان ما يقول محمد صلى الله عليه وآله حقا فأمطر علينا حجارة من السماء ، فما وصل إلى راحلته حتى رماه الله بحجر فسقط على رأسه وخرج من دبره فخر صريعا ، فنزل : ( سأل سائل بعذاب واقع ) ( 1 ) ، فكيف يجوز منكم أن يروي أئمتكم وأنتم تقولون : إنه مكذوب غير صحيح ؟
قال الأئمة : يا يوحنا قد روت أئمتنا ذلك لكن إذا رجعت إلى عقلك وفكرك علمت أنه من المحال أن ينص رسول الله صلى الله عليه وآله على علي بن أبي طالب الذي هو كما وصفتم ثم يتفق كل الصحابة على كتمان هذا النص ويتراخون عنه ،
ويتفقون على إخفائه ، ويعدلون إلى أبي بكر التيمي الضعيف القليل العشيرة ، مع أن الصحابة كانوا إذا أمرهم رسول الله صلى الله عليه وآله بقتل أنفسهم فعلوا ، فكيف يصدق عاقل هذا الحال من المحال ؟
قال يوحنا : لا تعجبوا من ذلك فأمة موسى عليه السلام كانوا ستة أضعاف أمة
|
* هامش * |
|
|
( 1 ) سورة المعارج الآية 1 . ( * ) |
| |
محمد صلى الله عليه وآله واستخلف عليهم أخاه هارون وكان نبيهم أيضا وكانوا يحبونه أكثر من موسى ، فعدلوا عنه إلى السامري ، وعكفوا على عبادة عجل جسد له خوار ، فلا يبعد من أمة محمد أن يعدلوا عن وصيه بعد موته إلى شيخ كان رسول الله صلى الله عليه وآله تزوج ابنته ، ولعله لو لم يرد القرآن بقصة عبادة العجل لما صدقتموها .
قال الأئمة : يا يوحنا فلم لم ينازعهم بل سكت عنهم وبايعهم ؟
قال يوحنا : لا شك أنه لما مات رسول الله صلى الله عليه وآله كان المسلمون قلة ، واليمامة فيها مسيلمة الكذاب وتبعه ثمانون ألفا والمسلمون الذين في المدينة حشوهم منافقون ، فلو أظهر النزاع بالسيف لكان كل من قتل علي بن أبي طالب بنيه أو أخاه
كان عليه وكان قليل من الناس يومئذ من لم يقتل علي من قبيلته وأصحابه وأناسبه قتيلا أو أزيد وكانوا يكونون عليه ، فلذلك صبر وشاققهم على سبيل الحجة ستة أشهر بلا خلاف بين أهل السنة ، ثم بعدما جرى من طلب البيعة منهم فعند أهل السنة
أنه بايع ، وعند الرافضة أنه لم يبايع ، وتاريخ الطبري ( 1 ) يدل على أنه لم يبايع ، وإنما العباس لما شاهد الفتنة صاح : بايع ابن أخي . وأنتم تعلمون أن الخلافة لو لم تكن لعلي لما ادعاها ، ولو ادعاها بغير حق لكان مبطلا ، وأنتم تروون عن رسول
الله صلى الله عليه وآله أنه قال : ( علي مع الحق والحق مع علي ) ( 2 ) فكيف يجوز منه أن يدعي ما ليس بحق فيكذب نبيكم يومئذ ؟ ! وأما تعجبكم من مخالفة بني إسرائيل نبيهم في خليفته وعدولهم إلى العجل والسامري ففيه سر عجيب إنكم رويتم أن نبيكم قال : ( ستحذون حذو
|
* هامش * |
|
|
( 1 ) تاريخ الطبري ج 3 - ص 208 . ( 2 ) تقدمت تخريجاته . ( * ) |
| |
بني إسرائيل حذو النعل بالنعل ، والقذة بالقذة ، حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه ) ( 1 ) وقد ثبت في كتابكم أن بني إسرائيل خالفت نبيها في خليفته ، وعدلوا عنه إلى ما لا يصلح لها .
قال العلماء : يا يوحنا أفتدري أنت أن أبا بكر لا يصلح للخلافة ؟
قال يوحنا : أما أنا فوالله لم أر أبا بكر يصلح للخلافة ، ولا أنا متعصب للرافضة ، لكني نظرت الكتب الإسلامية فرأيت أن أئمتكم أعلمونا أن الله ورسوله أخبر أن أبا بكر لا يصلح للخلافة .
قال الأئمة : وأين ذلك ؟
قال يوحنا : رأيت في بخاريكم ( 2 ) ، وفي الجمع بين الصحاح الستة ، وفي صحيح أبي داود ، وصحيح الترمذي ( 3 ) ، ومسند أحمد بن حنبل ( 4 ) أن رسول الله صلى الله عليه وآله بعث سورة براءة مع أبي بكر إلى أهل مكة ، فلما بلغ ذي
الحليفة دعا عليا عليه السلام ثم قال له : أدرك أبا بكر وخذ الكتاب منه فاقرأه عليهم ، فلحقه بالجحفة فأخذ الكتاب منه ورجع أبو بكر إلى النبي صلى الله عليه وآله فقال : يا رسول الله أنزل في شئ ؟ قال : لا ولكن جاءني جبريل عليه السلام وقال : لن يؤدي عنك إلا أنت أو رجل
|
* هامش * |
|
|
( 1 ) أنظر : معالم التنزيل للبغوي ج 4 - ص 465 ، مجمع البيان ج 10 - ص 462 ، باختلاف ، وقد تقدم المزيد من تخريجات الحديث فيما سبق . ( 2 ) صحيح البخاري ج 6 - ص 81 . ( 3 ) سنن الترمذي ج 5 - ص 256 - 257 - ح 3090 - 3092 - - و ج 3 - ص 222 - ح 871 . ( 4 ) مسند أحمد ص ج 6 - ص 81 . ( * ) |
| |
فإذا كان الأمر هكذا وأبو بكر لا يصلح لأداء آيات يسيرة عن النبي صلى الله عليه وآله في حياته ، فكيف يصلح أن يكون خليفته بعد مماته ويؤدي عنه ، وعلمنا من هذا أن عليا عليه السلام يصلح أن يؤدي عن النبي صلى الله عليه وآله .
فيا أيها المسلمون لم تتعامون عن الحق الصريح ؟ ولم تركنون إلى هؤلاء وكم ترهبون الأهوال ؟ أطرق الحنفي برأسه إلى الأرض ثم رفعه وقال : يا يوحنا والله إنك لتنظر بعين الإنصاف ، وإن الحق لكما تقول ، وأزيدك في معنى هذا الحديث ،
وهو أن الله تعالى أراد أن يبين للناس أن أبا بكر لا يصلح للخلافة ، فلذلك أمر رسول الله صلى الله عليه وآله أن يخرج عليا وراءه ويعزله عن هذا المنصب العظيم ليعلم الناس أن أبا بكر لا يصلح لها ، وأن الصلاح لها علي عليه السلام فقال لرسول الله صلى الله عليه وآله : لا يبلغ عنك إلا أنت أو رجل منك ( 1 ) ، فما تقول أنت يا مالكي ؟
قال المالكي : والله فإنه لم يزل يختلج في خاطري أن عليا نازع أبا بكر في خلافته مدة ستة أشهر ، وكل متنازعين في الأمر لا بد وأن يكون أحدهما محقا ، فإن قلنا إن أبا بكر كان محقا فقد خالفنا مدلول قول النبي صلى الله عليه وآله : ( علي مع الحق والحق مع علي ) ( 2 ) .
وهذا حديث صحيح لا خلاف فيه ونظر إلى الحنبلي ليرى رأيه .
|
* هامش * |
|
|
( 1 ) مسند أحمد ج 3 - ص 212 ، المصنف لابن أبي شيبة ص 84 - 85 - ح 12184 ، كنز العمال ج 2 - ص 431 - ح 4421 ، البداية والنهاية ج 5 ص 37 ، وقد تقدمت تخريجات . ( 2 ) تقدمت تخريجاته . ( * ) |
| |
قال الحنبلي : يا أصحابنا كم نتعامى عن الحق ؟ والله إن اليقين أن أبا بكر وعمر غصبا حق علي عليه السلام .
وقال يوحنا : فاختبط القوم ، وكثر بينهم النزاع لكن كان مآل كلامهم أن الحق في طرف الرافضة ، وكان أقربهم إلى الحق إذن إمام الشافعية ، فقال لهم : أراكم تشكون أن النبي صلى الله عليه وآله قال : من مات ولم يعرف إمام زمانه ( 1 ) فليمت إن شاء يهوديا وإن شاء نصرانيا . فما المراد بإمام الزمان ؟ ومن هو ؟ قالوا : إمام زماننا القرآن فإنا به نقتدي .
فقال الشافعي : أخطأتم لأن النبي صلى الله عليه وآله قال : الأئمة من قريش ( 2 ) ولا يقال للقرآن إنه قد شئ . فقالوا : النبي إمامنا .
فقال الشافعي : أخطأتم ، لأن علماءنا لما اعترض عليهم بأن كيف يجوز لأبي بكر وعمر أن يتركا رسول الله صلى الله عليه وآله مسجى غير مغسل ويذهبا لطلب الخلافة ، وهذا دليل على حرصهم عليها ، وهو قادح في صحة خلافتهما .
أجاب علماؤنا إنهم لمحوا أقوال النبي صلى الله عليه وآله : ( من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية ) ولم يجوزوا على أنفسهم الموت قبل تعيين الإمام ، فبادروا
|
* هامش * |
|
|
( 1 ) تقدمت تخريجاته . ( 2 ) مسند أبي داود ص 125 - ح 926 ، مسند أحمد ج 3 - ص 183 ، المصنف لابن أبي شيبة ج 12 - ص 169 - ح 12438 و ص 173 - ح 12447 ، كنز العمال ج 12 - ص 30 - ح 33831 . ( * ) |
| |
لتعينه هربا من ذلك الوعيد ، فعلمنا أن ليس المراد بالإمام هنا النبي .
فقالوا للشافعي : فأنت من إمامك يا شافعي ؟ قال : إن كنت من قبيلتكم فلا إمام لي ، وإن كنت من قبيلة الاثني عشرية فإمامي محمد بن الحسن عليه السلام .
فقال العلماء : هذا والله أمر بعيد كيف يجوز أن يكون إمامك واحدا من مدة لا يعيش أحد مثله ، ولا يراه أحد ؟ هذا بعيد جدا .
فقال الشافعي : الدجال من الكفرة تقولون : إنه حي وموجود ، وهو قبل المهدي والسامري ، كذلك ووجود إبليس لا تنكرونه ، وهذا الخضر ، وهذا عيسى تقولون : إنهما حيان ، وقد ورد عندكم ما يدل على التعمير في حق السعداء والأشقياء ، وهذا
القرآن ينطق أن أهل الكهف ناموا ثلاث مائة سنة وتسع سنين لا يأكلون ولا يشربون ، أفبعيد أن يعيش من ذرية محمد صلى الله عليه وآله واحد مدة طويلة يأكل ويشرب إلا أنه لا يخبرنا أحد أنه رآه ؟ ! فاستبعادكم هذا بعيد جدا .
قال يوحنا : إن نبيكم قال : ستفترق أمتي من بعدي إلى ثلاث وسبعين فرقة واحدة ناجية ، واثنتان وسبعون في النار فهل تعرف الناجية من هي ؟
قالوا : إنهم أهل السنة والجماعة لقول النبي صلى الله عليه وآله لما سأل عن الفرقة الناجية من هم ؟ فقال : ( الذين هم على ما أنا عليه اليوم وأصحابي ) ( 1 ) .
قال يوحنا : فمن أين لكم أنكم أنتم اليوم على ما كان عليه النبي صلى الله عليه وآله ؟
|
* هامش * |
|
|
( 1 ) المعجم الصغير للطبراني ج 1 - ص 256 ، كنز العمال ج 1 - ص 210 - ح 1055 و 1057 ، مجمع الزوائد 1 - ص 189 . |
| |
قالوا : ينقل ذلك الخلف عن السلف .
فقال يوحنا : فمن الذي يعتمد على نقلكم ؟ قالوا : وكيف ذلك ؟ قال : لوجهين :
الأول : أن علماءكم نقلوا كثيرا من الأحاديث التي تدل على إمامة علي عليه السلام وأفضليته ، وأنتم تقولون إنه مكذوب عليه ، وشهدتم على علمائكم أنهم ينقلون الكذب فربما يكون هذا أيضا كذبا ولا مرجح لكم .
الثاني : أن النبي صلى الله عليه وآله كان يصلي كل يوم الصلوات الخمس في المسجد ولم يضبط له أنه هل كان يبسمل للحمد أم لا ؟ وهل كان يعتقد وجوبها أم لا ؟ وهل كان يسبل يديه أم لا ؟ ولو كان يعتقدهما فهل يعقدهما تحت السرة أو فوقها ؟
وهل كان يمسح الوضوء ثلاث شعرات أو ربع الرأس ، أو بعضه أو جميعه ، فإذا كان سلفكم لم يضبط شيئا كان رسول الله صلى الله عليه وآله يفعله في اليوم والليلة مرارا متعددة ، فكيف يضبطون شيئا لم يفعله في العمر إلا مرة واحدة أو مرتين ،
هذا بعيد ! وكيف تقولون إن أهل السنة هم على ما كان عليه النبي صلى الله عليه وآله والحال أنهم يناقض بعضهم بعضا في اعتقاداتهم ، واجتماع النقيضين محال .
قال يوحنا : فأطرقوا جميعا ، ودار الكلام بينهم ، وارتفعت الأصوات بينهم ، وقالوا : الصحيح أنا لا نعرف الفرقة الناجية من هي ، وكل منا يزعم أنه هو الناجي ، وأن غيره هو الهالك ، ويمكن أن يكون هو الهالك ، وغيره الناجي .
قال يوحنا : هذه الرافضة الذين تزعمون أنهم ضالون يجزمون بنجاتهم ، وهلاك من سواهم ، ويستدلون على ذلك بأن اعتقادهم أوفى للحق ،
وأبعد عن الشك .
قال العلماء : يا يوحنا ، قل وإنا والله لا نتهمك لعلمنا أنك تجادلنا على إظهار الحق .
قال يوحنا : أنا أقول باعتقاد الشيعة أن الله قديم ولا قديم سواه ، وأنه موجود ، وأنه ليس بجسم ، ولا في محل ، وهو منزه عن الحلول ، واعتقادكم أنكم تثبتون معه ثمانية قدماء هي الصفات حتى إن إمامكم الفخر الرازي شنع عليكم ، وقال : إن
النصارى واليهود كفروا حيث جعلوا مع الله إلهين اثنين قديمين وأصحابنا أثبتوا قدماء تسعة ، وابن حنبل أحد أئمتكم قال : إن الله جسم ، وإنه على العرش ، وإنه ينزل في صورة أمرد ، فبالله عليكم أليس الحال كما قلت ؟ قالوا : نعم .
قال يوحنا : فاعتقادهم إذا خير من اعتقادكم ، واعتقاد الشيعة أن الله سبحانه لا يفعل قبيحا ، ولا يخل بواجب ، وليس في فعله ظلم ، ويرضون بقضاء الله لأنه لا يقضي إلا بالخير ، ويعتقدون أن فعله لغرض لا لعبث ، وأنه لا يكلف نفسا إلا وسعها ،
ولا يضل أحدا من عباده ، ولا يحول بينهم وبين عبادته ، وأنه أراد الطاعة ، ونهى عن المعصية ، وأنهم مختارون في أفعال أنفسهم ، واعتقادكم أنتم أن الفواحش كلها من الله - تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا - وأن كل ما يقع في الوجود من الكفر
والفسوق والمعصية والقتل والسرقة والزنا فإنه خلقه الله تعالى في فاعليه وأراد منهم وقضى عليهم به ورفع اختيارهم ، ثم يعذبهم عليه ، وأنتم لا ترضون بقضاء الله بل إن الله تعالى لا يرضى بقضاء نفسه ، وأنه هو الذي أضل العباد وحال بينهم وبين العبادة والإيمان ، وإن الله تعالى يقول : ( ولا يرضى لعباده
الكفر وإن تشكروا يرضه لكم ولا تزر وازرة وزر أخرى ) ( 1 ) ، فاعتبروا هل اعتقادكم خير من اعتقادهم أم اعتقادهم خير من اعتقادكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون ! !
وقالت الشيعة : أنبياء الله معصومون من أول عمرهم إلى آخره عن الصغائر والكبائر فيما يتعلق بالوحي وغيره عمدا وخطأ ، واعتقادكم أن يجوز عليهم الخطأ والنسيان ، ونسبتم أن رسول الله صلى الله عليه وآله سهى في القرآن بما يوجب الكفر
فقلتم : إنه صلى الصبح فقرأ سورة النجم : ( أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى ) ( 2 ) ، وهذا كفر وشرك جلي ، حتى أن بعض علمائكم صنف كتابا فيه تعداد ذنوب نسبها للأنبياء عليهم السلام فأجابته الشيعة عن ذلك الكتاب بكتاب سموه
بتنزيه الأنبياء ( 3 ) ، فماذا تقولون أي الاعتقادين أقرب إلى الصواب ، وأدنى من الفوز ؟ واعتقاد الشيعة أن رسول الله صلى الله عليه وآله لم يقبض حتى أوصى إلى من يقوم بالأمر بعده ، وأنه لم يترك أمته هملا ولم يخالف قوله تعالى ،
واعتقادكم أنه ترك أمته هملا ، ولم يوص إلى من يقوم بالأمر بعده ، وإن كتابكم الذي أنزل عليكم فيه وجوب الوصية ، وفي حديث نبيكم وجوب الوصية ، فلزم على اعتقادكم أن يكون النبي صلى الله عليه وآله أمر الناس بما لم يفعله ، فأي الاعتقادين أولى بالنجاة .
واعتقاد الشيعة أن رسول الله صلى الله عليه وآله لم يخرج من الدنيا حتى نص بالخلافة
|
* هامش * |
|
|
( 1 ) سورة الزمر الآية 7 . ( 2 ) سورة النجم الآية 19 و 20 . ( 3 ) تنزيه الأنبياء لعلم الهدى الشريف المرتضى - أعلى الله مقامه - . ( * ) |
| |
على علي بن أبي طالب عليه السلام ولم يترك أمته هملا فقال له يوم الدار : ( أنت أخي ووصيي وخليفتي من بعدي فاسمعوا له وأطيعوا أمره ) ( 1 ) وأنتم نقلتموه ونقله إمام القراء والطبري والخركوشي وابن إسحاق .
وقال فيه يوم غدير خم : ( من كنت مولاه فهذا علي مولاه ) حتى قال له عمر : بخ بخ لك يا علي ، أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة ، نقله إمامكم أحمد بن حنبل في مسنده ( 2 ) .
وقال فيه لسلمان : ( إن وصيي ووارثي علي بن أبي طالب ) رواه إمامكم أحمد بن حنبل ( 3 ) .
وقال فيه : ( إن الأنبياء ليلة المعراج قالوا لي : بعثنا على الاقرار بنبوتك ، والولاية لعلي بن أبي طالب ) ورويتموه في الثعلبي والبيان وقال فيه : ( إنه يحب الله ورسوله ) ورويتموه في البخاري ومسلم ( 4 ) .
وقال فيه ( لا يؤدي عني إلا أنا أو رجل مني ) ، وعنى به علي بن أبي طالب ، ورويتموه في الجمع بين الصحيحين ، وقال فيه : ( أنت مني منزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي ) ، ورويتموه في البخاري ( 5 ) .
وأنزل الله فيه : ( هل أتى على الإنسان حين من الدهر ) ( 6 ) وأنزل فيه : ( إنما وليكم الله ورسوله
|
* هامش * |
|
|
( 1 ) تقدمت تخريجاته . ( 2 ) مسند أحمد ج 4 - ص 281 . ( 3 ) فضائل الصحابة لأحمد بن حنبل ج 2 - ص 615 - ح 1052 . ( 4 ) صحيح مسلم ج 4 - ص 1871 - 1873 - ح 32 - 35 ، صحيح البخاري ج 5 - ص 23 . ( 5 ) صحيح مسلم ج 5 - ص 1870 - ح 30 - 32 ، صحيح البخاري ج 5 - ص 24 . ( 6 ) سورة الدهر الآية : 1 . |
| |
والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون ) ( 1 ) وأنه صاحب آية الصدقة ( 2 ) ، وضربته لعمرو بن عبد ود العامري أفضل من عمل الأمة إلى يوم القيامة ( 3 ) ، وهو أخو رسول الله صلى الله عليه وآله وزوج ابنته ،
وباب المدينة ، وإمام المتقين ، ويعسوب الدين ، وقائد الغر المحجلين ( 4 ) ، حلال المشكلات ، وفكاك المعضلات ، هو الإمام بالنص الإلهي ، ثم من بعده الحسن والحسين اللذان قال فيهما النبي صلى الله عليه وآله : ( هذان إمامان قاما أو قعدا ، وأبوهما خير منهما ) ( 5 ) .
وقال النبي صلى الله عليه وآله : ( الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة ) ( 6 ) ، ثم علي زين العابدين ، ثم أولاده المعصومون الذين خاتمهم الحجة المهدي إمام الزمان عليه السلام
|
* هامش * |
|
|
( 1 ) سورة المائدة الآية : 55 . ( 2 ) وهي قوله تعالى : ( الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية ) ، [ سورة البقرة الآية 274 ] ، وقد تقدمت تخريجات نزولها فيه عليه السلام .
( 3 ) المستدرك ج 3 - ص 32 ، تاريخ بغداد ج 13 - ص 19 رقم : 6978 ، الفردوس بمأثور الخطاب ج 3 - ص 455 - ح 5406 . ( 4 ) فقد جاء في فرائد السمطين ج 1 - ص 143 - ح 105 : عن عبد الله بن عكيم الجهني ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله إن الله تبارك وتعالى أوحى إلي في علي عليه السلام ثلاثة أشياء ليلة أسري بي : إنه سيد المؤمنين وإمام المتقين وقائد الغر المحجلين . ومثله أيضا بتفاوت ما جاء في ص 145 ح 109 ، بحار الأنوار ج 18 ص 343 ، سفينة البحار ج 1 - ص 133 .
( 5 ) كفاية الأثر : ص 38 ، بحار الأنوار ج 36 - ص 289 . ( 6 ) مسند أحمد ج 3 - ص 3 و 62 ، سنن الترمذي ج 5 - ص 236 - ح 3768 ، تاريخ بغداد ج 11 - ص 90 ، كنز العمال ج 12 - ص 112 - ح 34246 . ( * ) |
| |
الذي من مات ولم يعرفه مات ميتة الجاهلية ( 1 ) ، وأنتم رويتم في صحاحكم عن جابر بن سمرة أنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : ( يكون بعدي اثنا عشر أميرا ) قال كلمة لم أسمعها ( 2 )
وفي بخاريكم ( 3 ) قال رسول الله صلى الله عليه وآله : ( لا يزال أمر الناس ماضيا ما وليهم اثنا عشر رجلا ) ثم تكلم بكلمة خفيفة خفيت علي .
وفي صحيح مسلم ( لا يزال أمر الدين قائما حتى تقوم الساعة ويكون عليهم اثنا عشر خليفة كلهم من قريش ) ( 4 ) ،
وفي الجمع بين الصحيحين والصحاح الستة أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال : ( إن هذا الأمر لا ينقضي حتى يمضي اثنا عشر خليفة كلهم من قريش ) ( 5 ) .
وروى عالمكم ومحدثكم وثقتكم صاحب كفاية الطالب عن أنس بن مالك ، قال : كنت أنا وأبو ذر وسلمان وزيد بن ثابت وزيد بن أرقم عند النبي صلى الله عليه وآله إذ دخل الحسن والحسين عليهما السلام فقبلهما رسول الله ، وقام أبو ذر فانكب عليهما
، وقبل أيديهما ، ورجع فقعد معنا ، فقلنا له سرا : يا أبا ذر رأيت شيخا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله يقوم إلى صبيين من بني هاشم فينكب عليهما ويقبلهما ويقبل أيديهما .
|
* هامش * |
|
|
( 1 ) تقدمت تخريجاته . ( 2 ) ( 3 ) صحيح البخاري ج 4 - ص 218 . ( 4 ) صحيح مسلم ج 3 - ص 1453 - ح 10 . ( 5 ) صحيح مسلم ج 3 - ص 1452 - ح 5 ، مسند أحمد ج 4 - ص 94 و 96 ، وقد تقدمت تخريجات هذه الأحاديث . ( * ) |
| |
فقال : نعم ، لو سمعتم ما سمعت لفعلتم بهما أكثر مما فعلت . فقلنا : وما سمعت فيهما من رسول الله صلى الله عليه وآله يا أبا ذر ؟ فقال : سمعته يقول لعلي ولهما : ( والله لو أن عبدا صلى وصام حتى يصير كالشن البالي إذا ما نفعه صلاته ولا صومه
إلا بحبكم والبراءة من عدوكم . يا علي ، من تولى إلى الله بحقكم فحق على الله أن لا يرده خائبا . يا علي ، من أحبكم وتمسك بكم فقد تمسك بالعروة الوثقى ) . قال : ثم قام أبو ذر وخرج فتقدمنا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقلنا : يا رسول الله
أخبرنا أبو ذر بكيت وكيت . فقال : صدق أبو ذر ، والله ما أقلت الغبراء على ذي لهجة أصدق من أبي ذر ( 1 ) . ثم قال صلى الله عليه وآله : ( خلقني الله تعالى وأهل بيتي من نور واحد قبل أن خلق الله آدم بسبعة آلاف عام ، ثم نقلنا من صلبه
في أصلاب الطاهرين إلى أرحام الطاهرات . قلت يا رسول الله : وأين كنتم ؟ وعلى أي شأن كنتم ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : ( كنا أشباحا من نور تحت العرش نسبح الله ونقدسه ) .
|
* هامش * |
|
|
( 1 ) مجمع الزوائد ج 5 - ص 197 و ج 6 - ص 442 ، مشكل الآثار ج 1 - ص 224 ، مسند أحمد ج 2 - ص 175 و ص 223 ط الميمنية ، الكامل في الضعفاء لابن عدي ج 5 - ص 1816 ، البداية والنهاية ج 7 - ص 165 ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 8 - ص 259 ، بتفاوت . ( * ) |
| |
ثم قال صلى الله عليه وآله : ( لما عرج بي إلى السماء وبلغت إلى سدرة المنتهى ودعني جبرئيل . فقلت : يا حبيبي جبرئيل في مثل هذا المقام تفارقني ؟ فقال : يا محمد إني لا أجوز هذا الموضع فتحترق أجنحتي ، ثم زج بي من النور إلى النور
ما شاء الله تعالى ، فأوحى الله تعالى إلي : يا محمد : إني اطلعت إلى الأرض اطلاعة فاخترتك منها وجعلتك نبيا ، ثم اطلعت ثانيا فاخترت منها عليا وجعلته وصيك ووارث علمك وإماما من بعدك ، وأخرج من أصلابكم الذرية الطاهرة والأئمة
المعصومين خزان علمي ، ولولا هم ما خلقت الدنيا ولا الآخرة ، ولا الجنة ولا النار ، أتحب أن تراهم ؟ فقلت : نعم يا رب ، فنوديت ، يا محمد ارفع رأسك ، فرفعت رأسي فإذا أنا بأنوار علي ، والحسن ، والحسين ، وعلي بن الحسين ، ومحمد بن
علي ، وجعفر بن محمد ، وموسى بن جعفر ، وعلي بن موسى ، ومحمد بن علي ، وعلي بن محمد ، والحسن بن علي ، والحجة بن الحسن يتلألأ من بينهم كأنه كوكب دري ( عليهم أفضل الصلاة والسلام ) . فقلت : يا رب من هؤلاء ومن هذا ؟
فقال سبحانه وتعالى : هؤلاء الأئمة من بعدك المطهرون من صلبك ، وهذا هو الحجة الذي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا ويشفي صدور قوم مؤمنين . فقلنا : بآبائنا وأمهاتنا أنت يا رسول الله لقد قلت عجبا . فقال : صلى الله عليه وآله ( وأعجب من هذا أن أقواما يسمعون هذا مني ثم يرجعون على
أعقابهم بعد إذ هداهم الله ويؤذونني فيهم لا أنالهم الله شفاعتي ( 1 ) .
قال يوحنا : واعتقادكم أنتم أن رسول الله صلى الله عليه وآله لما مات على غير وصية ، ولم ينص على خليفته ، وأن عمر بن الخطاب اختار أبا بكر وبايعه وتبعته الأمة ، وأنه سمى نفسه خليفة رسول الله صلى الله عليه وآله وأنتم تعلمون كلكم أن أبا
بكر وعمر لما مات رسول الله صلى الله عليه وآله تركاه بغير غسل ولا كفن وذهبا إلى سقيفة بني ساعدة فنازعا الأنصار في الخلافة ، وولي أبو بكر الخلافة ورسول الله صلى الله عليه وآله لم يستخلفه ، وأنه كان يعبد الأصنام قبل أن يسلم أربعين سنة ، والله تعالى يقول : ( لا ينال عهدي الظالمين ) ( 2 )
ومنع فاطمة إرثها من أبيها رسول الله صلى الله عليه وآله بخبر ( رواه ) . قالت فاطمة : يا أبا بكر ترث أباك ولا أرث أبي ، لقد جئت شيئا فريا ، وعارضته بقول الله : ( يرثني ويرث من آل يعقوب ) ( 3 ) ، ( وورث سليمان داود ) ( 4 ) ،
وقال الله تعالى : ( يوصيكم الله في أولادكم ) ( 5 ) ولو كان حديث أبي بكر صحيحا لم يمسك علي بن أبي طالب عليه السلام سيف رسول الله صلى الله عليه وآله وبغلته وعمامته ونازع العباس عليا بعد موت فاطمة عليها السلام في ذلك ، ولو كان هذا الحديث معروفا لم يجز لهم ذلك ، وأبو بكر منع فاطمة عليها السلام فدكا لأنها ادعت ذلك ،
|
* هامش * |
|
|
( 1 ) كفاية الأثر : ص 69 - 73 . ( 2 ) سورة البقرة الآية 124 . ( 3 ) سورة مريم الآية 6 . ( 4 ) سورة النمل الآية 16 . ( 5 ) سورة النساء الآية 11 . ( * ) | |
|